علاج مثبطات الدعوة من القرآن الكريم


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

من الملفات التي توقفت عندها كثيرا ملف مثبطات الدعاة، فقد رأيت الكثير من الفضلاء الذين كان لهم بلاء في الدعوة ثم فجأة انقطعوا ، ومنهم من له ذكاء وقدرة ولكنه لا يدعو أصلا فوجدت الأمر يدور على عدة مثبطات والعجيب أنني ما وجدت مثبطا إلا ووجدت في القرآن علاجه فحقا هو شفاء لما في الصدور

 

المثبط الأول: الشعور بالوحدة وقلة الناصر مع كثرة الأعداء

قال تعالى: (واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا)

وهذه مواساة عظيمة فحين يستشعر المرء أن الله معه لا يتطلب ناصرا غيره ويستصغر أعداءه

 

المثبط الثاني: التأثر بكلام الأعداء وأذيتهم

قال تعالى: (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين)

وهذه من جنس المواساة في المذكورة في المثبط الأول مع الإشارة إلى سبيل استشعار أن الله معك وذلك بالصلاة لله سبحانه والالتجاء إليه وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد لذا ذكر السجود في الآية والقرب أمان وما أحوج القلب الذي أثقل بإرهاب المبطلين إلى الأمان

 

المثبط الثالث: استقلال النتائج والشعور بضعف الأثر

قال تعالى: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)

ومن يفهم هذا لا يجلد نفسه كثيرا على عدم هداية أحد وإن كان يبحث في افضل أساليب الدعوة

وقال تعالى: (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا)

واليوم بعض الناس إن حدثته بمعنى هذه الآيات وإن لم تتلوها عليه بطنك تثبطه عن الدعوة والواقع عن الحرص المبالغ به على هداية الناس مع جلد الذات على عدم حصول ذلك سرعان ما يتسلل إلى قلب صاحبه اليأس ويتوقف فهو من باب الشيء الذي يزيد عن حده فينقلب ضده

وقال تعالى عن نبيه شعيب: (إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)

(ما استطعت) هذه مفتاح الأمل والاستمرار إذ تدرك تماما أنك غير مكلف بأعلى النتائج وإنما مكلف بِمَا تستطيع فحسب والله يثيبك على هذا

(ما استطعت) تبين أنك لن تزيل كل الشر في الدنيا ولكن هذا ان يثبطك عن إزالة ما تستطيع إزالته

فإذا فهمت ما سبق علمت أن قوله تعالى: (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) آية تحث على استمرارية الدعوة لا كما يظن البعض لأن أكثر ما يوقف الدعوات أنك تضع لنفسك هدفا غير ممكن التحقيق ثم تحبط تماما فتترك الأهداف ممكنة التحقيق وهذا كثير في الناس الْيَوْم ويغفل عنه كثيرون وتأمل ما في الوحي من شفاء لعلل أفسدت مشاريع عظيمة

وهناك مثبطات أخرى ولكن هذه أهم ما يدخل على الصالحين الْيَوْم

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply