بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
لحمد الله على نعمة الإسلام، نعمة كبيرة لا تدانيها نعمة؛ لأنه لم يعد على وجه الأرض من يعبد الله وحده إلا المسلمين.
ولقد مررت برحلة طويلة قاربت 40 عاما إلى أن هداني الله وسوف أصف لكم مراحل هذه الرحلة من عمري مرحلة مرحلة:
مرحلة الطفولة: (زرع ثمار سوداء)
كان أبي واعظا في الإسكندرية، في جمعية أصدقاء الكتاب المقدس، وكانت مهنته التبشير في القرى المحيطة، والمناطق الفقيرة لمحاولة جذب فقراء المسلمين إلى المسيحية.
وأصر أبي على أن أنضم إلى الشمامسة منذ أن كان عمري ست سنوات، وأن أنتظم في دروس مدارس الأحد، وهناك يزرعون بذور الحقد السوداء في عقول الأطفال ومنها:
1- المسلمون اغتصبوا مصر من المسيحيين وعذبوا المسيحيين.
2- المسلم أشد كفرا من البوذي وعابد البقر.
3- القرآن ليس كتاب الله، ومحمد هو من اخترعه.
4- المسلمين يضطهدون النصارى لكي يتركوا مصر ويهاجروا..
وغير ذلك من البذور التي تزرع الحقد الأسود ضد المسلمين في قلوب الأطفال.
وفي هذه الفترة المحرجة كان أبي يتكلم معنا سرا عن انحراف الكنائس عن المسيحية الحقيقية، التي تحرم الصور والتماثيل والسجود للبطرك والاعتراف للقساوسة.
مرحلة الشباب (نضوج ثمار الحقد الأسود):
أصبحت أستاذا في مدارس الأحد، و معلما للشمامسة وكان عمري 18 سنة، وكان علي أن أحضر دروس الوعظ بالكنيسة والزيارة الدورية للأديرة وخاصة في الصيف، حيث يتم استدعاء متخصصين في مهاجمة الإسلام والنقد اللاذع للقرآن ومحمد صلى الله عليه وسلم.
وما يقال في هذه الاجتماعات:
1- القرآن مليء بالمتناقضات، ثم يذكروا نصف آية؛ مثل (ولا تقربوا الصلاة...).
2- القرآن مليء بالألفاظ الجنسية ويفسرون كلمة (نكاح) على أنها الزنا أو اللواط.
3- يقولون أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد أخذ تعاليم النصرانية من (بحيره) الراهب ثم حورها، واخترع بها دين الإسلام، ثم قتل بحيرة حتى لا يفتضح أمره..
ومن هذا الاستهزاء بالقرآن الكريم و محمد (صلى الله عليه وسلم) الكثير والكثير...
أسئلة محيرة:
الشباب في هذه الفترة وأنا منهم نسأل القساوسة أسئلة كانت تحيرنا:
شاب مسيحي يسأل:
س: ما رأيك بمحمد (صلى الله عليه وسلم)؟
القسيس يجاوب: هو إنسان عبقري و زكي.
س: هناك الكثير من العباقرة مثل (أفلاطون، سقراط، حامورابي..) ولكن لم نجد لهم أتباعا ودين ينتشر بهذه السرعة الى يومنا هذا؟ لماذا؟
ج: يحتار القسيس في الإجابة!
شاب أخر يسأل:
س: ما رأيك في القرآن؟
ج: كتاب يحتوي على قصص للأنبياء، ويحض الناس على الفضائل، ولكنه مليء بالأخطاء.
س: لماذا تخافون أن نقرأه، و تكفرون من يلمسه أو يقرأه؟
ج: يصر القسيس أن من يقرأه كافر دون توضيح السبب!!
يسأل أخر:
س: إذا كان محمد (صلى الله عليه وسلم) كاذبا فلماذا تركه الله ينشر دعوته 23 سنه؟ بل وما زال دينه ينتشر إلى الآن؟ مع أنه مكتوب في كتاب موسى (كتاب ارميا): إن الله وعد بإهلاك كل إنسان يدعي النبوة هو وأسرته في خلال عام؟
ج: يجيب القسيس (لعل الله يريد أن يختبر المسيحيين به).
مواقف محيرة:
1- في عام 1971 أصدر البطرك (شنودة) قرار بحرمان الراهب روفائيل (راهب دير مارمينا) من الصلاة؛ لأنه لم يذكر اسمه في الصلاة، وقد حاول إقناعه الراهب (صموائيل) بالصلاة، فانه يصلي لله وليس للبطرك، ولكنه خاف أن يحرمه البطرك من الجنه أيضا!!
وتسائل الراهب صموائيل هل يجرؤ شيخ الأزهر أن يحرم مسلم من الصلاة؟ مستحيل.
2- أشد ما كان يحيرني هو معرفتي بتكفير كل طائفة مسيحية للأخرى فسالت القمص (ميتاس روفائيل) فأكد هذا وان هذا التكفير نافذ في الأرض والسماء.
فسألته متعجبا: معني هذا أننا كفار لتكفير بابا روما لنا؟
أجاب: للأسف نعم.
سألته: وباقي الطوائف كفار بسبب تكفير بطرك الإسكندرية لهم؟
أجاب: للأسف نعم.
سألته: وما موقفنا إذا يوم القيامة؟
أجاب: الله يرحمنا !!!
بداية الإتجاة نحو الإسلام:
وعندما دخلت الكنيسة ووجدت صورة المسيح وتمثاله يعلو هيكلها؛ فسألت نفسي كيف يكون هذا الضعيف المهان الذي استهزأ به وعذب ربا وإلها؟؟
المفروض أن أعبد رب هذا الضعيف الهارب من بطش اليهود. وتعجبت حين علمت أن التوراة قد لعنت الصليب والمصلوب عليه، وأنه نجس وينجس الأرض التي يصلب عليها!! (تثنية 21: 22 – 23).
وفي عام 1981: كنت كثير الجدل مع جاري المسلم (أحمد محمد الدمرداش حجازي) و ذات يوم كلمني عن العدل في الإسلام (في الميراث، في الطلاق، القصاص...) ثم سألني هل عندكم مثل ذلك؟ أجبت لا.. لا يوجد.
وبدأت أسأل نفسي: كيف أتى رجل واحد بكل هذه التشريعات المحكمة والكاملة في العبادات والمعاملات بدون اختلافات؟ وكيف عجزت مليارات اليهود والنصارى عن إثبات انه مخترع؟
من عام 1982 و حتى 1990: وكنت طبيبا في مستشفى (صدر كوم الشقافة) وكان الدكتور محمد الشاطبي دائم التحدث مع الزملاء عن أحاديث محمد (صلى الله عليه وسلم)، وكنت في بداية الأمر أشعر بنار الغيرة، ولكن بعد مرور الوقت أحببت سماع هذه الأحاديث (قليلة الكلام كثيرة المعاني، جميلة الألفاظ والسياق) وشعرت وقتها أن هذا الرجل نبي عظيم.
هل كان أبي مسلما؟
من العوامل الخفية التي أثرت على هدايتي هي الصدمات التي كنت أكتشفها في أبي ومنها:
1- هجر الكنائس والوعظ والجمعيات التبشيرية تماما.
2- كان يرفض تقبيل أيدي الكهنة (وهذا أمر عظيم عند النصارى).
3- كان لا يؤمن بالجسد والدم، (الخبز والخمر) أي لا يؤمن بتجسيد الإله.
4- بدلا من نزوله صباح يوم الجمعة للصلاة أصبح ينام ثم يغتسل وينزل وقت الظهر؟!
5- ينتحل الأعذار للنزول وقت العصر والعودة متأخرا وقت العشاء.
6- أصبح يرفض ذهاب البنات للكوافير.
7- ألفاظ جديدة أصبح يقولها (أعوذ بالله من الشيطان)، (لا حول ولا قوة الا بالله)...
8- وبعد موت أبي 1988 وجدت بالإنجيل الخاص به قصاصات ورق صغيرة يوضح فيها أخطاء موجودة بالأناجيل وتصحيحها.
9- وعثرت على إنجيل جدي (والد أبي) طبعة 1930، وفيه توضيح كامل عن التغيرات التي أحثها النصارى فيه منها: تحويل كلمة (يا معلم) و(يا سيد) إلى (يا رب)!!! ليوهموا القارئ أن عبادة المسيح كانت منذ ولادته.
الطريق إلى المسجد:
بالقرب من عيادتي يوجد مسجد (هدى الإسلام)، اقتربت منه وأخذت أنظر بداخله فوجدته لا يشبه الكنيسة مطلقا (لا مقاعد – لا رسومات – لا ثريات ضخمة – لا سجاد فخم – لا أدوات موسيقى وإيقاع – لا غناء لا تصفيق)، ووجدت أن العبادة في هذه المساجد هي الركوع والسجود لله فقط، لا فرق بين غني وفقير، يقفون جميعا في صفوف منتظمة، وقارنت بين ذلك وعكسه الذي يحدث في الكنائس فكانت المقارنة دائما لصالح المساجد.
في رحاب القرآن:
أردت أن أقرأ القرآن، فاشتريت مصحفاً وتذكرت أن صديقي أحمد الدمرداش قال: أن القرآن (لا يمسه إلا المطهرون)، واغتسلت ولم أجد غير ماء بارد وقتها، ثم قرأت القرآن وكنت أخشى أن أجد فيه اختلافات (بعد ما ضاعت ثقتي في التوراة والإنجيل)، وقرأت القرآن في يومين؛ ولكني لم أجد ما كانوا يعلموننا إياه في الكنيسة عن القرآن.
الأعجب من هذا أن من يكلم محمد صلى الله عليه وسلم يخبره أنه سوف يموت؟!! من يجرؤ أن يتكلم هكذا إلا الله؟؟!! ودعوت الله أن يهدين ويرشدني.
الرؤيا:
وذات يوم غلبني النوم فوضعت المصحف بجواري، وقرب الفجر رأيت نورا في جدار الحجرة، وظهر رجل وجهه مضيء، اقترب مني وأشار إلى المصحف، فمددت يدي لأسلم عليه لكنه اختفى. ووقع في قلبي أن هذا الرجل هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم يشير إلى أن القرآن هو طريق النور والهداية.
وأخيرا! أسلمت وجهي لله:
وسألت أحد المحامين فقال علي أن أتوجه لمديرية الأمن – قسم الشئون الدينية –، ولم أنم تلك الليلة، وراودني الشيطان كثيرا (كيف تترك دين آبائك بهذه السهولة)؟
وخرجت في السادسة صباحا، ودخلت كنيسة (جرجس وأنطونيوس) وكانت الصلاة قائمة، وكانت الصالة مليئة بالصور والتماثيل للمسيح ومريم والحواريين وآخرين .. إلى البطرك السابق (كيرلس) فكلمتهم: (لو أنكم علي حق وتفعلون المعجزات كما كانوا يعلمونا فافعلوا أي شيء... أي علامة أو إشارة لأعلم إنني أسير في الطريق الخطأ) وبالطبع لا إجابة.
وبكيت كثيرا على عُمرٍ كبير ضاع في عبادة هذه الصور والتماثيل. وبعد البكاء شعرت أنني تطهرت من الوثنية، وأنني أسير في الطريق الصحيح طريق عبادة الله حقا.
وذهبت إلى المديرية، وبدأت رحلة طويلة شاقة مع الروتين ومع معاناة مع البيروقراطية وظنون الناس، وبعد عشرة شهور تم إشهار إسلامي من الشهر العقاري في أغسطس 1992.
اللهم أحيني مسلماً وتوفني على الإيمان
اللهم احفظ ذريتي من بعدي خاشعين، عابدين، يخافون معصيتك ويتقربون بطاعتك
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 3 )
ألايمان بين صدق الاسلام وكذب المسيحيه
-محمود طه مصطفى
14:30:49 2023-07-13
الله يرحمه ويتقبله وينفعنا بعلمه
07:00:43 2023-05-31
نصيحة من القلب
21:21:36 2021-05-17