بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هذه خواطر حول العلاقات الإنسانية، وخصوصًا تلك التي تربط بين اثنين، رابطهما المحبة والعيش معًا، ومن أعظم تلك العلاقات العلاقة بين الزوجين.
في هذه الحياة، كل شيء يمكن أن يكون قابلاً للتمثيل الزائف، إلا العلاقة القريبة بين اثنين، لا يمكن الاستمرار فيها والتظاهر بالسعادة، ولا بد أن تنتهي، إذا كانت خالية من الأسس الواقعية والحقيقية التي قد بنيت عليها مثل تلك العلاقات الإنسانية، وهذه نتيجة حتمية لا يمكن أن يُخْرَج عنها.
ومن الأسس التي تبني بها العلاقة الثنائية: المحبة، الإخلاص، الصبر، حسن الظن، التغافل، الموازنة بين السلبيات والإيجابيات، الأمن في العلاقة. وأعظم عوامل هدمها: الاختلاف الجذري، الخيانة، المادية، عدم الأمن في العلاقة، الأنانية، تقديس المظاهر، الانخداع بالأشياء البعيدة البراقة...إلى آخره. ولو خصصت العلاقة الثنائية بعلاقة الجنسين ببعضهما، فإن مظاهر الزيف فيهما تكون أشد وضوحًا في عصور بريق الماديات والتحرر وإرادة التمرد. ففي مثل هذه الأجواء تختلط مفاهيم مثل الحب والإخلاص والتفاني بمفاهيم مثل الشهوة والاندفاع والتمرد، يصعب أحيانًا تمييز الفرد بينها في لحظتها.
وحين تجد الأسر تتفكك والعلاقة الثنائية بين الزوجين تتصدع؛ فاعلم أن طغيان المادة، وبريق العلاقة الوهمية، وحب الذات، والاستقلال المرضي وراء ذلك. وما يجب أن يدرك ويفهم هو أن العلاقة بين الاثنين (الشاب الزوج والشابة الزوجة) ليست حفلة قصيرة وتنتهي، بل حياة بما فيها من آمال وآلام ومسؤوليات. الرجل لن يتغير في صفاته وخلقته، إلا من شذ، وسيظل ذلك الغيور..إلخ، والمرأة كذلك لن تتغير خلقتها، ومن يتعالى عن الحقائق يرتطم بصخرة الواقع.
فالمجتمعات الغربية خطت خطوات حثيثة ومتقدمة نحو المادية، والفردية، والتحرر، والتمرد، هل زاد ذلك في عمق العلاقات الثنائية بين الجنسين؟ أم زادتها تفككًا وتعقيدًا؟ ومن الحقائق المؤلمة أن الإنسان من الجنسين لا يقتنع بأن البريق مجرد وهم، ولذا يريد أن يقترب منه ويجربه ليرى. لكن الثمن قد يكون باهضًا! ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، وكذلك ليس بالعواطف والمظاهر وحدها تحيا العلاقات الثنائية، فالبيوت تبنى على الحب والرعاية والتذمم والصبر.
ومن جناية الظلم الأُسَري، والتزييف الإعلامي، والبريق المادي، أنها جعلت الفتاة والشاب يدخلان نفق الأوهام ويتعاليان على الواقع والحقائق المحسوسة! وبدون الوعي الكافي من الفتاة والشاب (قبل أو بعد الزواج) سيكون مردود الظلم الأُسَري، والتزييف الإعلامي، المزيد من الإنحراف في الظلم والزيف.
وفي العلاقات الثنائية الإنسانية ثق تمامًا لا توجد ملائكة، فالرجل هو الرجل والمرأة هي المرأة، ولن تستمر حياتهما معًا في خداع وزيف ومادية. وأعظم ضمانة للعلاقات الثنائية هو الصدق والإخلاص والمحبة والتفاني والتضحية، والخيط الناظم لهذه الدرر والمعاني الجميلة=هو الدين. فالدين أعظم مصلح ومهذب لطغيان الرجل وتمرده وأنانيته وسطوته، وكذلك هو أعظم مهذب للمرأة يرتقي بها من مخلوق أضعف من الرجل إلى أعظم منه وأفضل، يجد الجنة عند قدميها!
ولستُ أعني بالدين=التدين البرغماتي الذي يستخدمه القوي ليضمن بقاء الضعيف تحت سيطرته، بل أعني به التدين الحقيقي الذي ينتصف منك ولك بالعدل. وختامًا، فالعلاقات الإنسانية خصوصًا بين الزوجين، ليست بتلك السهولة أو اليسيرة، ولا المعقدة المستحيلة، بل هي توفيق وتسديد من الله، فاحرص جيدًا أن تختار من سيرافقك كل حياتك، وتدوم مودته لك ومودتك له.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد