بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
(أفكار بأصوات مسموعة)
نشعر بكثير من الامتنان لكل الذين كتبوا وتحدثوا عن السعادة
للذين حاولوا مساعدتنا في تحمل آلامنا وأحزاننا
لكل الذين فكروا كثيرا ليمنحونا طرقا نخفف بها من وطء الأسى الذي نمر به
لكل الذين منحونا تجارب حياتهم وخبرات أيامهم لتساعدنا في عبور نهر الألم الذين عبروه يوما
ممتنون بصدق لكل من قال لنا لا تحزنوا ولا تتألموا لا شيء يستحق الحزن والألم ، لكل الكلمات الجميلة التي بلسموا بها جراحنا ، وطيبوا بها خواطرنا الكسيرة
ممتنون لأنهم شعروا بأننا محتاجون لطيبين يقولون لنا هذا في عاصفة متاعبنا
ولكن
من المؤكد أنهم لا يريدون خداعنا، ولا إغراقنا في وهم زائف
من المؤكد أنهم يتألمون ، ويحزنون ، ويخافون، ويكتئبون أيضا
قد لا يكون مثلنا، ولكنهم يتألمون بلا شك
الألم قدر الإنسان في دنيا المتاعب، ليس هناك جزيرة معزولة عن مراكب الأحزان
كل القلوب تضرب شواطئها الألام، وتهزها العواصف
فالأمر ليس لنا ، الأمر كله لله
من أسباب التعاسة مكابرة حقيقة الألم
ومحاولة قبول الوهم بوجود حياة سعيدة لا تضربها بعنف تغيرات موجعة وأحداث فظيعة
كل البشر دون استثناء يتألمون هنا، يحزنون ، ويخافون، الأنبياء والصالحون وغيرهم
لا أحد يختار نوع الألم والحزن الذي يجتاحه يوما،
إنهم لا يملكون المقادير، ولا يتحكمون في كل شيء حولهم
أي حديث عن وصفة لتحقيق حصانة كلية من الأحزان وعصمة مطلقة من الألم حديث واهم وخداع خطير
التحدي الذي نواجهه هو تخفيف وطأة الألم ومحاولة الإسراع في عبور الأحزان
ومحاولة تلقي الضربات بقلوب قادرة على الاستفاقة والتصبر والرضا
وأيضا التعايش مع الألم، والتكيف مع حياة مكتظة بكثير منه،
يجب أن يبقى حديثنا في تخفيف آلام المتعبين في دوائر قدرتهم، لا نذهب بهم بعيدا إلى دوائر ليست لهم،
حتى لا نضيف إلى أعباء حزنهم، الشعور بالذنب أيضا، وتحميلهم عار الحزن، لأننا أشبعناهم وهما أنهم كانوا قادرين على النجاة منه
يجب أن لا نعدهم بفردوس يكتشفون منذ أول تجربة أنه ليس هنا،
الحزن حتم ، والألم توأم الحياة، وقصةحياتنا : ابتلاء، والدموع لم تخلق عبثا، وكثير من الأحداث ليس هناك قلوب لا تحزن لها إلا أن تكون من الحجارة
ونبينا تألم وحزن وخاف وضاق صدره وبكى ومرض وتوجع وأصابته الكروب
وكل لحظة حزن أجر وكفارة هكذا علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم
أنت حزين الآن، ليس هذا عارا، وليس في وسعك على الدوام الخلاص، يمكنك بذل بعض الأسباب للتخفيف لكن ليس في قدرتك تغيير كل شيء
أنت في عالم الأجر والثواب
أرجوكم أيها الطيبون الذين تحاولون تخفيف أحزاننا
لا تشعرونا أن السعادة هي مطلب الحياة الأعظم هنا
لا تديروا بوصلتنا لغاية لم نخلق لها أصلا، فليست الغاية من وجودنا أن نعيش لذة بلا انقطاع، وراحة بلا تعب، وفرحا بلا حزن
كلا، فقد خلقنا لغاية أخرى قد لا يمكن الوصو ل إليه إلا بعبور بحار من الأحزان والأوجاع والآلام والتضحيات والتعب والخوف والفراق والفقد والألم
لا تشعروا الحزين أن الله لا يحبه ، لأن من يحبهم الله لا يحزنون هنا!
فكثيرون زادت أحزانهم ليس لفقد أحبتهم ولا لفقرهم، ولا لمرضهم ، ولا لمشكلاتهم مع أهلهم وأولادهم فحسب
بل لأنهم يخافون أن الله لا يحبهم
كثيرون توهموا أن المؤمن سعيد على الدوام فتشبع بالسعادة الزائفة ونافق همومه وتصنع الانشراح
كثيرون غرقوا في اكتئابات حادة ليس لمرور أحداث صعبة بهم فقط، بل لأنهم عادوا على أنفسهم بالتقريع والملامة واتهموا ذواتهم بالفشل لأنهم لم يتمكنوامن تحقيق السعادة التي يتحدث عنها فلاسفة السعادة ومشايخها ومفكروها
وقد طمأنهم رسول الله صلى الله عليه سلم أن الله إذا أحب قوما ابتلاهم
قولوا لكل المحزونين بصدق
الحزن ليس عارا الحزن قدر
الحزن ابتلاء
أنتم لستم مطالبين بأن تخلقوا الفرح في قلوبكم لأن الخالق هو الله وحده
تسطيعون بذل أسباب شرعية محددة واضحة
لكن خروج الآلام من قلوبكم ليست في أيدكم، ولستم ضعفاء ولا عاجزين، حين لاتخرج تلك الأحزان رغم محاولتكم
ولو مرت حياتكم في تعاسة مستمرة لم يكن هذا فشلا
فغاية الحياة ليست ألا تكونوا تعساء في الدنيا
غاية الحياة أن تعبدوا الله
ولو كان قدركم أن تعبدوه في محراب الحزن
بدد الله أحزانكم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد