صلاة الاستخارة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

نبدأ هذه الخطبة بصلاة مهمة من الصلوات، وعبادة عظيمة أهملها كثير من الناس وتركوها؛ ألا وهي صلاة الاستخارة، يتعرض المرء في حياته لكثير من الأمور الغيبية النتائج، ويقدم على أمور مجهولة العواقب، لا يدري خيرها من شرها، ولا نفعها من ضرها، أيقدم على هذا العمل أم لا، أيخطب هذه الفتاة أم لا، أيشارك هذا الرجل أم لا، أيطلق زوجته أم يبقيها عنده، أيدرس هنا أم هناك، هل يسافر أو لا يسافر، ماذا يعمل، وماذا يذر، وأين الخير، يسأل القريب والبعيد، والصغير والكبير، لعلهم ينصحونه، وقد يعيش في حالة من الصراع والتردي، والقلق النفسي، ويصيبه الهمّ، ويغشاه الغمّ، وتتعطل حركته، وينشل تفكيره، فلا يدري ماذا يفعل، ويقع أسير الخوف والتردد، فشرع الله صلاة الاستخارة علاجًا للتردد، وحلًا للمشكلة لكي ينقلب التردد ثباتًا والشك يقينًا، فيستخير العبد ربه وهو القادر على كل شيء فيصبح مطمئن النفس هادئ البال راضيًا بما قدر الله له، ولو كان شرًا في الظاهر لأنه قد استسلم لربه، وألقى إليه السلم، وتوكل عليه سبحانه وتعالى.

لما كان العبد ظلومًا جهولًا كما وصف الله جهولًا في الغيب، مترددًا في التصرفات، وكان الله تعالى عليمًا يعلم حقائق الأمور، ونتائجها، ونافعها، وضارها، وخيرها، وشرها، وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍسورة الأنعام59، ولما كان الله تعالى هو العليم بما يصلح العباد وهو الخبير بما ينفعهم وهو اللطيف الخبير كان لا بدّ من التوكل عليه وهو على كل شيء قدير، فإذا هم العبد بأمر، أو عزم على مسألة، أو خطرت بباله قضية، فأحب فعلها، فإنه يستخير ربه قبل البدء بالعمل فيأتي بشروط صلاة النافلة، ويصلي ركعتين بنية الاستخارة لا يتلفظ فيها بنية، وإنما النية في القلب، ويدعو بدعاء الاستخارة الدعاء المعروف، (اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر) ويسميه وينص عليه في دعائه (خير لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري، وعاجله وآجله) وفي رواية: (وعاقبة أمري أو قال عاجله وآجله) شك الراوي (فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر، ويذكر حاجته ويسميها وينص عليها شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال وعاجله وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به). ويثق بالله ويتوكل عليه.

لما كان أهل الجاهلية إذا أرادوا أمرًا لجؤوا إلى زجر الطير، والاستقسام بالأزلام، والشرك، شرع الله لنا هذا الدعاء العظيم، الذي فيه أساس التوحيد، والاعتماد على الله سبحانه وتعالى، والإقرار بوجوده، وصفاته، وكماله، وقدرته، وإرادته، وربوبيته، وتفويض الأمر إليه، والاستعانة به، والتوكل عليه، والتبري من الحول والقوة، واعتراف العبد بعجزه عن معرفة مصلحة نفسه، وأن الأمور بيد الله الذي فطره، شرع لنا صلاة الاستخارة بدلًا مما يفعله أهل الجاهلية، ما ندم من استخار الخالق، واستشار المخلوقين، وتثبت في أمره، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله.

 

أهمية الاستخارة:

من أهمية الموضوع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم ذلك في كل شيء، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، فكان حريصًا على ذلك صلى الله عليه وسلم، إذًا فهي عبادة مهمة حرص عليه الصلاة والسلام على تعليمها لأصحابه إذا همّ أحدكم بالأمر إذا قصده إذا عزم عليه لا يدري هل فيه خير له أم لا في الحقيقة، لكنه في الظاهر يراه من مصلحته.

 

شرح دعاء الاستخارة:

"فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، ولاحظ مناسبة سؤال الله بعلمه للقضية المطلوبة فأنت تتوسل إلى الله بعلمه إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك؛ لأن الله على كل شيء قدير، والذي يقدره هو الذي يكون –سبحانه وتعالى– ويطلب من الله القدرة، فالعبد ضعيف، أطلب منك يا الله أن تجعل لي قدرة على هذا العمل، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، إشارة إلى أن عطاء الله سبحانه فضل منه سبحانه على الآدمي يتفضل به، فإنك تقدر ولا أقدر، إشارة إلى الضعف البشري، وإلى ملكه سبحانه، وتعلم ولا أعلم فأنت العليم بكل شيء وبكل أمر ولا يعزب عنك مثقال ذرة، فناسب التوسل بقدرة الله وعلمه وسؤال الله فضله في هذا الأمر، وأنت علام الغيوب؛ لأن الاستخارة على شيء مستقبلي غيب لا يدرى هل للعبد فيه مصلحة أو خير أم لا وأنت علام الغيوب، تأمل ما في هذا الدعاء من الارتباط بالواقع والشيء المطلوب ثم هذا الثناء على الله قبل السؤال وهو من الأدب ثم يقول: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ويسميه خير لي في ديني ومعاشي فقدم الدين على المعاش؛ لأن الدين أهم من المعاش، الدين أهم من الدنيا، وإذا اختل الدين لا تنفع الدنيا، وعاقبة أمري أي الآخرة، وفي رواية عاجل أمري وآجله أو شك الراوي قال: أو عاجل أمري وآجله فهو لا يجمع بينهما في الألفاظ لأن عاجل الأمر وآجله في الحقيقة هو الدنيا والآخرة المذكورة ويسمي الحاجة فاقدره لي ويسره لي اجعله مقدورًا اجعله داخل قدرتي، وليس فقط أن تقدره لي وتيسره، وإنما أسألك أن تطرح فيه البركة، ثم بارك لي فيه، فإنه قد يحصل لك الأمر المطلوب ولكن لا بركة فيه فلذلك تسأل الله أن يجعل فيه البركة، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه هل هذا تكرار؟ لا ليس تكرارًا فاصرفه عني واصرفني عنه، اصرفه عني لا تقدر وقوعه، واصرفني عنه يعني اجعل قلبي غير متعلق به اصرفه عني، واصرفني أنا عنه لأنه قد لا يقع لك، ولكن قلبك يتقطع ويتحسر لماذا لم يقع لك، ولذلك كان من الحكمة العظيمة أن تسأل الله إذا كان شرًا أن يصرفه عنك فلا يقع، ويصرف قلبك عنه فلا يتعلق قلبك به إذا لم يحصل، حتى لا تحصل الحسرة عند عدم وقوعه فتأمل عظمة هذا الدعاء. ثم تقول على وجه العموم واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به فإنه قد يحصل لك الخير، ولكنك لا ترضى به، فمن المهم أن يحصل الخير لك ويحصل الرضى بهذا الخير.

عباد الله.. هذا الدعاء ينطبق عليه في الاستجابة ما ينطبق على سائر الأدعية وإذا كان الكسب حرام أو كان الدعاء في إثم وظلم أو لم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أو يعتدي في دعائه أو يكون غافلًا لا يقوله من قلب صادق إذا كان هذا يمنع الاستجابة في الأدعية فهذا منها.

فلذلك ينبغي أن يحقق العبد شروط الاستجابة حتى تنجح الاستخارة ويوقن العبد بالإجابة ويدعو الله سبحانه وتعالى مخلصًا إذا سألت فاسأل الله، ويرجو من الله عز وجل الخير وهكذا يفعل فإذا أراد أن يخطب فتاة مثلًا يقول في دعائه اللهم إن كنت تعلم أن زواجي من فلانة بنت فلان خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري. الحديث ، يسمي حاجته.

 

مسائل في الاستخارة:

ما معنى الاستخارة؟

الاستخارة طلب الإرشاد إلى الخير، الطلب من الرب أن يختار لك الخير، استخار الرجل الله تعالى أي طلب منه الإشارة والهداية إلى الخير هذه العبادة العظيمة التي فيها تحقيق التوحيد والتوكل على الله سبحانه والأدب إنها تزيد الإيمان هذا من فوائدها، الأجر بالقيام بها هذا من فوائدها، فإن قال إنسان ما هي الأمور التي نستخير الله فيها؟

فالجواب: أن الأمور التي تعرض على العبد تدور على الأحكام الخمسة الواجب، والمندوب، والمباح، والمكروه، والمحرم.

والواجب والمستحب والمكروه والمحرم من ناحية الأصل لا يستخار الله فيها ليست مجالًا للاستخارة لأن الشرع جاء بحكمها فإذا كان واجبًا فيجب عليك أن تفعله فلا تستخير في شيء واجب، وكذلك المستحب يندب لك أن تفعله فلماذا تستخير فيه؟

لكن المباحات كالأعمال الدنيوية المجهولة النتائج من الزواج، والشركة، والسفر، ونحو ذلك هذه مجال الاستخارة، وذكر العلماء: إذا ازدحم واجبان لا يدري أيهما يقدم كالحج والزواج في بعض الأحيان يكون هناك مجال الاستخارة أو تعارض مستحبان ولا بدّ من تقديم واحد منهما فقط ولا يمكن أن تقوم بالأمرين معًا فهذا مجال للاستخارة فتقدم أحد الأمرين وتسميه في دعائك وتستخير عليه وهل تكون الاستخارة في الأمور المعروفة النتائج؟

الجواب: نعم حتى لو كانت الأمور معروفة النتائج فكم من أمر ظن صاحبه أن فيه خيرًا عظيمًا يكون فيه شر وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ سورة البقرة 216 فإذًا حتى لو كانت النتيجة متوقعة لا تنس الاستخارة هذه الاستخارة أيها الإخوة تحقق الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وتفويض الأمر إليه عز وجلّ، ولا شك أنها تجعل العبد راضيًا آمنا مطمئنًا، فإن قال قائل: كيف أعرف نتيجة الاستخارة؟ لقد صليت ودعوت كيف أعرف نتيجة الاستخارة؟

الجواب: إن الإنسان إذا قام بالاستخارة وعزم على الأمر فإنه يفعله بلا تردد ما دام قد عرف من خلال الاستشارة ودراسة الموضوع أن هذا الأمر لا يتعارض مع الشرع، وأن فيه مصلحة له، فهو يدرس الموضوع، ويستشير فيه أهل الخبرة والأمانة، ثم يستخير الله تعالى، ويقدم على الأمر مباشرة، لا ينتظر رؤية ولا منامًا ولا شعورًا معينًا في صدره، وإنما إذا همّ  أحدكم بالأمر يعني أراد أن يفعله فإنه يقوم بالاستخارة، ثم يفعل هذا الأمر لا ينتظر شيئًا لا ينتظر حدوث شيء، وكثير من الناس يظنون أنه لا بدّ أن يرى منامًا، وأنه لا بدّ أن ينام بعد الاستخارة مباشرة، وأن هناك برقية ستأتيه في المنام، وهذا غلط، ولم يأتِ في الاستخارة الشرعية شيء من ذلك، قد يرى رؤية، وقد لا يرى، قد يحس بانشراح صدر، وقد لا يحس بشيء البتة كأنه لم يتغير شيء، لكن في الحقيقة عند الله تعالى تغيرت أشياء باستخارته، فإذًا قد يكون هناك رؤية سارة، وقد لا يكون.

فإذا قال إنسان: فإنني ترددت في الأمر ولم تطمئن نفسي فهل يجوز أن أكرر الاستخارة.

قال بعض العلماء: نعم لا بأس أن يكرر الاستخارة وهذا قول الجمهور أحمد، والشافعي، ومالك، وغيرهم مثل صلاة الاستسقاء تكرر، وكذلك صلاة الاستخارة لا بأس من تكرارها إذا كان عنده تردد ولا يزال عنده شيء في نفسه فإنه يستخير مرة أخرى، وثالثة، ولا بأس بذلك.

 

هل للاستخارة وقت معين؟

ليس لها وقت معين ولا مخصوص ويتحرى الإنسان بها أوقات الاستجابة مثل: الوقت ما بين الأذان والإقامة، عند نزول الغيث، الثلث الأخير من الليل، الساعة الأخيرة من يوم الجمعة، ليلة القدر، ونحو ذلك يستخير في هذه الأزمنة المباركة رجاء إجابة الدعاء.

وهي من ذوات الأسباب بمعنى أن فعلها في وقت النهي لا يضر، نعم لو تلافى أوقات النهي فهو أحسن، لو ما صلاها بعد الصبح أو وقت زوال الشمس، أو حين تصفر الشمس، أفضل، ولكنه لو احتاج للصلاة في وقت نهي فلا بأس في ذلك فقد تقدمت تحريها في ساعة الاستجابة يوم الجمعة، ولا يوجد زمن محدد قبل الأمر المستخار له فإذا شرع في مقصوده ثم تذكر الاستخارة فإنه يستحب له أن يقوم بها حتى لو شرع في مقصوده قبله بوقت طويل، أو قبله لا بأس، من فعل ذلك، ولكن الحديث نصه: (إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين)قبل الإقدام على الأمر مباشرة، فإن قال قائل: هل لصلاة الاستخارة قراءة معينة؟

فالجواب: لم يرد شيء معين في سور معينة تقرأ في صلاة الاستخارة فيقرأ ما شاء الله له أن يقرأ وهل يكون الدعاء قبل السلام أو بعد السلام؟

كلاهما قولان لأهل العلم: أنت مخير إن شئت قبله وإن شئت بعده وإن كان الحديث فيه (ثم ليقل) وهي تفيد التعقيب مع التراخي، فلو جعله بعد السلام لعله يكون أرجح والله أعلم.

وإن جعله قبل السلام فهو في مكان دعاء وهو التشهد الأخير وكذلك فإنه يخصص ركعتين لأجل الاستخارة، وقوله: من غير الفريضة، يدل على أنه لا يقوم بهذا الدعاء بعد صلاة الفريضة وإنما ينشئ ركعتين لأجل الاستخارة ولو نواها مع تحية المسجد أو ركعتي الوضوء فلا بأس بذلك هو قال في الحديث من غير الفريضة، لكنه ينوي الاستخارة إذا صلى أن هاتين ركعتي الاستخارة فإذا صلى صلاة نافلة لم ينو أنها للاستخارة فالأحسن أن يأتي بركعتين لأجل الاستخارة، ثم يدعو بعدهما، وكذلك فإنه إذا كان في مكان لا يتمكن فيه من الصلاة قد يحتاج أن يقرر شيئاً في مستشفى، في دائرة حكومية، في الدور أمام الموظف يقرر شيئًا الآن، ولا يتمكن من الصلاة، فإنه لا بأس أن يأتي بالدعاء فقط، وهذا الذي يمكنه أتى به والحمد لله، ولا بأس أن يقرأ الدعاء من كتاب، أو أن يكون هناك من يلقنه ككبار السن الذين قد لا يستطيعون الحفظ فبعد الصلاة يلقنه شخص أو يقرأ هو من كتاب إن كان لم يحفظ دعاء الاستخارة.

هذه الصلاة سنة مستحبة وإذا دعا بعد الصلاة فإنه يرفع يديه كغيرها من الأدعية يرفع يديه بعد الصلاة ويدعو الله عز وجل وإذا أثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم فلا بأس بذلك وهل يستخير لأمرين في صلاة واحدة؟ إن كان الأمران مرتبطين متعلق كل واحد بالآخر فإنه لا بأس بذلك كأن يستخير على الزواج من فلانة بمهر كذا، أو يستخير على مشاركة فلان بمبلغ كذا وإذا كان الأمران مختلفين فإنه يجعل لكل واحد منهما صلاة استخارة مستقلة هذا هو الأحسن.

 

هل يوفق المستخير يقينًا؟

لا شك أنه دعاء، وقد يمنع من استجابته أشياء ، ولكن العبد يعزم ويأتي بشروط الدعاء وآدابه ويسأل الله سبحانه وتعالى والله عز وجلّ هو الذي يجيب وقد لا يتمكن الإنسان كما قلنا من معرفة نتائج الاستخارة فلا يرى شيئًا في منامه ولا يحصل له شعور معين في نفسه ولكنه قد قام بما علمه إيّاه نبيه صلى الله عليه وسلم وأنت في الظاهر قد لا تحس بشيء ويكون الله قد منع من حصول أشياء وقدر أشياء وأنت لا تشعر يكون الله قد منع أشياء عنك وقدر أشياء وأنت لا تشعر وقد لا يحصل لك شيء مرغوب فتحزن ولكن الله ما أمسكه عنك إلا رحمة لك، لعلمه أن ذلك ليس من مصلحتك وإن كنت تراه أنت في مصلحتك فأحكم الحاكمين وأرحم الراحمين وأعلم العالمين أرحم بعباده من أنفسهم ومن آبائهم وأمهاتهم وإذا أنزل بهم ما يكرهون كان خيرًا لهم فهو الذي يقوم بمصالحهم سبحانه وتعالى ومتى عرف العبد ذلك عسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم فإنه لا يحزن إذا لم يقع المطلوب الذي استخار عليه، والاستشارة قبل الاستخارة، الاستشارة قبل الاستخارة، وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ سورة آل عمران 159.

 

الاستخارات البدعية:

عباد الله. لنحذر من الاستخارات البدعية بعض الناس يستخيرون بفتح المصحف فإذا وقع على آية عذاب امتنع، وإذا وقع على آية رحمة فعل، ومنهم الصوفية والمتأثرون بهم يذهبون إلى شيخ ليبيت لهم الاستخارة، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا هم أحدكم بالأمر) هو الذي صاحب الشأن الذي يستخير صاحب الشأن هو الذي يستخير، ولكن لو كان الشأن متعلقًا بأكثر من شخص استشار الجميع كما تستخير الفتاة، ويستخير أبوها، وتستخير أمها، كلهم يتعلقون لهم تعلق بهذا الشأن، ويستخير الشريكان كل واحد منهما، ولكن الأصل أن صاحب الشأن هو الذي يستخير، ولا يذهب لشيخ يقول استخر لي وذلك الشيخ يزعم أنه سيستخير له، وأنه رأى له رؤية ونحن ذلك من الكلام، وفي النهاية ربما يأخذ على ذلك مالًا، لا استخارة بالمسبحة، ولا بالألوان، ولا الأصوات، ولا الأزمنة، ولا الأرقام، ولا بإتيان الكهان، وبعض الناس يأتون الكهان للاستخارة والعرافين، ونحو ذلك أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُسورة الشورى 21.

هذه طائفة من المسائل المتعلقة بهذه العبادة العظيمة.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يختار لنا الخير دائمًا وأبدًا، وأن يوفقنا لمرضاته وأن لا يجعلنا من النادمين أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply