حقوق المطلقات


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

نشر فى مجلة الوعى الإسلامى عدد شوال 1431هـ

 مما يلاحظ فى عالمنا الإسلامى منذ سنوات ليست بالقليلة ، أن الاهتمام ببيان حقوق الأم ، وبيان حقوق الزوجة ، وبيان حقوق الفتاة والطفلة ، يأخذ حيزا كبيرا من الكتاب ووسائل الإعلام ، وقلما تجد ذلك إذا ما تعلق الأمر بالمطلقة !

والباحث فى شرعنا الحنيف يجد القرآن والسنة يؤكدان على حقوق  المطقات، وعدم التفريط فيها

لقد اعتنت الشريعة المطهرة  بالمطلقة ؛ اعتنت بها فى نفسها  و فى مالها، وفى النفقة عليها و على أولادها ؛ و من هذه الحقوق :

-       أن تقضى عدة الطلاق فى بيت زوجها ، مع التزامه بالنفقة و السكن حتى تنقضى عدتها ؛ صونا لها و لكرامتها ، و حرصا على راحتها  يقول الله تعالى: ( أَسْكِنُوهُنَّ مِن حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِن وُجْدِكُمْ و لا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ) الطلاق6  

وعلى الزوج ألا يخرجها من البيت ، وألا يطردها منه كما تفعل الغالبية العظمى  ، و إنما تبقى فى البيت حتى تنقضى العدة، يقول الله تعالى :(لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيوتِهِنَّ  و لا يَخْرُجْنَ إلا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ و تِلْكَ حُدُودُ اللهِ و مَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) الطلاق 1

ومعلوم أن العدة ثلاثة قروء ، أى ثلاث حيضات للمرأة التى تحيض ؛  يقول الله تعالى :(والْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) البقرة  228

أما المرأة التى لا تحيض و هى الآيسة ، فعدتها كعدّة الصغيرة التى لم تصل إلى سن الحيض و مدتها ثلاثة أشهر؛ لقوله تعالى: (واللائىِ يَئِسْنَ مِن المَحِيضِ مِن نِسَائِكم إِنِ ارْتَبْتُم فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ و اللائِى لَمْ يَحِضْنَ) الطلاق 4

وأما عدة الحامل،  فتمامها وضع الحمل ؛ لقوله تعالى: (وأُولاتُ الأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) الطلاق 4

وأما المطلقة التى لم يدخل بها زوجها ، فلا عدة عليها  و ذلك لقول الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إذا نَكَحْتُمُ المُؤْمِناتِ ثُم  طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ  فَما لَكُم عَلَيْهِنَّ مِن عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ و سَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً ) الأحزاب 49

-       ومن حقوق المطلقة التى صانتها شريعة الإسلام وجوب نفقة العدة فى ذمة الزوج ، و يجب عليه الوفاء بها ، كما تجب عليه نفقة الرضاع  لقوله تعالى: ( وإنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكم فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) الطلاق 6

-       ومن حقوقها أن يفارقها بالحسنى ، و يسرِّحها بإحسان لقوله تعالى: (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) البقرة 229

-       ومن حقوقها أن يعطيها مؤخر الصداق كاملا لقوله تعالى: (وآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطارًا فلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا) النساء 20  ولقوله تعالى: (ولا يَحِلُّ لَكم أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا) البقرة 229   إلا إذا كانت الزوجة هى التى طلبت الطلاق فعليها أن تفتدى نفسها، و هو ما يسمى بالخلع لقوله تعالى: (ولا يَحِلُّ لَكم أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافا أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَليْهِما فِما افْتَدَتْ بِهِ) البقرة 229

-       ومن حقوقها أن لا يفرّق  بينها و بين ولدها، فهى حاضنته الأولى ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أنت أحق به ما لم تنكحى"1؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: "من فرق بين الوالدة وولدها فرق الله بينه و بين الأحباء يوم القيامة" 2 

-       ومن حقوقها أن تقدّر لها نفقة متعة يقول الله تعالى: (ولِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا على المُتَّقِينَ) البقرة 241

كل هذه الحقوق حفظتها الشريعة السمحة، واعتنت بها السنة المطهرة صيانة للمطلقة، وهى كما رأينا تحفظ و تصون كرامة المرأة، وترد إليها اعتبارها؛ فاتقوا الله فى المطلقات، وتذكروا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فاتقوا الله فى النساء"3

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

   (1) رواه أحمد فى مسنده  2/182  والحاكم فى المستدرك 2/ 255 وأبو داود فى سننه 2/283

   (2) سنن الدارمى 2/ 299

 

   (3) مسلم 6/245

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply