الجار


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

نشر هذا المقال فى مجلة الأزهر عدد جمادى الآخرة 1421 هـ / سبتمبر 2000م

            الجار قريب وإن بعد الأقربون.. هو أول من ينجدك.. و طليعة من يغيثك، إذا نزل بك فرح.. كان أول المهنئين.. وإذا كان بك ترح.. كان أول المواسين.. إذا تأوّهت سمع آهتك.. وإذا اشتكيت سمع شكايتك.. صلته دائمة، حتى وإن قطعك!.. وحبه واجب، حتى وإن مقتك..!

 يقول الله تعالى: (واعْبُدُوا اللهَ ولا تشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسانًا وبِذِى القُرْبَى واليَتامَى والمَساكِينِ والجارِ ذِى القُرْبَى والجَارِ الجُنُبِ والصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وابْنِ السَّبِيلِ وما مَلَكَتْ أَيْمانُكم إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) النساء 36... وفى صحيح مسلم يقول رسول صلى الله عليه وسلم: "ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".. فاحرص على هداية جارك بالحسنى، فقد روى البخارى عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم عاد يهوديا، وعرض عليه الإسلام، فأسلم، فخرج وهو يقول: "الحمد لله الذى أنقذه بى من النار".

واحرص على الكرم معهم.. فقد روى أحمد عن أبى ذر أنه كان –رغم حياته الخشنة– يكثر من المرق إذا طبخ كى يعطى جيرانه، وكان يقول: إن خليلى صلى الله عليه وسلم أوصانى "إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف".

واحرص على التصدق عليهم.. وأداء حقوقهم.. فقد روى البزار والبيهقى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الجيران ثلاثة: جار له حق واحد، وهو أدنى الجيران حقا.. وجار له حقان، وجار له ثلاثة حقوق، وهو أفضل الجيران حقا.. فأما الجار الذى له حق واحد  فجار مشرك لا رحم له، له حق الجوار؛ وأما الجار الذي له حقان فجار مسلم له حق الإسلام، وحق الجوار، وأما الذي له ثلاثة حقوق فجار مسلم ذو رحم، له حق الجوار، وحق الإسلام، وحق الرحم".

 واحرص على أن تقدم له الخير دائما؛ فقد روى أحمد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه ، و خير الجيران عند الله خيرهم لجاره".

وروى أحمد أيضا أن رجلا قال: يا رسول الله إن فلانة تُذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها، غير أنها تؤذى جيرانها بلسانها؛ قال: "هى فى النار". قال: يا رسول الله فإن فلانة تذكر من قلة صيامها وصلاتها، وإنها تتصدق بالأثوار من الأقط (الجبن) ولا تؤذى جيرانها. قال: "هى فى الجنة".. فكن مؤمنا بالبعد عن أذى الجار.. لأنه من ابتعد عن إيذاء جاره مشهود له بالإيمان.. يقول صلى الله عليه وسلم فى الحديث المتفق عليه: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره –وفى رواية- فليحسن إلى جاره".

وروى البخارى قوله صلى الله عليه وسلم: "والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن" قيل من يا رسول الله؟ لقد خاب وخسر. من هذا؟؟.. قال: "من لا يأمن جاره بوائقه".. قالوا: وما بوائقه؟ قال: "شرّه".. وفى رواية: "غشمه وظلمه".. فاستوصوا بالجيران خيرا، و اعلموا أن أربعين جارا جار.. والله من وراء القصد ..

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply