تيارات زادت التهميش والاغتراب


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

1-  أن تعيش في ظل مجتمع رأسمالي تنافسي يعني أن الاغتراب والتفكك والتهميش ضربة لازب عليك، وفي هذا الإطار يصبح فن العيش تحديًا صعبًا، ويزيد الأمر صعوبة أن تعيش في دولة قيل يومًا عنها نامية، تجتاحها منتجات الدول الصناعية وفروعها.

2-  بما يحطم أي إنتاج وطني صناعي، زد على ذلك تضخم قطاع بيروقراطية الدولة، وتركيز الدولة على جانب الأمن وتأمين الموارد لمن يتحلق حول أجهزتها.
في كل هذا كان هناك تيارات تزيد الطين بلة، وتسارع برمي المتشبثين بأطرافهم في دوامة عجلة الحياة.

3-  فتركلهم بعنف إلى وسط فوهة الحضيض الاقتصادي والفكري والاجتماعي وغير ذلك.
فوجهت العديد من الشباب الذين لم تبتلعهم المخدرات والبطالة بعد أن عصمتهم التربية من صغر أو التدين في مرحلة باكرة من ذلك إلى ما يسمى بالعمل الدعوي بدون أدنى تفكير في وضعهم الاقتصادي مرة.

4-  وفي حين كان الزنوج في أمريكا يحرصون على إقامة اقتصاد قومي خاص بهم في الولايات المتحدة في مواجهة العنصرية البيضاء، كان القائمون عليهم حريصين على تلقينهم بعض المبادئ ودفعهم إلى دخول طور العداء مع المجتمع المحيط، بحجة الدفاع عن تلك المبادئ.

5-  كان أكثر العوامل تحطيمًا فن اكتساب المال عندهم بعد أطنان من خطابات التزهيد التي سارع إلى اعتناقها مراهقون لم يدكوا أهمية فن الاكتساب، وتم التركيز على علامات فارقة مميزة لهم عن غيرهم في الشكل والمظهر كأنها لافتة معيقة لهم في دخول أي وظيفة، أو تحصيل عمل، أو حتى شهادة.

6-  ولطالما تم التزهيد بالجامعات وعلميتها، والوظائف الرسمية.
فتم استقرار هؤلاء في هامش الهامش، فتجد أقصى مشاريعه تحصيل فتات من بيع حلويات على ناصية، بيع مشروبات في مواسم دينية كرمضان، استرزاق بحجامة هنا، رقية على مصروع هناك، عسل مقروء عليه، نسختان من رياض الصالحين.

7-  وهكذا يعيش بهامش لا يسمن ولا يغني من جوع.
في الوقت نفسه يجد عشرات ممن ساهموا بتسلسل خياراته التي أوصلته إلى هذا الدرك قد صاروا في حيز الرأسماليين: مسؤولو مراكز دعوية وإغاثية دخلها مهول، مصرفيون، أصحاب دور نشر، ومشاهير قنوات وبرامج تنمية، ودورات فنون الزوجية ومهارات أي شيء يدر ٥٠ دولارًا للبطاقة.

8-  إن الخطابات التي تلقاها تمنع عنه التذمر والنقد إلا بعيدًا فحسب، وتجعله رقمًا في طاحونة الاستغلال الرأسمالي حتى عند أقوامٍ لا يزال يعظّمهم، فيفرغ جامَ غضبه في معارك بعيدة عن التسلسل الذي أوصله إلى حالته.

9-  ولربما وهو المتسوّل المتنكر بصيغة عامل، أو بياع متجول لا يزال يدافع عن إسلامية العديد من البنوك التي لا يقدر على فتح حسابٍ فيها ونزاهة مصارف لا حاجة به إلى الوقوف تحت ظلالها، وورع شيخ قدر راتبه الشهري يماثل عرض ورقة يانصيب يسيل لعابه كلما سمع إعلانًا عنها.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply