سلسلة أحسن الحديث -1-


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}

[التوبة :33].

 

فيه مسائل، ومنه فوائد :

1.  اللهُ جَلَّ وعلا منْ وراءِ هذا الدِّينِ العظيمِ :يحفظهُ،ويحميهِ، ويُؤيِّدُ أصحابَهُ العاملينَ بهِ؛ وفي هذا تطمينٌ لأهلِ الإسلامِ، وبخاصَّةٍ في زمنِ الغربةِ الثانيةِ الَّتي تشتدُّ فيها الفتنُ ،ويعلو فيها الفسادُ.

 

2.    الرِّسالةُ الإلهيةُ التي بُعثَ بها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، تَعتمدُ على ركيزتينِ أساسيتينِ، وعلى أصلينِ جامعينِ:

الهدى: العلم النافع وما يشتملُ عليه من الأخبار الصَّادقةِ والإيمانِ الصَّحيحِ.

ودينِ الحقِّ: هي الأعمالُ الصَّالحةُ الصَّحيحةُ النَّافعةُ في الدُّنيا والآخرةِ.

إذاً، فالواجبُ على كُلِّ مسلمٍ مِمَّنْ يَنشدُ الحقَّ في الدُّنيا والنَّجاةَ في الآخرةِ أنْ يسعى سعياً حثيثاً في تحصيلِ هذا العلمِ النافع، وفي تحقيق ذلك العملِ الصَّالحِ، وأنْ يُبذلَ في هذا الشَّأن العظيم الغالي والنفيسِ ،وأنْ يُحيطَ أهله وذويهِ مِنْ ذلكَ بسياجٍ متينٍ ،وأنْ ينشرَ ذلك في العالمينَ.

وكُلُّ دعوةٍ مهما بَلغ رصيدُها البشريُّ في دنيا الناس اليومِ ثِقلاً أو زَخمُها الإعلاميُّ انتشاراً ،فَإنَّها مبتوتةٌ عن تلك الرِّسالةِ الإلهيةِ ما لمْ تكنْ مُؤَسَّسةً على العلمِ النَّافعِ والعلم الصالحِ ، وهي إلى زوالٍ،ولنْ ينتفعَ بها الناسُ.

 

3.  ظهورُ الإسلامِ وعُلُّوهُ على سائرِ الأديانِ والمللِ حَقٌّ لا ريبَ فيهِ ، ويقينٌ لا شكَّ فيه ،ويَكونُ هذا بالحجةِ والبيانِ والدِّلالةِ وهذا هو ظهورُ العلمِ والبيانِ؛الدَّائمُ المستمرُ الدَّائمُ الَّذي لا ينقطع ألبتةَ، وبالنَّصرِ والغلبةِ والظفرِ وهذا هو ظهورُ السَّيفِ والسِّنانِ الَّذي يكونُ بَحسبِ حالِ المسلمينَ مِنْ ضَعفٍ أو قُوَّةٍ ، وقد كان هذا في زمنِ الغربةِ الأولى، حيثُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابهُ رضي الله عنهم مُحاصرونَ مُضطهدون في مَكَّةَ ،ثُمَّ كانت دولةُ الإسلامِ في المدينة النبويةِ ،ثُمَّ انطلقتِ الفتوحاتُ الإسلاميةُ في أرجاءِ الكُرةِ الأرضيةِ.

وَسَيكونُ هَذا-بإذنِ اللهِ-في غُربةِ الإسلامِ الثَّانيةِ-حِينَ يعودُ المسلمونَ إلى منهاجِ النُّبوةِ، إلى منهاجِ السَّلفِ، حيثُ العلمُ النَّافعُ وحيثُ العملُ الصَّالحُ، في بُعدٍ تامٍّ عَنِ الشَّركِ والبدعةِ والخرافةِ والحزبيةِ والمعصيةِ، وحينَ تكونُ الملاحمُ، وحينَ يَنزلُ عيسى بنُ مريم عليه السَّلامُ حَكَمًا عَدْلًا ،فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ،وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ،وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ،وَيَفِيضَ الْمَالُ،كما هو ثابتٌ في الأحاديثِ الصَّحاحِ.

 

4.    جِمَاعُ الشِّرْكِ دِينَانِ :(دِينُ أَهْلِ الْكِتَابِ)، و( وَدِينُ الْأُمِّيِّينَ).

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

(1)      انظر: ((الأم)): (4/171) للشافعي، و((جامع البيان)): (22/26) للطبري، و((مجموع الفتاوى)): (13/12)، و((الجواب الصحيح)): (1/239 ، 3/103) كلاهما لابن تيمية، و((تفسير القرآن العظيم)): (4/136) لابن كثيرٍ-رحمه الله-، و((التحرير والتنوير)): (10/173-174) لابن عاشور.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply