بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
نشر هذا المقال فى مجلة الوعى الإسلامى العدد 553 رمضان 1432هـ
لقد شاء الله تعالى أن يفضل بعض المكان على بعض وبعض الزمان على بعض، ففضل من المكان مكة والمدينة وبيت المقدس؛ وفضل من الزمان يوم الجمعة وشهر رمضان ويوم عرفة وليلة القدر التى فضلها الله تعالى على الليالى جميعا، وجعل لها خصائص وسمات تتميز بها عن سائر الليالى :
- السمة الأولى: ليلة القدر هى الليلة التى أنزل فيها القرآن:
يقول الله تعالى "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ" القدر 1
أى أنزلنا هذا القرآن فى ليلة القدر جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة فى السماء الدنيا .
- السمة الثانية: ليلة القدر هى ليلة الشرف الرفيع:
وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ القدر 2..
ومعنى ليلة القدر: أى ليلة الشرف والرفعة والمنزلة العظيمة.
- السمة الثالثة: ليلة القدر هى الليلة المباركة:
إن هناك من المكان ما هو مبارك؛ كما قال الله تعالى عن البيت الحرام إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ آل عمران 96.. وهناك من الزمان كذلك ما هو مبارك، كما قال تعالى عن ليلة القدر إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ الدخان 3 ..
- السمة الرابعة: ليلة القدر فيها يُفرق كل أمر حكيم:
يقول ابن كثير : يقول الله تعالى فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ الدخان 4.. في ليلة القدر يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتَبَة أمر السنة، وما يكون فيها من الآجال والأرزاق، وما يكون فيها إلى آخرها.
- السمة الخامسة : ليلة القدر خير من ألف شهر:
عن مجاهد قال: كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح، ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسي، ففعل ذلك ألف شهر، فأنزل الله هذه الآية: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل.
- السمة السادسة: الملائكة فى ليلة القدر على الأرض أكثر من عدد الحصى:
تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ القدر 4..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: "إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي الْأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى".
- السمة السابعة: ليلة القدر ينزل فيها جبريل:
تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا القدر 4.. والروح هو جبريل
قال ابن كثير: وأما الروح فقيل: المراد به هاهنا جبريل، عليه السلام، فيكون من باب عطف الخاص على العام.
- السمة الثامنة : ليلة القدر هى ليلة السلام التام :
سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ القدر 5.. عن مجاهد في قوله: {سَلامٌ هِيَ} قال: هي سالمة، لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا أو يعمل فيها أذى . وقال قتادة وابن زيد في قوله: {سَلامٌ هِيَ} يعني هي خير كلها، ليس فيها شر إلى مطلع الفجر.
- السمة التاسعة: ليلة القدر هى ليلة الرحمة و المغفرة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" و قيل: "الروح" الرحمة ينزل بها جبريل مع الملائكة فى هذه الليلة على أهلها. دليله: يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ النحل 2.. أى بالرحمة .
- السمة العاشرة: ليلة القدر هى الليلة التى من حُرم خيرها فقد حُرم:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ ".
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
الهوامش:
ابن كثير 7/246
تفسير ابن كثير 8/443
أحمد 21/360
ابن كثير 8/444
السابق
ابن كثير 8/445
البخارى 1/61
القرطبى عند تفسير آية 4 من سورة القدر
أحمد 19/176
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد