الختان


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

أحببت أن أُذَكِّرَ نفسي وأحبائي طلاب العلم الكرام ببعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالختان.

تعريف الختان:

الختان بالنسبة للذكور هو قَطْعُ الجلدة التي تغطي الحَشَفَة (رأسُ الذَكَر) بحيث تنكشف الحَشَفَة كلها. والختان بالنسبة  للإناث: قَطْعُ جزء صغير من الجلدة الموجودة فوق فَرْج المرأة (مخرج البول) بدون مبالغة في قطعها، وبدون استئصالها تماماً. (تحفة المودود لابن القيم صـ95).

 

العرب أُمةُ الختان:

كان الختان معروفاً عند العرب حيث توارثوه عن خليل الله تعالى, إبراهيم عليه السلام وكان العرب يُعرفون عند غيرهم بأنهم أمة الختان .

قال الألوسي ـ عند تفسيره لقول الله تعالى: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ)(الحج: من الآية78). ومن يتتبع الأخبار يعلم أن العرب لم يزالوا على بقايا من دين إبراهيم عليه السلام من الحج والختان وإيقاع الطلاق, والغسل من الجنابة وتحريم ذوات المحارم بالقرابة والصهر وغير ذلك, وأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان أحرص الناس على اتباع دين إبراهيم عليه السلام  وفي الصحيح أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان ـ أي  قبل البعثة ـ يتحنث بغار حراء, وفُسر التحنث بالتحنف, أى اتباع الحنفية وهى دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام. (روح المعاني للألوسي جـ25 صـ59).

 روى البخاريُّ عن عبْد اللِه بْن عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ قال:  كَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً ( كاهناً) يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الْخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالُوا لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلَّا الْيَهُودُ فَلَا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ وَاكْتُبْ إِلَى مَدَايِنِ مُلْكِكَ فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنْ الْيَهُودِ فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لَا فَنَظَرُوا إِلَيْهِ فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ وَسَأَلَهُ عَنْ الْعَرَبِ فَقَالَ هُمْ يَخْتَتِنُونَ فَقَالَ هِرَقْلُ هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَةَ وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي الْعِلْمِ وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ نَبِيٌّ. (البخاري حديث 7)

 

ختان الرجال والإناث شريعة ربانية:

 اتفق العلماء على مشروعية الختان للرجال والإناث. وسوف نذكر بعض الأدلة على ذلك :

1.    روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الْخِتَانُ وَالِاسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْآبَاطِ. (البخاري حديث 5889/ مسلم حديث 257). ومعلوم أن الختان يطلق على موضع القطع في الذكر والأنثى.

2.    روى مسلمٌ عن عائشة قالت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ (مسلم حديث 349)

3.    روى أبو داودَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَخْتِنُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُنْهِكِي فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ وَأَحَبُّ إِلَى الْبَعْلِ.. (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 4391) لا تُنهكي: أي لا تبالغي في استقصاء الختان. (النهاية لابن الأثير جـ5 صـ137)

4.    روى الطبرانيُّ في معجمه الأوسط عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم عطية: (إذا خفضت فأشمي ولا تُنهكي، فإنه أسرى للوجه، وأحظى عند الزوج) (حديث حسن) (صحيح الجامع للألباني حديث 509) أشمي ولا تنهكي: قال ابن الأثير: شبة القطع اليسير (من البظر) بإشمام الرائحة, والنهك: المبالغ فيه, أي اقطعي بعض النواة ولا تستأصليها. (النهاية لابن الأثير جـ2 صـ503)

 

حِكْمَةُ الختان الشرعية:

  إن للختان حِكماً شرعية  كثيرة , يمكن أن نوجزها فيما يلي :

 (1) الختان إقرار بالعبودية لله تعالى, وامتثال لأوامره سبحانه وخضوع لحكمه وسلطانه.

(2)  الختان من خصال الفطرة السليمة وشعار الإسلام.

 (3) الختان يميز بين المسلم وغيره من أتباع الديانات الأخرى.

(تحفة المودود لابن القيم صـ113: 115).

 

فوائد الختان الصحية :

يُمكن أن نوجز فوائد الختان الصحية كما ذكرها الأطباء فيما يلي:

(1) الختان يُعدل الشهوة ويهذبها, لأن  الشهوة الإنسانية إذا أُفرطت ألحقت الإنسان بالحيوانات, وإذا عُدمت الشهوة, ألحقت الإنسان بالجمادات, فالختان يُهذبه ولهذا  تجد غير المختون من الرجال ومن النساء لا يشبعُ من الجِماع.

(2) إن قطع القُلفة يخلص الإنسان من الإفرازات الدهنية, ويخلص من السيلان الشحمى المقزز للنفس .

(3) إن قطع القُلفة يخلص الإنسان من خطر انحباس الحشفة أثناء التمدد .

(4) يقلل الختان من إمكانية الإصابة بالسرطان, وقد ثبت أن هذا السرطان كثير الحدوث في الأشخاص المتضيقة قُلفتهم, في حين أنه نادرُ جداً في الشعوب التي توجب عليهم شرائعهم الختان .

(5) الختان يُجنب الأطفال الإصابة بسلس البول الليلي .

(6) الختان يخفف من كثرة استعمال العادة السرية لدى البالغين وهذه العادة السرية حرام, ويترتب عليها: أضرار خطيرة. (تربية الأولاد لعبد الله ناصح علوان جـ1 صـ116 : 117)

هذه بعض فوائد الختان الصحية, يدركها كل ذي عقل وبصيرة , ويتدبرها كل من يريد أن يعرف محاسن الإسلام وأسرار الشريعة .

 

حُكْـمُ ختانِ الرجالِ والإناث:

 اتفق جميع الفقهاء على مشروعية خِتان الرجال والإناث ولكنهم اختلفوا في  حُكمه بالنسبة لكل من الجنسين وسوف نذكر أقوال المذاهب الأربعة المشهورة بإيجاز شديد :

 أولاً: مذهب الأحناف: قال ابن الهُمام الحنفي -وهو من علماء المذهب الحنفي- الختان موضع القطع من الذكر والأنثى وهو سنة للرجل ومكرمة للمرأة. (فتح القدير لابن الهمام جـ1 صـ63)

  ثانياً: مذهب المالكية: قال الخرشي -وهو من علماء المذهب المالكي: حكم الختان هو السُنية في الذكور, والاستحباب في الإناث, ويُسمى خِفاضاً. (الخُرشي على مختصر الخليل جـ 3 صـ48)

وقال أحمد الدردير:  وهو من علماء المذهب المالكي أيضاً : الختان للرجال سنة مؤكدة, والخِفاض في الأنثى  مندوب. (الشرح الصغير للدردير جـ2 صـ151 : 152)

 ثالثاً: مذهب الشافعية: قال النووي: ـ وهو من علماء المذهب الشافعي: الختان واجب على الرجال والنساء عندنا, وبه قال: كثيرُ من السلف. (المجموع للنووي جـ1 صـ300)

رابعاً: مذهب الحنابلة: قال ابن قدامة _ وهو من علماء المذهب الحنبلي: الختان واجب على الرجال ومكرمة في حق النساء, وليس بواجب عليهن (المغني لابن قدامة جـ1 صـ115).

 

الرأى الراجح في حُكم  الختان:

 نـرى أن الـرأي الـراجـح  هو :أن الختان واجب في حق الذكور, وسنة في حق الإناث اللاتي في حاجة إلي الختان. وبالنسبة للإناث يعرف ذلك عن طريق طبيبة مسلمة, ذات خبرة بختان الإناث.

 

أضرار عدم ختن الإناث اللاتي في حاجة  إلي ختان :

من المعلوم أن ختان الأنثى يترتب عليه تعديل شهوتها, لأنها إذا لم تختن, وظلت قلفاء, كانت مغتلمة, شديدة الشهوة, ولهذا يقال في المشاتمة: يا ابن القلفاء, لأن القلفاء, وهي غير المختونة, تتطلع إلي الرجال أكثر, ولأن تَرْك ختانهما، يشعل الغريزة الجنسية عندها, وقد يدفعها ذلك إلي الوقوع في المحرمات, ولذلك يوجد من الفواحش في نساء غير المسلمين, ما لا يوجد في المسلمين, هذا إلي جانب الإفرازات التي تكون في هذا الموضع, مما يسبب رائحة كريهة. إن النساء غير المختونات, لا يشعرن بالهدوء النفسي, فهن دائماً مضطربات, عندهن حِدة في الطبع, وشُرود في الفكر, وعصبية في المزاج, وهذه أضرار لا يُستهان بها. (خصال الفطرة للدكتور نـجاشي علي إبراهيم صـ30).

 

أضرار المبالغة في ختان الإناث :

 يقول الدكتور احمد محمد كنعان: ختان البنت يسمى الخفض ويكون بقطع جزء من البَظْرِ (clitoris) وهو عضو تناسلي صغير موجود فوق فتحة الفرج, وللبظر دور هام في إحساس المرأة بالنشوة والمتعة عند الجماع, لوجود خلايا حسية , تستجيب للإثارة الجنسية. (الموسوعة الطبية الفقهية للدكتور أحمد محمد كنعان (صـ420 : صـ423)).

فّإذا حصلت المبالغة عند ختان الأنثى أو تم استئصال عضو الختان كله (وهو البظر) ضعفت عندها الشهوة أو انعدمت تماماً فلا تستطيع المرأة أن تستمتع بحياتها الجنسية, بل تكرهها ولا تطيقها, فتحدث فجوة بينها وبين زوجها, وقد يكون ذلك سبباً في فراقهما وانتهاء حياتهما الزوجية، أو قد يؤدي ذلك إلي انحراف الزوج, إذا لم يكن عنده دين يعصمه ويحفظه من الوقوع في الحرام، ولذا كان خير الأمور الوسط, وذلك إنما يكون الختان من غير استئصال كُلي للعضو المختون, أو مبالغة وبذلك يحصل المقصود باعتدال،  كما أمر بذلك النبي  صلى الله تعالى عليه وسلم أم عطية  التي كانت تقوم بختان الإناث. (خصال الفطرة للدكتور نـجاشى علي إبراهيم صـ31).

 

الختان الفرعوني للإناث :

سُمي الختان الفرعوني للإناث بهذا الاسم لأنه يرجع إلي عصر الفراعنة القدماء في مصر, والمقصود بالختان الفرعوني للإناث: هو استئصال كلي لعضو الختان (وهو البظر) بحيث يصبح غير موجود تماماً في المرأة, وهذا يؤدي إلي فقدان المرأة شهوتها تماماً. (الموسوعة الطبية الفقهية للدكتور أحمد محمد كنعان  ـ صـ423: صـ424).

إن الختان الفرعوني يختلف تماماً عن ختان الإناث الذي أمر به النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أم عطية التي كانت تقوم بختان الإناث .

شبهة ورد عليها: يقول بعض الأطباء: إن ختان النساء يترتب عليه بعض الأضرار الصحية مثل: حدوث نزيف وإصابة مجاري البول وغير ذلك. فنقول وبالله التوفيق, إن هذه الأضرار التي ذكرها بعض الأطباء والخاصة بختان الإناث إنما هي ترجع في الحقيقة إلي أمرين اثنين: أولاً: مخالفة سنة نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم عند ختان الإناث, وذلك باستئصال كلي للعضو المطلوب ختانه, أو المبالغة في قطعه, ثانياً: إن إجراء عملية ختان الإناث تتم بواسطة نساء جاهلات من غير ذوي الخبرة وبدون استخدام أدوات طبية حديثة مطهرة ومعقمة ضد الجراثيم .

 

ختان الإناث في  المناطق الحارة والباردة:

في المناطق الحارة كما في صعيد مصر والسودان وشبه الجزيرة العربية وغيرها  فإنه يغلب أن يكون عضو الختان (وهو البظر) كبير مما يؤدي إلي زيادة الشهوة الجنسية عند الإناث بشكل مفرط, ومن هنا يستحب قطع أدنى جزء من الجلدة التي تكون كعرف الديك وهي الموجودة فوق فرج المرأة , ومن غير مبالغة في القطع وهذا يؤدي إلي تهذيب الشهوة عند الإناث ويتفق أيضاً مع مذهب جمهور الفقهاء الذين أوجبوا الختان على الرجال وجعلوه سنة ومكرمة للإناث قال ابن الحاج: السنة في ختان الذكر إظهاره وفي ختان الإناث إخفاؤه واختلف في حقهن هل يخفضن مطلقاً أو يفرق بين أهل المشرق والمغرب , فأهل المشرق يُؤمرون به لوجود الفضلة عندهن من أصل الخلقة , وأهل المغرب لا يُؤمرون به لعدمها. ( المدخل لابن الحاج جـ3 صـ296 )

 

وقت الختان:

 ليس للختان وقت محدد, ولكن كلما كان في الصغر فهو أفضل وأسهل مع مراعاة مصلحة الطفل أو الطفلة, وأما وقت الوجوب بالنسبة للذكر فهو عند البلوغ, لأنه وقت وجوب العبادات عليه, ولأن الختان من أجل الطهارة, فلا يجب الختان عليه قبل ذلك. (تحفة المودود لابن القيم صـ110: صـ111).

 

حكم ختان المريض والضعيف:

من كان  مريضاً أو ضعيف الجسم , بحيث لو خُتن , خِيف عليه أن يصيبه ضرر , لم يجز أن يختن , حتى عند القائلين بوجوبه على الرجال والإناث ,  بل يؤجل حتى يصبح جسمه قوياً ,  بحيث يغلب على الظن سلامته بعد إجراء عملية الختان , وذلك لأن الواجبات تسقط عند الخوف من الهلاك المحقق. (المجموع للنووي جـ1 صـ304)

 

حكْم من مات غير مختون:

لا يختن الميت الأقلف, الذي مات غير مختون, كان الختان تكليفاً, وقد زال بالموت, ولأن المقصود من الختان التطهر من النجاسة, وقد زالت الحاجة بموته, ولأنه جزء من الميت, فلا يقطع, كيده المستحقة في قطع السرقة أو القصاص, وهي لا تقطع من الميت. ( المجموع للنووي جـ1 صـ304).

 

صِفة الختان:

أولاً: صفة ختان الذكور: ختان الذكور يكون بقطع الجلدة التي تغطي الحشفة, وتُسمى القلفة, بحيث تنكشف الحَشَفة كلها.

ثانياً: ختان الإناث: ختان الإناث يكون بقطع جزء صغير من الجلدة التي كعرف الديك فوق فَرْج المرأة, من غير استئصال كلي لعضو الختان (وهو البَظْر) ومن غير مبالغة في قطعه. (مسلم بشرح النووي جـ2 صـ150)     

 

فتــاوى العلماء في الختــــان:

سوف نذكر بعض فتاوى العلماء الخاصة بختان الرجال والإناث :

(1) فتوى مفتى مصر الشيخ / علام نصار :

قال الشيخ علام نصار (مفتي مصر الأسبق رحمه الله): ختان الأنثى من شعار الإسلام, وردت به السنة النبوية, واتفقت كلمة فقهاء المسلمين وأئمتهم على مشروعيته مع اختلافهم في كونه واجباً أو سُنَّة, فإننا نختار في الفتوى: القول بسنيته لترجح سنده ووضوح وجهته , والحكمة في مشروعيته ما فيه من تلطيف الميل الجنسي في المرأة, والاتجاه به إلي الاعتدال المحمود. (فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ6 رقم 874( صـ985 1: صـ986 1).

(2) قال الشيخ حسنين محمد مخلوف (رحمه الله):

إن الفقهاء اختلفوا فى حكم الختان لكل من الذكر والأنثى هل هو واجب أو سُنَّة وليس بواجب. وذهب الحنابلة كما فى المغنى لابن قدامة إلى أنه واجب فى حق الذكور وليس بواجب بل هو سنة ومكرمة فى حق الأنثى وهو قول كثير من أهل العلم - ومذهب الحنفية والمالكية إلى أنه سنة وليس بواجب فى حقها وهو من شعار الإسلام .

فنخلص من ذلك أن أكثر أهل العلم على أن خفاض الأنثى ليس واجبا وهو قول الحنفية والمالكية والحنابلة ومروى أيضا عن بعض أصحاب الشافعى فلا يوجب تركه الإثم - وأن ختان الذكر واجب وهو شعار المسلمين ومن ملة إبراهيم عليه السلام وهو مذهب الشافعية والحنابلة ومن هذا يعلم أن لا إثم فى ترك خفض البنات. (ختانهن) (فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ2 رقم 212 صـ449)

(3) قال الشيخ / جاد الحق على جاد الحق (شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله):

اتفق الفقهاء على أن الختان في حق الرجال, والخفاض في حق الإناث مشروع، ثم اختلفوا في كونه سُنة أو واجباً, الختان للرجال والنساء من صفات الفطرة التي دعا إليها الإسلام وحث على الالتزام بها، ولم يُنقل عن أحد من فقهاء المسلمين _ فيما طالعنا من كتبهم التي بين أيدينا – القـول بمنع الختـان للرجـال أو للنسـاء, أو عـدم جــوازه, أو إضراره بالأنثى, إذا هو تم على الوجه الذي عَلمه الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم لأم حبيبة, وأما الاختلاف في وصف حُكمه, بين واجب, وسُّنة, ومَكرمة, فيكاد يكون اختلافاً في الاصطلاح الذي يندرج تحته الحكم.

إن ختان البنات من فطرة الإسلام وطريقته على الوجه الذي بينه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه لا يصح أن يُتركَ توجيهه وتعليمه إلى قول غيره, ولو كان طبيباً, لأن الطب علم, والعلم متطور, تتحرك نظرته ونظرياته دائماً,  ولذلك نجد أن قول الأطباء في هذا الأمر مختلف, فمنهم من يرى ترك ختان الإناث, وآخرون يرون ختانهن, لأن هذا يهذب كثيراً من إثارة الجنس لا سيما في سن المراهقة, التي هي أخطر مراحل حياة الفتاة, وأضاف الأطباء والمؤيدون لختان النساء : أن الفتاة التي تُعرض عن الختان تنشأ من صغرها, وفي مراهقتها حادة المزاج, سيئة الطبع, وهنا أمر قد يصوره لنا ما صرنا إليه في عصرنا من تداخل وتزاحم, بل وتلاحم بين الرجال والنساء في مجالات الملاصقة والزحام التي لا تخفى على أحد, فلو لم تقم الفتاة بالاختتان, لتعرضت لمثيرات عديدة تؤدي بها _ مع موجبات أخرى تذخر بها حياة العصر وانكماش الضوابط فيه _  إلي الانحراف والفساد ولما كان ذلك: ففي واقعة السؤال: قد بان أن ختان البنات من سنن الإسلام وطريقته, لا ينبغي إهمالها بقول أحد, بل يجب الحرص على ختانهن بالطريقة والوصف الذي عَلَّمه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أم حبيبة. (فتاوى  دار الإفتاء المصرية جـ9 رقم 1202 صـ3119: صـ3125).

(4) قال الشيخ / السيد سابق(رحمه الله):

الختان: وهو قطع الجلدة التي تغطي الحشفة، لئلا يجتمع فيها الوسخ، وليتمكن من الاستبراء من البول، ولئلا تنقص لذة الجماع، هذا بالنسبة إلى الرجل.وأما المرأة فيقطع الجزء الاعلى من الفرج بالنسبة لها  وهو سنة قديمة.فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعدما أتت عليه ثمانون سنة، واختتن بالقدوم) رواه البخاري، ومذهب الجمهور أنه واجب. (فقه السنة للسيد سابق جـ1 صـ42 : صـ43 )

(5) فتوى شيخ الإسلام  أحمد بن تيمية (رحمه الله):

سُئلَ ابن تيمية: هل تُختتن المرأة أو لا؟

فأجاب: الحمد لله. نعم! تُختتن المرأة, وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك. قال رسول الله  صلى الله تعالى عليه وسلم  للخافضة: وهي الخاتنة "أشمي  ولا تنهكي, فإنه أبهى للوجه, واحظى لها عند الزوج" يعنى: لا تبالغي في القطع, وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القلفة, والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها فإنها إذا كانت قلفاء كانت مغتلمة, شديدة الشهوة. ولهذا يقال فيالمشاتمة: يا ابن القلفاء تتطلع إلي الرجال أكثر ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتار والإفرنج ما لا يوجد في نساء المسلمين, وإذا حصلت المبالغة في الختان ضعفت الشهوة فلا يكمل مقصود الرجل فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال. (مجموع فتاوى ابن تيمية جـ21 صـ114).

(6) قال ابن القيم (رحمه الله):

لا خلاف في استحباب الختان للأنثى واختُلف في وجوبه (تحفة المودود لابن القيم صـ117).

(7) فتوى الشيخ محمد رشيد رضا (رحمه الله):

سُئل: محمد رشيد رضا عن حكم الختان بالنسبة للرجال والإناث؟ فأجاب الذي لا نزاع فيه أن الختان سنة عملية كانت في العرب, وأقره النبي صلى الله تعالى عليه وسلم  وعده من خصال الفطرة, وهو من ذرائع النظافة والسلامة من بعض الأمراض الخطيرة (فتاوى محمد رشيد رضا جـ1 صـ245: صـ246)

(8) فتوى الشيخ محمد ناصر الدين الألباني (رحمه الله):

 قال الألباني:  اعلم أن خَتْنَ النساء كان معروفاً عند السلف خلافاً لما يظن مَن لا عِلْمَ عنده .(السلسلة الصحيحة للألباني جـ2 صـ357).

(9) فتوى اللجنة الدائمة :

سُئلت اللجنة الدائمة: هل الختان للذكور فقط؟ فأجابت اللجنة: الختان من سنن الفطرة, وهو للذكور والإناث, إلا أنه واجب في الذكور, وسنة ومكرمة في حق النساء. (فتاوى اللجنة الدائمة جـ5_ فتوى رقم 2137صـ13).

(10) فتوى الشيخ / عبد العزيز بن باز (رحمه الله):

 سُئل ابن باز: ما حكم ختان البنات؟ فأجاب:  ختان البنات سنة,  كختان البنين, إذا وجد من يحسن ذلك من الأطباء, أو الطبيبات, لقول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الفطرة خمس: "الختان, والاستحداد, وقص الشارب, وتقليم الأظفار, ونتف الآباط" متفق على صحته. (مجموع فتاوى ومقالات ابن باز جـ10 صـ46: صـ47).

(11) فتوى الشيخ: محمد بن صالح بن عثيمين (رحمه الله):

سُئل ابن عثيمين عن حكْم الختان في حق الرجال والإناث؟

 فأجاب بقوله: حكم الختان محل خلاف, وأقرب الأقوال أن الختان واجب في حق الرجال, وسنة في حق النساء, ووجه التفريق بينهما أن الختان في حق الرجال فيه مصلحة تعود إلي شرط من شروط الصلاة وهو الطهارة, لأنه إذا بقيت القلفة , فإن البول إذا خرج من ثقب الحَشَفَة, بقى وتجمع في القلفة وصار سبباً إما لاحتراق أو التهاب, أو لكونه كلما تحرك خرج منه شيئ فيتنجس بذلك, وأما المرأة فإن غاية ما فيه من الفائدة أنه يقلل من غُلمتها _ أى شهوتها _ وهذا طلب كمال , وليس من بابا إزالة الأذى .(مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين جـ4 صـ117 : صـ118).

(12) فتوى الشيخ عطية صقر ( رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الأسبق رحمه الله):

قال الشيخ عطية صقر (رحمه الله) أرى أن الختان الذي اعتاده العرب وأقره النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالنسبة للمرأة لا بأس به .

 قال رحمه الله أيضاً: إن الصيحات التي تنادي بحرمة ختان البنات صيحات مخالفة للشريعة، لأنه لم يرد نص صريح في القرآن والسنة ولا قول للفقهاء بحرمته ،فختانهن دائر بين الوجوب والندب. وإذا كانت القاعدة الفقهية تقول: حكم الحاكم برفع الخلاف فإنه في هذه المسألة له أن يحكم بالوجوب أو الندب، ولا يصح أن يحم بالحرمة، حتى لا يخالف الشريعة التي هي المصدر الرئيسي للتشريع في البلاد التي ينص دستورها على أن الإسلام هو الدين الرئيسي للدولة ومن الجائز أن يشرع تحفظات لحسن أداء الواجب و المندوب بحيث لا تتعارض مع المقررات الدينية. (فتاوى عطية صقر جـ 2 فتوى 523 صـ 176:174).

 

خِتَامَاً:

أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصَاً لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأن يجعله ذُخْرَاً لي عنده يوم القيامة. (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).

كما أسأله سُبحانه أن ينفعَ به طلابَ العِلْم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply