بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه جملة من المفاهيم الخاطئة التي قد يغلط فيها بعض الأفاضل، فرأيت أنه يحسن التنبيه عليها :
- من ظن أن إطعام الزوجة والأهل لا يكون للمسلم بها أجر فقد أخطأ، ففي الصحيحين عن أبي مسعود قال النبي ﷺ: "إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهي له صدقة".
- من ظن أن كل من واقع بدعةً وتلبس بها فهو مبتدع فقد أخطأ، فإن فاعل البدعة قد يكون ذا أصولٍ صحيحة، وهو مجتهد استفرغ الوسع في الوصول للحق ولم يبلغه، فهذا مخطئ ولا يلزم تبديعه .
- من ظن أن بحسب إكرام الضيف أن يكون مروءة فقط فقد أخطأ، بل هو عبادة لله، وجاء وجوبه عن بعض السلف، واستدلوا بما ثبت في الصحيحين عن عقبة بن عامر قال النبي ﷺ: "إذا نزلتم بقوم فأمر لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، وإلا فخذوا حق الضيف".
- من ظن أن المسافر لا تجب عليه صلاة الجماعة فقد أخطأ، فإن من أشهر أدلة إيجاب الجماعة، الاستدلال بهيئة صلاة الخوف جماعة، إذ اغتفر سقوط عدد من واجبات الصلاة لمراعاة مصلحة الجماعة فدل على وجوبها .
- من ظن أن الخلاف مع الأشاعرة منحصر في باب الصفات فقط فقد أخطأ، بل هم مخالفون للسلف في أبواب أخرى؛ من أشهرها أبواب القدر والإيمان .
- من ظن أن لعن الفاسق المعين مجمع على المنع منه أخطأ، فمذهب جمع من السلف على الجواز ، ونصر هذا عدد من الفقهاء، كما جاء عن الكيا الهراسي والرافعي وابن الجوزي وغيرهم، وثبت في صحيح مسلم: "أن النبي ﷺ لعن رجلاً وسم حماراً "، وهذا لعن معين، ولكن جاء ما يدل على المنع من الإكثار من اللعن، كما في مسلم: "إن اللعانين لا يكونون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة"، وهي صيغة من صيغ التكثير .
- من ظن أن تسمية المولود لا تكون إلا في يوم سابعه فقد أخطأ، فقد ثبت في الصحيحين: "أن النبي ﷺ سمى ابناً لأبي طلحة في أول يومه" وهو أصح من حديث التسمية في يوم السابع، وله وجه قد يحمل عليه .
- من ظن أن قولهم: "هذا حديث رجال إسناده ثقات" تصحيح للحديث مطلقا فقد أخطأ، فإن الثقة قد يخطئ، وهذا هو باب التعليل العظيم، وأهل الصناعة يعرفون ذلك بمقارنة روايته بغيره، على أن هذا التوثيق لرجال السند لا ينفي الانقطاع والتدليس ونحوه .
- من ظن أن قولهم: "هذا أصح حديث في الباب" تصحيح للحديث فقد أخطأ، فإن المراد الأولي بهذا التقرير: أن هذا الحديث أجود شئ روي في الباب، ثم قد يكون صحيحاً وقد يكون ضعيفاً .
- قول بعضهم: "لا إنكار في مسائل الخلاف" ليس دقيقا، فقد يثبت خلاف مع وجود الدليل؛ فهنا يشرع نوع من الآنكار، فإن هذا الخلاف خلاف غير معتبر، ولا أثر له في عدم الإنكار، بخلاف لو خلت المسألة من النصوص فيتوسع فيها مع المخالف ما لا يتوسع في سابقتها .
مع أن وجود الخلاف مما يجعل المسألة أقل من المسائل الوفاقية في الإنكار، فإن المخالف قد يكون متأولا مجتهدا، هذا وليس يلزم من الإنكار على المخالف الإغلاظ عليه .
- يفتري الرافضة على أهل السنة بأن مذهبهم حب -يزيد بن معاوية- وهذا باطل، فأهل السنة يقدحون في يزيد ولا يزكونه، ولا يحبونه لظلمه وفسقه، ولكنهم لا يكفرونه ويعلمون أن كثيرا مما يروى في سجلات التاريخ ليس لها إسناد صحيح، ويعلمون أيضا أن له حسنات كغيره من فسقة المسلمين، وما ثبت من أفعاله بسنده فأهل السنة قائلون بمقتضاه مدحا أو قدحا، ولقد صنف ابن الجوزي مصنفا في جواز لعنه، وخالفه غيره من أهل العلم، باعتباره مسلما من جملة المسلمين فلا يلعن لما سبق أن ذكرنا من الخلاف في لعن المعين .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد