بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ذو الرمة في معايير النقد القديم والحديث، رسالة تقدم بها الباحث /ثاير فالح علي كيطان الخولاني إلى مجلس كلية التربية – ابن رشد / جامعة بغداد، وهي جزء من متطلبات درجة الماجستير آداب في اللغة العربية / أدب،بإشراف الدكتور/عبد السلام محمد رشيد الدليمي في عام 1425هـ / 2004م
مكونات الدراسة:
تكونت الدراسة من مقدمة وتمهيد، وثلاثة فصول وخاتمة.
التمهيد: تناول الواقع السياسي والاجتماعي والأدبي الذي عاصره الشاعر في حياته، فضلًا عن التعريف بشخصيته وأدبه.
الفصل الأول: تناول "شخصيته وشاعريته" الآراء النقدية التي درست شخصيته ومنزلته الأدبية وشعره وأغراضه
المبحث الأول:كان مخصصًا لدراسة الآراء النقدية عن شخصيته ومنزلته. المبحث الثاني:تناول الآراء النقدية في شعره وأغراضه الشعرية التي يأتي في مقدمتها غرضا الغزل والوصف، واقل منهما مثارًا للاهتمام غرضا المدح والهجاء.
الفصل الثاني "القضايا النقدية عند النقاد القدماء":
اختص بدراسة القضايا النقدية التي رصدها النقاد في إمكانية ذي الرمة وموهبته الشعرية، فقد انقسم إلى أربعة مباحث:
المبحث الأول: خُصص لدراسة القضايا البلاغية من طبع وتكلف، التي أشار إليها النقاد في شعر الشاعر.
المبحث الثاني: فقد خُصص لدراسة الخصائص اللفظية والمعنوية في شعره عند النقاد.
المبحث الثالث: اهتم بدراسة الظواهر اللغوية والنحوية عند ذي الرمة. وكان الرابع مسخرًا لدراسة آراء النقاد في تأثر الشاعر بغيره من الشعراء، وتأثيره بآخرين.
الفصل الثالث " المناهج النقدية الحديثة ":
تضمن ثلاثة مباحث، خصصت لدراسة الشاعر في ضوء الدراسات النقدية الحديثة التي تناولت الشاعر وشعره بأسلوب نقدي علمي حديث على النحو التالي: المبحث الأول:كان مخصصًا لدراسة المنهج التحليلي الذي أبرزالباحث فيه قصائد خضعت لمختلف التحليلات ووجهات النظر النقدية.
المبحث الثاني: تناول المنهج الأسطوري الذي استند عليه النقاد إلى إبراز الأثر الأسطوري في شعر ذي الرمة.
المبحث الثالث: تناول اتجاهات النقاد إلى توضيح العمق النفسي للشاعر، وتأثيره في شعره.
" الخاتمة ": تمثل خلاصة الاستنتاجات التي توص الباحث إليها من خلال مباحث الدراسة وفصولها والتي كانت تستند إلى آراء النقاد ووجهات نظرهم في شعر الشاعر قديمًا وحديثًا.
المصادر والمراجع:
ذكر الباحث أن الدراسة استندت إلى صنفين من المصادر والمراجع هي كتب التراث النقدية القديمة، ككتاب "فحولة الشعراء" للأصمعي، و " طبقات الشعراء" لابن سلاّم، و "الموشح " للمرزباني، و "الشعر والشعراء " لابن قتيبة، و"الأغاني " لأبي الفرج الأصفهاني، و "العمدة" لابن رشيق القيرواني، و"روضات الجنان " للاصبهاني، و "سمط اللآلي " للبكري، وغيرها من المصنفات النقدية المعروفة، وقد شكلت هذه المصنفات المادة الأساسية لتمهيد الدراسة والفصلين الأول والثاني.
ما الصنف الآخر فهي الدراسات النقدية الحديثة التي يأتي في مقدمتها كتاب "التطور والتجديد" للدكتور شوقي ضيف، ودراسات سخرت لدراسة الشاعر وشعره كدراسة "ذو الرمة – دراسة ونقد " لطراد الكبيسي، ودراسة "ذو الرمة – شمولية الرؤية وبراعة التصوير " للدكتور خالد ناجي السامرائي، ودراسة
"ذو الرمة شاعر الحب والصحراء " للدكتور يوسف خليف وغيرها من المؤلفات الحديثة التي تناولت الشاعر وشعره والعصر الذي عاش فيه وأبرزت مكانته الأدبية، ودوره في مسار الشعر الأموي والعربي بشكل عام.
كما استندت الدراسة إلى دراسات جامعية ذات صلة وثيقة بموضوع الدراسة، كدراسة " الصورة الشعرية عند ذي الرمة" للباحثة عهود عبد الواحد، ودراسة "الفرزدق بين ناقديه قديمًا وحديثًا " للباحث سهيل عبد الله علي، وغيرها من الدراسات الجامعية.
وأشار الباحث إلى أن: طبعات ديوان الشاعر تعددت واختلفت في تناولها لشعر الشاعر، كما اختلفت اختلافًا طفيفًا في بعض الأبيات الشعرية وأحيانًا بعض القطع، وكانت أبرز هذه الطبعات التي حققها (مكارتني) عام 1919، والطبعة التي حققها (مطيع بيبلي) عام 1964، التي اعتمدتها في دراستي لسببين رئيسين هما حداثتها من الناحية التاريخية، واستفادة المحقق من أخطاء من سبقه في التحقيق، فضلًا عن وضوح طباعتها، على الرغم من أن الباحثين الذين سبقوا الباحث استندوا إلى طبعة مكارتني.
نتائج الدراسة:
توصل الباحث لعدة نتائج ذكرها على النحو التالي:
- أشار نقاد الشاعر إلى علو مكانته الأدبية، فقد كان هناك إجماع مطلق على أنه لا يقل مكانة عن فحول شعراء العصر الأموي.
- أن ذا الرمة كان دميم الوجه ضعيف الشخصية، كما كان هائمًا بحب (ميّ) التي كادت أن تكون المرأة الوحيدة التي تغزل بها.
- أن الغموض والتضارب في الآراء النقدية كان عنصرًا واضحًا في آراء النقاد القدماء في كثير من الأمور التي تخص الشاعر وشعره.
- وفيما يتعلق بشعر الشاعر وأغراضه الشعرية فمن الملاحظ أن النقاد أجمعوا على قدرة متميزة وموهبة خلاقة اختص بها ذو الرمة وكان الإجماع على تعليل ذلك بأنه بدوي.
- كان النقاد مجمعين على أن ذا الرمة أجاد الغزل بشكل لم يسبقه به شاعر في عصره، إلا أنهم اختلفوا كثيرًا في امكانيته الشعرية في غرض المدح، وكانت قصيدته في مدح بلال بن أبي بردة ولا سيما ما قاله عن ناقته (صيدح) وقفة مهمة في إيضاح ذلك الخلاف بين النقاد في هذا الجانب.
- كان الوصف من الأغراض التي أشار النقاد إلى تمكن ذي الرمة منها وبراعته فيها، إلا أنهم عابوا عليه هجاءه وقصوره فيه، ولا سيما وأن هذا الفن قد ازدهر في ذلك العصر عند شعراء أمويين معروفين من أمثال جرير والفرزدق والراعي النميري، وهذا القصور لا يشكل مثلبة على الشاعر أو عيبًا يخل
بمكانته.
-كانت الآراء النقدية في القضايا البلاغية التي وردت في شعر ذي الرمة آراء واضحة في تفضيله على غيره من الشعراء خصوصًا في مجالي التشبيه والاستعارة، وهي آراء واضحة غير متضاربة استند إليها النقاد المحدثون مبدين قناعتهم التامة في هذا الجانب.
- في جانب تقويم النقاد لإجادة ذي الرمة في استخدامه للألفاظ والمعاني فكان الإجماع مشابهًا لإجماع النقاد في القضايا البلاغية، إذ أثنى عليه النقاد في مؤلفاتهم وشهدت تلك المؤلفات استشهادات غير قليلة في هذا الجانب فضلوه فيها على كثير من الشعراء.
- كان استخدامه اللفظ الغريب وإلمامه بالعربية وأسرارها مثار اهتمام
النقاد، وكانت استخداماته اللغوية مثار استياء بعض اللغويين والنحاة من معاصريه ومن جاء بعده، مثلما كان ذلك الاستخدام محط ترحيب آخرين وتأييدهم له، وهذا ما جعل كتبهم تزخر بعدد من الاستشهادات المهمة في هذا الجانب.
- كان تأثر ذي الرمة بالشعر القديم (الجاهلي) وروايته له، مثار اهتمام النقاد الذين عدوا ذلك التأثر سرقة لبعض أشعار الأقدمين، ولاسيما امرؤ القيس، كما أشار البعض إلى سرقته شعر رؤبة،وشهدت الكثير من كتب النقد إشارات إلى تأثر شعراء غير قليلين بشعر ذو الرمة من معاصريه ومن تبعهم.
- اهتم النقاد المحدثون بدراسة شعر ذي الرمة في إطار نقدي علمي
حديث، إذ اهتم عدد من الباحثين بدراسة وتحليل قصائد ذي الرمة مبدين وجهات نظرهم بتلك القصائد، كما اهتم باحثون آخرون بالغوص عميقًا بشعر الشاعر لإبراز جانب تأثره بالأسطورة القديمة التي شهدتها حضارات العراق ومصر والجزيرة العربية، وهذا الأمر كان جانبًا مهمًا في استنباط خصائص جديدة في شعر الشاعر لم يسبق للأقدمين الإشارة إليها.
- على ضوء الدراسات النفسية الحديثة اتجه بعض الباحثين إلى دراسة شعر ذي الرمة على هذا الأساس، وهو أمر استند فيه هؤلاء الباحثون إلى روايات الأقدمين وبعض آرائهم، وكانت أبرز استنتاجات تلك الدراسات تشير إلى غموض شخصية ذي الرمة، وما يوحي بتأثير دمامته في نفسيته ومن ثم شعره.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد