سطور في سيرة الحجاج الثقفي 1


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

** شخصية كثـر فيها الجـدل، هناك من مدحه واعتبره من أعظم الشخصيات الإسلامية لاسيما في دولة بني أمية، بل اعتبروه حافظ دولة الإسلام من التفكك، وهناك من ذم الحجاج وقال الشعر في ظلمه، بل وصل الحال بالبعض إلى أن كفر الحجاج وأخرجه عن دائرة الإسلام.

// وجمهور العلماء يرونه أهلا أن لا يروى عنه ولا يؤثر حديثه ولا يذكر بخير لسوء سيره وإفراطه في الظلم.

// والحق أن الرجل مسلم بل وقدم خدمات جليلة لدولة الإسلام، وله وعليه، والذي عليه أكثر من الذي له بكثير.

// قال أبو عمرو ابن العلاء: ما رأيت أحدا أفصح من الحسن (البصري) والحجاج.

// وقال ياقوت (في معجم البلدان): ذُكر الحجاج عند عبد الوهاب الثقفي بسوء، فغضب وقال: إنما تذكرون المساوئ! أو ما تعلمون أنه أول من ضرب درهما عليه «لا إله إلا الله محمد رسول الله» وأول من بنى مدينة بعد الصحابة في الإسلام، وأول من أتخذ المحامل، وأن امرأة من المسلمين سبيت في الهند فنادت ياحجاجاه، فاتصل به ذلك فجعل يقول: لبيك لبيك! وأنفق سبعة آلاف درهم حتى أنقذ المرأة. واتخذ «المناظر»  بينه وبين قزوين، فكان إذا دخن أهل قزوين دخنت المناظر إن كان نهارا وإن كان ليلا أشعلوا نيرانا فتجرد الخيل إليهم، فكانت المناظر متصلة بين قزوين وواسط، وأصبحت قزوين ثغرا حينئذ.

** قال الإمام الذهبي: كان ظلوماً غشوماً جباراً خبيثاً سفاكاً للدماء، وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء وفصاحة وبلاغة وتعظيم للقرآن!! فنحن نسبه ولا نحبه، بل نبغضه في الله، فذلك من أوثق عرى الإيمان .. وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه، وأمره إلى الله عز وجل، وله توحيد في الجملة، ونظراء من ظلمة الجبابرة والأمراء. 

 

نسبه

** هو أبو محمد بن الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثَّقَفي.

 

** والده يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي، كان معلما للصبيان بالطائف، بل الحجاج نفسه نشأ محفظا للقرآن، وكان أبوه من سادة ثقيف وكبرائها، وقد كانت ثقيف من أكبر القرى بالجزيرة العربية وكانت تنافس مكة، قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف31] أي الوليد بن المغيرة بمكة أو عروة بن مسعود الثقفي بالطائف.  

قال أهل الجرح والتعديل في والده (يوسف بن الحكم): ثقة، وإنما روى حديثا واحدا عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أراد هوان قريش أهانه الله) وقد ينسب لجده أبي عقيل وهو مقبول من الثالثة، وروى عنه كعب بن علقمة وقال: "كان صالحا".

وقال حرملة بن عمران عن كعب بن علقمة: كان يوسف بن الحكم والد الحجاج بن يوسف فاضلا من خيار المسلمين روى له الترمذي

 

** أمه: فارعة بنت همام بن عقيل بن عروة بن مسعود الثقفي، وعروة بن مسعود -رضي الله عنه- أسلم بعد وقعة الطائف، ووفد على النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة فأسلم وحسن إسلامه ثم رجع إلى الطائف فدعاهم إلى الإسلام فقتلوه.

عن عروة بن الزبير قال: لما أتى الناس الحج سنة تسع، قدم عروة بن مسعود الثقفي عم المغيرة بن شعبة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يرجع إلى قومه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إني أخاف أن يقتلوك) قال: لو وجدوني نائما ما أيقظوني، فأذن له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجع إلى قومه مسلما فقدم عشاء فجاءته ثقيف فدعاهم إلى الإسلام فاتهموه وعصوه وأسمعوه ما لم يكن يحتسب ثم خرجوا من عنده حتى إذا أسحروا وطلع الفجر قام عروة على سقف داره فأذن بالصلاة وتشهد فرماه رجل من ثقيف بسهم فقتله فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مثل عروة مثل صاحب ياسين دعا قومه إلى الله تعالى فقتلوه)

 

** كانت الفارعة سيدة نساء ثقيف، وأكثرهن مالا وحليا، كانت قبل أبي الحجاج تحت المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-.

ذكر ابن كثير: يروى أن المغيرة دخل على الفارعة في السحر، فوجدها تتخلل، فبعث إليها بطلاقها، فبعثت إليه تسأله عن السبب، فقال: إني دخلت عليك وقت السحر فوجدتك تتخللين، فإن كنت بادرت إلى الطعام فأنت شرهة، وإن بت والطعام بين أسنانك فأنت قذرة. فقالت: كل ذلك لم يكن، ولكني تخللت من شظايا السواك علقت بأسناني، ووالله ما فرحنا إذ كنا ولا ندمنا إذ بنّا، وتزوجها بعده يوسف فولدت له الحجاج داهية من دواهي العرب.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply

التعليقات ( 1 )

الحجاج

-

قويدر

23:31:44 2021-04-07

الحَجَّاجُ بنُ يُوْسُفَ الثَّقَفِيُّ اسمٌ معروفٌ في تاريخِ الأمةِ الإسلاميةِ ، اسمٌ اقترنَ بسفكِ الدمِ والبطشِ والجبروتِ ، اسمٌ لا يكادُ كتابٌ من كتبِ التاريخِ إلا ولهُ فيه ذكرٌ ، ولكن هل للرجلِ حسناتٌ تذكرُ في بحرِ ذنوبهِ ؟ إن من أكثر الشخصيات التي لم تنل حقها في البحث والدراسة شخصية الحجاج بن يوسف الثقفي .. لقد كان لهذه الشخصية المكان والمرتع الخصب لأصحاب الشهوات و أهل الأهواء للطعن في العصر الأموي بوصفه عصر سفك للدماء و تسلط للأمراء، و لقد كان لشخص الحجاج النصيب الأوفر من هذه التهم فالحجاج كان ضحية المؤرخين الذين افتروا عليه شتى المفتريات تمشياً مع روح العصر الذي يكتبون فيه ؛ ونرى أننا كلما بعدنا عن عصر الحجاج كثرت المفتريات والأباطيل ..