بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الحمد لله الذي خلق الإنسان علمه البيان، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي أُوتي جوامع الكلم واللسان، وعلى آله وصحبه أرباب الفصاحة والبيان، أَما بعد:
فأسلوب البيان في شعر البحتري رسالة تقدم بها الطالب (سمير سلمان حبيب) الى مجلس كلية الآداب / قسم اللغة العربية وهي جزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في آداب اللغة العربيه (تخصص بلاغه) بإشراف أ. د فاضل بنيان محمد محرم 1430هـ / كانون الثاني
فالبحتري شخصية فذة، وشاعر مبدع من شعراء العصر العباسي امتلك ناصية البيان في شعره، فذاع صيته، وانتشر خبره، فمدح خلفاء بني العباس، وسيطر على مجالسهم، فمالت إليه القلوب وأصغت إليه الأذهان، ولا يخفى على أي دارس وباحث ومتذوق للشعر العربي ما احتواه شعر البحتري من ومضات فنية، وشذرات بيانية، مما كانت مايقارب على ثلثي شعره من تشبيه، ومجاز، واستعارة، وكناية، وهو شاعر مطبوع بعيد عن التكلف والصنعة، وهذا مما جعل علماء النقد يرجحونه على أبي تمام في هذا المجال، فعلم البيان علم لا يمكن الاستغناء عنه، ولا سيما الشعراء، والخطباء، وحتى المثقفين، وطلبة العلم، فلا بد أن ينهلوا منه، ويطَّلعوا على فحواه فالبيان يزين الكلام، ويكسبه روعة، وجمالاً، والبحتري عاش في عصر كثر الاحتدام فيه حول علم البيان وأهميته، فنال نصيبه الوافر منه دون تكلف أو تصنع فأكثر من التشبيه, واهتم بالمجاز, وعني بالكناية, ولهذا رأى الباح أن يقف أمام هذه الشخصية متتبعا لمساته البيانية التي بلغت أكثر من ألف بيت ولم يأت ذلك فجأة أو دون مقدمات فمنذ دخول الباحث مرحلة الإعدادية وهو يقرأ عن علم البيان ويبحث فيه مواده, وبعد دخوله الدراسة الجامعية ازداد تعلقه به ولاسيما عندما درس كتاب التعبير القرآني للدكتور فاضل السامرائي، ومما شجع الباحث أكثر في اختيار هذا الموضوع أساتذته في قسم اللغة العربية منهم أستاذي الدكتور رشيد العبيدي (رحمهُ الله)، وبعد التوكل على الله تعالى قرر الباحث اختيار هذا الموضوع الذي جاءت خطته كالآتي:
التمهيد:
تكلم الباحث فيه على ماهية علم البيان، ونبذة تاريخية عنه، ثم تكلمت على حياة الشاعر، وكل ما يحيط بها بصورة مختصرة، وعلى ثقافته وشعره، بعد ذلك قسمت البحث على ثلاثة فصول:
أما الفصل الأول فكان عن التشبيه، ويتكون من ستة مباحث، تكلم في المبحث الأول على التشبيه لغةً واصطلاحاً، وأما المبحث الثاني فتكلم فيه على التشبيه الحسي، والعقلي في شعر البحتري، وأما المبحث الثالث فكان على التشبيه المفرد، والمركب في شعر البحتري، وأما المبحث الرابع فجاء مخصصاً لبحث وجه الشبه لدى البحتري، وأما المبحث الخامس فقد تكلم فيه على أداة التشبيه لدى البحتري، وأما المبحث السادس فكان عن أنواع التشبيه عند البحتري.
وأما الفصل الثاني فخصصه لدراسة الحقيقة والمجاز والذي جاء بدوره موزعاً على ست مباحث، فكان المبحث الأول عن تعريف الحقيقة والمجاز لغةً واصطلاحاً، وأما المبحث الثاني فتكلم فيه على أنواع المجاز (المرسل، العقلي)، وأما المبحث الثالث فكان عن تعريف الإستعارة لغةً واصطلاحاً، وأما المبحث الرابع فتكلم فيه على تقسيم الإستعارة بحسب الطرفين إلى تصريحية، ومكنية.
وأما المبحث الخامس فتكلمت فيه على تقسيم الأستعارة بحسب لفظها إلى أصلية وتبعية, وأما المبحث السادس فذكر فيه تقسيم الاستعارة بحسب الملائم إلى مرشحة, ومجردة, ومطلقة وأما الفصل الثالث وهو الأخير فكان مهتماً بدراسة الكناية، ويتكون من مبحثين، الأول كان عن تعريف الكناية لغةً، واصطلاحاً،
وأما المبحث الثاني فتكلم فيه على تقسيم الكناية باعتبار المكنى عنه على ثلاثة أقسام وكان منهجي في الرسالة أن أقوم بدراسة النوع البياني من خلال ما كتب عن تلك الأنواع في كتب البلاغة قديمها وحديثها، وبعد ذلك درس شعر البحتري بيتاً بيتاً ، باحثاً ومدققاً كي يستنبط من بحره الزاخر الدرر الكثيرة، فتوقف عند بعضها محللاً ومحاوراً، وترك بعضها الأخر مكتفياً بالإشارة إليه في هوامش البحث تاركاً للدارسين والمهتمين الإفادة من ذلك.
نتائج البحث:
من أبرز النتائج التي توصل إليها البحث:
- يعد البحتري من شعراء الدولة العباسية المقدمي ، إذ عاصر أكثر من أربعة من الخلفاء العباسيين ومدحهم.
- كان البحتري من الشعراء الذين يتكسبون بشعرهم، وكان كثيراً ما يطرق أبواب السلاطين.
- كان يكثر من المدح، وهذه طبيعة الشعراء الذين يتكسبون بشعرهم.
- البحتري شاعر وليد الطبع، سهل المأخذ، ولم يتصنع بشعره.
- وللبحتري خصومات مع الكثير من الشعراء، وكان يرد عليهم، وهذا ما ظهر في ديوانه.
- لعلم البيان اهتمام واضح في ديوان البحتري أكثر من أي علم من علوم البلاغة، فهو شاعر مكثر من البديع ولا سيما التشبيه.
- بلغ عدد أبيات التشبيه في ديوان البحتري أكثر من (700-800) بيت، وبلغ عدد أبيات المجاز قرابة (100) بيت، وكذلك الكناية بلغ عدد أبياتها (100 – 110) بيتاً.
- يعد عصر البحتري من العصور التي تفتحت فيها قرائح الشعراء واطلعت على جانب من ثقافات الأُمم المجاورة، فمن العباسيين من أكثر من تصنعه في البيان، كأبي تمام، ومنهم من حافظ على روح البداوة كالبحتري، ونعيد هذا التنوع إلى خصوبة العصر الثقافية وتنوعها.
- يعد الجاحظ أو من أشار إلى ملاحظات بيانية من تشبيه، ومجاز وكناية، لكنه لم يوردها على شكل مصطلحات، وجمعها في مؤلف.
- عندما كان علماء البديع المتقدمين يؤلفون لم يهتموا بالمصطلحات كاهتمامهم بالإشارات والأمثلة.
- إن علم البيان كان في بدايته يعني الكشف والظهور عن المعنى المراد، وإبرازه للمخاطب، لكن بعد تقدم الدراسات وظهور المؤلفات أصبح يعني التعبير عن المعنى الواحد بعبارات مختلفة.
- ورود لفظة البيان في القرآن الكريم، وأحاديث النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) مما يدل إن وجود لفظة البيان ليس بحادث وإنما قديم.
- استخدم البحتري في شعره المجاز العقلي أكثر من المجاز المرسل وكذلك استخدم الاستعارة المكنية أكثر من الاستعارة التصريحية.
- وفي التوظيف الكنائي استخدم البحتري الكناية عن الصفة أكثر من الكناية عن الموصوف، والكناية عن النسبة.
- وأكثر الشاعر أبو عبادة من تشبيهاته التي أصبحت تغطي بقعة واسعة من شعره.
- ظهر في شعر البحتري الكثير من أنواع التشبيه الضمني، والمقلوب، والتمثيلي، فضلاً عن إكثاره من التشبيه التمثيلي الذي جاء من الغزارة والخصوبة ما جعله شاخصاً في ديوانه.
- استخدم الشاعر التشبيه الحسي والعقلي وأكثر من هذين النمطين بشكل واضح، فضلاً عن ظهور التشبيه المفرد والمركب في ديوانه بشكل لافت للنظر.
- ذكر البحتري في شعره أنواع التشبيه بالنسبة إلى وجه الشبه العقلي، والحسي، والمجمل، والبعيد، والقريب، والتمثيلي، والمفرد.
- أكثر الشاعر في شعره من التشبيه البليغ وهو الخالي من الأداة ووجه الشبه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد