بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
(الۤمۤ * ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ*)
﴿ٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ﴾
يُعرَّف الإيمان في اللُّغة: بأنه مُطلق التصديق، وأمّا في الاصطلاح فهو: تصديقُ القلبِ وإذعانُه وقَبوله بِكُلّ ما جاء به النّبي –عليه الصّلاة والسّلام-، وجعل الله –تعالى-الشّهادتين العلامة الظَّاهرة التي تدُلُّ عليه؛ لإجراء أحكام الإسلام على الشَّخص المؤمن، كالصَّلاة عليه وصحة التَّوارث منه وله وغيرها من الأحكام. للإيمان ستةُ أركان:
الإيمان بالله –تعالى وأنه واحد لا شريك له، فلا تقرن معه غيره في العبادات، والتشريع. الإيمان بالملائكة، وأنّها مخلوقات خلقت من نور أوْجدها الله لتنفيذِ أوامره. الإيمان بالكُتُب، وهي التَّوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم والقُرآن وهو أفضلُها. الإيمان بالرُّسل، وخاتمهم النَّبي محمد –عليه الصَّلاة والسَّلام-. الإيمان باليوم الآخر، وهو يوم القيامة؛ لمُحاسبة الإنسان على أعماله. الإيمان بالقضاء والقَدَر خيره وشره؛ لأنه قدر الله –تعالى-، وقع بحكمته ومشيئته.
ويزيد الإيمان بطاعة الله تعالى وينقُص بمعصيته، وجاءت الكثير من الأدلة التي تُؤكد ذلك، كقوله تعالى: (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا) ومعنى زيادته: أي بُعدُ صاحبه عن المعصية والشك والشُبهة، ونُقصانه يكون بالمعصية وبالشك والشُّبهة وللإيمان حلاوةٌ وطعم يكون بالقلب كما للأكل حلاوة، فالإيمان غذاءٌ للقلب كما أن الأكل غذاءٌ للبدن، فلا يذوق الإنسان حلاوة الطعام عند مرضه وكذلك لا يصل لحلاوة الإيمان عندما يكون قلبُه مريضاً، بل قد يستحلي ما فيه هلاكُه وتوجد العديد من الأدلة التي ذكرت الصِّفات التي يُمكن من خلالها الوصول لهذه الحلاوة، ومنها: قول النبي –عليه الصلاة والسلام-: (ثَلاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ بهِنَّ حَلاوَةَ الإيمانِ: مَن كانَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِواهُما، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ بَعْدَ أنْ أنْقَذَهُ اللَّهُ منه، كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ) ويكون ذلك بتقديم أوامر الله –تعالى- ورسوله على ما سواهما، ومحبة الناس وخاصةً الوالدين؛ لأن الله –تعالى- أمره بمحبتهما، وكذلك التحلي بالأخلاق الحسنة، وهذه الصفات تجعل في قلب العبد الإيمان المُطلق بقدرة خالقه، وأنه الوحيد المُعطي المانع وبالإيمان تسكن وتطمأن القلوب والكون وما بث الله فيه من مخلوقات شاهد على وحدانية الله تعالى والإيمان به والأمثلة في كتاب الله كثيرة جدا .
الإيمان بالله يقتضي:
أولا : الإيمان بربوبيته : وهو التصديق الجازم، والإقرار الكامل، والاعتراف التام بأن الله هو الرب الذي ربى العباد بالنعم وهذا هو توحيد الربوبية فيقر العبد ويجزم بأن الله تعالى رب كل شيء ومليكة، وخالقه، ومدبره، والمتصرف فيه، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، ولا راد لأمره، ولا معقب لحكمه، ولا مضاد له ولا مماثل له ولا سمي له ولا منازع في شيء من معاني ربوبيته ومقتضيات أسمائه وصفاته والإقرار بأن الله تعالى هو المحيي والمميت النافع والضار المتفرد بإجابة الدعاء له الأمر كله، وبيده الخير كله، قادر على ما يشاء، مقدر لجميع الأمور ومتصرف فيها ومدبر لها، ليس له في ذلك كله شريك من ملك ولا نبي ولا ولي ومن دعا غير الله من المخلوقين فقد أشرك بالله وناقض بقوله وفعله كلمة لا إله إلا الله محمدا رسول الله.
ثانيا: الإيمان بألوهيته: وهو إفراد الله جل وعلا بالتعبد في جميع أنواع العبادات. والتعبد له ركنان وشرطان لصحته، أما الركنان: فغاية الخضوع والتذلل لله، وكمال المحبة له. وأما الشرطان: فمعرفة المعبود – وهو الله سبحانه وتعالى -، ومعرفة دينه الشرعي الجزائي، والمقصود بالعبادات: ما يتعبد به لله تعالى من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، ولها شرطان: المتابعة فيها – أي أن تكون وفق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والصدق والإخلاص لله جل وعلا فيها.وهذا هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله – وتمام تحقيقها بشهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن دعا غير الله من نبي أو ولي أو استغاث بمخلوق ودعاه وطلب حوائجه منه فقد ناقض كلمة الإخلاص (لا إله إلا الله محمدا رسول الله) قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) والأصل في بني آدم توحيد الله بعبادته، وأن الشرك الذي وقعوا فيه هو الشرك في العبادة أما توحيد الربوبية فكانوا يقرون بأنه الرب الخالق الرازق المحيي المميت قال تعالى: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) فيعلم من هذا أن أول واجب على المكلف هو توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له خاصة وأن الأدلة دالة على أن كل مولود يولد على الفطرة.
ثالثا: الإيمان بأسماء وصفاته: وأهل السنة والجماعة: يعرفون ربهم بصفاته الواردة في القرآن والسنة، ويصفون ربهم بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسمائه وآياته، ويثبتون لله ما أثبته لنفسه من غير تمثيل، ولا تكييف ولا تعطيل، ولا تحريف. (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِه)ِ .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد