بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الدلال مرتبه من مراتب الحب بين الزوجين، ولكن غالبا الدلال صفة أخص بالزوجة، وبه تحلو الحياة الزوجية، وتبدو غضة طرية، وبدونه تكون العلاقة الزوجية جافه قاتمة، ويكون تعامل الزوجين فيها أشبه بتعامل الموظفين في القطاعات الإدارية، يتحدثون بصوت مرتفع، وبأوامر تنفيذية، لا تشتم منها رائحة التواصل العاطفي، ولا تتذوق فيها طعم المودة والرحمة.
يقال دائما أن المرأة بطبعها طيبة وحنونة، ويقال أيضا أن الرجل ما هو إلا طفل كبير، ولذلك فإن كلا من الطرفين في حاجة ماسة إلى التدليل من الطرف الآخر، سواء عن طريق الكلمة أو اللمسة أو بأي تصرف آخر يعبر به الزوج أو الزوجة عن حبه لطرفه الآخر.
طبيعة المشكلة:
أغلب الزوجات –إلا ما رحم ربي- تركن رقة الدلال، وتعجن بعجينة خشنة الملبس، ولبسن عباءة الرجال تحت مسميات المساواة وإثبات الذات.. أما الرجولة فحدث ولا حرج عن ذكورة سُرقت منها معاني الرجولة والبذل والعطاء، واكتفت بالمظاهر خشنة، وأنماط السيطرة، ولغة الأوامر وكأننا في ثكنة عسكرية.
والقضية غريبة، فلا المرأة صارت ترضى بأنوثتها، ولا صارت تعتز بدلالها، ولا هي تريد أن تعرف كيف توظف دلالها ورقتها لإنجاح حياتها الزوجية، بل بعضهن يرون أنه لا جدوى من الدلال في ظل حياة مليئة بالمشاكل والضغوط، تفترض منا الأسلوب العملي الجاف في التعاطي.
كما يجهل الزوج بدوره الاعتراف بأن له دورا إيجابيا في تدليل زوجته للاستمتاع بأنوثتها كاملة، وكي يصبح هو بدوره الزوج المدلل في البيت.. فلا المرأة تصبح أنثى دون رجولة زوج يعرف معنى العطاء، ولا الرجل سينعم بمعاملة كريمة ترضي غروره إذا تعمد إهمال أنوثة زوجته.
الوعي المتهم الأول:
يقول د. طاهر شلتوت (استشاري طب نفسي): إن عدم وجود وعي بمتطلبات ومهارات الزواج الناجح هو الذي يدفع الزوجين لإهمال سلوك التدليل والترقق بينهما، كما أن هناك اعتبارات أخرى تعوق إمكانية أن يتعاملا بدلال ودلع، خصوصا أن كثيرا من الزيجات يضطر فيها الزوجان أن يعيشا في بداية حياتهما الزوجية مع الأهل، مما يخلق نوعا من الحرج الشديد لدى الزوجين في إظهار عواطفهما بصراحة، لأنهما قد يتعرضان للوم والتقريع من قبل الحماة مثلا، وقد تبدأ أطراف أخرى في اتهام الزوج الذي يدلل زوجته بأنه ضعيف الشخصية، مما يدفع بالزوج المخدوع إلى الشدة والجدية الشديدة في تعاطيه مع زوجته ليثبت أمام الجميع أنه «سي السيد»
من هنا نبدأ:
يقول أهل اللغة: الدلال والتدلل من المرأة: حسن حديثها ومزحها، وفى الدلال على الزوج تكسر وملاحة محببة تسعد النفس وتنعش الفؤاد، وفى الدلال جمال وأي جمال، ويقولون: امرأة دل، أي ذات شكل تدل به.
تختلف آراء الرجال حول المرأة التي يرغبونها زوجة، لكنهم يتفقون في شيء واحد هو أن تكون «أنثى» بمعنى الكلمة.. الأنوثة هي رأس جمال المرأة، وأهم ما يميزها. فإذا ما استهانت المرأة بأنوثتها فأخفتها، أو تجاهلت أهميتها ودورها فإنها سوف تفقد مكانتها عند الزوج.. الأنوثة هي السحر الحلال الذي يحرك مشاعر الزوج ليجعل منه محباً، وليس شرطًا للأنوثة أن تكون المرأة فائقة الجمال، ولكن الأنوثة تحمل معاني كبيرة، وأساسها أن كون امرأة بمعنى الكلمة.. امرأة ظاهرًا وباطنًا.. بشكلها.. ونطقها.. ودقات قلبها.. بروحها التي تتوارى داخل جسدها.. امرأة تتقن فن الأنوثة.
إياك والحياء المزيف، والمقصود به الحياء في غير موضعه بينك وبين زوجك؛ فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم رغّب في تنمية العواطف بين الزوجين، وحث على اختيار المرأة التي تمتلك صفة «تداعبك» و«تلاعبك» من النساء، ويدخل في ذلك كله طريقة اللبس، والعطور، والحركات، والكلمات، والإشارات، والإيماءات.. وكل وجوه الجاذبية والتفنن في إشباع الحواس والفؤاد.
تغيرت أشياء كثيرة على مدى العقود الماضية، ولكن بقي شيء واحدا على حاله، وهو أن تقدير الزوج لذاته وثقته بنفسه مرتبطان بمدى إتقانه لوظيفة الرجل الكامل، فإذا لم تعبري لزوجك عن إعجابك به، لن يثق بنفسه حتى لو كان دخله ألوف مؤلفة، وسيظل في دوامة جلد الذات، لكن احرصي أن يكون ثناؤك عليه حقيقيا وصادقا ويشعره برجولته أيضا.
جددي في أسلوب الحديث مع زوجك.. انتقي عبارات عذبة وسريعة الوصول للقلب والعقل.
حاولي أن تكون طريقة تجميل وجهك وتصفيف شعرك بأسلوب متجدد، مع إضافة لمسات وابتكارات، فهذا يجعلك تتمتعين بمظهر جذاب علي الدوام.
الزوجة الناجحة يجب أن تعلم -بحسها الأنثوي وخبرتها- ما يغري زوجها ويرغبه فيها؛ فتحرص على الالتزام به، وهذا له تأثيرا كبيرا على المزاج النفسي للزوج، وفي تحقيق الانجذاب بين الشريكين.
التفاني في الاهتمام بالآخر مفتاح سحري لقلبه وعقله.. حين تشتري لزوجك معجون الأسنان الذي يفضله قبل أن ينفذ القديم سيطير فرحا.. وحين تأتين له بكوب الماء الدافئ الذي يشربه على الريق قبل أن يطلبه، سيقول فيك شعرا .. هذه الأفعال البسيطة تكشف له مدى مراعاتك لمشاعره واهتمامك الخاص به.
عندما تغادري المنزل اتركي له ملحوظة بأسلوب جميل ومرح واختميها بعبارة «أنا احبك». هذا الأمر من شأنه أن يزيد من محبة زوجك لك ويحافظ على دفء العلاقة الزوجية بينكما.
الابتسامة الصادقة تأسر القلوب وتسحر النفوس، ولها رونق وجمال وتعابير، وتضفي على وجه صاحبها ما لا يضفيه العبوس، فالابتسامة تعتبر بمثابة الكنز الذي لا يكلفك درهمًا ولا دينارًا، فهي مفتاح كل خير ومغلاق كل شر، ولها أثر عجيب في نفوس الآخرين؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «تبسمك في وجه أخيك صدقة»[صحيح المشكاة/الألباني 1853]، وقال أيضًا: «لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق»[مسلم2626]. ويقول الإمام ابن عيينة: البشاشة مصيدة المودة، والبر شيء هين: وجه طليق وكلام لين.
لا تلاحقيه بحبك حتى لا يهرب منك، فإن من الحب ما قتل.
يقول د. محمد مهدي (رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر): لا يفوتنا أن نؤكد على أن التدليل لا يحدث إلا إذا كان الطرف الآخر يشعر أساسا بقيمة شريكه «المدلِلِ» فهذه العلاقة فيها رعاية وتضحية وعطاء بلا مقابل وبدرجة عالية، ومن المهم أيضا أن يستقبل الطرف «المدلَلَ» هذا التدليل بفرح وانبساط وقبول، فبعض الناس لا يقوم بذلك مما يشكل صدمة للطرف الآخر الذي قام بعملية التدليل ولم يلق استجابة. فالتدليل لا يجب أن يتم حسن استقباله فحسب، بل يتم تبادله أيضا، ولا يبقى طرف على طول الخط مدللا للآخر وهو متلق فقط .. لذلك نشجع الأزواج والزوجات على الاهتمام بهذه العلاقة الجميلة وتبادلها لأنها ليست ترفا كما يتصور البعض وإنما احتياج إنساني مهم جدا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد