بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الحمدُ للهِ الذي بِنِعمتهِ تَتُمُّ الصَّالِحات، وَبِفضلهِ تَتَنَزَّلُ الرَّحَمَات، وَبِكرَمِهِ وَجُودِهِ تَعُمُّ الخيراتُ وَالبَركات، الذي اختصَّنَا بِأَحسَنِ كُتُبِهِ وَأَفضلِ أنبيائِهِ وَرُسُلِهِ، فَشَرَعَ لَنَا دِينَاً مُيَسَّرَاً يَسْعَدُ من تَمَسَّكَ بـِهُدَاه، وَيَخِيبُ مَن تَنَكَّبَ سَبيلَهُ وَمَسْرَاه، وَجَعَلَ عِمَادَ هذا الدينِ العُبُودِيَّةَ لَهُ دُونَ سِوَاهُ فقال ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَكُم﴾
ومـما زادني شرفــــــاً وتيــهـــــــًا *** وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي *** وأن صَيِّرت أحمد لي نبيـــا
وكذا التَّقْوَى سَبِيْلَاً إِلى جَنَّتِهِ وَمَأْوَاهُ فقال﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ*فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾ عليكَ تقوى اللهِ فالزَمهَا تَفُزْ * إِنَّ التّقِيَّ هو البهيُّ الأَهْيَبُ
وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ على المَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلعَالَمِين، النِّعمَةِ المُهدَاةِ والرَّحمِةِ المُسدَاة. الذي تَرَكَنَا على المَحَجَّةِ الواضِحَةِ لا يَزِيغُ عَنَها إلاَّ هَالِك. اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ السَّمَوَاتُ وَأَمْلَاكُهَا، سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ النُّجُومُ وَأَفْلَاكُهَا. سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ الْأَرْضُ وَسُكَّانُهَا، سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ الْبِحَارُ وَحِيتَانُهَا, سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إلِا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ.
ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ
فَاتَّقَوُا اللَّهَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، وَجَمِّلُوا بَوَاطِنَكُمْ بِلِبَاسِ التَّقْوَى فَهِيَ خَيْرُ اللِّبَاسِ. أَيُّهَا المسلمون الأَعيَادُ قَدِيْمَةٌ قِدَمُ البَشَرِيِّةِ الغَابِرَة. تَوَارَثُوهَا مِمَّنْ قَبْلَهُمْ وَوَرَّثُوهَا لمِنَ بَعدَهم. ولهم فِيَها عَادَاتٌ مُتَوَارَثَة، وَحُرُمَاتٍ مَرعِيَّة. كَـمَا كَانَ لِأَهلِ الجَاهِلِيِّة، تَتَوَقَّفُ عِندَهَم فِيهَا الحُرُوب، وَيَأْمَنَ النَّاس. وَمَنْ خَرَجَ عَنهَا عَابُوهُ بِهَا. أَحَبَّتِ البَشَرِيَّةُ مُؤمِنهَا وَكَافِرِهَا الأَعيَادَ بلْ وَعَظَّمَتْهَا. لأَنَّهَا تُضِيفُ على قُلُوِبِهم الأُنسَ، وعلى نُفُوسِهِم البَهجَة. وعلى أَجسَامَهِمِ الرَّاحَة، وَتَدعُوهم إلى تَجدِيدِ الأَوَاصِرِ والتَّراحُم. وتَتَقَارُبُ قُلُوبُهم على الوُد، وَتَجْتَمِعُ على الأُلفَة، وَيَتَنَاسى النَّاسُ أَضغَانَهم، يَجتَمِعُونَ بَعدَ افتَرَاق، وَيَتَصَافَونَ بَعدَ كَدَر. وَإنْ كَانَ مَضْمُونُ الأَعيَادِ عِندَ بَعِضِ الأُمَمِ شَيئَاً تَافِهَاً كَوِلَادِةِ مَلِكٍ أَو حَاكِم. أو ذِكرَى انْتِصَارٍ في مَعرَكَةٍ وَلُو بِالغَدْرِ وَالخِيَانِة. فَصَارَتْ لِلتَّفَاخُرِ أو ذِكرَى لِلظُّلمِ والجَور.
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ مَظَاهِرُهَا وَشَعَائِرُها في أَعيَادِهَا الخَاصَّة، لقد كانتِ الأعيادُ في الأُمَمِ الجَاهِلِيَّةِ على مَرِّ عُصُورِ البَشَرِيَّةِ تَتَّسِمُ بِالَّلهوِ والَّلعِبِ وَالخُمُور. وَالفِسْقِ والمُجُون. والشَّعَائِرِ الغَرِيبَة، والطُّقُوسُ الوثنية، ومازالتِ الأَعيادُ في تَطَوِّرٍ وَازدِيَاد. عبادَ الله مَصدرُ العِيدِ عِندَنَا نَحنُ المسلمونَ مِن عندِ اللهِ وكفى.
كما اخْبرَ النَّبِيُّ المُصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ في الحديثِ الذي رَوَاهُ أبو داودَ والنسائيُّ وَصَحَّحَهُ الألباني في صحيحِ التِّرمذي. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه. "يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى" فَمَضْمُونُ العيدِ الشَّكرُ للهِ على كريمِ إِنعامه، وَوَافِرِ عَطَائِهِ بالهدايةِ إلى الإسلام. يومَ ضَلَّتْ أُمَمٌ من البَشَر.
لقد جَمَعَ عيدُ المسلمينَ مَعْنَيَيَنِ مَعَاً، مَعنَى السُّرورِ والفَرَحِ والسَّعَادَة. مَعَ مَعنَى العِبَادِة والامتثالِ لأمرِ الله. فالغَرَضُ الأَسَاسُ من العيدِ هو التَّعظِيم، ولا يَستَحِقُّ التَّعظيمَ المُطلَقَ إلاَّ الله، ولِهَذَا شَرَعَ لنا أن نُكَبِّرَ وَنُهَلِّلَ وَنَحمَدَ اللهَ ليلةَ العيدِ حتى دُخولُ الإمامِ لصلاةِ العيدِ ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ مضمونُ العيدِ فرحةٌ رجاءَ أنْ نفوزَ بكرمِ اللهِ فنكونَ من المَقْبُولِينَ، المَعْتُوقِينَ من النار.
يَحدُونا الأملُ ونحنُ نَفرَحُ بالعيدِ بموعودِ رَبِّنَا ومُستبشرين. أن يَحفظَنَا عندما ُيتَسَلَّطُ علينا في دِيننا. ومُتفائلينَ عندَ الأزماتِ والقلاقل، ومُتماسكينَ إن هَبَّتْ رياحُ الفِتَنِ. وزوابعُ الشَّهوات. مُتوكلينَ مُتفائلينَ مُتماسكينَ. صابرين. غير قانطين ولا آيسين. مُعَلِّقينَ الرجاءَ باللهِ بهِ وَحدَه. واثقينَ بهِ دُونَ سِواه. مُقتدينَ بِرَسُولِهِ. مُلتزمينَ أمرَه. لا مُبدلينَ لا مُغيرينَ شَرِيعَتَه. عباد الله تفاءلوا تفاءلوا. تفاءلوا في انتِصارِ الدِّين. وعُلُوِّهِ على الكافرينَ والمُفسدين. ودَحرِهِ أَهلَ البِدَعِ والزَّنَادِقَةِ والمُلحِدِين. إنْ أَحسَنتُم العهدَ بينَكم وبين ربِّكم. بفعلِ ما أمرَكم به وتركتم ما نهاكم عنه. فهذهِ حقيقةٌ من ربِّ العالمين ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
أيها الناس لقد مرَّ على هذهِ الأمةِ مُنذُ بُزُوغِ نُورِهَا أيَّامٌ صِعاب. وَفِتَنٌ غِلَاظٌ شِدَاد. وَعَدُوٌ مُتَرَبِص. وَنِفَاقٌ مُتواطئ. وَعُمَلَاءُ خَوَنَة. وعُبَّادُ الدُّنيا. وحُكَّامٌ جَوَرَةٌ ظَلَمَة. وأصحابُ الشَّهواتِ الحيوانية. وَتَخطِيطَاتٌ وَلِقَاءَاتٌ لِوَأْدِه. فَكُلُّهُم انْدَحَرَوا وَبَادُوا. وَقَدِمُوا على رَبِّ عَدْلٍ لا يَظْلِم. ولا زَالُوا في مُنَظَّمَاتِهم وَجَامِعَاتِهم وَهَيئَآتِهم. يَسيرون على ما سارَ عليه سَابِقيهم. هَدَّمُوا البُيُوت. وَأفنَوا الأنفُسِ. وَرَوَّعُوا الآمِنِين. وَدَمَّرُوا المساجد. وَشَوَّهُوا الملة. فما زالَ الِّدين باقياً شَامِخَاً. وسيبقى بِنُورِه وَسَناه. وَعَظَمَتِهِ وَجَلَالِه. أَلَم يَقُم هذا الدِّينُ على جَمَاجِمِ الصَّحابَةِ رضوان الله عليهم وَمَنْ بَعدَهُم من الشُّهَدَاءِ والصالحين. لقد رَبَطَ رسُولُكُم صلى الله عليه وآله وسلم على بَطْنِهِ الحَجرَ من شِدَّةِ الجُوعِ. لا يَجِدُ ما يأكُلُهُ. وهو أحَبُّ الخليقةِ إلى الله. وأَعظمُ مُلُوكِ الُّدنيا وسَلَاطِينُ المَعمُورَة. وهو مُحَاصَرٌ مَعَ أصحابهِ في المدينةِ النبوية. يَحفِرُ الخندقَ مع المسلمين. بِحَالٍ شَدِيدَةٍ عَصِيبَةٍ. وصَفَها المولى بقوله ﴿إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا*هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ وَحَاُل المؤمنينَ الصَّادقينَ مَعَهُ كَـمَا وَصَفَهُم الله بقوله ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ لقدِ احتفرَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم الخندق. وقد شَدَّ حَجَرَينِ على بطنهِ وشَدَّ أصحابُهُ الحِجارةَ على بُطُونِهم من الجوع، فلما رأى ذلك النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم قال "هَلْ دَلَلتُم على رَجُلٍ يُطعِمُنَا أَكْلَة" الحديثُ رواهُ البُخارِيُّ عن ابنِ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنه. كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ. في أَشَدِّ المِحَنِ وَأَحلَكِ الظُّرُوف. مُعَلِّقَاً رَجَاءَهُ بِرَبِّه. شَاكِرَاً لِأَنعُمِهِ. مُمتَنَّاً لَهُ بِهَا. فعَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُلُ التُّرَابَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى أَغْمَرَ بَطْنَهُ. أَوِ اغْبَرَّ بَطْنُهُ يَقُولُ "وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا, وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا, فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا, إِنَّ الْأُولَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا, إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا" وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ "أَبَيْنَا أَبَيْنَا" رَوَاهُ البخاري.
إنَّه التفاؤلُ بموعودِ الله. عَلَّمَنا رَسولنُا صلى الله عليه وآله وسلم ألاَّ نيأسَ أو نفشل. شكا الصحابةُ رضوانِ عليهم إلى النبيِّ صلى اللهُ عليه وآله وسلم وهم يَحفِرُونَ الخندقَ صَخْرَةً عَظِيمَةً شَدِيدَةً، لا تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، فَلَمَّا رَآهَا أَخَذَ الْمِعْوَلَ وَقَالَ "بِسْمِ اللَّهِ" وضربها ثلاث ضَرَبَاتٍ حتى قطعها وصوته يصدح في أصحابه "اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ"
كَـمَا عندَ البيهقيِّ في دلائلِ النُّبُوَة. والمنافقون يتغامزون يقولون "أحدُنا لا يستطيعُ الذهابَ لحاجتهِ وهو يُبشِّرُنا بمفاتحِ كِسرى وقَيصر. وتمرُّ السنونَ ويُؤيِّدُ اللهُ قولَ نبيهِ ويَخذِلُ المنافقين. أيها الناس ولِسَامِعٍ يَسألُ كيفَ نَفرحُ في العيدِ وحالُ المسلمين يُرثى لها. ومُقبِلُونَ على أمورٍ اللهُ أعلمُ بِحَالِها. فالجوابُ أن الإسلامَ عَلَّمَنَا أن نتوسطَ في أحزانِنا فلا نقولُ ما يغضبُ الرَّب. وأن نتوسطَ في أفراحِنا فنفرحُ ونحنُ مُلتزمونَ بطاعةِ الله ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ نُظهِرُ الفرحَ في يومِ العيدِ شُكراً للهِ أن جعلنا من أُمَّةِ الإسلام، لا نَعبُدُ صنماً، و لا نَنسِبُ لهُ ولداً، ولا نغدو إلى بَيعَةٍ أو كنيسة. ونُظهِرُ الفرحَ بما أباحَ اللهُ في يومِ العيد. لأن في دينِنَا فسحةً كما كان رسولنُا صلى الله عليه وآله وسلم يَفعلُ. فلقد كان الحبشةُ يَلعبونَ بالحِرَابِ في المسجد، وكان يُشَجِّعُهُم على ذلك فيقول "دُونَكُم يا بني أرفدة، لِتَعلَمَ يهودُ أن في دينِنَا فُسحة،إني بُعِثتُ بالحنيفيةِ السَّمحَة" والحديثُ صحيحٌ بشواهده؛ كما هو ظاهرٌ من طُرُقِ الحديث. وصَحَّحَهُ الإمامُ الألباني. ولهذا فإن من الخطأِ جعلَ العيدِ مُناسبةً للحديثِ عن المآسي والأحزان، لا ننسَ مآسينا أو نَترُكَهَا، ولكنْ نحن نَفرحُ بالعيدِ كما أَمَرَنَا الله، لا فَرَحٌ يُطغي ولا سُرُورٌ يُنسي، بل هي الوسطيَّةُ والاعتدال. عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، سمع كلمة فأعجبته فقال"أخذنا فألك من فيك"رواه أبو داود. وصححه الألباني،
مُتفائـِـــلٌ واليَأسُ بالـــمَــرْصَــــادِ ... مُتَفائلٌ بالسَّبـقِ دُونَ جِيــادِ
مُتفـائــلٌ رَغْمَ القُنُـوطِ يُــذِيقُنَــا ... جَمَرَ السِّياقِ وَزَجَـرَةَ الجلادِ
مُتفائلٌ بالغَيثِ يَسقِي رَوضَنـا ... وَسَمَاءُنَـا شَمــسٌ وَصَحــوٌ بَــادِ
مُتفائلٌ بالزُّرعِ يُخــرِجُ شَطْــأَهُ ... رَغْمَ الجَرَادِ كمِنجِـــلِ الحَصَّـــادِ
مُتفائلٌ يا قومُ رَغْــمَ دُمُوعِكُــم ... إنَّ السَّمَــا تَبكِي فَيَحيَا الوَادِ
والبَحرُ يَبقَــى خَيْـــرُهُ أَتَضُـــرُّهُ ... يا قـَــومـَــنــَـا سَنـَّــارةُ الصَّيَــادِ
قَسَمَاً بمن أَسْرَى بـِخَيرِ عِبَـادِهِ ... وقَــضَـى بـِدَائرةِ الفَنَــاءِ لِعَــادِ
لَـتَــدُوْرُ دَائـرَةُ الزَّمَـانِ عَلَــيهِــمُ ... ويَكُونُ حَقَاً مَا حَكَاهُ الهَادِي
هذا يَقِينِي وَهْوَ لِيْ بَلُّ الصَّدا ... والكـأسُ غَــامـِرةٌ لِـغَلـَّـةِ صَــادِ
فاجعلْ يَقِينَكَ بالإلـهِ حقيـقـةً ... واصنعْ بِكَفِّكَ صَارِمَــاً لِسَــدَادِ
بَارَكَ اللَّهُ لَنَا فِي الْوَحْيَيْنِ، وَنَفَعَنَا وَإِيَّاكُمْ بِهَدْيِ سَيِّدِ الثَّقَلَيْنِ. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم
اللهُ أَكبَرُ كَبِيرًا، وَالحَمدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبحَانَ اللهِ بُكرَةً وَأَصِيلاً، وَأَشهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ. لَهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرسَلَهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلى اللهِ بِإِذنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَسَلَّمَ تَسلِيمًا كَثِيرًا. اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ. يَا نِسَاءَ المُسلِمِينَ يَا أُمَّهَاتِنَا وَأَخَوَاتِنَا، أَيَّتُهَا الزَّوجَاتُ وَالبَنَاتُ، زُبدَةُ القَولِ لَكُنَّ إِنَّ تِلكَ الحُقُوقَ المَزعُومَةَ المَوهُومَةَ تَدعُو إِلى تَمَرُّدِ المَرأَةِ عَلَى مُجتَمَعِهَا، وَتُزَيِّنُ لَهَا الانسِلاخَ مِن حَيَائِهَا الَّذِي هُوَ زِينَتُهَا، وَتُشَجِّعُهَا عَلَى الانفِلَاتِ مِن وِلايَةِ الرَّجُلِ الَّتي كَرَّمَهَا اللهُ بِهَا، وَجَعَلَهَا صِيَانَةً لَهَا وَتَقوِيَةً لِجَانِبِهَا وَحِمَايَةً لِعِرضِهَا. وَإِنَّ مَآلَ هَذِهِ الدَّعَوَاتِ وَغَايَتَهَا هُوَ هَدمُ الأُسرَةِ وَتَقوِيضُ بُنيَانِهَا وَتَشتِيتُ شَملِهَا، لِلتَّمَكُّنِ مِنَ الوُصُولِ إِلى المَرأَةِ وَالانفِرَادِ بِهَا، وَالتَّمَتُّعِ بِهَا رَغمًا عَنهَا، لَقَدِ استَبَانَ لِكُلِّ عَاقِلٍ مُنصِفٍ سَبِيلُ تِلكَ المُجتَمَعَاتِ الَّتِي استُورِدَت مِنهَا تِلكَ الدَّعَوَاتُ المُرِيبَةُ، وَاتَّضَحَ بَلِ افتُضِحَ خُلُقُ أَهلِهَا وَبَشَاعَةُ طَرِيقَتِهِم وَبَهِيمِيَّةُ مُعَامَلَتِهِم لِلمَرأَةِ، حَيثُ اتَّخَذُوهَا في شَبَابِهَا أُلعُوبَةً لإِشبَاعِ غَرِيزَةِ الرَّجُلِ وَاستِمتَاعِهِ بِهَا، فَإِذَا كَبِرَت وَعَادَت لا تُشبِعُ غَرَائِزَهُ، فَقَدَت حُقُوقَهَا عِندَهُ وَسَقَطَت قِيمَتُهَا، وَأُلقِيَ بِهَا عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ لِتَلقَى مَصِيرَهَا مَعَ كَلبٍ أَو حَيَوَانٍ آخَرَ أَلِيفٍ، فَاللهَ اللهَ أَيَّتُهَا المُؤمِنَاتُ فَإِنَّ حُقُوقَكُنَّ أُمَّهَاتٍ وَبَنَاتٍ وَأَخوَاتٍ وَزَوجَاتٍ، لم يَأتِ بِهَا أَحَدٌ كَالإِسلامِ، فَتَمَسَّكْنَ بِهِ وَلا تَبْرَحْنَ جَنَّتَهُ، حَافِظْنَ عَلَى حِجَابِكِنَّ، وَاحفَظْنَ حَيَاءَكُنَّ، وَالزَمْنَ بُيُوتَكُنَّ، وَأَطِعْنَ أَزوَاجَكُنَّ، وَصَلِّينَ خَمسَكُنَّ، تَدخُلْنَ الجَنَّةَ مَعَ أُمَّهَاتِ المُؤمِنِينَ وَنِسَاءِ المُسلِمِينَ. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح ولاة أمورنا. اللهم احفظ ولي أمرنا بحفظك. واكلأه برعايتك. اللهم أصلح علماءنا وأُمراءَنا. اللهم انصر المرابطين في سبيلك. والذَّائدين عن هذه بلادنا. برحمتك يا أرحم الراحمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد