بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يقول الله تعالى: ] إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ [ الحجر 95 .. و يقول سبحانه: ] وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [ المائدة 67.. على مدار التاريخ الإنسانى ، لم يعرف الزمان إنسانا تعرض لمحاولات اغتيال أكثر من رسول الله محمد ﷺ .. و لأن الله تعالى حافظ نبيه فقد باءت جميع تلك المحاولات بالفشل .. و رد الله كيد الكائدين و مكر الماكرين إلى نحورهم .. و فى هذا المقال نحاول إلقاء الضوء على عشرين محاولة اغتيال تعرض لها رسول الله ﷺ .. و نجاه الله تعالى فيها جميعا ..
1- أبو جهل يحاول اغتيال رسول الله ﷺ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ؟ قِيلَ نَعَمْ . فَقَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ أَوْ لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ . قَالَ : فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يُصَلِّي زَعَمَ لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ ، قَالَ فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ ! قَالَ فَقِيلَ لَهُ : مَا لَكَ ؟ فَقَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا " قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى ] كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى [ إلى آخر سورة العلق [1] .
2- عقبة بن أبى معيط يحاول قتل النبى ﷺ خنقا :
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ يُصَلِّي فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ عَنْهُ فَقَال: }أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ{ [2]
3- عمرو بن العاص يفكر قبل إسلامه فى قتل النبى ﷺ:
عَنْ ابْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ قَالَ حَضَرْنَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَهُوَ فِي سِيَاقَةِ الْمَوْتِ فَبَكَى طَوِيلًا وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْجِدَارِ فَجَعَلَ ابْنُهُ يَقُولُ: يَا أَبَتَاهُ أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِكَذَا أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِكَذَا ؟؟ قَالَ فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: إِنَّ أَفْضَلَ مَا نُعِدُّ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؛ إِنِّي كُنْتُ عَلَى أَطْبَاقٍ ثَلَاثٍ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَمَا أَحَدٌ أَشَدَّ بُغْضًا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنِّي ، وَلَا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ قَدْ اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ فَقَتَلْتُهُ !.. فَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَكُنْتُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ؛ فَلَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلْأُبَايِعْكَ . فَبَسَطَ يَمِينَهُ . قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي . فقَالَ ﷺ :" مَا لَكَ يَا عَمْرُو ؟ " قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ .. قَالَ: " تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ؟ " . قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي . قَالَ: " أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلِهَا ، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ " [3].
4- عمر بن الخطاب قبل إسلامه يخرج قاصدا اغتيال رسول الله ﷺ:
قال ابن اسحاق: خَرَجَ عُمَرُ يَوْمًا مُتَوَشّحًا سَيْفَهُ يُرِيدُ رَسُولَ اللّهِ ﷺ وَرَهْطًا مِنْ أَصْحَابِهِ قَدْ اجْتَمَعُوا فِي بَيْتٍ عِنْدَ الصّفَا .. فَلَقِيَهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ فَقَالَ لَهُ أَيْنَ تُرِيدُ يَا عُمَرُ ؟ فَقَالَ أُرِيدُ مُحَمّدًا هَذَا الصّابِئَ الّذِي فَرّقَ أَمْرَ قُرَيْشٍ، وَسَفّهُ أَحْلَامَهَا، وَعَابَ دِينَهَا، وَسَبّ آلِهَتَهَا، فَأَقْتُلَهُ فَقَالَ لَهُ نُعَيْمٌ: وَاَللّهِ لَقَدْ غَرّتْك نَفْسُك مِنْ نَفْسِك يَا عُمَرُ أَتَرَى بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ تَارِكِيك تَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ وَقَدْ قَتَلْت مُحَمّدًا ؟! أَفَلَا تَرْجِعُ إلَى أَهْلِ بَيْتِك فَتُقِيمَ أَمْرَهُمْ ؟ قَالَ. وَأَيّ أَهْلِ بَيْتِي؟ قَالَ خَتَنُك وَابْنُ عَمّك سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ وَأُخْتُك فَاطِمَةُ، فَقَدْ وَاَللّهِ أَسْلَمَا، وَتَابَعَا مُحَمّدًا عَلَى دِينِهِ ، فَعَلَيْك بِهِمَا ؛ قَالَ فَرَجَعَ عُمَرُ عَامِدًا إلَى أُخْتِهِ وَخَتَنِهِ وَعِنْدَهُمَا خَبّابُ بْنُ الْأَرَتّ مَعَهُ صَحِيفَةٌ فِيهَا: {طَه} يُقْرِئُهُمَا إيّاهَا ، فَلَمّا سَمِعُوا حِسّ عُمَرَ تَغَيّبْ خَبّابٌ فِي مِخْدَعٍ لَهُمْ ، وَأَخَذَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْخَطّابِ الصّحِيفَةَ فَجَعَلَتْهَا تَحْتَ فَخِذِهَا ، وَقْدَ سَمِعَ عُمَرُ حِينَ دَنَا إلَى الْبَيْتِ قِرَاءَةَ خَبّابٍ عَلَيْهِمَا، فَلَمّا دَخَلَ قَالَ: مَا هَذِهِ الْهَيْنَمَةُ الّتِي سَمِعْتُ؟ لَقَدْ أُخْبِرْت أَنّكُمَا تَابَعْتُمَا مُحَمّدًا عَلَى دِينِهِ .. وَبَطَشَ بِخَتَنِهِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ؛ فَقَامَتْ إلَيْهِ أُخْتُهُ فَاطِمَةُ لَتَكُفّهُ عَنْ زَوْجِهَا، فَضَرَبَهَا فَشَجّهَا؛ فَلَمّا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَتْ لَهُ أُخْتُهُ وَخَتَنُهُ: نَعَمْ قَدْ أَسْلَمْنَا وَآمَنّا بِاَللّهِ وَرَسُولِهِ فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَك . فَلَمّا رَأَى عُمَرُ مَا بِأُخْتِهِ مِنْ الدّمِ نَدِمَ عَلَى مَا صَنَعَ فَاِرْعَوى، وَقَالَ لِأُخْتِهِ أعْطِينِي هَذِهِ الصّحِيفَةَ الّتِي سَمِعْتُكُمْ تَقْرَءُونَ آنِفًا - وَكَانَ عُمَرُ كَاتِبًا - فَلَمّا قَالَ ذَلِكَ طَمِعَتْ فِي إسْلَامِهِ .. فناولته إياها.. فَلَمّا قَرَأَ مِنْهَا صَدْرًا ، قَالَ مَا أَحْسَنَ هَذَا الْكَلَامَ وَأَكْرَمَهُ !.. فَلَمّا سَمِعَ ذَلِكَ خَبّابٌ خَرَجَ إلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: يَا عُمَرُ وَاَللّهِ إنّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللّهُ قَدْ خَصّك بِدَعْوَةِ نَبِيّهُ فَإِنّي سَمِعْته أَمْسِ وَهُوَ يَقُولُ : "اللّهُمّ أَيّدْ الْإِسْلَامَ بِأَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ أَوْ بِعُمَرِ بْنِ الْخَطّابِ " فَاَللّهَ اللّهَ يَا عُمَرُ . فانطلق عمر إلى رسول الله و أعلن إسلامه[4].
5- قريش تريد قتل رسول الله ﷺ:
قال ابن إسحاق : ثم إن قريشا حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله ﷺ وإسلامه وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوته ، مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة ، فقالوا له : يا أبا طالب، هذا عمارة بن الوليد أنهد فتى في قريش وأجمله، فخذه.. فلك عقله ونصره، واتخذْه ولدا فهو لك !.. وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي قد خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامنا فنقتله فإنما هو رجل برجل ! قال: والله لبئس ما تسومونني ! أتعطونني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني فتقتلونه ؟! هذا والله ما لا يكون أبدا.[5]
6- قريش تجتمع لاغتيال رسول الله ﷺ وهو خارج للهجرة:
كان ميعاد تنفيذ تلك المؤامرة بعد منتصف الليل في وقت خروجه ﷺ من البيت، فباتوا متيقظين ينتظرون ساعة الصفر .. يقول الله تعالى: ] وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [ الأنفال 30 .
فشلت قريش في خطتها فشلًا ذريعًا ؛ إذ خرج رسول الله ﷺ من البيت، واخترق صفوفهم، وأخذ حفنة من البطحاء فجعل يذره على رءوسهم، وقد أخذ الله أبصارهم عنه ، و كان ﷺ يتلو: ] وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ [ يس 9. فما رأوه .. و خرج سالما ﷺ [6].
7- سراقة بن مالك يحاول اغتيال رسول الله ﷺ:
يَقُولُ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ: جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ ... فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرسى .. فَرَكِبْتُهَا حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ فَعَثَرَتْ بِي فَرَسِي فَخَرَرْتُ عَنْهَا فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ يَدِي إِلَى كِنَانَتِي فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الْأَزْلَامَ فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا أَضُرُّهُمْ أَمْ لَا فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ فَرَكِبْتُ فَرَسِي وَعَصَيْتُ الْأَزْلَامَ تُقَرِّبُ بِي حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الْأَرْضِ حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا ثُمَّ زَجَرْتُهَا ، فَنَهَضَتْ ، فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذَا لِأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ فَنَادَيْتُهُمْ بِالْأَمَانِ فَوَقَفُوا فَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنْ الْحَبْسِ عَنْهُمْ أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ .. فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ . وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمْ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ ، فَلَمْ يَرْزَآنِي وَلَمْ يَسْأَلَانِي ؛ إِلَّا أَنْ قَالَ : " أَخْفِ عَنَّا " فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ أَمْنٍ ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدِيمٍ ، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ [7]
8- أبىّ بن خلف يعزم على اغتيال رسول الله ﷺ:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ أُبَيّ بْنُ خَلَفٍ يَلْقَى رَسُولَ اللّهِ ﷺ بِمَكّةَ فَيَقُولُ يَا مُحَمّدُ إنّ عِنْدِي الْعَوْذَ فَرَسًا أَعْلِفُهُ كُلّ يَوْمٍ فَرَقًا مِنْ ذُرَةٍ ، أَقْتُلُك عَلَيْهِ .. فَيَقُولُ رَسُولُ اللّهِ ﷺ: " بَلْ أَنَا أَقْتُلُك إنْ شَاءَ اللّهُ ". فَلَمّا رَجَعَ إلَى قُرَيْشٍ وَقَدْ خَدَشَهُ فِي عُنُقِهِ خَدْشًا غَيْرَ كَبِيرٍ فَاحْتَقَنَ الدّمُ .. قَالَ: قَتَلَنِي وَاَللّهِ مُحَمّدٌ ! قَالُوا لَهُ: ذَهَبَ وَاَللّهِ فُؤَادُك وَاَللّهِ إنْ بِك مِنْ بَأْسٍ . قَالَ إنّهُ قَدْ كَانَ قَالَ لِي بِمَكّةَ أَنَا أَقْتُلُك ، فَوَاَللّهِ لَوْ بَصَقَ عَلَيّ لَقَتَلَنِي . فَمَاتَ عَدُوّ اللّهِ وَهُمْ قَافِلُونَ بِهِ إلَى مَكّةَ [8].
9- تَدْبِيرُ عَامِرٍ بن الطفيل لِلْغَدْرِ بِالرّسُولِ ﷺ و اغتياله:
قَدِمَ عَامِرُ بْنُ الطّفَيْلِ عَدُوّ اللّهِ عَلَى رَسُولِ اللّهِ ﷺ وَهُوَ يُرِيدُ الْغَدْرَ بِهِ ، وَقَدْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ : يَا عَامِرُ إنّ النّاسَ قَدْ أَسْلَمُوا فَأَسْلِمْ . قَالَ وَاَللّهِ لَقَدْ كُنْتُ آلَيْتُ أَنْ لَا أَنْتَهِيَ حَتّى تَتْبَعَ الْعَرَبُ عَقِبِي ، أَفَأَنَا أَتْبَعُ عَقِبَ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ ؟! ثُمّ قَالَ لِأَرْبَدَ: إذَا قَدِمْنَا عَلَى الرّجُلِ فَإِنّي سَأَشْغَلُ عَنْك وَجْهَهُ ، فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَاعْلُهُ بِالسّيْفِ فَلَمّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللّهِ ﷺ قَالَ عَامِرُ بْنُ الطّفَيْلِ: يَا مُحَمّدُ خَالِنِي ، قَالَ لَا وَاَللّهِ حَتّى تُؤْمِنَ بِاَللّهِ وَحْدَهُ . قَالَ يَا مُحَمّدُ خَالِنِي . وَجَعَلَ يُكَلّمُهُ وَيَنْتَظِرُ مِنْ أَرْبَدَ مَا كَانَ أَمَرَهُ بِهِ ؛ فَجَعَلَ أَرْبَدُ لَا يُحِيرُ شَيْئًا ؛ قَالَ فَلَمّا رَأَى عَامِرُ مَا يَصْنَعُ أَرْبَدُ قَالَ يَا مُحَمّدُ خَالِنِي قَالَ: " لَا ، حَتّى تُؤْمِنَ بِاَللّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ " . فَلَمّا أَبَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ ﷺ قَالَ: أَمَا وَاَللّهِ لَأَمْلَأَنّهَا عَلَيْك خَيْلًا وَرِجَالًا ؛ فَلَمّا وَلّى قَالَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ : " اللّهُمّ اكْفِنِي عَامِرَ بْنَ الطّفَيْلِ ". فَلَمّا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللّهِ ﷺ قَالَ عَامِرٌ لِأَرْبَدَ: وَيْلَك يَا أَرْبَدُ أَيْنَ مَا كُنْت أَمَرْتُك بِهِ ؟ وَاَللّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ رَجُلٌ هُوَ أَخْوَفَ عِنْدِي عَلَى نَفْسِي مِنْك . وَاَيْمُ اللّهِ لَا أَخَافُك بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَدًا . قَالَ لَا أَبَا لَك لَا تَعْجَلْ عَلَيّ ، وَاَللّهِ مَا هَمَمْت بِاَلّذِي أَمَرْتنِي بِهِ مِنْ أَمْرِهِ إلّا دَخَلْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ الرّجُلِ حَتّى مَا أَرَى غَيْرَك ، أَفَأَضْرِبك بِالسّيْفِ ؟ وَخَرَجُوا رَاجِعِينَ إلَى بِلَادِهِمْ حَتّى إذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطّرِيقِ بَعَثَ اللّهُ عَلَى عَامِرِ بْنِ الطّفَيْلِ الطّاعُونَ فِي عُنُقِهِ فَقَتَلَهُ اللّهُ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي سَلُولَ فَجَعَلَ يقول : أَغُدّةٌ كَغُدّةِ الْإِبِلِ وَمَوْتًا فِي بَيْتِ سَلُولِيّةٍ [9].
10- غورث بن الحارث يحاول اغتيال رسول الله ﷺ:
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ يُقَالَ لَهُ: غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ، حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: «اللَّهُ» ، فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: «مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟» قَالَ: كُنْ كَخَيْرِ آخِذٍ، قَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ، قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أُعَاهِدُكَ أَنْ لَا أُقَاتِلَكَ، وَلَا أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ، فَخَلَّى سَبِيلَهُ [10]
11- إصابة النبى ﷺ يوم أحد ومحاولة اغتياله :
عَنْ أَنَسٍ " أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ يَسْلُتُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ : "كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ وَأَدْمَوْا وَجْهَهُ ؟" فَأَنْزَلَ اللَّه تعالى: {لَيْسَ لَك مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [11]
12-محاولة أخرى لاغتياله ﷺ يوم أحد وهو وحده بين تسعة من أصحابه:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أُفْرِدَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي سَبْعَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمَّا رَهِقُوهُ قَالَ: " مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ أَوْ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ " فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ .. ثُمَّ رَهِقُوهُ أَيْضًا ، فَقَالَ: " مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ أَوْ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ " فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ .. فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ .. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِصَاحِبَيْهِ: " مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا " [12] .
13- يهود خيبر يحاولون قتل النبى ﷺ بالسم:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ، أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَاةٌ فِيهَا سمٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اجْمَعُوا لِي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنَ اليَهُودِ» فَجُمِعُوا لَهُ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ شَيْءٍ، فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْهُ». فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا القَاسِمِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَبُوكُمْ» قَالُوا: أَبُونَا فُلاَنٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كَذَبْتُمْ، بَلْ أَبُوكُمْ فُلاَنٌ» فَقَالُوا: صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ، فَقَالَ: «هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ» فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا القَاسِمِ، وَإِنْ كَذَبْنَاكَ عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِي أَبِينَا، قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَهْلُ النَّارِ» فَقَالُوا: نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا، ثُمَّ تَخْلُفُونَنَا فِيهَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اخْسَئُوا فِيهَا، وَاللَّهِ لاَ نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدًا». ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ» قَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ: «هَلْ جَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سَمًّا؟» فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ: «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ» فَقَالُوا: أَرَدْنَا: إِنْ كُنْتَ كَذَّابًا نَسْتَرِيحُ مِنْكَ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ .[13]
14- يهود بنى النضير يحاولون اغتيال رسول الله ﷺ:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ إلَى بَنِي النّضِيرِ يَسْتَعِينُهُمْ فِي دِيَةِ ذَيْنِك الْقَتِيلَيْنِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ اللّذَيْنِ قَتَلَ عَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ الضّمْرِيّ ، لِلْجِوَارِ الّذِي كَانَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ عَقَدَ لَهُمَا . فَلَمّا أَتَاهُمْ رَسُولُ اللّهِ ﷺ يَسْتَعِينُهُمْ فِي دِيَةِ ذَيْنِك الْقَتِيلَيْنِ قَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ نُعِينُك عَلَى مَا أَحْبَبْت ، مِمّا اسْتَعَنْت بِنَا عَلَيْهِ ثُمّ خَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضِ فَقَالُوا: إنّكُمْ لَنْ تَجِدُوا الرّجُلَ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ هَذِهِ - وَرَسُولُ اللّهِ ﷺ إلَى جَنْبِ جِدَارٍ مِنْ بُيُوتِهِمْ قَاعِدٌ - فَمَنْ رَجُلٌ يَعْلُو عَلَى هَذَا الْبَيْتِ فَيُلْقِي عَلَيْهِ صَخْرَةً فَيُرِيحُنَا مِنْهُ ؟ فَانْتَدَبَ لِذَلِكَ عَمْرُو بْنُ جَحّاشِ بْنِ كَعْبٍ ، أَحَدَهُمْ فَقَالَ : أَنَا لِذَلِكَ 0 فَصَعِدَ لِيُلْقِيَ عَلَيْهِ صَخْرَةً كَمَا قَالَ وَرَسُولُ اللّهِ ﷺ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيّ ، رِضْوَانُ اللّهِ عَلَيْهِمْ ؛ فَأَتَى رَسُولَ اللّهِ ﷺ الْخَبَرُ مِنْ السّمَاءِ بِمَا أَرَادَ الْقَوْمُ ؛ فَقَامَ وَخَرَجَ رَاجِعًا إلَى الْمَدِينَةِ .[14] .
15- مجموعة من المنافقين يحاولون اغتيال رسول الله ﷺ:
عن عروة بن الزبير قال: لما قفل رسول الله ﷺ من تبوك إلى المدينة همّ جماعة من المنافقين بالفتك به وأن يطرحوه من رأس عقبة في الطريق، فأُخْبِر بخبرهم .. فأمر الناس بالمسير من الوادي ، وصعد هو العقبة ، وسلكها معه أولئك النفر وقد تلثموا، وأمر رسول الله ﷺ عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان أن يمشيا معه، عمار آخذ بزمام الناقة، وحذيفة يسوقها، فبينما هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم قد غشوهم، فغضب رسول الله ﷺ وأبصر حذيفة فرجع إليهم ومعه محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم بمحجنه، فلما رأوا حذيفة ظنوا أن قد أظهر على ما أضمروه من الأمر العظيم فأسرعوا حتى خالطوا الناس، وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله ﷺ .. فأمرهما فأسرعا حتى قطعوا العقبة ووقفوا ينتظرون الناس، ثم قال رسول الله ﷺ لحذيفة " هل عرفت هؤلاء القوم ؟ " قال: ما عرفت إلا رواحلهم في ظلمة الليل حين غشيتهم، ثم قال " علمتما ما كان من شأن هؤلاء الركب ؟ " قالا: لا، فأخبرهما بما كانوا تملأوا عليه وسماهم لهما واستكتمهما ذلك ؟ فقالا يا رسول الله أفلا تأمر بقتلهم ؟ فقال " أكره أن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه " وقد ذكر ابن إسحاق هذه القصة إلا أنه ذكر أن النبي ﷺ إنما أعلم بأسمائهم حذيفة بن اليمان وحده[15] .
16- فضالة بن عامر يحاول اغتيال رسول الله ﷺ:
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : إنّ فَضَالَةَ بْن عُمَيْرِ بْنِ الْمُلَوّحِ اللّيْثِيّ أَرَادَ قَتْلَ النّبِيّ ﷺ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَامَ الْفَتْحِ فَلَمّا دَنَا مِنْهُ . قَالَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ: " أَفَضَالَةُ ؟ " قَالَ نَعَمْ فَضَالَةُ يَا رَسُولَ اللّهِ ﷺ .. قَالَ : " مَاذَا كُنْت تُحَدّثُ بِهِ نَفْسَك ؟ " قَالَ: لَا شَيْءَ كُنْت أَذْكُرُ اللّهَ قَالَ : فَضَحِكَ النّبِيّ ﷺ . ثُمّ قَالَ: " اسْتَغْفِرْ اللّهَ ". ثُمّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ فَسَكَنَ قَلْبُهُ .. فَكَانَ فَضَالَةُ يَقُولُ : وَاَللّهِ مَا رَفَعَ يَدَهُ عَنْ صَدْرِي حَتّى مَا مِنْ خَلْقِ اللّهِ شَيْءٌ أَحَبّ إلَيّ مِنْهُ[16]
17- المشركون يحاولون اغتيال رسول الله ﷺ يوم حنين:
روى مُسْلِم فى سياق يوم حنين مِنْ حَدِيث سَلَمَة بْن الْأَكْوَع : " لَمَّا غَشُوا النَّبِيّ ﷺ - يعنى أحاطوا به يريدون قتله - نَزَلَ عَنْ الْبَغْلَة ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَة مِنْ تُرَاب ، ثُمَّ اِسْتَقْبَلَ بِهِ وُجُوههمْ فَقَالَ : شَاهَتْ الْوُجُوه ، فَمَا خَلَقَ اللَّه مِنْهُمْ إِنْسَانًا إِلَّا مَلَأ عَيْنَيْهِ تُرَابًا بِتِلْكَ الْقَبْضَة فَوَلُّوا مُنْهَزِمِينَ " [17]
18 – شيبة بن عثمان يحاول قتل النبى ﷺ يوم حنين : قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : قَالَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ : قُلْت: الْيَوْمَ أُدْرِكُ ثَأْرِي ًا مِنْ مُحَمّدٍ ) ، وَكَانَ أَبُوهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ ، الْيَوْمَ أَقْتُلُ مُحَمّدًا . قَالَ : فَأَدَرْتُ بِرَسُولِ اللّهِ ﷺ لِأَقْتُلَهُ .. فَأَقْبَلَ شَيْءٌ حَتّى تَغَشّى فُؤَادِي ، فَلَمْ أُطِقْ ذَاكَ ، وَعَلِمْت أَنّهُ مَمْنُوعٌ مِنّي[18] .
19- النضير بن الحارث يحاول اغتيال رسول الله ﷺ: قال الواقدي : كان النضير ابن الحارث بن كلدة من أجمل الناس فكان يقول: الحمد لله الذى منّ علينا بالاسلام، ومنّ علينا بمحمد ﷺ ، ولم نمت على ما مات عليه الآباء وقتل عليه الإخوة وبنو العم. ثم ذكر عداوته للنبى ﷺ وأنه خرج مع قومه من قريش إلى حنين وهم على دينهم بعد، قال: ونحن نريد إن كانت دائرة على محمد أن نغير عليه- يعنى نغتاله - فلم يمكنّا ذلك، فلما صار بالجعرانة فوالله إنى لعلى ما أنا عليه .. إن شعرت إلا برسول الله ﷺ فقال: " أنضير ؟ " قلت: لبيك، قال: " هل لك إلى خير مما أردت يوم حنين مما خال الله بينك وبينه ؟ " قال: فأقبلت إليه سريعا فقال: " قد آن لك أن تبصر ما كنت فيه توضع " قلت: قد أدرى أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى شيئا، وإنى أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فقال رسول الله ﷺ: " اللهم زده ثباتا " قال النضير: فوالذي بعثه بالحق لكأن قلبى حجر ثباتا في الدين، وتبصرة بالحق. فقال رسول الله ﷺ: " الحمد لله الذى هداه "[19].
20- عُتيبة بن أبى لهب يؤذى رسول الله و يتوعده: قال البيهقى : جَاءَ عتيبة بن أبى لهب إلى النَّبِيّ ﷺ حِينَ فَارَقَ أُمَّ كُلْثُومٍ بنت رسول الله بعد إسلامها– و كان قد عقد عليها دون دخول - فَقَالَ لرسول الله ﷺ : كَفَرْتُ بِدِينِكَ، وَفَارَقْتُ ابْنَتَكَ، لَا تُحِبُّنِي وَلَا أُحِبُّكَ.. ثُمَّ تَسَلَّطَ عَلَى رَسُولِ الله ﷺ فَشَقَّ قَمِيصَهُ .. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَمَا إِنِّي أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُسَلِّطَ عَلَيْهِ كَلْبَهُ» ، فَخَرَجَ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ حَتَّى نَزَلُوا فِي مَكَانٍ مِنَ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ الزَّرْقَاءُ لَيْلًا، فَأَطَافَ بِهِمُ الْأَسَدُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَجَعَلَ عُتَيْبَةُ يَقُولُ: يَا وَيْلُ أُمِّي ! هُوَ وَاللهِ آكِلِي كَمَا دَعَا مُحَمَّدٌ عَلَيَّ، قَتَلَنِي ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ، وَهُوَ بِمَكَّةَ، وَأَنَا بِالشَّامِ.. فَعَوَى عَلَيْهِ الْأَسَدُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ، وَأَخَذَ بِرَأْسِهِ فَضَغَمَهُ ضَغْمَةً فَذَبَحَهُ[20]
و هناك ما يسمى بالاغتيال المعنوى: و نعنى بذلك الحرب المستمرة ضد دينه و هديه ﷺ .. و قد حاولوا ذلك مع رسول الله ﷺ و هو حى ؛ فعصمه الله منهم : عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ ﷺ .. فَعَادَ نَصْرَانِيًّا .. فَكَانَ يَقُولُ : مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ .- أى أنه كان يكتب غير ما يمليه عليه النبى ﷺ - فَأَمَاتَهُ اللَّهُ ، فَدَفَنُوهُ ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ .. فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ . فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ! فَقَالُوا : هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ . فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ ! فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ .. فَأَلْقَوْهُ – أى يئسوا منه فتركوا جثته .[21] ..
فمهما اشتد الكيد فالله حافظ دينه و هدى نبيه . صدق رب العزة سبحانه: ] وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
الهوامش
[1] رواه مسلم 13/389 باب قوله إن الإنسان ليطغى
[2] البخارى 12/10
[3] مسلم 1/304
[4] سيرة ابن هشام 1-343/344 بتصرف
[5] البداية والنهاية 3/63-64
[6] الرحيق المختوم 1/129
[7] البخارى 12/294
[8] السيرة 2/83
[9] ابن هشام 2/567-568
[10] رواه أحمد23 /193
[11] رواه مسلم 3/1417
[12] مسلم 9/268
[13] البخارى 7/139
[14] السيرة 2/189-190
[15] البداية والنهاية 5/24-27
[16] السيرة 2/417
[17] رواه مسلم 3/1402
[18] سيرة بن هشام 2/444
[19] السيرة النبوية لابن كثير 3/691
[20] دلائل النبوة للبيهقى 2/339
[21] البخارى 11/ 449
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد