الدارس في تاريخ المدارس قصة دمشق


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

الدارس في تاريخ المدارس: قصة دمشق - عمار محمد النهار

 

يَرى كتاب «الدارس في تاريخ المدارس»، لمعده د. عمَّار محمد النهار، أنَّ المؤلِّف عبد القادر النعيمي الدمشقي في كتابه هذا، يحكي القصَّة العلمية لمدينة دمشق، في عصرٍ غصَّ بالمراكز العلمية والتعليمية، وبطلبة العلم المحليين والوافدين، فأدَّى ذلك إلى نبوغ المئات من العلماء. وظهر هذا الكتاب في عصر دولة المماليك التي قامت سنة 648 هجرياً، واستمرت قرابة ثلاثة قرون، حتى سنة 923. ف

 

يذكر أنَّ أوَّل مكان منفصل عن المسجد كانت تلقى فيه الدروس، ويُخصَّص له المدرِّسون والأوقاف في دمشق هو «دار القرآن» التي تأسَّست في حدود سنة 400 هجريا، أما المدرسة الثانية فهي دار القرآن «الرشائية» التي تأسَّست في أوائل القرن الخامس الهجري تقريباً. أما المدرسة الثالثة فهي المدرسة«الصادرية» التي تعدُّ أوَّل مدرسة فقهية حنفية في دمشق.

وتطوَّر عدد المدارس في دمشق خلال ألف عام تقريباً. ففي عصر السلاجقة كان عددها 17 مدرسة، وفي عصر نور الدين وصلاح الدين أصبح 32 مدرسة. وفي القرن السابع الهجري أصبح العدد أكثر من 90 مدرسة، وفي القرن الثامن الهجري، بلغت 115 مدرسة للقرآن والحديث والفقه.. وفي القرن التاسع الهجري ارتفع العدد إلى 150 مدرسة. وفي العصور التالية بدأت المدارس تخرب وتندثر.

أما النشاط العلمي في هذه المدارس، فكان واضحاً، فكما أنَّ المقريزي (ت 845 ه) في خططه أرَّخ للنهضة العلمية في عصر المماليك في القاهرة وما حولها، فإنَّ النعيمي أرَّخ للنهضة العلمية في دمشق وما حولها من خلال كتابه «الدارس في تاريخ المدارس»، وصوَّر فيه الحياة العلمية والثقافية في دمشق من القرن الخامس وحتى العاشر الهجريين، وأسَّس هذه المدارس ملوك دمشق وسلاطينها وأمراؤها وولاتها وأزواجهم وأخواتهم من الأميرات والخواتين.. وغير ذلك.

 

ويبين المؤلف أنه عرفت دمشق المساجد منذ دخول المسلمين إليها، وتفاخرت بها منذ أن بنى الوليد بن عبد الملك الجامع الأموي، وذكر ابن عساكر أنَّه كان بدمشق في عهده مئتان واثنان وأربعون مسجداً، وفي أرباضها مئة وثمانية وسبعون، ومجموعها أربعمئة وعشرون مسجداً. وبعده بقرن ذكر ابن شداد أسماء ستمئة وستين مسجداً بدمشق، أي أنَّ العدد زاد أكثر من مئتي مسجد؛ وذلك بسبب نشوء مناطق جديدة، مثل الصالحية وغيرها.

وارتبط نظام المدرسة بعدد من الوظائف المهمة، وتأتي على رأس هذه الوظائف؛ وظيفة النظر..ويُسمى صاحبها بالناظر، وهو: من ينظر في الأموال وينفذ تصرفاتها وترفع إليه حساباتها لينظر فيها. ومن الوظائف المتعلقة بالمدارس وظيفة البوَّاب.وعرفت المدارس وظيفة نقيب الطلبة، ومهمته مراقبة أحوال الطلاب والاهتمام بشؤونهم.

كما وُجد في مدارس ذلك العصر وظيفة تشبه وظيفة الموجِّه ومراقب الدوام في عصرنا، وسُمي صاحبها كاتب الغيبة.. وشهد ذلك العصر إبداع طريقة كتابة المكفوفين المصطلح عليها اليوم بلغة «برايل»، وذلك على يد العالم علي بن أحمد الآمدي (ت بعد عام 712ه).

كما شهد إبداعاً لا يقل أهمية عن إنجاز الآمدي، وهو إبداع علم التعمية واستخراج المُعمَّى «الشيفرة والتشفير» على يد علي بن محمد بن الدريهم (ت 762ه) في كتابه «مفتاح الكنوز في إيضاح الرموز». وظهر أحمد بن ماجد النجدي (ت 923ه) الذي وَصفَ لأوَّل مرة السحائب الجنوبية الصغرى والكبرى، ونسب الأوروبيون هذا الإنجاز لماجلان حينما أطلقوا عليها اسم سحائب ماجلان. يُعدِّد المؤلِّف النعيمي دُور القرآن الكريم، ومنها: دار القرآن الخيضرية شمالي دار الحديث السكرية بالقصاعين. ويعدد مجموعة من المدارس.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply