التجديد التعليمي


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

قرأت مقال سعادة الدكتور العلامة هاني الحفناوي أدنى هذا المقال فقلت: سبحان الله، لذلك كنت لا أترك فرصة للعمل البدني إلا واشتركت بها لأني كنت أقرأ انه ما من نبي إلا ورعى الغنم وأن كلاهما يحتاج لسياسية وصبر ودرست العلوم العلمية مع الشرعية سنتين بالكويت في المرحلة الثانوية وكان بها معامل ممتازة ومدرسين على مستوى راق في جميع العلوم وهذا سبب تميزي في الكتابة بالعلوم الكونية ومزجها بالعلوم الدينية ورفضي لمن يقول تقول قال الله وقال الرسول ودمتم -أعني أن النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- قال لمعاذ بن جبل عندما أرسله قاضيا إلى اليمن فإن لم تجد في كتاب ولا في سنة رسول الله قال أجتهد ولا آلو فضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم صدره وقال "الحمد لله الذي وفق رسول رسولِ الله لما يحبه الله ورسوله"

فمما يحبه الله ورسوله الاجتهاد بعد استيفاء أدوات الاجتهاد في دراسة العلوم الدينية اللازمة لفهم الكتاب والسنة فليس كل كتبي يصلح لهذا وما أجمل أن يقول غير المتخصص الله ورسوله أعلم حتى يتكلم العلماء الراسخون المستنبطون للأحكام الشرعية من أدلتها التفصلية وتبدو للناس جلية قال تعالى (ولو أنهم ردوه إلى الله والى الرسول لعلمه الذين يستنبطونه منهم) ولكن كل من لم يدرس ولم يتعلم يمسك بالمايك ويهرف بما لا يعرف ويهدم اجتهادات العلماء السابقين المؤهلين ليحملهم على لا استنباط ولا اجتهاد مع أن فتوى هؤلاء من غير المتخصصين بقولهم: الله ورسوله أعلم يؤجرون عليها كما لو أفتوا فمن قال لا أعلم فقد أفتى - وكنت أقرأ للرازي فأنبهر بما يكتب فإذا هو طبيب ومفسر وفقيه ونوح عليه السلام كان نجارا وداود عليه السلام كان حدادا وموسى عليه السلام كان مزارعا وقال الدكتور زيد الرماني: ورد عن ابن عباس أنه قال لرجل عنده: "إدن مني أحدثك عن الأنبياء المذكورين في كتاب الله أحدثك عن آدم كان حراثا وعن نوح كان نجارا وعن إدريس كان خياطا وعن داود كان زرادا -أي يصنع حلق المغفر والدرع والدروع نفسها- وعن موسى كان راعيا وعن إبراهيم كان زراعا عظيم الضيافة وعن شعيب كان راعيا وعن لوط كان زراعا وعن صالح كان تاجرا وعن سليمان كان ولي الملك"...
وقد عمل رسول الله -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- في رعي الغنم فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-: ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم فقال له أصحابه: وأنت يا رسول الله, قال: وأنا رعيتها لأهل مكة بالقراريط.
ومارس رسولنا -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- التجارة مضاربة بأموال خديجة بنت خويلد قبل البعثة.

ثم إن الصحابة الكرام من المهاجرين والأنصار كانوا يعملون في أمر معاشهم وكانوا أصحاب مهن وحرف .وقد احترف كثير من الصحابة رضوان الله عليهم التجارة براً وبحراً، وكان منهم اللحام والجزار والبزاز والحداد، والخياط والنساج والنجار والحجام.

فلم يكن صحابة رسول الله بطالين، بل كانوا يسعون في طلب المعاش والتكسب فيه، وعملوا في المهن والحرف على اختلاف أنواعها وأشكالها.
وعلى هذا النهج، سار جمع غفير من علمائنا وفقهائنا وأدبائنا من سلف هذه الأمة إذ كانوا أصحاب حرف ومهن، وكانوا مع علمهم وزهدهم وتقواهم يسعون في هذه الدنيا سعيا وراء عيشهم ورزقهم وقوت عيالهم.

انطلاقاً من قوله تعالى: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا) وقوله عز وجل: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) .

وقد حاول الأستاذ عبد الباسط بن يوسف الغريب في كتابه اللطيف الطرفة فيمن نسب من العلماء إلى مهنة أو حرفة حاول استقراء المهن والحرف ومن نسب إليها ، وقد بذل جهداً طيباً وحصراً بديعاً.

فأورد ضمن ما أورد من مهن العلماء وحرفهم: الخشاب، والحداد، والصواف، والبقال، والبصال، والقفال، والجمال، والبناء .
بل لقد أورد قرابة أربعمائة حرفة ومهنة ، وقرابة ألف وخمسمائة عالم وأديب، وفقيه، إنه بحق مرجع مهم وسفر رائع.

وفيما يلي نستعرض بعضاً من المهن والحرف ومن نسب إليها ، على النحو التالي:

(1) الآجري، نسبة إلى عمل الآجر وبيعه، ومن العلماء المشهورين، أبو بكر محمد بن خالد الآجري.

(2) الأدمي، نسبة إلى من يبيع الأدم، ومن العلماء المشهورين، الشيخ أبو الحسين أحمد بن عثمان الأدمي.

(3) الإسكافي، نسبة إلى من يعمل اللواك والشمشكات ومن العلماء: أحمد بن محمد بن هاني الإسكافي.

(4) الأنماطي، نسبة إلى بيع الأنماط وهي الفرش التي تبسط، ومن العلماء: أبو بكر محمد بن إبراهيم الأنماطي.

(5) الباقلاني، نسبة إلى الباقلا وبيعه، ومن العلماء: أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني.

(6) البزاز، نسبة إلى بيع البز والثياب، ومن العلماء: أبو بكر محمد بن عبدالله البزاز.

(7) البصال، نسبة لبيع البصل، ومن العلماء : الفقيه محمد بن أحمد المعروف بالبصال.

(8) البطيخي، نسبة إلى البطيخ وبيعه، ومن العلماء: أبو إسماعيل محمد بن صالح الواسطي البطيخي.

(9) البيَّاع، نسبة إلى البياعة، ومن يتوسط بين المتبايعين، ومن العلماء: عروة بن شييم بن البياع.

(10) التاجر، نسبة إلى التجارة، ومن المشهورين بذلك: أبو بكر محمد الأصبهاني التاجر، راوية الطبراني.

(11) التوحيدي، نسبة إلى بيع التوحيد وهو نوع من التمور، ومن المشهورين بذلك: أبو حيان التوحيدي.

(12) الثقاب، نسبة إلى من يثقب حب اللؤلؤ، واشتهر بذلك: أبو حمدون الثقاب.

(13) الجزار، نسبة إلى الجزارة وهو نحر الإبل، واشتهر بذلك: يحيى بن الجزار المعدني.

(14) الجصاص، نسبة إلى العمل بالجبص وتبيض الجدران، واشتهر بذلك، شيخ الزهاد أبو محمد طاهر بن حسن الجصاص.

(15) الجوزي، نسبة إلى الجوز وبيعه، واشتهر بذلك: أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الجوزي.

(16) الحاسب، نسبة إلى من يعرف الحساب، واشتهر بذلك: أبو علي الحسن بن محمد الحاسب.

(17) الحداد، نسبة إلى الحدادة، واشتهر بذلك: أبو محمد الحداد الحسن بن أحمد.

(18) الرُّماني، نسبة إلى الرمان وبيعه، واشتهر بذلك : أبو بكر محمد بن إبراهيم الرُّماني.

(19) القطعي، نسبة إلى بيع قطع الثياب، واشتهر بذلك: أبوعبد الله الحسين بن محمد القطعي.

(20) النجار، نسبة إلى النجارة، واشتهر بذلك الشيخ المسند أبو علي ضياء بن أحمد النجار.

وهناك: الأبنوسي، والبربهاري، التبان الجيلاني، الحصري، الخراز، الدلال، الذهبي، الزجاج، السقا، الصابوني، الضراب، الطحان، العطار، الفراء، القطان، الكسائي، اللؤلؤي، الماوردي، النقاش، الوراق، الياقوتي,.- د, زيد بن محمد الرماني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

ولا يعني ذلك عدم تفريغ العلماء للعلم وممارسة الحرف وإنما أن يدرسوا علما من العلوم الدنيوية بجانب العلم الديني حتى يكون هناك جانب عملي وحتى تتوسع المدارك لدى دارسي العلوم الدينية والنظرية ودارسي العلوم التطبيقية فمن يدرس الهندسة الإنشائية من علماء الدين يستطيع يوما ما أن يبني برجا سكنيا بناء على خلفيته التطبيقية التي درسها بالجامعة .

وينبغي أن لا تكون الدراسة في الجامعات نظرية بل يختلط الجانب العملي بالنظري حتى لا يتخرج الطالب فيقول عندما تسأله عن بناء العمائر أنا لا أفهم أي شيء في بناء العمائر اللي في الكتب غير اللي الدنيا اللي حوالينا.

وإذا استغنى العلماء أصحاب العلوم النظرية من خلال تعلمهم الجوانب التطبيقية زادت قيمتهم في المجتمع وبالتالي تزيد قيمة العلم في نظر الناس ويقبلون عليه ويصبح سادة القوم علماؤهم ولكننا نرى انفصالا وأعدادا كبيرة درست الأدب واللغة والبلاغة والدين ولا نجد لهم بروزا في الجانب التطبيقي فيعاملهم الناس على أنهم درجة تانية بالنسبة للطبيب والمهندس والحرفي وصاحب الصنعة حتى لو لم يكن حصل على شهادة جامعية بل هؤلاء الحرفيين يسجلون عليهم هذا الإخفاق ويستهينون بدارسي الجانب النظري ولديهم كل الحق في ذلك لأنهم يدركون من تعاملهم معهم غفلة كبيرة بسبب عدم دراستهم للجوانب التطبيقية وتنشيط عمل الفص الأيسر من المخ وهو الذي يسيطر على الجانب الأيمن والله تعالى يقول (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين) فحتى من الناحية الدينية لا ترجى درجة رفيعة عند الله لمن لم يكن عاملا بيده دارسا للعلوم التطبيقية وهذه حقيقة فالقرآن يوضح أنه لا رهبانية وهو يقول (من كان يريد الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة ) ويقول (وقل اعملوا) وقال في ذم حال البعض (وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير).

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply