بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن الإسلام دين يسر لا دين عسر، والتكاليف فيه على قدر الاستطاعة، وهذا من يسر الإسلام وسماحته، ومرونته وكماله، وصلاحه لكل زمان ومكان.
القاعدة:
قال تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ ]التغابن: 16[
الوقفة الأولى:
في عموم الآية، فيدخل تحتها من الفروع ما لا يدخل تحت الحصر؛ من أمور العقيدة والفقه والحلال والحرام، فلله الحمد والمنة.
الوقفة الثانية:
في دلالة الآية على أن كلَّ واجبٍ عجز عنه العبد، فإنه يسقط عنه.
الوقفة الثالثة:
في دلالة الآية على أن العبد إذا قدر على بعض المأمور، وعجز عن بعضه - فإنه يأتي بما يقدر عليه، ويسقط عنه ما يعجز عنه؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أمرتكم بأمرٍ، فأتوا منه ما استطعتم))؛ [رواه البخاري ومسلم].
الوقفة الرابعة:
في دلالة الآية على عدم التساهل والتفريط في تقوى الله، وأن العبد يأتي بالأمر والنهي حسب وُسْعِهِ من غير تفريط ولا تشديد.
الوقفة الخامسة:
في دلالة الآية على أن العبد إذا أتى بما يقدر عليه، فإنه بريء الذِّمَّة والتَّبِعَةِ، ولا إثم ولا حرج عليه؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ ]الحج: 78[
الوقفة السادسة:
في دلالة الآية على رحمة الله تعالى بعباده، وأنه هو الرؤوف الرحيم؛ قال تعالى: ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ ]المائدة: 6[
الوقفة السابعة:
في دلالة الآية على يسر الإسلام وسماحته؛ قال تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ ]البقرة: 185[.
أخيرًا: تطبيقات وأمثلة على القاعدة:
• في الصلاة: عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنبٍ))؛ [رواه البخاري].
• في الصوم: قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ ]البقرة: 185[.
• في الحج: قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ ]آل عمران: 97[
• في نفقة المال: قال تعالى: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 7]؛ أي: لينفق كلٌّ حسب غناه.
هذا، والحمد لله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد