تلخيص كتاب أولادنا ووسائل التواصل الاجتماعي لعبدالكريم بكار


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

من المقدمة:

إن الذي دفعني إلى تأليف هذا الكتاب هو ما لمسته في محيطي، وفيما اطلعت عليه في (النت) من حيرة الآباء والأمهات، بل حيرة الناس جميعا في كيفية التعامل مع الجوال والآيباد والتلفاز، وكيفية التعامل مع الفيسبوك وتويتر واليوتيوب...

أظهرت دراسة قامت بها إحدى المؤسسات اليابانية على أطفال تتراوح أعمارهم بين (٨ - ١٨) عاما، وقد أظهر المسح أن ٧٠% من هؤلاء الأطفال يمتلكون هواتف نقالة خاصة بهم.

وقد كان من الأمور المهمة التي أظهرتها الدراسة هو عدم وجود علاقة لدخل الأسرة ومستواها الاجتماعي بامتلاك الأطفال للهاتف الذكي.

 

ما الذي يغري الأطفال لامتلاك الهاتف الذكي؟

1.    تقليد الكبار حولهم.

2.    وجود أدوات تواصل خاصة بالطفل منحته الشعور بالاستقلال والقدرة على التحكم بحياته.

3.    العالم الافتراضي مليء بالتصاميم الرائعة والأشياء المسلية التي لا تتوفر في واقع الطفل المعايش.

4.    الهروب من الملل والفراغ والانشغال بأي شيء لتزجية الوقت والخلاص من ملل الحياة الرتيبة.

 

الجميع في حيرة

الآباء والأمهات ورجال التعليم والدعاة والمشرفون على المحاضن التربوية.. هؤلاء جميعا في حيرة من أمرهم تجاه القواعد التي يجب اتباعها في ترشيد استخدام أبنائنا لمواقع التواصل الاجتماعي.

وتزداد الحيرة حيث لا يستطيع أحد منا الآن تخيل ما الذي سيكون عليه حال التقنية بعد عشر سنوات، وإلى أي حد سيكون الانفتاح عليها إيجابيا.

 

هل نحن مستهدفون تقنيا؟

إن ما نشاهده اليوم من مواقع تواصل وأدوات اتصال على مستوى العالم، هو في الحقيقة مظهر من أضخم مظاهر (العولمة) ..

ومن هنا فإني أعتقد أننا لسنا مستهدفين في عقائدنا وأخلاقنا من خلال تصميم برامج وأدوات خاصة بنا، لكن من المؤكد أن تلك المواقع والأدوات لا تراعي ثقافتنا.

إن الألعاب الالكترونية تسهم في إعادة تشكيل أدمغة صغارنا على نحو جديد، ونحن الكبار من خلال وعينا وتوجيهنا نستطيع تقرير نوعية ذلك التشكيل، وتحديد ما إذا كان نافعا ﻷولادنا أو ضارا.

 

إيجابيات النت ومواقع التواصل وأدواته :

1.    تجسير ثقافات العالم.

2.    أطفال أذكى.

3.    تعزيز الجانب الاجتماعي.

4.    مورد للتثقيف والتعليم.

 

لمزيد من الحديث حول النقاط السالفة عن إيجابيات وسائل التواصل (انظر الكتاب ص٢١ - ص٣٣).

لو لم تكن لوسائل التواصل والهواتف الذكية إلا هذه المنافع، لما كان هناك حاجة لوجود مثل هذا الكتاب ..

فالحقيقة أننا مع وسائل التواصل والهواتف الذكية اليوم أمام تحديات ومخاطر حقيقية، تمس أخلاقنا وحياتنا الاجتماعية ومستقبل أبنائنا...

فنحن أمام أمور مهلكة وعواقب وخيمة حقا إن لم نتسلح بالوعي والإرادة والمثابرة ونحن نتعامل مع الشبكة العنكبوتية، وما يتفرع عنها من معدات ووسائل وألعاب.

 

مخاطر وسلبيات النت ووسائل التواصل :

1. الشعور بالقلق من قبل الأولياء من استخدام أولادهم للهواتف الذكية، إما بسبب إفراط الأولاد في استخدامها، وإما بسبب التكاليف المادية لذلك.

والذي يقض مضاجع الآباء والأمهات أن منع الفتيان والمراهقين من امتلاك هاتف ذكي أو فتح حساب على تويتر أو الفيسبوك ضعيف الجدوى، وقد يؤدي إلى نتائج عكسية على نحو ما نجده في واقع الحال.

أشارت دراسة في دول خليجية إلى أن نحوا من ٨٠% من الأسر فيها، لا يعملون على تقنين استخدام أبنائهم للتطبيقات الحديثة!!

إن وسائل التواصل لم تعد بالنسبة إلينا عبارة عن أدوات نستخدمها، نحن فيما نراه مناسبا لنا، وإنما صارت أدوات للسيطرة علينا وتغيير أنماط حياتنا.

إن تحكم وسائل التواصل بنا قد أدى فعلا إلى أن نكون أشبه ببضائع أو منتجات تم تصنيعها بواسطة خطوط التجميع، فنحن متشابهون اليوم إلى حد بعيد، وهذا يجعلنا نفقد خصوصياتنا وإنسانيتنا!!

اليوم -وللأسف- صار هناك تسابق محموم بين الصغار والكبار على نيل أكبر قد من الشهرة على مواقع التواصل، والانتظار بشغف إعجابات الأصدقاء مع محاولات كثيرة لرفع أعدادهم!!

بل صار هناك من يقوم التمكن العلمي والعملي لدى عالم ما من خلال أعداد متابعيه على الفيسبوك وتويتر!!

2. الأخلاق والسلوك :

لعل التأثير في أخلاق الناشئة واهتماماتهم وسلوكياتهم، هو من أسوأ ما تتركه وسائل التواصل الاجتماعي في حياتهم..

قامت مؤسسة غير ربحية بإجراء دراسة على طلاب أعمارهم بين (١٠ - ١٤ سنة) حول تعرضهم للتحرش على النت، فكانت النتائج :

 

-       ٤٢%  من الأطفال تعرضوا للتحرش في أثناء وجودهم على الشبكة.

-       ٣٥% من الطلاب تعرضوا للتهديد على الشبكة.

-       ٥٨% من الأطفال يعترفون بأن شخصا قال لهم كلمات بذيئة ومؤذية على الشبكة.

-       ٥٨% من الأطفال لم يخبروا أولياء أمورهم عن أمر وضيع حصل معهم على الشبكة.

3. نحن نعاني من ضعف مؤسساتنا التعليمية وتخلفها في المقاييس العالمية، وقد جاءت وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والألعاب الإلكترونية لتزيد الطين بلة.

وإن وضعنا مع هذه الوسائل أشبه بطاعن في السن قمنا بإجراء عملية جراحية كبرى له!!

والسؤال الذي ينبغي بحثه بجدية : كيف كان تأثير وسائل التواصل على تحصيل المعرفة لدينا؟

والجواب على هذا: من الواضح أن وسائل التواصل إلى جانب الألعاب الإلكترونية قد أثرت على نحو كبير في اهتمامات صغارنا من طلاب المدارس، حيث صار الانشغال بكتابة الواجبات، والاهتمام بما قاله المدرسون ومناقشته بين الزملاء إلى جانب الاستزادة من المعلمين واعتبار اللقاء بهم فرصة كبيرة، صار كل هذا في الدرجة الثانية أو الثالثة في اهتمامات الطلاب.

4. لا يخفى على أحد أن وضعيتنا الثقافية تعاني في الأساس من الهشاشة، والأرقام والدراسات تثبت أننا تخلفنا كثيرا في العناية بالقراءة والارتباط بالكتاب ..

وبعد انتشار الحواسيب والهواتف الذكية ومواقع التواصل والألعاب الإلكترونية بالصورة المذهلة زاد الأمر سوءا!!

ونحن نستطيع أن نقول : إن الثقافة الرفيعة والمتخصصة والعميقة قد أصيبت بمقتل، ﻷن هذه الثقافة متوفرة على نحو أساسي في الكتب.

5. حالة الإدمان التي وصلت بالبعض إلى ملازمة هواتفهم كملازمة الظل للشخص!

علامات الإدمان :

-       الشعور بالانزعاج والقلق الشديدين في حالة البعد عن الهاتف الذكي.

-       المدمن يتفقد هاتفه الذكي يوميا بكثرة قد تصل في بعض الحالات إلى ٣٠٠ مرة في اليوم!.

-       الشعور بالسعادة والنشوة عند استخدام الهاتف المحمول.

-       يميل المدمن إلى العزلة، وكثيرا ما يترك جلسة عائلية ليخلو بأصدقائه الافتراضيين.

-       يلازمه الهاتف الذكي ملازمة شديدة فهو ينظر إليه على كل أحواله، حتى ربما دخل به حتى أثناء قضاء الحاجة.

لا شك لدي اليوم أن نسبة المدمنين على وسائل التواصل الاجتماعي في ازدياد، وأن التعافي من هذه العلة يحتاج إلى وعي وإرادة، يفقدهما كثير من المدمنين!!.

6. استطاعت وسائل التواصل والأجهزة الذكية إحداث خللا في عمل الدماغ وطريقة نموه وتشكله لدى الصغار، كما أنها أحدثت تغييرات سلبية في البيئة النفسية لدى المدمنين.

كما أن الجسم حرم في أحيان كثيرة من الأنشطة الرياضية والاجتماعية التي يحتاجها للاحتفاظ بطاقته وعافيته.

7. تسميم الأدمغة :

لم تتعرض عقول الأطفال والمراهقين والشباب للتضليل في أي عصر من العصور كما يحصل اليوم، وذلك بسبب وسائل التواصل.

8. قد استنتج علماء بريطانيون أن الاستخدام المفرط للنت قد يؤدي إلى (الاكتئاب).

وقد أكد أحد الباحثين أن هناك اكتئابا اسمه (اكتئاب الفيسبوك) حيث يصاب بعض الأطفال بالتوتر والمزاجية، وأحيانا يكون لديهم شعور بالحسد والضغينة، بالإضافة إلى حب الظهور والإثبات الزائف وغير الحقيقي للذات.

9. الخمول والكسل الذي لا يساعد في العادة على نمو العضلات، بالإضافة إلى السمنة وزيادة الوزن وإجهاد العينين بسبب النظر إلى الشاشات الساعات الطوال كل يوم.

10. إن إدمان الأطفال لوسائل التواصل يسبب لهم ما يشبه العاهة الاجتماعية المستمرة.

بل أنه يحرمه من درجة من النضج الانفعالي والشعوري الذي لن يتأتى إلا بالتفاعل المباشر مع البيئة المحيطة به وما يدور فيها.

 

الحلول والمعالجات:

v   الآباء والأمهات يحتاجون أمام هذه المعضلة للقيام بدورهم الإرشادي والحمائي والذي يتمثل في أمرين :

1. إدراك مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي على عقول صغارهم، بل شخصياتهم وحياتهم ومستقبلهم عامة.

2. امتلاك المهارة الكافية التي تمكنهم من فهم ومتابعة سلوك أبنائهم على النت وكل ما يتصل به من وسائل التواصل الاجتماعي.

يجب أن تدرك الأمهات على نحو أخص أن من الخطأ إعطاء الطفل الآيباد أو الهاتف الذكي كي ينشغل به عنها وعن مشاغلها وأحاديثها مع صديقاتها، أو حتى يكف عن البكاء، فهذا حين يحدث يكون بمثابة إعطاء الطفل دواء ضارا من أجل حمله على الهدوء أو النوم.

v   القدوة القدوة: إننا لن نستطيع ممارسة دورنا التربوي بكفاءة ما لم نعمل على تربية أنفسنا ونحن نربي صغارنا.

ومن هنا نقول: إن الصغار في البيوت يجب أن يروا في آبائهم وأمهاتهم قدوات لهم في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك على النحو التالي :

-       إبعاد الجوال عن الجلسات العائلية.

-       عدم الانشغال بالجوال عن القراءة في الكتب النافعة الرصينة.

-       عدم استخدام الجوال أداة للعب واللهو ورؤية المواد الإباحية.

v   الانضباط الذاتي: إن أساس معالجة كل أشكال الإدمان يتمثل في (الانضباط الذاتي)، من أجل إحداث نوع من الموازنة بين الواجبات والمسؤوليات والحاجات،

وذلك يتأتى من خلال الوسائل التالية :

-       أكد قولا وعملا أن الهاتف الذكي وسيلة وليس غاية.

-       لا يجوز أن ينشغل الصغار بوسائل التواصل في أيام الدراسة.

-       ذكر الأبناء دائما بضرورة إدخال شيء نافع في برنامجهم اليومي، كالذهاب لحلقة قرآن، أو القراءة في كتاب نافع.

-       إذا وضعت خطة لاستخدام أبنائك لوسائل التواصل، فتمسك بها، ودافع عنها بقوة.

v   علاقات أسرية متينة: القاعدة الذهبية في معالجة أي مشكلة تربوية داخل الأسرة؛ يتمثل في استطاعة الأبوان في احتضان الطفل والاقتراب منه وتوفير قدر جيد من الحب والاهتمام به.

v   محاربة الفراغ وتوفير البدائل المناسبة والنافعة التي تشبع لديهم رغباتهم وتسد أوقات الفراغ لديهم.

 

حلول خاصة:

-       لا ينبغي أن يكون لمن هم دون سن الثانية عشر (بريد الكتروني) مستقل، والأفضل أن يتبادلوا رسائلهم عبر بريد الأب أو الأم.

-       مراقبة الأطفال مع الإنترنت عبر مراجعة المواقع التي يتصفحونها.

-       عدم ترك مهمة الشراء من الإنترنت للأطفال، وتولي ذلك من قبل أحد الأبوين.

-       عدم منح الأطفال (كلمة السر) الخاصة بالإنترنت حتى يتم منعهم من الدخول في الأوقات غير المناسبة.

-       اقتناء برامج الحماية الخاصة من الدخول إلى المواقع السيئة.

-       الاتفاق على ميثاق أسري للتعامل مع النت والأجهزة الذكية عموما، ولعل من مفردات هذا الميثاق الآتي :

o      سوف أخبر والدي إذا مررت بأية معلومات تجعلني أشعر بعدم الارتياح أو أشعر بالريبة تجاهها.

o      سوف أخبر والدي بأي ألم جسدي بسبب استخدام النت، فقد يكون ذلك لإفراطي في الاستخدام.

o      لن أستجيب ﻷي رسائل سيئة أو لا أخلاقية، وعلي إخبار والدي بذلك مباشرة.

o      لن أشتري شيئا عن طريق الشبكة إلا في حدود المتفق عليه مع والدي.

o      سوف أتحقق بالتعاون مع والدي أو أخي الأكبر من أي برنامج قبل تنزيله أو تثبيته على جهازي.

(انظر المزيد من مواد الميثاق الأسري لاستخدام النت والأجهزة الذكية ص٨٦).

-       يحتاج الأبوان إلى الصرامة في التعامل مع الأطفال حين يتجاوزون التعهدات التي قطعوها، ويجب أن يكونا مستعدين لتنفيذ العقوبات والتهديدات على نحو مباشر حتى يكون لها معنى وتأثير.

-       إبعاد الأجهزة عن أماكن النوم، والاعتماد على المنبه التقليدي في الاستيقاظ، فهذا مما يخفف من وطأة النظر في الأجهزة قبل وبعد النوم مباشرة.

-       عدم الدخول بالهاتف إلى الحمام، وعدم اصطحابه إلى المسجد وإلى المدرسة، والتوافق بين الأسرة على إبعاد الهواتف الذكية عن جلساتها.

-       يمكن لﻷم وضع جوائز تشجيعية لطفلها الذي يظل مدة أطول في البعد عن النت من إخوته.

-       الاستفادة من تطبيق (مومنت) لضبط الوقت الذي يقضيه الطفل أمام شاشة هاتفه، وإمكان برمجته على وضع حد أقصى لاستخدام الهاتف يوميا.

-       تشجيع الأبناء على بناء صداقات حقيقية على أرض الواقع، بدلا من الاكتفاء بصداقات العالم الافتراضي.

-       توعية اﻷطفال من مغبات التعرض للأشخاص أو الجماعات أو الحكومات، والحذر الشديد من نقل الشائعات وتداولها.

-       تكليف الطفل بما يتناسب مع سنه بتحمل بعض المسؤوليات في المنزل، وذلك حتى نشغل جزءا من وقته، وحتى نشعره بقدرته على المساهمة والإنجاز، وحتى ننمي المهارات الكامنة لديه.

-       من المهم صرف جزء من وقت الطفل في ممارسة أنواع من الرياضات الأخرى، فهي بديل ممتاز للألعاب الإلكترونية مع أهميتها القصوى في إمتاع الطفل وتقوية عضلاته.

-       شجع ابنك المراهق دائما على المشاركة في الأعمال التطوعية والانخراط في فرق العمل الشبابية التي تقدم الخدمات التطوعية للمجتمع.

-       المسابقات الثقافية وتلخيص الكتب وزيارة المكتبات العامة والجلوس فيها ساعة أو ساعتين ... كل هذا مهم جدا للأطفال، ويساعد على تنمية الحس المعرفي لديهم، ويخلصهم من إدمان الأجهزة الذكية.

الطبعة الأولى عام ١٤٣٨، يقع في ١٠٠ صفحة، أعددت التلخيص مع شيء من التصرف

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply