بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن من المشاعر النبيلة التي أودعها الله في قلبي الأبوين، شعور الرحمة بالأولاد، والرأفة بهم، والعطف عليهم ،وهو شعور كريم له في تربية الأطفال، وفي إعدادهم وتكوينهم أفضل النتائج، وأعظم الآثار؛ لهذا نجد الشريعة الغراء قد رسخت في القلوب (الرحمة)، وحضت الكبار من آباء ومعلمين ومسؤولين على التحلي بها والتخلق بأخلاقها،والرحمة إذا حلت قلب الأبوين ،وترسخت في نفسيهما قاما بما يترتب عليهما من واجب، وأديا ما عليهما من حق تجاه من أوجب الله عليهما حق الرعاية، وواجب المسؤولية ألا وهم الأطفال.
فمن بين كل القيم التي تشتمل عليها منظومة القيم الأخلاقية الإسلامية قيمة رفيعة القدر بالغة الأهمية تتصدر هذه المنظومة، وترتفع فوق قمتها، ألا وهي قيمة الرحمة، ولكننا نفتقد هذه القيمة العظيمة في كثير من تعاملاتنا اليومية، فالقسوة قد حلت محل الرحمة في كثير من علاقات الناس اليومية، وتعاملاتهم الحياتية.
والأمثلة على ذلك كثيرة، منها: الأب الذي يقسو على أبنائه ومن الأمور التي يكاد يجمع عليها علماء التربية، أن الطفل إذا عومل من قبل أبويه ومربيه المعاملة القاسية، وأُدب من قبلهم بالضرب الشديد والتوبيخ القارع، وكان دائمًا الهدف في التحقير والازدراء، والتشهير والسخرية، فإن ردود الفعل ستظهر في سلوكه وخلقه ،وإن ظاهرة الخوف والانكماش ستبدو في تصرفاته وأفعاله.
وتعتبر ظاهرة العنف ضد الأطفال في البيت والمدرسة والشارع من أبرز الظواهر الاجتماعية التي انتشرت بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة، وسببت العديد من الآثار السلبية على الأطفال، مما يفرض على كل من يتعامل مع الأطفال البعد عن العنف ؛فالإسلام يأمر كل من في عنقه مسؤولية التوجيه والتربية، ولاسيما الآباء والأمهات منهم، يأمرهم جميعًا بأن يتحلوا بالأخلاق العالية، والملاطفة الرصينة، والمعاملة الرحيمة، حتى ينشأ الأطفال على الاستقامة، ويتربوا على الجرأة واستقلال الشخصية، وبالتالي يشعروا أنهم ذوو تقدير واحترام وكرامة، لذا يجب معاملة الأطفال بأساليب تربوية تقوم على الرفق واللين والرحمة، والإسلام بتعاليمه القويمة الخالدة، والسنة النبوية مليئة بهذه الأساليب، وبيانًا لهذه الأساليب كان هذا البحث (التطبيقات التربوية المستفادة من الرحمة بالأطفال في السنة النبوية)
ومظاهر الرحمة بالأطفال في السنة النبوية كثيرة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالأطفال، وقد ثبتت عنه أحاديث كثيرة في الرحمة بالأطفال ذكورًا وإناثًا، وتتمثل مظاهر الرحمة بالأطفال في السنة النبوية في العديد من الجوانب منها: تقبيل الأطفال، ملاطفتهم، الدعاء لهم، عدم الدعاء عليهم، العدل بينهم، الإنفاق عليهم، وتركهم أغنياء، السلام والعطف عليهم، الرفق بهم، والرحمة بالأطفال اليتامى.
وفيما يلي أبرز التطبيقات التربوية لهذه المظاهر:
- على المربين أن يكونوا رحماء بالأطفال فالرحمة صفة من صفات المربي الناجح وهي من الوالدين لأبنائهما أخص، ورحمة الأولاد من أهم أسس نشأتهم ومقومات نموهم النفسي والاجتماعي نموا قويا سويا، فإذا فقد الأولاد المحبة نشئوا منحرفين في المجتمع لا يتعاونون مع أفراده ولا يندمجون في وسطه.
والمربي الذي ينقصه الحنان لا يصلح للتربية، الذي يغلب عليه التجهم، الذي يبخل بالابتسامة، الذي لا يمسح على رأس الطفل، الذي لا يعرف إلا العقاب، أما الثواب فلا حاجة به إليه، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا وأنه بذلك مخالف لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مزاحه مع الصبيان، وتلطفه معهم.
- على المربين التعامل مع الأطفال برفق ولين مع احترامهم وتقديرهم ، فذلك يجعلهم أسوياء، ويعودهم على الاعتماد على النفس والثقة، ويربي فيهم حب الآخرين، والتآلف مع غيرهم والتآخي، ومعاملة غيرهم بالمودة والرأفة كما كانوا يعاملون، وكما تعودوا عليه.
- تقبيل الأطفال: فالقبلة لها دور فعال في تحريك مشاعر الطفل وعاطفته، كما أن لها دورًا كبيرًا في تسكين ثورانه، بالإضافة إلى الشعور بالارتباط الوثيق في تشييد علاقة الحب بين الكبير والصغير، وهي دليل رحمة القلب والفؤاد لهذا الطفل الناشئ، وهي برهان على تواضع الكبير للصغير، وهي النور الساطع الذي يبهر فؤاد الطفل ،ويشرح نفسه، ويزيد تفاعله مع من حوله، ثم هي أولا وأخيرًا السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال عن عائشة (رضي الله عنه ) قالت: قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتقُبِّلون صبيانكم؟! فقالوا: نعم، فقالوا: لكنا -والله- ما نقُبِّل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوَ أمِلك إن كان الله نزع منكم الرحمة؟!
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الأقرع بن حابس أبصر النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن فقال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدًا منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه من لا يَرحم لا يُرحم.
- استخدام أسلوب المداعبة في تربية وتعليم الأطفال فلقد مازح النبي صلى الله عليه وسلم الأطفال، فعن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا، وكان لي أخ يقال له أبو عمير، فكان إذا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه قال "أبا عمير ما فعل النغير؟" بهذه المداعبة كان تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال، وهو يغذي نفوسهم بهذه العاطفة الصادقة الطيبة، بعيدًا عن الجفاء والقسوة وعدم إعطاء الطفل حقه.
فمن حق الطفل على والديه حسن معاملته وتربيته ،وإحاطته بالعطف والمودة والرحمة ،وإدخال السرور على قلبه، لما له من أثر بالغ في تنشئته وتفتح مداركه شريطة ألا يقضي إلى التدليل المفرط الذي يؤثر على سلوكه الجاد في الحياة.
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل السرور والفرح إلى نفوس الأطفال، ويتبع في ذلك شتى الأساليب، فمن ذلك: الاستقبال الجيد لهم، تقبيلهم، وممازحتهم، مسح رؤوسهم، حملهم ووضعهم في حجره الشريف، وتقديم الأطعمة لهم، والأكل معهم، كل ذلك كان يفعله صلى الله عليه وسلم لما للفرح من قوة التأثير ،ولما للسرور من براعة في إسعاد الأطفال.
فمداعبة الأطفال تُدخل الفرحة والسرور على نفوسهم، وتنشئتهم على الثقة بالنفس، والتعبير عن ذاتهم وإظهار مهاراتهم، والمربي الناجح هو الذي يسخر أسلوب المداعبة في خدمة رسالته التربوية واستغلال هذه الفرصة التي تتهيأ فيها النفوس لاستقبال نصائحه أو توجيهاته، وهذا الأسلوب هو الطريق الناجح إل قلوب الأطفال لما جبلوا عليه من حب اللعب والمرح، فكلما كان المربي ظريفًا صاحب دعابة كلما ازداد حبه لدى طلابه وأقبلوا عليه واستمعوا لتوجيهاته واستجابوا لها، بل "وتبقى العلاقة بين المعلم والتلميذ مستمرة قلبيًا وفكريًا لعدة سنوات لوجود جسر المحبة والألفة والمداعبة يجب أن تكون بعيدة عن التدليل؛ فالتدليل الزائد يؤدي إلى اضطرابات الشخصية والسلوك اللاسوي. فالتدليل الزائد مضر بالطفل فمن نتائجه: الخجل، وضعف الثقة بالنفس، والتخلف عن الأقران.
الدعاء للأطفال:
الدعاء للأطفال وسيلة هامه لتربيتهم، وهو دليل الرحمة والعطف تجاههم وله أثره الإيجابي في تحفيزهم ودافع لهم إلى التقدم .
فعن أسامة بن زيد عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ وَالْحَسَنَ وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا"، وعن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم فقه في الدين، وهنا ملمح تربوي يتمثل في ضم رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس، وهو أسلوب تربوي حيث التودد ،وتأليف القلوب، وتنشئتها على الخير والصلاح، وأدعى إلى إقناعها بالتفقه والعلم، والجانب الثاني: الدعاء، وله أثر نفسي قوي بطلب العلم، إذ أنه يلتمس بركة دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويؤمن بأنها محققة بإذن الله، والمكافأة بالدعاء أسلوب يندر وجوده بين المعلمين، فإن المكافأة بالدعاء أمر محمود ينبغي الاهتمام به، والتدريب عليه، لفوائدها فهي (تنقل الطالب مواقع ومراتب في سلم الحرص والاجتهاد،فالنفس تميل إلى الرغبة في الشعور الإنجاز، ويدفعها ثناء الناس المنضبط- خطوات أكثر والمعلم الناجح هو الذي يثني على الطالب إذا رأى منه أي بادرة حسنة في سلوكه أو اجتهاده ،فيقول للطالب الذي أحسن الجواب: أحسنت، بارك الله فيك، فهذه الكلمات اللطيفة تشجع الطالب، وتقوي روحه المعنوية، وتترك في نفسه أحسن الأثر.
عدم الدعاء على الأطفال:
فالدعاء على الأطفال عمل خطير جدًا ،لما فيه من دمار للطفل، ولمستقبله،ومن دمار للوالدين كذلك، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الآباء والأمهات أن يدعوا على أولادهم؛ لأن هذا مناف للخلق الإسلامي، ويخالف التربية النبوية؛ لذا نجد النهي النبوي للآباء في الدعاء على الأبناء عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدعوا على أولادكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم)
العدل بين الأطفال:
يستفاد من الأحاديث النبوية التي تتناول العدل بين الأطفال، وجوب المساواة بين الأطفال في القبلة، والجلوس في الحجر والجوار، وإعطاء كل طفل حقه، وقبول الحق منه وهذا يغرس في نفس الطفل شعورًا إيجابيا نحو الحياة، ويتعلم أن الحياة أخذ وعطاء، كذلك فإنه تدريب للطفل على العدل فمن المعروف أن المربين حين يسوون بين الأطفال في المعاملة، ويحققون العدل بينهم في العطاء تتلاشى ظاهرة الحسد في نفوسهم، وتزول آفات الضغائن والأحقاد من قلوبهم، بل يعيش الأطفال مع إخوتهم ومربيهم في تفاهم تام، ومحبة متبادلة وإذا فضل أحد الأبوين أو كلاهما أحد أبنائهما على غيره، فإنهما بهذا يضعان أساسًا من أسس الانحراف، سواء كانت المفاضلة في العطاء أم في المعاملة أو في المحبة ؛لأنها أمور تولد الحسد والكراهية وتسبب الخوف والحياء والانطواء ،وتورث حب الاعتداء والعصيان ،وتؤدي إلى الإصابات العصبية، ومركبات الشعور بالنقص
ويكفي أن نعلم أن: مجرد شعور الطفل بأن أحد والديه يميل إلى أخيه، ويكرمه، ويدلله أكثر منه سيجعل في هذا الطفل شراسة لا يقوى الأبوان على الصمود أمامها ،وحسدًا لا يستطيع الوالدان كبح جماحه.
والمعلمون يتعرضون لمواقف كثيرة من قبل طلابهم سواء في توزيع المهام أو الواجبات، أو تفضيل بعضهم دون بعض ونحو ذلك.
ويتأكد العدل عند وضع العلامات ورصد الدرجات، فلا مجال لمحاباة أحد، أو تفضيل أحد على أحد لقرابته أو معرفته أو لأي أمر كان. فعلى المعلمين تحري العدل، والسعي إليه بين الطلاب، وألا تظهر الميول والتقديرات الشخصية قدر الإمكان، فالمحاباة والتفريق في المعاملة مما يمقته الطلاب وينفرون منه ومن صاحبه الإنفاق علي الأطفال، وتركهم أغنياء.
والإنفاق علي الأطفال له أثر طيب في العملية التربوية، إنفاق بلا إسراف، ولا تبذير، ولا شح، وإنما اعتدال في الإنفاق والبذل، وذلك تدريب أيضا للطفل الناشئ على البذل المستطاع، ولإدارة الجيدة للاقتصاد المنزلي، عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله)
وعن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت) أي: يترك النفقة على من تلزمه النفقة عليهم كالأولاد الصغار.
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكَفَّفون الناس)
السلام علي الأطفال والعطف عليهم: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم على الأطفال، ويعطف عليهم، ويمسح رؤوسهم، فيشعرون بلذة الرحمة ،والحب والعطف، الأمر الذي يشعر الطفل بوجوده، وحب الكبار له واهتمامهم به، فعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور الأنصار، ويسلم على صبيانهم، ويمسح رؤوسهم يقول السير وليم موير: "وكان صلى الله عليه وسلم سهلاً لين العريكة مع الأطفال، لا يأنف إذا مر بطائفة منهم يلعبون أن يقرئهم السلام!"
حسن استقبال الأطفال:
إن اللقاء مع الطفل لابد منه، وأهم ما في اللقاء اللحظات الأولى، فإذا كان اللقاء طيبًا، استطاع الطفل متابعة الحديث ،وفتح الحوار، والتجاوب مع المتكلم؛ فيفتح قلبه له، وما يدور في خاطره، ويعرض مشاكله عليه، ويتحدث عن أمانيه له كل هذا يحصل إذا أحسن استقبال الطفل بفرح وحب ومداعبة، وهذا ما وجه إليه صلى الله عليه وسلم بفعله إلى الأمة.
وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال :كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تلقى الصبيان من أهل بيته ،وإنه جاء من سفر فسبق بي إليه فحملني بين يديه ،ثم جيء بأحد ابني فاطمة الحسن والحسين (رضي الله عنهما) فأردفه خلفه ،فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة الرفق بالأطفال، والتلطف بهم، فلقد كان هذا من عادة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يؤتى بالصبي ليدعو له بالبركة، وليسميه فيأخذه فيضعه في حجره فربما بال الصبي، فيصيح به من يراه فيقول لا تزرموا الصبي بوله فيدعه حتى يقضي بوله، ثم يفرغ من دعائه له وتسميته، ويبلغ سرور أهله فيه لئلا يروا أنه تأذى ببوله فإذا انصرفوا غسل ثوبه بعده، وقد ذكر ابن حجر فوائد في شرح هذا الحديث منها رفق ورأفة النبي صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه "وإنه من الصفات التي يجب أن يتحلى بها من يتصدى لتربية وتعليم الناس وكذلك من يتلقى العلم بلين الجانب والأناة والرفق وترك الغضب وهـذه الصفات هـي من أبلـغ ما يمكن أن يستخدمه المعلم وطالب العلم حتى يتحقق تلقي المعلومة بسهولة ثم النجاح والتفوق".
وفي رواية مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرفق لا يكون في شيء إلاَّ زانه ولا ينزع من شيء إلاَّ شانه".. فحري بالمعلمين والمربين مراعاة نفسيات الطلاب والرفق بهم، فإن النتائج المرجوة من حسن التعامل عظيمة جدًا، فإن النفس البشرية تميل إلى الرفق ولين الجانب ،وطيب الكلام وتأنس به ،وتنفر من الجفوة والغلظة.
كما يجب على المعلم والمتعلم المسلم التحلي بترك انفعال الغضب؛ لأنه يؤدي إلى الأخطاء وإلى آثارٍ نفسيةٍ وجسمية لا تحمد عاقبتها"
والمعاملة بالرفق هي الأصل في معاملة النبي للأطفال عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله رفيق ،يحب الرفق في الأمر كله، والرفق بالأطفال لا يتنافى مع تأديبهم، فالتأديب ضرورة تربوية تهذيبية تقويمية للطفل، وهذا يتطلب يقظة الوالدين والمربين في تعاملهم مع الطفل، وفهم طبيعته، واختيار نوع العقوبة، وطريقتها.
تربية اليتيم ورعايته:
حيث عنيت السنة النبوية بأمر اليتيم ورعايته ،والحث على تربيته والمحافظة على نفسه وماله، ففي ذلك ثواب عظيم فعن سهل بن سعد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا) وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى، هذا هو إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم في تهيئة اللبنات التي تبنى المجتمع الإسلامي، والتي يشاد عليها صرحه، فيرتفع بناؤه، ويعظم ظله، وتكثر ثماره.
يقول لويس سيديو: "لا شي أدعى إلى راحة النفس من عناية محمد صلى الله عليه وسلم بالأولاد. فهو قد حرّم عادة الوأد، وشغل باله بحال اليتامى على الدوام.. وكان يجد في ملاحظة صغار الأولاد أعظم لذة.
ولقد كافح النبي صلى الله عليه وسلم في سبيل استرداد حقوق الأطفال المسلوبة، عبر العصور الغابرة -خاصة في الميراث– بعدما كانت العصور الجاهلية تحرم الأطفال من الميراث، وتعتبر أن من لهم الحق في الميراث هم الذين يستطيعون جلب الغنائم أو يمتطون الخيل بمهارة وفروسية!..كما أن محمداً صلى الله عليه وسلم حمَّل الأسرة كلها أمانة رعاية الأطفال وصيانة حقوقهم.
فكانت الأسرة الإسلامية -كما يقول جاك ريسلر-: "ترعى دائمًا الطفل، وصحته، وتربيته، رعاية كبيرة. وترضع الأم هذا الطفل زمنًا طويلاً، وأحيانًا لمدة أكثر من سنتين، وتقوم على تنشئته بحنان وتغمره بحبها وباحتياطات متصلة. وإذا حدث أن أصاب الموت بعض الأسرة، وأصبحوا يتامى، فإن أقرباءهم المقربين لا يترددون في مساعدتهم وفي تبنّيهم" ولا فرق في ذلك بين ذكر وأنثى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد