الحب قبل الزواج


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  

‏قلتُ: الحب ليس أمرًا اختياريًا نحن الذين نختاره، أو نرغب في أن نعرض أنفسنا له، لكن إذا حصل ذلك فتمامه هو الزواج. ففي الحديث الذي رواه ابن ماجه، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله وغيره، قال النبي عليه الصلاة والسلام: "لم ير للمتحابين مثل النكاح".

وروي عند البيهقي بلفظ: "ما رأيتُ للمتحابين مثل النكاح". قال السندي: "فتلك المحبة لا يزيدها شيء من أنواع التعلقات بالتقربات ولا يديمها مثل تعلق النكاح، فلو كان بينهما نكاح مع تلك المحبة: لكانت المحبة كل يوم بالازدياد والقوة".

وقال المناوي: "إذا نظر رجل لأجنبية وأخذت بمجامع قلبه فنكاحها يورثه مزيد المحبة، [وقال] بعض الأكابر المراد: إن أعظم الأدوية التي يعالج بها العشق النكاح، فهو علاجه الذي لا يعدل عنه لغيره ما وجد إليه سبيلا".

قلتُ: من أحب فصدق في حبه وأخلص، لن يسلك إلا طريقين لا ثالث لهما: إما أن يُقدم على الزواج من محبوبه، أو يعف وينصرف خوفًا على من يحب من كل ما يخدش إيمانه أو عفته أو حيائه.

‏الحب العفيف إنما خُلق للفرسان النبلاء، الذين يخشون على محبوبهم من كل سوء حتى من السوء الذي قد يصدر عنهم.

وأي تمادي في ذلك الحب كالإتيان بالأمور التي حرمها الله، حتى لو كانت من الصغائر، فإنَّها مؤذنة بفساد ما بين قلبيهما حتى ولو تزوجا، فإنَّ الشيطان لن يترك قلب كل واحدٍ منهما وإلا ويبعث فيه بما يفسده وينغص عليه، ويفتح له أبواب الشكوك على مصراعيها، ولسوف تنتهي تلك العلاقة بالطلاق.

أخيرًا، معيار الحب الحقيقي هو أن ينظر لمحبوبه قبل الاقتران به -اقترانًا شرعيًا- نظرة الأخوة المقدسة، التي لا ترضى أن تكون أخته محل الشهوات من أجنبي. فالمحب الحقيقي ينتقل بمحبوبه من: أخوة طاهرة غيورة لا تقبل الدنس، إلى تعانق الأرواح قبل الأجساد في ميثاق سماه الله غليظًا.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply