بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أن من المستشرقين من قد مال إلى الإسلام، بإعتباره دينًا إلهيًّا، ورسالة سماوية، وإلى محمد صلى الله عليه وسلم باعتباره رسولًا مرسلًا من قِبَل الله ونبيًّا مُوحى إليه، وهم الذين عرَفوا الإسلام معرفة خاصة، فكانوا له منصفين، ومنهم (لورا فيشيا فاغليري، روجيه دوباسكويه، موريس بوكاي، آنا ماري شيمل)، وهناك الذين اتَّبعوا دين الإسلام عن قناعة، فكانوا به مسلمين، ومنهم (،نصر الدين دينيه "الفونس إيتيان دينيه"،محمد أسد " ليوبولدفايس،عبدالواحد يحيى غينون "رينيه غينون"، رجاء جارودي "روجيه جارودي"، مراد هوفمان)
وقد أثبت كثير من العلماء الغربين المهتدين إلى الإسلام، بغض المستشرقين وحقدهم على الإسلام، مما ينفي عنهم صفة الموضوعية والأمانة العلمية ويجردهم من أهلية البحث العلمي في مجال الدراسات الإسلامية.
وهناك من أعتبروا الإسلام ليس إلا تاليفأ لعناصر دينية سابقة لعبت عبقرية منشئه – في ظل مجموعة من العوامل الروحية والمادية – دورأ كبيرأ في ظهوره على مسرح التاريخ..فراحوا يكيلوا التهم للإسلام ورسوله عليه الصلاة والسلام، دون إستناد لأي منهج علمي سليم، فمن هؤلاء المتعصبين مثل (رناردلويس مستشرق يهودي، ونتجمري وات، ماكدونالد، أليوس سبرنجر، الفرنسي كازانوفا، والألماني كارل بروكلمان، النمساوي غوستاف فون غرنياوم، البلجيكي الأصل هنري لامانس وغيرهم)، وفي بحثي أخترت عن أحد المتعصبين المستشرقين وهوقولد زيهر الذي هويهوديأ مؤمنأ أشد الإيمان بمرجعيته (العهد القديم والفكر اليهودي)،وقد ظل كافرأ بنبوة عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وقد قادت هذه المرجعية أعماله عن الإسلام بشكل كلي.
وللرد على أي مستشرق متعصب لابد أن نتعرف على نبذة عنه وعن ميوله ودراساته وأرائه وأفكاره، والشبهات التي يثيرها حول الإسلام والأدلة التي يستند إليها في ذلك، حتى نستطيع الرد عليه ردأ مفحمأ ومقنعأ وبحجة وبرهان.
نبذة عن المستشرق إجناس قولد زيهر: -
إجناس قولد زيهر Ignaz Goldziher مستشرق مجري موسويّ، يُلفظ اسمه بالألمانية اجناتس جولد تسيهر. وُلِد في الثاني والعشرين من شهر يونيوسنة 1266هـ/1850م في مدينة اشتولقيسنبرج في بلاد المجر من عائلة يهودية ذات مكانة عالية وكبيرة، وتوفي سنة 1340هـ/1921م.
قضى قولد زيهر السنين الأولى من عمره في بودابست وهي عاصمة المجر، وذهب إلى برلين سنة 1869م فظلَّ بها سنة، ثم انتقل بعدها إلى جامعة ليبتسك وفيها كان أستاذه في الدراسات الشرقية فليشر -وهوأحد المستشرقين في ذلك الوقت- وعلى يديه حصل كولد صهر على الدكتوراه الأولى سنة 1870م. وكانت رسالته عن “تنخوم أورشلمي” وهوعالِم يهودي شرح التوراة في العصور الوسطى.
ومن ثم عاد إلى بودابست فعُيّن مدرسًا مساعدًا في جامعتها 1872م، لكنه لم يستمر في التدريس طويلًا وإنما أرسلته وزارة المعارف المجرية في بعثة دراسية إلى الخارج، فعَمِل لمدة عام في فينا وفي لندن، وارتحل بعدها إلى الشرق من سبتمر سنة 1873م إلى أبريل العام التالي. ورحل إلى سورية فتعرَّف بالشيخ طاهر الجزائري وصحبه مدة. وانتقل إلى فلسطين، فمصر، حيث لازم بعض علماء الأزهر. وعُيّن أستاذًا في جامعة بودابست (عاصمة المجر).
ومنذ أن عُيّن في جامعة بودابست وعنايته باللغة العربية عامة والإسلامية الدينية خاصة تنمو وتزداد، ثم بعد ذلك حقَّق في وطنه شهرة كبيرة جعلته يُنتَخب عضوًا مراسلًا للأكاديمية المجرية سنة 1871م، ثم عضوًا عاملًا في سنة 1872م، ثم رئيسًا لأحد أقسامها سنة 1907م. وعُيّن أستاذًا للغات السامية في سنة 1894م ومنذ ذلك الوقت وهولا يكاد يغادر وطنه بل ولا مدينة بودابست إلا للاشتراك في مؤتمرات المستشرقين أوإلقاء محاضرات في الجامعات الأجنبية استجابة لدعوتها إياه.
ظلَّ قولد زيهر أكثر من ربع قرن يقوم بأبحاثه ودراساته في عالم البحوث الإسلامية في إحدى مكتبات مدينة بودابست، فهوالذي فتح الطريق أمام الباحثين الجدد في مجال الاستشراق؛ ولذلك عُدَّ من أئمة الاستشراق وأساتذته.
وبلغت مجموعة أبحاثه ومؤلفاته ما يقارب 592 في مختلف اهتماماته في الإسلام والفقه الإسلامي والأدب العربيّ، ترجم بعضها إلى العربية. ونشرت مدرسة اللغات الشرقية بباريس كتاب بالفرنسية في مؤلفاته وآثاره، ومما نشره بالعربية (ديوان الحطيئة) وجزء كبير من كتاب (فضائح الباطنية) المعروف بالمستظهري للغزالي. وترجم إلى الألمانية كتاب (توجيه النظر إلى علم الأثر) لطاهر الجزائري، وكتاب (المعمرين) للسجستاني، ومن أهم مؤلفاته (الظاهرية مذهبهم وتاريخهم، مذاهب التفسير الإسلامي).
بعض أقوال قولد زيهر وافتراءاته:
– قال: (لا يوجد كتاب تشريعي اعترفت به طائفة دينية اعترافًا عقديًا على أنه نص منزل أوموحى به، له مثل هذه الصورة من الاضطراب، وعدم الثبات كما نجد في النص القرآني).
– وقال: (ولاستقصاء جميع الاحتمالات كان لا بد من اتخاذ البراء بن عازب صحابي الرسول سندًا لرواية مؤداها أن النص كان يُقرأ عدة سنين على عهد الرسول: “حافظوا على الصلوات وصلاة العصر”).
– وقال كذلك: (وليس بواضح حقًا ما قصد من هذه الزيادات، هل قصد أصحابها إلى تصحيح حقيقي للنص، أوإلى إضافة تعليقات موضحة فقط لا تغير النص في شيء، ثم نظر إليها جيل متأخر بالنظرة الأولى).
– وقال عن تفسير القرآن من قِبَل السلف الصالح: (أنهم كانوا يظنون إمكان جعل الحكم الاختياري على قالب النص في الكتاب المقدس شرعيًا معتمدًا بواسطة أسانيد قديمة لا غبار عليها وإن كانت مخترعة).
– وقال عن الأسانيد: (فإن الاستناد إلى حجج موثوق بها ليس أمرًا عسيرًا ما دام ذلك راجعًا إلى مجرد اعتماد شفوي).
نماذج للشبهات والرد عليها: -
- شبهة التشكيك في المصادر التاريخية الإسلامية (السنة):
إن إجناس قولد زيهر حاول في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي التشكيك في صحة المصادر التاريخية الإسلامية قائلا بأن معظم الروايات (الأحاديث ) – أن لم يكن جميعها- برزت حيز الوجود في القرن الثاني ( أوالثالث) الهجري إثر نشوء خلافات سياسية وعقدية وقانونية بين المسلمين، فجاءت كل فرقة منهم بروايات مفتريات تؤيد أرائهم ومواقفهم الخاصة، فلا يمكن الإعتماد عليها.
الرد: قد أخطاء قولد زيهر في نظريته هذه من عدة نواح، الرئيسة منها: أنه تجاهل اهتمام المحدثين الشديد بنقد الحديث سندأ ومتنأ.
وفي الواقع شهد شاهد من اهله فقد قام بفحص فرضيته مستشرق في الربع الأول من القرن العشرين، وهوهوروفيتس الذي كتب سلسلة من رسائل علمية معمقة أثبت فيها أن جميع الأحاديث وتدوينها بدأ بدقة في الربع الثاني من القرن الأول الهجري، فلم تلق نظرية جولد تسيهر قبولأ من قبل عامة المستشرقين أنفسهم.
- شبهة تحريم تفسير القران بالرأي:
قال: (إذا نظرنا إلى أدب التفسير الذي بلغ نموَّه ثروة عظيمة الخصب، عسر علينا بادئ ذي بدء أن نفهم أننا نقف تجاه نوع من الأدب لم تلق أوائلُه في الدوائر الدينية من صدر الإسلام عدمَ التشجيع فحسب، بل وضع الممثلون الأتقياءُ للمصالح الدينية، أمام هذه الأوائل علامات الإنذار والتحذير، حتى عهد متقدم من القرن الثاني للهجرة نجد شواهد على أن الاشتغال بالتفسير كان منظورًا إليه بعين الارتياب وأن الوعي الجاد كان يتراجع دون مزاولة ذلك في مهابة ونفور). وقال: (ولا يكاد يُحصى عدد الصحابة الذين يرجع إلى روايتهم “العلم” بتفسير مواضع القرآن وإذًا فلا يكاد الباحث الورع في القرآن يحس مرة بالحاجة إلى تدريب فكره الخاص في سبيل المخاطرة بالتفسير بالرأي، فإنه إذا اجتهد في تحصيل المأثور سيجد عن طرق الروايات التي قبلها النقد الإسلامي على أنها جديرة بالتصديق تفسيرًا منقولًا ينتهي إلى زمن الصحابة).
الرد: أن العلماء قسَّموا التفسير إلى قسمين: تفسير محمود وتفسير مذموم، فالمحمود ما وافق كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والمذموم هوما خالف الكتاب والسنة النبوية.
وجود الكثير من الأدالة الحادثة على الاجتهاد، ومنها قوله تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوالْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَورَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا)[النساء: 83].
وكذلك دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس -رضي الله عنه-: “اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل“.
- أدعاء ان هناك قراءتين لتفسير الاية القرانية .قال تعالى: (غلبت الروم في أدنى الأرض وهم بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين) :
الإدعاء: أدعى قولد زيهر ان هناك قراءتين للأية: الأولى (غلبت) بضم الغين وكسر اللام مبنية على المفعول، مع سيغلبون بفتح ياء المضارعة وكسر اللام مبنية للفاعل، وقال أن هذه هي المشهورة.
والثانية هي (غلبت) بفتح الغين واللام،مبنية للمعلوم،مع (سيغلبون) بضم الياء وفتح اللام بالإسناد المفعول، وقد بدأ الكلام عما سماه القراءة المخالفة، والفعل المبني للفاعل في الأولى مبني للمفعول في الثانية، وأذا فهما قراءتان وتأويلان لجملة واحدة من كلام متعارضنا إلى أبعد مدى.
الرد: بنى قولد زيهر كلامه كله على أن هناك قراءتين شرحنهما، والحقيقة العلمية أن هناك قراءة واحدة هي الصحيحة وهي المعتمدة وهي القراءة التي سماها المشهورة، (فالقراءة) الأخرى ليست من السبع ولامن الثلاث المكملة ولا من الأربع الشاذة.
وبذا ينهار كل ما كون منه قولد زيهر مطعنأ، وكذلك لان روايات القراء قد بحثت ومحصت من قبل وانتهت إلى أن أصح إسناد للقراءة هوقراءات الأئمة السبعة ثم العشرة.
ان الوقائع التاريخية التي تتحدث عنها القراءة المعتمدة هي معركتان حاسمتان بين فارس في الشرق والروم في الغرب هما أكبر أمبراطوريتين أنذاك.
وقعت المعركتان في العقود الأولى من ق 7 م، وهي العقود التي شهدت الإسلام، فقد وافقت البعثة سنة 610م،ووافقت الهجرة ستة 622م، فالأولى تغلب الفرس على الروم سنة 615م واستولت على القدس التي كانت عاصمة الدولة الرومية وأنتزعوا ما يسمى الصليب الأعظم ونقلوه لفارس.
وهكذا هزمت الروم في أدنى الأرض أقربها للمسلمين والجزيرة العربية في الشام وفلسطين، ثم بشرى تغلب الروم على الفرس في بضع سنوات ففي سنة 622 أول إنتصار للروم توالت انتصاراتهم ففي سنة 627 م في معركة الزاب فر كسرى وخلع وصالح ابنه الروم ورد للروم ما استولوا عليه من مدن وعاصمة الدولة الرومانية
" القدس" ورد الصليب..فرح المسلمين بنصر الروم (أهل الكتاب)على الفرس(عبدة النار)،وهي أية لصدق النبي صلى الله عليه وسلم،لأنها من أنباء الغيب أخبر به الله لنبيه.
نستَنْتَج مما سبق عدد من النتائج والتوصيات التالية: -
- ويُعَد قولد زيهر من أخطر المستشرقين على الإسلام والمسلمين.
- حقده الدفين، وبغضه الكبير الذي يُكِنه للإسلام والمسلمين.
- محاولاته المستمرة للتشكيك في أصول الإسلام وقواعده.
- لم يلتزم بمنهجية البحث العلمي، واعتمد على نظرته وآراءه الشخصية في قراءة النصوص وتفسيرها وحاول إعطاء آرائه المصداقية والعلمية.
- ان قولد زيهر بارع في المقارنات،ودقيق الملاحظة للفروق التي بين المذاهب والأراء والأديان يحاول الكشف عن مدى تأثر الأخر بالأول ومشابهاتها وصلاتها ويعقد المقارنات بينها وهذه من منهج المستشرقين في للبحث عن ثغرات في الأمة الإسلامية من خلال تلك الفرق المذهبية للدخول من خلالها وتشويه الدين الإسلامي.
- تثقيف أبناء المسلمين لما يحاك من أعداء الإسلام (المستشرقين) من مكائد وتشويه للاسلام والمسلمين ولمصادر الدين الإسلامي، وتوضيح منهج المستشرقين في تناولهم للدراسات الإسلامية.
- مجابهة العداء للإسلام والمسلمين عن طريق الرد على الشبهات التي تثار من قبل المستشرقين في المحافل العلمية من ندوات ومحاضرات ومؤتمرات وعبر وسائل الإعلام عبرالقنوات التلفزيونية والإذاعية ومواقع النت ومجابتهم بنفس وسائلهم للتصدي لأرائهم المشوهة لديننا الإسلامي وقادته وتوحيد الكلمة العربية والإسلامية ونبذ من يتبعهم من أبناء الإسلام (المستغربين)،المغررين بفكرهم وأرائهم.
- العمل على المحافظة على التراث الإسلامي ومصادره العلمية ومحاولة تنقيح وتمحيص ما حدث فيه من تشويه من قبل المستشرقين وتقديم مادة علمية خالية من الشوائب التي وضوعها عمدأ.
- على الباحثين مواكبة تطور الفكر الاستشراقي في أفكارهم الدخيلة وشبهاتهم لمواجهتهم لنقدها بالحجة والبرهان.
هذا وأسال الله أن يلهمنا طريق الحق والرشاد، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
المصادر والمراجع:
- موسوعة المستشرقين، عبد الرحمن بدوي، الناشر: دار العلم للملايين، 1993م، ط3، ص197.
- لماذا أسلم هؤلاء؟ / محمد عزت الطهطاوي ص63.
- الرد على المستشرق اليهودي جولد تسيهر في مطاعنه على القراءات القرانية،محمد حسن جبل، ط2،1423هـ/2002م.طنطا.
- الرد شبهات المستغربين والمستشرقين حول السنة النبوية المطهرة، محمد حافظ الشريدة.
- الاستشراق ماهيته وفلسفته ومناهجه، محمد قدور تاج.
- المستشرقون،نجيب العقيقي )،دار المعارف-بمصر،1964م.
- العقيدة والشريعة في الإسلام، جولد زيهر، نقله إلى العربية،محمد يوسف موسى وآخرون،دار الرائد العربي-بيروت،1946م.
- الرد على مزاعم المستشرقين إجانيتس تسيهر ويوسف شاخت ومن أيدهما من المستغربين، عبدالله عبدالرحمن الخطيب.
- السنة النبوية بين المفكرين والمعاصرين والمستشرقين، ياسر.
- الاستشراق وموقفه من السنة النبوية، فالح محمد الصغير.
- إهتمام المحدثين بنقد الحديث سندأ ومتنأ ودحض مزاعم المستشرقين وأتباعهم، محمد السلفي.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
شكرا
08:09:33 2024-05-16