خلاصة الكلام في (لو)


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيئ فلا تقل: لو أنى فعلت كذا لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان) رواه مسلم

فما حكم قول (لو) هل يجوز أم يحرم أم يكره؟!

الجواب: اعلم أن فى المسألة تفصيل على النحو التالى:

(القسم الأول): أن يقول (لو) معترضا على قدر الله عز وجل

مثال: (كمن يقول: لو لم يخرج ابنى من البيت لما مات)

حكمه: محرم

الدليل على ذلك: قوله تعالى (يا أيها الذين أمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا فى الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا)

 

(القسم الثانى): أن يقول (لو) معترضا على شرع الله

حكمه:محرم

مثاله: (كمن يقول لو لم يشرع الله الحج ما ماتت هذه الأعداد من المسلمين لو لم يشرع الله الجهاد ما ماتت هذه الأعداد (والعياذ بالله)

الدليل: قوله تعالى (الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو اطاعونا ما قتلوا)

فهؤلاء أهل النفاق لما تخلفوا عن غزوة أحد أثناء الطريق فلما انتهت المعركة ومات من مات قالوا ذلك ظنا منهم أن رأيهم خير من تشريع الله واعتراضا على قدر الله

 

(القسم الثالث): أن يقول (لو) فى الاحتجاج بالقدر على المعصية

مثاله: (كمن يقول: لو شاء الله ما فعلت المعصية لو لم يكتب الله على المعصية لما فعلتها)

حكمه: فيه تفصيل:

لا يجوز فى المعايب

ويجوز فى المصائب

(لا يجوز فى المعايب) كأن يحتج الإنسان على معايبه ومعاصيه بالقدر فهذا محرم

الدليل: قوله تعالى عن المشركين (لو شاء الله ما أشركنا)

فأنكر الله عليهم فقال تعالى (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا)

وقوله تعالى عن المشركين (لو شاء الرحمن ما عبدناهم)

فأنكر الله عليهم فقال تعالى (ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون)

وقوله تعالى (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها)

فانكر الله عليهم فقال تعالى (قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لاتعلمون)

ووجه عدم الجواز:

أن الاحتجاج بالقدر فى المعايب أن فى ذلك مصادمة بين أمر الله الشرعى وأمره الكو نى والإنسان مطالب بالنظر للأمر الشرعى والكونى لا النظر لأحدهما دون الأخر

(يجوز فى المصائب) كأن يحتج الأنسان بالقدر على ذنب تاب منه

مثل: رجل زنى ثم تاب وأناب فعيره أحدهم بذنب الزنا فقال : لو شاء الله ما زنيت

الدليل حديث احتجاج آدم وموسى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (احتج أدم وموسى فقال موسى: أنت أدم خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك الملائكة وأسكنك جنته أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم! قال أدم: يا موسى انت الذى اصطفاك الله برسالاته وبكلامه وأنزل عليك التوراة أتلومنى على أمر كتبه الله على قبل أن يخلقنى؟! فحج أدم موسى) متفق عليه

فاحتج أدم بالقدر فى المصائب لأن الذنب بعد التو بة ليس عيبا لأنه قد محى بالتوبة ولربما كان المسلم بعد التوبة أعلى مقاما

(الخلاصة يقال لو فى مقام الاحتجاج بالقدر فى المصائب لا المعايب)

 

(القسم الرابع): أن تقول (لو) فى التمنى

مثال: كأن يقول: (لو أن لى مالا لتصدقت)

 (حكمه): حسب التمنى:

إن تمنى الخير فهذا خير

وإن تمنى الشر والمعصية والسوء فيحرم

الدليل: الحديث وفيه (إنما الدنيا لنفر اربعة ..........فذكر الرجل الثانى

وقال (لو أن لى مالا لعملت بعمل فلان فقال:فهو ونيته فهما فى الأجر سواء)

وذكر الرجل الرابع فقال: لو ان لى مالا لعملت بعمل فلان فقال:فهو ونيته فهما فى الوزر سواء) صحيح: رواه احمد والترمذى

 

(القسم الخامس) يذكرها للتندم على أمر دنيوى

مثاله: كقول: (لو لم أتاجر فى كذا لما خسرت المال)

حكمه: ذكر بعض العلماء كراهته كابن دقيق العيد

وقال بعض العلماء وهو و الراجح التحريم

والدليل: قول النبى صلى الله عليه وسلم (.........فلا تقل لو أنى فعلت كذا لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان...)

وجه الاستدلال:

النهى عن (قول) لو فى مثل ذلك والنهى يقتضى التحريم (على الراجح أصوليا)

ولأن ذلك يفتح الباب لوساوس الشيطان كما ذكر النبى صلى الله عليه وسلم

 

(القسم السادس): أن يقول (لو) على سبيل الإخبار

حكمه: يجوز

الدليل: قول النبى صلى الله عليه وسلم (لو استقبلت من أمرى ما استد برت ما سقت الهدى ولأحللت معكم)رواه البخارى

والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply