بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
قال ربنا سبحانه: "وماخلقت الجن والانس إلا ليعبدون" هذه الآية ذكر الله فيها لماذا خلقنا، علة خلقنا أن نكون عبادا،
والله عز وجل لما أمرنا بهذا وبين لنا أن هذه هي علة خلقنا علم أن بعض عباده لن يستجيب إلا بتشوق فشوقنا.
لكن قبل ذلك أريد أن أقدم بين يدي كلامي بفذلكة عربية
العباد: جمع مفرده عبد.
والعبيد: جمع مفرده عبد.
العبد في اللغة العربية يطلق على المملوك، وهو ضد الحر، لكن العبد أحيانا يجمع على عباد وأحيانا يجمع على عبيد، الفرق بينهما في الغالب أن العبد الذي هو المملوك المشترى بالمال يجمع على عبيد، والعبد الذي هو العابد يجمع على عباد في الغالب. على هذا، كل خلق الله عبيد وليس كل خلق الله عبادا، كل من خلق الله عبيد، لماذا؟ لأنهم مملوكون له، مقهورون له، إذا قال لأحدهم مت! مات، وإذا قال لأحدهم امرض! يمرض، لاأحد يقدر أن يقول أنا لا أموت الآن إذا أتاه الأمر من الله بأن يموت. وليس كل الناس عبادا، فمنهم من آمن ومنهم من لم يؤمن، في جملة المسلمين منهم من قيل له زك ولم يزك، ومنهم من قيل له زك فزكى ، فكل الناس عبيد وليس كلهم عبادا، ولو أدرك الناس ما أعد الله لعباده لرجوا أن يكونوا كلهم عبادا.
سأبين لكم ما أعد الله للعباد:
الله عز وجل يحفظ عباده من الشيطان الرجيم، ويلطف بهم، ويكون قريبا منهم، ويغفر ذنوبهم، ويقبل توبتهم، ويرحمهم، ويؤمنهم يوم الفزع الأكبر، ويدخلهم الجنة، ويؤتيهم في الجنة نعيما ليس مثله شيء.
والآن أفصل لكم هذا الذي أجملته :
الله عز وجل يحفظ عباده من الشيطان الرجيم "إن عبادي ليس لك عليهم سلطان".
الله عز وجل يلطف بهم: "الله لطيف بعباده".
الله عز وجل يكون قريبا منهم: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب".
الله عز وجل يغفر ذنوبهم: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعا".
الله عز وجل يقبل توبتهم: "وهو الذي يقبل التوبة عن عباده".
الله عز وجل يرحمهم: "نبأ عبادي أني أنا الغفور الرحيم".
الله عز وجل يِؤمنهم يوم الفزع الأكبر، يوم يخاف كل بشر: "يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون".
الله عز وجل يدخلهم الجنة: "جنات عدن التي وعد الرحمن عباده" وإذا أدخلهم الجنة أعطاهم نعيما لا يحيط بكنهه أحد. روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، إقرأوا إن شئتم: "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين").
هذا بعض ما شوقنا الله به لندخل في زمرة العباد. هل تعلمون خلقا أرحم بخلق من أم بولدها؟ هذه الدنيا لايعرف فيها خلق أرحم بخلق من أم بولدها، ولذلك قال شوقي :
وإذا رحمت فأنت أم أو أب هذان في الدنيا هما الرحماء
الله عز وجل أرحم بعبده من الأم بولدها، روى الشيخان في صحيحيهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة من السبي في غزوة من الغزوات وقد تحلب ثديها (أي امتلأ لبنا) فتحتاج أن ترضع وقد غاب عنها ولدها لاتدري أين هو، فرأت صبيا من السبي فأخذته فألزقته ببطنها فألقمته ثديها، ثم نظرت فرأت صبيها فأخذته وضمته.. النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يرون ذلك المنظر، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: (أترون هذه طارحة ولدها في النار) أتظنون أن هذه تطرح ولدها وتلقيه في النار، فقلنا: لا يا رسول الله وهي قادرة على أن لا تطرحه، يعني: لا تطرحه اختيارا أبدا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لًله أرحم بعبده من هذه بولدها).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد