بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
عندما تنظر في كتاب العزلة مثلاً للإمام ابن أبي الدنيا، أو تقرأ في آثار السلف الواردة في العزلة وأن الإمام أحمد كان يفضل العزلة على المخالطة وكان يقول من يصبر على أذاهم أي "الناس".
ويقول أيضاً كفى بالعزلة علمًا.. فتظن أن الناس في تلك الأزمان على درجة كبيرة من الفساد ،بيد أن عامة الناس في تلك الأزمان خير من كثير من المتنسكة في زماننا وهم للفطرة أقرب من كثير ممن يظهر الصلاح في زماننا، فكيف بعامة الناس في زماننا!
للتنبيه: عندما نقول المتنسك والعامة لم أقصد في مقابلة ⬅ المتنسك أنه هو الملتحي والعامي عكسه فهذا غير صحيح لأن كثير من الملتحين عوام .
ولا يعني من هذا أنه لا يوجد في زماننا من هو على صلاح في العقيدة والعبادة وهو ومع هذا بعيد عن الفسقيات والمعاصي هذا ولله الحمد موجود في كل زمان.
فــ "لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ" ..ولكن عامة الناس على شر وشرهم أكثر من خيرهم.
حقيقةً مخالطة هؤلاء تجر على الإنسان مفاسد عديدة، أقلها أن يرى المنكرات تتكرر ومع الوقت لاينكر عليهم .
يظن بعض أهل الصلاح وممن منّ الله عليه بطلب العلم أنه حتى لايكون منبوذا أو مُتَشِدِّدا أنه يجب أن يُخالط هؤلاء
ومثل هذا الأسلوب جر عليه مفاسد عديدة .. ، كترك النهي عن الغيبة والنميمة ومدح ما عليه الكفار والموسيقى وذكر أمور الدنيا و ...إلخ
فأهل الشر إذا لم تفرض عليهم قيمك ومبادئك سيفرضون عليك قيمهم ومبادئهم وشهواتهم فتكون أنت ضعيف بينهم ..
فمن لم يقبل منك كلمة الحق لست مجبرا على البقاء معه، إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ كمكان عملك أو وظيفتك مما كُنت مُجبراً عليه ..
والبعض ممن يخالط أهل الفجور والشهوات يُريد بذالك حظوظ النفس كي يقال عنه ما أحسنه وما أظرفه وما أرأفه وما أرفقه أو ليتنصل مما يقال عنه-إذا لم يخالطهم- بأنهُ متشدد !
وإذا حسبت نفسك أنك تريد أن تغير الواقع بمثل هذا الأسلوب وهذا الطرح فحقيقة الأمر أن المنتكس الأول في هذه الدائرة هو أنت وربما بعض هؤلاء يُعذر بجهله ما لا تعذر أنت به لعلمك.
فاحترم ما تُظهره من طاعات وتعفف عن أهل المعاصي فأنت لست مجبرا على أن تخالطهم ولتحذر مداخل الشيطان في مثل هذه الأبواب ليصدك عن طاعة الله من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد