بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن لأبي بكر الصديق منزلة كبيرة في تاريخ الإسلام وقلوب المسلمين الصادقين، ولذا أحببت أن أُذَكِّر نفسي وطلاب العلم الكرام بشيء موجز عن سيرته المباركة، فأقول وبالله التوفيق:
*اسم أبي بكر ونسَبُه:
عبد الله بن عثمان (أبو قُحافة) بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد ابن تيم بن مُرَّة بن كعب بن لؤي يلتقي مع النبي ﷺ في جده مرَّة بن كعب.
* والدة أبي بكر: هي أم الخير، سلمى بنت صخر بن عامر، أسلمت وهجرت وماتت وهي مسلمة. (الطبقات لابن سعد جـ3 صـ 126) (الإصابة جـ2 صـ333)
*ميلاد أبي بكر الصديق : وُلد أبو بكر ٍرضي الله عنه بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر في مكة ونشأ بها وكان لا يخرج إلا للتجارة . (الإصابة جـ2 صـ333)
*زوجات أبي بكر وأولاده: كان لأبي بكر ٍرضي الله عنه أربع زوجات، وله ثلاثة أولاد وهم عبد الله وعبد الرحمن ومحمد، وثلاث بنات وهن: أسماء وعائشة وأم كلثوم.
(تاريخ الطبري جـ2 صـ351)
* لقب أبي بكر ٍرضي الله عنه: يُلَقَّبُ بالصِّدِّيق، قيل: كان يلقب به في الجاهلية لـِمَـا عُرِفَ منه من الصدق، وقيل لمبادرته إلى تصديق النبي ﷺ فيما كان يخبر به عن الله تعالى، وأول ما اشتهر به صبيحة الإسراء. (تاريخ الخلفاء للسيوطي صـ 28 :29/ فتح الباري لابن حجر جـ7صـ 11)
*منزلة أبي بكر في الجاهلية: كان أبو بكر ٍرضي الله عنه من رؤساء قريش في الجاهلية، ومن أهل مشاورتهم، وكان محبباً إليهم وأعلم لمعالمهم، وكان إليه أَمْرُ الدِّيات والغُرم. (تاريخ الخلفاء للسيوطي صـ 30)
*إسلام أبي بكر: كان أبو بكر ٍرضي الله عنه أول من أسلم من الرجال، ثم أخذ يدعو إلى الإسلام فأسلم على يديه عدد كبير منهم خمسة من العشرة المبشَّرين بالجنة وهم،
عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله. (سيرة ابن هشام جـ1 صـ212)
*أبو بكر يتحمل الأذى في سبيل الله: لـمَّـا عزم أبو بكر ٍرضي الله عنه على الهجرة إلى الحبشة، لقيه ابن الدِّغنة، سيد الأحابيش، فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ قال: أخرجني قومي، فأريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي، فقال ابن الدِّغنة: إن مثلك يا أبا بكر لا يـُخرَج، فإنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكَلَّ، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ثم أجاره، ورجع معه أبو بكر إلى قريش، فأخذ أبو بكر يعبد ربه ثم ابتنى مسجداً بفناء بيته، فكان حينما يصلي ويجهر بالقراءة يجتمع عليه نساء المشركين وأولادهم ويعجبون بذلك، فخشي المشركون ذلك وطلبوا من ابن الدِّغِنَّة أن يمنع أبا بكر من الجهر بتلاوة القرآن أويرد عليه جواره، فرفض أبو بكر ورد عليه جواره، فأخذ المشركون يضربون أبا بكر حتى خرج إلى الكعبة، فقام أحد السفهاء بوضع التراب على رأس أبي بكر، فأخذ أبو بكر يقول للوليد ين المغيرة : انظر ماذا يفعل هذا السفيه، فيقول له: أنت الذي فعلت ذلك بنفسك، فأخذ أبو بكر يقول: أي رب ما أحلمك، أي رب ما أحلمك، أي رب ما أحلمك . (سيرة ابن هشام جـ 1 صـ 305 : 306) (حلية الأولياء جـ1 صـ 29)
* جهاد أبي بكر :
جاهد أبو بكر ٍرضي الله عنه بنفسه وماله في سبيل الله ، فقد شهد جميع الغزوات مع النبي ﷺ وكان يملك يوم أسلم أربعين ألف درهم، فكان يعتق منها ويقوي المسلمين. (صفة الصفوة جـ1 صـ 242)
روى الترمذيُّ عن عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ قال: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نَتَصَدَّقَ فَوَافَقَ ذَلِكَ عِنْدِي مَالًا فَقُلْتُ الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا قَالَ: فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ قُلْتُ مِثْلَهُ وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ، قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا." (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2902)
روى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال :" مَا نَفَعَنِي مَالُ أَحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ." (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2894)
أعتق أبو بكر ٍرضي الله عنه سبعةٌ كلهم يُعَذَّب في الله، منهم بلال وعامر بن فهيرة.
(سيرة ابن هشام جـ1 صـ263)
*مناقبَ أبي بكر:
1ـ روى الشيخان عن أنس عَنْ أَبِي بَكْرٍ ٍرضي الله عنه قَالَ: "قُلْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَأَنَا فِي الْغَارِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا فَقَالَ مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا." (البخاري 3653) (مسلم 2381)
2ـ روى البخاري عن أبي سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال:" إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْر". (البخاري حديث2654)
3ـ روى الشيخان عن عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ٍرضي الله عنه عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: "أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ، فَقُلْتُ: مِنْ الرِّجَالِ؟فَقَالَ: أَبُوهَا، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَعَدَّ رِجَالًا." (البخاري حديث3662) (مسلم حديث2384)
4ـ روى البخاري عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه :"أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَال َ ﷺ: اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ." (البخاري حديث3675)
5ـ روى الترمذي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ٍرضي الله عنه قَالَ:كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذْ طَلَعَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ." (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث2897)
6ـ روى الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رضيَ الله عنها: "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: أَنْتَ عَتِيقُ اللَّهِ مِنْ النَّارِ فَيَوْمَئِذٍ سُمِّيَ: عَتِيقًا. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي2905)
*أبو بكر رَجُلُ الـمواقف:
روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ :"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ (مكانٌ)، فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ، قَالَتْ: وَقَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ ،وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَبَّلَهُ، قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُذِيقُكَ اللَّهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيُّهَا الْحَالِفُ (يعني عمر) عَلَى رِسْلِكَ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ، فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا ﷺ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ وَقَالَ:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}، وَقَالَ:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}، قَالَ: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ." (البخاري حديث 3667/3668)
*استخلاف أبي بكر الصديق:
روى الشيخان عن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: "أَتَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ ﷺ فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ،قَالَتْ:أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ (كَأَنَّهَا تَقُولُ الْمَوْتَ)، قَالَ: إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْر." (البخاري حديث3659) (مسلم حديث2386)
روى مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضيَ الله عنها قَالَتْ: "قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مَرَضِهِ ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولُ قَائِلٌ أَنَا أَوْلَى وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ. (مسلم حديث2387)
روى مسلم عن عائشة أنها سُئِلت: مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُسْتَخْلِفًا لَوْ اسْتَخْلَفَهُ؟، قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ فَقِيلَ لَهَا ثُمَّ مَنْ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ؟، قَالَتْ: عُمَرُ، ثُمَّ قِيلَ لَهَا مَنْ بَعْدَ عُمَرَ؟ قَالَتْ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، ثُمَّ انْتَهَتْ إِلَى هَذَا. (مسلم حديث2385)
*الخليفة الراشد:
أجمع الصحابة على خلافة أبي بكر يوم الاثنين ، الثاني عشر من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة في سقيفه بني ساعدة، فلما كان من الغد، جلس على المنبر، ليبين للناس المنهج الذي سوف يسير عليه في خلافته فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس فإني قد وُلِّيتُ عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أعيد الحق له إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يَدَعُ قومٌ الجهاد في سبيلِ اللهِ إلَّا ضَرَبَهمُ اللهُ بالذُّلِّ، ولا تشيعُ الفاحشة في قومٍ قط إلَّا عَمَّهم اللهُ بالبلاءِ. أطيعوني ما أطعتُ الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم. (الطبقات لابن سعد جـ3 صـ136)
(تاريخ الخلفاء للسيوطي ص64)
*تواضع أبي بكر بعد الخلافة: كان أبو بكر ٍرضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم، فلما بويع له بالخلافة قالت جارية من الحي: الآن لا يَحلِبُ لنا منائح دارنا، فسمعها أبو بكر ، فقال: بلى لأحلبنها لكم، وأني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن خُلُقٍ كنت عليه، فكان يحلب لهم.
(الطبقات لابن سعد جـ 3 صـ 138 :139)
ـ كان عمر بن الخطاب ٍرضي الله عنه يتعهد عجوزاَ كبيرة عمياء في بعض نواحي المدينة بالليل فيسقي لها ويقوم بأمرها، فكان إذا جاءها وجد غيره قد سبقه إليها، فأصلح ما أرادت، فجاءها غير مرة كيلا يُسبقُ إليها، فرصده عمر، فإذا هو أبو بكر الصديق، الذي يأتيها وهو يومئذٍ خليفة. (تاريخ الخلفاء للسيوطي صـ 75)
*عِلْمُ أبي بكر الصديق: كان أبو بكر الصديق أكثر الصحابة علماً وذكاءاً.
روى الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ٍرضي الله عنه قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النَّاسَ وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَ اللَّهِ قَالَ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ ٍرضي الله عنه فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ أَنْ يُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ هُوَ الْمُخَيَّرَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا. (البخاري حديث3654 / مسلم حديث2382)
روى الشيخان عن أبي هريرة أن أبا بكررضي الله عنه قال: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا قَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ (أي لقتال المرتدين) فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ. (البخاري حديث1400/ مسلم حديث20)
*قال النووي رحمه الله: استدلَّ أصحابنا على عِظَمِ علم أبي بكر الصديق، بهذا الحديث. (تاريخ الخلفاء للسيوطي ص38)
ـ روى ابن الأثير بسنده عن عكرمة بن خالد، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أنه سُئل: من كان يفتي الناس في زمان رسول الله ﷺ ؟ فقال: أبو بكر وعُمَر، ما أعلمُ غيرهما. (أُسْدُ الغابة لابن الأثير جـ3 صـ219)
* عدد أحاديث أبي بكر ٍرضي الله عنه: قال النووي رحمه الله: روى الصديق ٍرضي الله عنه عن رسول الله ﷺ مائة حديث واثنين وأربعين حديثاً، وسبب قلة روايته ـ مع تقدم صحبته وملازمته للنبي ﷺ ـ أنه تقدمت وفاته قبل انتشار الأحاديث واعتناء التابعين بسماعها وتحصيلها وحفظها. (تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 81)
* أعمال أبي بكر في خلافته :
إن لأبي بكر الصديق أعمالاً، كثيرة في فترة خلافته القصيرة من أهمها:
1ـ محاربة المرتدين والقضاء عليهم وإعادة الأمن والاستقرار للدولة الإسلامية. (البخاري حديث6924 ،6925)
2ـ جمع القرآن الكريم في مصحف واحد. (البخاري حديث4986)
3ـ إرسال جيش أسامة بن زيد بن حارثة لمحاربة الروم تنفيذاً لوصية النبي ﷺ.
(البداية والنهاية لابن كثير جـ 6صـ 308 /فتح الباري جـ7 صـ 58 :70)
عفو بكر الصديق :
كان أبو بكر ينفق على مِسْطح بن أُثاثة لفقره وقرابته منه, وكان مِسْطح من الذين خاضوا في حادث الإفك , وتكلم في عِرض عائشة, فلما عَلِمَ أبو بكر بذلك , أقسم ألا ينفق عليه بعد ذلك, فأنزل الله تعالى : (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور:22) فقَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى وَاللَّهِ يَا رَبَّنَا إِنَّا لَنُحِبُّ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا وَعَادَ لمسطح بِمَا كَانَ يَصْنَعُ . (البخاري حديث 4757)
*أبو بكر يستخلف عمر بن الخطاب ٍرضي الله عنه: لما شَعَر أبو بكر الصدِّيق ٍرضي الله عنه باقتراب أجله استشار عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان، وعلى بن أبي طالب وسعيد بن زيد وأسيد بن حضير وغيرهم من المهاجرين والأنصار، في استخلافه لعمر بن الخطاب ٍرضي الله عنه، فأثنوا عليه خيراً ثم أوصى عمر بتقوى الله. (تاريخ الخلفاء ص76: 77) (حلية الأولياء جـ1 صـ 36: 37)
* وصية أبي بكر الصديق وحُسنُ خاتمته:
قالت عائشة ٍرضي الله عنها، لـمَّـا مَرِضَ أبو بكر، مرضه الذي مات فيه، قال: انظروا ما زاد في مالي منذ دخلت الأمارة، فابعثوا به إلى الخليفة من بعدى، فنظرنا فإذا عبدٌ نوبي كان يحملُ صبيانه، وإذا ناضحٌ ـ بعيرـ كان يسقي بستاناً له ، فبعثنا بهما إلى عمر بن الخطاب ٍرضي الله عنه، فبكى عمر وقال: رحمة الله علي أبي بكر، لقد أتعب من بَعْدَه تعباً شديداً.
(الطبقات لابن سعد جـ3 صـ143)
*وفاة أبي بكر الصديق: مات أبو بكر الصديق ٍرضي الله عنه ليلة الثلاثاء، بين المغرب والعشاء لثماني ليالٍ بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة وهو ابن ثلاث وستين سنة، وأوصى أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس ويساعدها ابنه عبد الرحمن، وأوصى أن يدفن بجوار رسول الله ﷺ ، وصَلَّى عليه عمر بن الخطاب ٍرضي الله عنه ودُفِنَ ليلاً ٍرضي الله عنه.
وكانت مدة خلافة أبى بكر ٍرضي الله عنه سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليالٍ. (الطبقات لابن سعد جـ3صـ150: 157)
رَحِمَ اللهُ أبا بكر الصديق رحمةً واسعةً، وجزاه الله عن الإسلام خير الجزاء. نسأل الله تعالى أن يجمعنا بأبي بكر الصديق في الفردوس الأعلى من الجنة، بحبنا له، وإن لم نعمل بمثل عمله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد