بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إنَّ الكثير مِن المسلمين يريدون معرفة حُكْمِ الغناء والمعازف،فأقول وبالله تعالى التوفيق:
تعريف الغناء:
الغناء: هو التطريب أو الترنيم أو رفع الصوت مع تحسينه بكلام موزون أو غير موزون، مصحوباً بموسيقى أو غير مصحوب بها .
(النهاية في غريب الحديث لابن الأثير جـ 3 صـ 391) (المعجم الوسيط جـ 2 صـ 689)
المُغَنِي هو:
كل مَن ينشد بتمطيط وتكسير وتهييج وتشويق بما فيه تعريض بالفواحش أو تصريح، وهو كل من يتخذ الغناء حرفة يتكسب منها، وأما غير ذلك فلا يُطلقُ عليه مُغَنِ. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني ـ جـ 2 ـ صـ 513)
أنواع الغناء:
ينبغي أن يكون من المعلوم أن الغناء على نوعين: غناء ماجن خبيث حرمه الله تعالى ورسوله، يصد المسلم عن ذكر الله وفعل الخيرات، وغناء أباحه الله ورسوله، يساير الفطرة السليمة ويحث المسلم على فعل الطاعات والاستعداد ليوم القيامة. وسوف أتحدث عن كلا النوعين بشيء من الإيجاز.
أولاً: الغناء الماجن:
هو الغناء الذي يشتمل على كلام يخالف عقيدة أهل السنة، أو الذي يدعو إلى المجون والخلاعة وإثارة الفتنة وتهييج الشهوة من خلال الحديث عن الحب والغرام والخمر والجمال ووصف محاسن النساء مع وجود الاختلاط بين الرجال والنساء غير المحارم، وهو حرام سواء صاحبته آلات الموسيقى أو لم تصاحبه وذلك بدليل القرآن الكريم والسنة الصحيحة المطهرة.
قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) (الأنفال:35)
روى ابن جرير الطبري بسنده عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما قال: المكاء: الصفير والتصدية: التصفيق.
(تفسير ابن جرير الطبري جـ 9 صـ 241)
والغناء عادة لا يخلو من الصفير والتصفيق:
قال الله تعالى: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً) (الإسراء:64) روى ابن جرير الطبري بسنده عن مجاهد، في قوله: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) قال: باللهو والغناء.
(تفسير ابن جرير الطبري جـ 5 صـ 118)
روى ابن أبي حاتم عن مجاهد قَالَ: استنزل مِنَ استطعت منهم بالغناء، والمزامير، واللهو، والباطل.
(تفسير ابن أبي حاتم جـ 7 صـ 2337 رقم 13335)
قال سبحانه: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) (الفرقان:72)
روى ابن جرير الطبري عن مجاهد فق قوله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) قال: لا يسمعون الغناء.
(تفسير ابن جرير الطبري جـ 19 صـ 48)
وقال ابن جرير الطبري رحمه الله بعد ذكر أقوال المفسرين في هذه الآية: وأولى الأقوال بالصواب في تأويله أن يقال: والذين لا يشهدون شيئا من الباطل لا شركا، ولا غناء، ولا كذبا ولا غيره، وكلّ ما لزمه اسم الزور. (تفسير ابن جرير الطبري جـ 19 صـ 49)
قال الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) (لقمان:6)
روى ابن جرير الطبري عن سعيد بن جُبَير، عن أبي الصهباء البكري أنه سمع عبد الله بن مسعود وهو يسأل عن هذه الآية: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بغَيْرِ عِلْمٍ) فقال عبد الله: الغناء، والذي لا إله إلا هو، يردّدها ثلاث مرّات.
(تفسير ابن جرير الطبري جـ 21 صـ 61)
وممن قال بأن المقصود بلهو الحديث في هذه الآية الكريمة بأنه الغناء والاستماع إليه وما أشبهه عبد الله ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وعِكْرِمة، وسعيد بن جُبَيْر، ومجاهد، ومكحول، وعمرو بن شعيب، وعلي بن بَذيمة. (تفسير ابن كثير جـ 11 صـ 46)
قال الحسن البصري رحمه الله: نزلت هذه الآية {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} في الغناء والمزامير.
(تفسير ابن أبي حاتم جـ 9 صـ 3096 رقم 17526)
قال الله تعالى: (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ* وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ) (النجم:59 : 61) روى ابن جرير الطبري بسنده إلى قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: (سَامِدُونَ) قال هو الغناء، كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا وهي لغة أهل اليمن. وقال ابن عباس أيضاً: يقولون: أسمد لنا: تغن لنا.
(تفسير ابن جرير الطبري جـ 27 صـ 82)
روى البخاريُّ وأبو داودَ عن أبي عَامِرٍ أَوْ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.)
(البخاري حديث 5590) (صحيح أبي داود للألباني حديث 3407)
قال الذهبي – رحمه الله: المعازف: اسم لكل آلات الملاهي التي يعزف بها، كالزمر، والطنبور، والشَبَّابَة، والصنوج.
(سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 21 صـ 158)
روى أبو داودَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْكُوبَةُ قَالَ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ.)
قَالَ سُفْيَانُ فَسَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ بَذِيمَةَ عَنْ الْكُوبَةِ قَالَ الطَّبْلُ. (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 3143)
روى الترمذيُّ عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف فقال رجل من المسلمين يا رسول الله ومتى ذاك قال إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور).
(حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1801)
روى البزار عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صوتان ملعونان في الدنيا و الآخرة: مزمار عند نعمة، ورنة عند مصيبة.(حديث حسن) (صحيح الجامع للألباني حديث 3801)
روى أبو داودَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ مِزْمَارًا قَالَ فَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ وَنَأَى عَنْ الطَّرِيقِ وَقَالَ لِي يَا نَافِعُ هَلْ تَسْمَعُ شَيْئًا قَالَ: فَقُلْتُ لَا.قَالَ فَرَفَعَ إِصْبَعَيْهِ مِنْ أُذُنَيْهِ وَقَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ مِثْلَ هَذَا فَصَنَعَ مِثْلَ هَذَا.
(حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 4116)
أقوال السلف الصالح عن الغناء الماجن:
1-عبد الله بن مسعود:
قال عبد الله بن مسعود: الغناءُ يُنبتُ النفاقَ في القلبِ كما يُنبتُ الماءُ الزرعَ، والذِّكْرُ يُنبتُ الإيمانَ في القلب كما يُنبتُ الماءُ الزرعَ.
(سنن البيهقي جـ 10 صـ 223)
وقال ابن مسعود أيضاً: إذا ركب الرجل الدابة ولم يُسم ردفه الشيطان وقال: تغنه، فإن لم يحسن قال لم تمنه.
(تلبيس إبليس لابن الجوزي صـ 287)
2-عبد الله بن عمر:
مر عبد الله بن عمر بقوم محرمين وفيهم رجل يتغنى، فقال عبد الله: ألا لا سمع الله لكم. (تلبيس إبليس لابن الجوزي صـ 287)
ومر عبد الله بن عمر أيضاً: بجارية صغيرة تغني، فقال: لو ترك الشيطان أحداً لترك هذه.(سنن البيهقي جـ 10 صـ 223)
3-عبد الله بن عباس:
قال رجل لعبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – ما تقول في الغناء، أحلال هو، أم حرام ؟ فقال: لا أقول حراماً إلا ما في كتاب الله، فقال: أفحلال هو ؟ فقال: ولا أقول ذلك، ثم قال له: أرأيت الحق والباطل، إذا جاءا يوم القيامة فأين يكون الغناء ؟ فقال الرجل: يكون مع الباطل، فقال له ابن عباس: اذهب فقد أفتيت نفسك.(إغاثة اللهفان لابن القيم صـ 246)
4-القاسم بن محمد:
سأل رجل القاسم بن محمد عن الغناء، فقال: أنهاك عنه وأكرهه لك. قال: أحرام هو ؟ قال القاسم: انظر يا ابن أخي إذا ميز الله الحق من الباطل ففي أيهما يجعل الغناء. (سنن البيهقي جـ 10 صـ 224)
5-عامر الشعبي: قال الشعبي: لُعن المغني والمغنَّى له. (تلبيس إبليس لابن الجوزي صـ 287)
6- عمر بن عبد العزيز:
كتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده: ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بُغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان وعاقبتهما سخط الرحمن عز وجل، فإنه بلغني عن الثقات من حملة العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهو بها يُنبتُ النفاق في القلب، كما يُنبتُ الماء العُشب، ولعمري لتوقى ذلك بترك حضور تلك المواطن أيسر على ذي الذهن من الثبوت على النفاق في قلبه.
(تلبيس إبليس لابن الجوزي صـ 287)
7- الفضيل بن عياض:
قال الفضيل: الغناء رقية الزنى. (تلبيس إبليس لابن الجوزي صـ 287)
8-الضحاك بن مزاحم:
قال الضحاك: الغناء مفسدة للقلب، مسخطة للرب. (تلبيس إبليس لابن الجوزي صـ 287)
9-يزيد بن الوليد بن عبد الملك:
قال يزيد بن الوليد: يا بني أمية: إياكم والغناء فإنه يزيد الشهوة، ويهدم المرءوة وإنه لينوب عن الخمر ويفعل ما يفعل السكر، فإن كنتم لابد فاعلين فجنبوه النساء فإن الغناء داعية الزنى.
(تلبيس إبليس لابن الجوزي صـ 287)
10-أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي (رحمه الله):
قال القرطبي: بعد أن ذكر الآيات والأحاديث والآثار الدالة على تحريم الغناء الماجن والمعازف: ولهذه الآثار وغيرها قال العلماء بتحريم الغناء، وهو الغناء المعتاد عند المشتهرين به، الذي يحرك النفوس ويبعثها على الهوى والغزل، والمجون الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن فهذا النوع إذا كان في شعر يشبب فيه بذكر النساء ووصف محاسنهن وذكر الخمور والمحرمات لا يختلف في تحريمه، لأنه اللهو والغناء المذموم بالاتفاق.
فأما ما سلم من ذلك فيجوز القليل منه في أوقات الفرح، كالعرس والعيد وعند التنشيط على الأعمال الشاقة، كما كان في حفر الخندق وحدو أنجشة وسلمة بن الاكوع.فأما ما ابتدعته الصوفية اليوم من الإدمان على سماع المغاني بالآلات المطربة من الشبابات، والطار، والمعازف، والأوتار، فحرام.
(الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ 4 صـ 56)
11-شيخ الإسلام: أحمد بن تيمية (رحمه الله):
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن من أعظم ما يُقوى الأحوال الشيطانية، سماع الغناء والملاهي، وهو سماع المشركين، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً)(الأنفال: 35)
قال ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وغيرهما من السلف، التصدية: التصفيق باليد، والمكاء مثل التصفير، فكان المشركون يتخذون هذا عبادة، وأما النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه فعبادتهم ما أمر الله به من الصلاة والقراءة والذكور ونحو ذلك والاجتماعات الشرعية، ولم يجتمع النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه على استماع غناء قط لا بكف ولا بدف ولا تواجد ولا سقطت بردته، بل كل ذلك كذب باتفاق أهل العلم بحديثه.
(الفرقان لابن تيمية صـ 182)
12-الإمام الألوسي:
قال الألوسي ،رحمه الله تعالى: عن تفسير قول الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) (لقمان:6)
وبعد أن ذكر الأحاديث والآثار في معنى لهو الحديث ومما ذكرنا يُعلم ما في الاستدلال بها على حرمة الملاهي كالرباب والجنك والسنطير والكمنجة والمزمار وغيرها من الآلات المطربة. (روح المعاني للألوسي جـ 21 صـ 76)
13-الشيخ أحمد مصطفى المراغي – رحمه الله:
قال الشيخ / أحمد مصطفى المراغي –: وهو من علماء الأزهر الشريف: إن سماع الغناء الذي يُحرك النفوس، ويبعثها على اللهو والمجون بكلام يُشَبَّب فيه بذكر النساء،ووصف محاسنهن، وذكر الخمور والمحرمات، لا خلاف في تحريمه. (تفسير المراغي جـ 21صـ 74)
شبهة والرد عليها:
استدل القائلون بإباحة الغناء والمعازف بما يلي:
روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ قَالَتْ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا. (البخاري حديث 952 / مسلم حديث 892)
روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنَى تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ أَيَّامُ. (البخاري حديث 987 / مسلم جـ 2 كتاب صلاة العيدين حديث 17)
* الدُّفُّ: الرِّق اَلَّذِي لَا جَلَاجِلَ فِيهِ. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 2 صـ 511)
الرد على هذه الشبهة:
أولاً: هاتان الجاريتان كانتا صغيرتي السن وغير مكلفتين، والصغار يُباح لهم في باب اللهو واللعب ما لا يباح للكبار المكلفين.
ثانياً: هاتان الجاريتان كانتا تنشدان بعض الأشعار الطيبة والمرخص فيها شرعاً في الفخر والحماسة والتي قيلت في حرب من الحروب السابقة.
ثالثاً: هذه الأشعار التي تغنت بها الجاريتان في حضور النبي عليه الصلاة والسلام لم تكن تثير الفتنة وتهيج الشهوة ولم يصاحبها شيء من المعازف التي حرمها الشرع الحنيف وأما الدف فقد أباحه النبي عليه الصلاة والسلام للنساء خاصة في الأعياد والزواج فضلاً على أن هذه الحادثة لم يكن بها اختلاط محرم بين الرجال والنساء.
رابعاً: قال القرطبي (رحمه الله):- قولها ليستا بمغنيتين. أي: ليستا ممن يَعرفُ الغناء كما يعرف المغنيات المعروفات بذلك، وهذا تحرز منها عن الغناء عند المشتهرين به، وهو الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن، وهذا النوع إذا كان في شعر فيه وصف محاسن النساء والخمر وغيرهما من الأمور المحرمة، لا يُختلف في تحريمه.
وأما ما ابتدعه الصوفية في ذلك فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه، ولكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن يُنسب إلى الخير، حتى ظهرت من كثر منهم أفعال المجانين والصبيان حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة وانتهى التواقح بقوم منهم إلى أن جعلوها من باب القرب وصالح الأعمال.
(مسلم بشرح النووي جـ 3 صـ 452: صـ 453)(فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 2 صـ 513)
أقوال أصحاب المذاهب الأربعة في تحريم الغناء الماجن والمعازف:
1) مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان (رحمه الله):
كان أبو حنيفة يكره الغناء، ويجعله من الذنوب، وهذا مذهب أهل الكوفة: سفيان الثوري وحماد بن سلمة وإبراهيم النخعي والشعبي وغيرهم ولا خلاف بينهم في ذلك وكذلك أهل البصرة.
وصرح أصحاب أبي حنيفة بتحريم سماع الملاهي كلها: كالمزمار، والدف حتى الضرب بالقضيب، وصرحوا بأنه معصية، يُرحب الفسق وترد به الشهادة.
(تلبيس إبليس صـ 280 / إغاثة اللهفان لابن القيم صـ 231 / الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري جـ 5 صـ 46: صـ 47)
2) مذهب الإمام مالك بن أنس (رحمه الله):
نهى الإمام مالك عن الغناء والاستماع إليه، وقال: إذا اشترى رجل جارية فوجدها مُغنية، كان له أن يردها بالعيب. وسُئل الإمام مالك عن الغناء فقال: إنما يفعله عندنا الفساق.
(تلبيس إبليس صـ 280 / إغاثة اللهفان لابن القيم صـ 231 / الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري جـ 5 صـ 47)
3) مذهب الإمام الشافعي (رحمه الله):
قال الشافعي (رحمه الله): إن الغناء فهو مكروه، يشبه الباطل ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته.
وقد صرح أصحاب الشافعي العارفون بمذهبه بتحريم الغناء.
(تلبيس إبليس صـ 280 / إغاثة اللهفان لابن القيم صـ 231 / الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري جـ 5 صـ 47)
وقال الشافعي: وصاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها، فهو سفيه ترد شهادته. وقال: هو دياثة، فمن فعل ذلك كان ديوثاً.
(إغاثة اللهفان لابن القيم صـ 235)
4) مذهب الإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله):
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن الغناء ؟ فقال: الغناء يُنبتُ النفاق في القلب، لا يعجبني. ثم ذكر قول مالك: إنما يفعله عندنا الفساق.
ونص الإمام أحمد على كسر آلات اللهو كالطنبور وغيره إذا رآها مكشوفة وأمكنه كسرها. وسُئل عن أيتام ورثوا جارية مغنية وأرادوا بيعها، فقال، لا تُباع إلا على أنها ساذجة فقالوا: إذا بيعت مغنية ساوت عشرين ألفاً وإذا بيعت ساذجة لا تساوي ألفين، فقال رحمه الله: لا تباع إلا على أنها ساذجة.
(تلبيس إبليس صـ 278 / إغاثة اللهفان لابن القيم صـ 234/ الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري جـ 5 صـ 47)
انظر أخي الكريم: لو كانت منفعة الغناء حلال، لما أضاع الإمام أحمد رحمه الله هذا المال على هؤلاء الأيتام.
أسماء الغناء المحرم:
ذكر ابن القيم (رحمه الله): أسماء الغناء المحرم وهي كما يلي:
اللهو، اللغو، الباطل، الزور، المكاء، التصدية، رُقْيةُ الزنا، قرآن الشيطان، مُنبتُ النفاق في القلب، الصوت الأحمق، الصوت الفاجر، صوت الشيطان، مزمار الشيطان، السمود. (إغاثة اللهفان لابن القيم صـ 241: صـ 261)
ثانياً: إن لله تعالى خلق الإنسان لعبادته، ويسر له أسباب الحياة ليعمر هذا الكون، والله عز وجل أعلم بطبيعة هذا الإنسان من نفسه لأنه هو الذي خلقه. يقول الله تعالى: (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك:14)
ولذا فقد شرع الله لهذا الإنسان نوعاً من الغناء ويساير طبيعته ويحثه على ذكر الله تعالى وفعل الخيرات وعمارة الكون والاستعداد ليوم القيامة وسوف أتحدث بإيجاز عن الضوابط الشرعية لهذا الغناء المباح.
أولاً: يجوز للنساء الغناء والضرب بالدف في الأعياد وعند إعلان الزواج بشرط أن يكون هذا الغناء خالياً مما يخالف عقيدة اهل السنة وأن يكون الكلام الذي يتغنى به النساء غير مهيج للشهوة ومثير للفتنة مع عدم اختلاط النساء بغير محارمهن.
روى البخاري عن خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ قَالَ قَالَتْ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَالَ دَعِي هَذِهِ وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ. (البخاري حديث 5147)
روى ابن ماجه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِبَعْضِ الْمَدِينَةِ فَإِذَا هُوَ بِجَوَارٍ يَضْرِبْنَ بِدُفِّهِنَّ وَيَتَغَنَّيْنَ وَيَقُلْنَ نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ يَا حَبَّذَا مُحَمَّدٌ مِنْ جَارِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمُ اللَّهُ إِنِّي لَأُحِبُّكُنَّ.
(حديث صحيح) (صحيح ابن ماجه للألباني حديث 1541)
روى النسائي عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى قُرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ فِي عُرْسٍ وَإِذَا جَوَارٍ يُغَنِّينَ فَقُلْتُ أَنْتُمَا صَاحِبَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ أَهْلِ بَدْرٍ يُفْعَلُ هَذَا عِنْدَكُمْ فَقَالَ اجْلِسْ إِنْ شِئْتَ فَاسْمَعْ مَعَنَا وَإِنْ شِئْتَ اذْهَبْ قَدْ رُخِّصَ لَنَا فِي اللَّهْوِ عِنْدَ الْعُرْسِ. (حديث حسن) (صحيح سنن النسائي للألباني حديث 3168)
ثانياً: يجوز بالنسبة للرجال الغناء بالأشعار والأناشيد التي تدعو إلى تصحيح العقيدة، والتذكير باليوم الآخر وطاعة الله ورسوله والزهد في الدنيا والدعوة إلى الدفاع عن الإسلام وحماية البلاد من الأعداء وكذلك الأشعار التي تدعو إلى مكارم الأخلاق والحماسة والفخر والتشجيع على العمل وكذلك الأناشيد التي تعبر عن الشوق إلى الأهل والوطن وإنشاد الحجاج، وهم في طريقهم إلى بيت الله الحرام وللترويح عن النفس وكل ذلك أباحه الشرع الشريف بشرط عدم مصاحبة هذا الغناء لأي آلة من آلات الموسيقى وعدم مخالفته لعقيدة أهل السنة وألا يكون مثيراً للفتن وعدم اختلاط الرجال بالنساء غير المحارم، ولا يُتخذ ذلك مهنة ولا يخرج به المسلم عن حد الاعتدال.
روى الشيخان عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلًا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ لِعَامِرٍ يَا عَامِرُ أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ هَذَا السَّائِقُ قَالُوا عَامِرُ بْنُ الْأَكْوَعِ قَالَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ.
(البخاري حديث 4196 / مسلم حديث 1802)
قال ابن حجر (رحمه الله) – قَوْله عليه الصلاة والسلام: (مَنْ هَذَا السَّائِق) وفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ فَجَعَلَ عَامِر يَرْتَجِزُ وَيَسُوقُ الرِّكَابَ وَهَذِهِ كَانَتْ عَادَتُهُمْ إِذَا أَرَادُوا تَنْشِيطَ الْإِبِلَ فِي السَّيْرِ يَنْزِلُ بَعْضُهُمْ فَيَسُوقُهَا وَيَحْدُو فِي تِلْكَ الْحَالِ. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 7 صـ532)
روى الشيخان عن قَتَادة عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَادٍ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ لَا تَكْسِرْ الْقَوَارِيرَ قَالَ قَتَادَةُ يَعْنِي ضَعَفَةَ النِّسَاءِ.
(البخاري حديث 6211 / مسلم جـ4 كتاب الفضائل حديث 17)
قال ابن حجر العسقلاني:
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: كَانَ أَنْجَشَة أَسْوَد وَكَانَ فِي سَوْقه عُنْف ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْفُق بِالْمَطَايَا. وَقِيلَ: كَانَ حَسَن الصَّوْت بِالْحُدَاءِ فَكَرِهَ أَنْ تَسْمَع النِّسَاء الْحُدَاء فَإِنَّ حُسْن الصَّوْت يُحَرِّك مِنْ النُّفُوس ، فَشَبَّهَ ضَعْف عَزَائِمهنَّ وَسُرْعَة تَأْثِير الصَّوْت فِيهِنَّ بِالْقَوَارِيرِ فِي سُرْعَة الْكَسْر إِلَيْهَا.
(فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 10 صـ 561)
الدف مكروه للرجال:
1- قال ابن قدامة (رحمه الله):
وَأَمَّا الضَّرْبُ بِالدُّفِ لِلرِّجَالِ فَمَكْرُوهٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَضْرِبُ بِهِ النِّسَاءُ ، وَالْمُخَنَّثُونَ الْمُتَشَبِّهُونَ بِهِنَّ ، فَفِي ضَرْبِ الرِّجَالِ بِهِ تَشَبُّهٌ بِالنِّسَاءِ ، وَقَدْ لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ. (المغني لابن قدامة جـ 9 صـ 174)
2- قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
ولكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أنواع اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح، وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد منهم يضرب بدف ولا يصفق بكف، بل ثبت في الصحيح أنه قال: إنما التصفيق للنساء والتسبيح للرجال " ولعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء. (الرسائل المنيرية جـ 2 صـ 170: صـ 171)
3-وقال ابن حجر العسقلاني:
وَالْأَحَادِيث الْقَوِيَّة فِيهَا الْإِذْن فِي ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ فَلَا يَلْتَحِق بِهِنَّ الرِّجَال لِعُمُومِ النَّهْي عَنْ التَّشَبُّه بِهِنَّ.
(فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 9 صـ 133: صـ 134)
فتاوى في حكم الغناء و المعازف
1-سُئل فضيلة الشيخ / عبد الرحمن قراعة (رحمه الله) (مفتي مصر في الفترة من 9 يناير 1921: 30 يناير 1928) عن حكم سماع الموسيقى والاستماع إليها.
فأجاب: أما الموسيقى فحكمها من جهة الإيقاع والاستماع حكم اللّهو واللعب والعبث وهو الكراهة التحريمية.
فإن فقهاءنا نصوا على كراهة كل لهو كالرقص والسخرية والتصفيق وضرب الأوتار من الطنبور والبربط والرباب والقانون والمزمار والصنج والبوق.فإنها كلها مكروهة تحريما ولم يستثن من ذلك إلا ضرب الدف في الأعراس والأعياد الدينية و إلا ملاعبة الرجل زوجه وتأديبه لفرسه ومناضلته بقوسه.(فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ 4 صـ 1247)
2-سُئل فضيلة الشيخ /عبد المجيد سليم (رحمه الله) (مفتي مصر في الفترة من 22 مايو 1928 و ظل يباشر شئون الإفتاء قرابة العشرين عاماً): هل من الجائز شرعاً النقر على الدفوف وضرب الطبول والمزمار أثناء الصلوات في الجوامع ؟
فأجاب: اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد بأنه لا يجوز شرعا عند فقهاء الحنفية الضرب على الدف وسائر آلات اللّهو إلا ما استثنوه من الدف بلا جلاجل في ليلة العرس وطبل الغزاة والحجاج والقافلة. (فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ 4 صـ 1281)
3-اللجنة الدائمة بالسعودية:
هل يجوز استخدام المعازف في الأناشيد الإسلامية للأطفال ؟
الجواب: لا يجوز استخدام المعازف ولا غيرها من آلات اللهو، لا في الأناشيد الإسلامية ولا في غيرها ولا في التعليم ولا في غيره؛ لقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} الآية ، ولما روى البخاري عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال: حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري ، والله ما كذبني، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ».
لكن ينبغي ترغيبهم بالأناشيد الطيبة التي لا محذور فيها شرعا، وبالجوائز المناسبة وبغير ذلك من أنواع الترغيب والتشجيع التي لا محذور فيها. والله سبحانه ما حرم شيئا على عباده إلا يسر لهم من الحلال ما يغنيهم عنه، كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}.
(فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية جـ12 رقم 1440 صـ 184: صـ 185)
4- فتوى الشيخ الألباني: (رحمه الله):
بعد أن ذكر ما رواه البخاريُّ وأبو داودَ أبي عامر أو أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ " وأثبت صحة هذا الحديث، قال الألباني (رحمه الله) – ومن فوائد هذا الحديث:
* تحريم آلات العزف و الطرب ، و دلالة الحديث على ذلك من وجوه:
1-قوله: " يستحلون " فإنه صريح بأن المذكورات و منها المعازف هي في الشرع محرمة ، فيستحلها أولئك القوم.
2-قرن (المعازف) مع المقطوع حرمته: الزنا و الخمر، و لو لم تكن محرمة ما قرنها معها إن شاء الله تعالى.و قد جاءت أحاديث كثيرة بعضها صحيح في تحريم أنواع من آلات العزف التي كانت معروفة يومئذ ، كالطبل و القنين و هو العود و غيرها ، و لم يأت ما يخالف ذلك أو يخصه ، اللهم إلا الدف في النكاح و العيد ، فإنه مباح على تفصيل مذكور في الفقه ، و قد ذكرته في ردي على ابن حزم. و لذلك اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها ، و استثنى بعضهم - بالإضافة إلى ما ذكرنا - الطبل في الحرب.
(السلسلة الصحيحة للألباني جـ 1 صـ 144: صـ 145)
5- فتوى عبد العزيز بن باز:
سُئل الشيخ / عبد العزيز بن باز، (رحمه الله): ما حكم استماع الموسيقى والأغاني ؟
فأجاب – رحمه الله بما يلي: حُكم ذلك التحريم والمنع لما في ذلك من الصد عن سبيل الله، ومرض القلوب وخطر الوقوع فيما حرم الله – عز وجل من الفواحش، قال الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ *وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (لقمان:6: 7) ففي هاتين الآيتين الكريمتين الدلالة على أن استماع آلات اللهو والغناء من أسباب الضلال والإضلال، واتخاذ آيات الله هزواً واستكباراً عن سماع آيات الله. (فتاوى المرأة إعداد محمد المسند جـ 2 صـ 98)
6-فتوى محمد بن صالح بن عثيمين (رحمه الله):
سُئل الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين: ما حكم الموسيقى والاستماع إلى الأغاني ؟
فأجاب: رحمه الله تعالى: استماع الموسيقى والأغاني حرامٌ، ولا شك في تحريمه. وقد جاء عن السلف من الصحابة والتابعين أن الغناء يُنبت النفاق في القلب واستماع الغناء من لهو الحديث والركون إليه. وقد قال الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) (لقمان:6)
قال ابن مسعود في تفسيره الآية: والله الذي لا إله إلا هو إنه الغناء، وتفسير الصحابي حجة وهو في المرتبة الثالثة في التفسير لأن التفسير له ثلاث مراتب تفسير بالقرآن وتفسير بالسنة وتفسير القرآن بأقوال الصحابة، حتى ذهب بعض أهل العلم إلى أن تفسير الصحابي له حكم الرفع ولكن الصحيح أنه ليس له حكم الرفع وإنما هو أقرب الأقوال إلى الصواب. ثم إن الاستماع إلى الأغاني والموسيقى وقوع فيما حذر منه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: " لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ " يعني يستحلون الزنا والخمر والحرير وهم رجال لا يجوز لهم لبس الحرير والمعازف هي آلة اللهو – رواه البخاري من حديث أبي مالك الأشعري أو أبي عامر الأشعري – وعلى هذا فإنني أوجه النصيحة إلى إخواني المسلمين بالحذر من سماع الأغاني والموسيقى وألا يغتروا بقول من قال من أهل العلم بإباحة المعازف لأن الأدلة على تحريمه واضحة وصريحة. (فتاوى المرأة جـ 1 إعداد محمد المسند صـ 106)
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد