بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن لزكاة الفطر في شهر رمضان أحكامًا تتعلق بها، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
التعريف بزكاة الفطر:
يُقالُ لها: زكاة الفطر أو صدقة الفطر, وَأُضِيفَتْ هَذِهِ الزَّكَاةُ إلَى الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ.
وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَقِيلَ لَهَا فِطْرَةٌ لِأَنَّ الْفِطْرَةَ الْخِلْقَةُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} أَيْ جِبِلَّتَهُ الَّتِي جَبَلَ النَّاسَ عَلَيْهَا، وَهَذِهِ يُرَادُ بِهَا الصَّدَقَةُ عَنْ الْبَدَنِ وَالنَّفْسِ كَمَا كَانَتْ الْأُولَى صَدَقَةً عَنْ الْمَالِ.(المغني لابن قدامة جـ4 صـ282: صـ283)
حِكْمة مشروعية زكاة الفطر:
قال ابن عثيمين – رحمه الله تعالى: أما حكمة زكاة الفطر ظاهرة جدًا، ففيها إحسان إلى الفقراء وكف لهم عن السؤال في أيام العيد؛ ليشاركوا الأغنياء في فرحهم وسرورهم به ويكون عيدا للجميع، وفيها الاتصاف بخلق الكرم وحب المواساة، وفيها تطهير الصائم مما يحصل في صيامه من نقص ولغو وإثم، وفيها إظهار شكر نعمة الله بإتمام صيام شهر رمضان وقيامه وفعل ما تَيَسَّر من الأعمال الصالحة فيه.(مجالس شهر رمضان لابن عثيمين صـ142)
روى أبو داودَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ.
(حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني حديث 1420)
قال وكيع بن الجراَّح: زكاة الفطر لشهر رمضان كسجدة السهو للصلاة, تجبر نقصان الصوم, كما يجبر السجود نقصان الصلاة.
(الفقه الإسلامي للدكتور وهبة الزحيلي جـ2 صـ902)
حكم زكاة الفطر:
زكاة الفطر واجبة, فرضها رسول الله صلى الله علي وسلم في شهر شعبان في العام الثاني من الهجرة النبوية المباركة.
(بداية المجتهد لابن رشد جـ1 صـ413 / المجموع للنووي جـ6 صـ104)
روى الشيخانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ.(البخاري حديث 1503 / مسلم حديث 984)
تنبيه هام: يجب أن يكون من المعلوم أن ما فرضه رسول الله r أو أمر به فله حكم ما فرضه الله تعالى أو أمر به.
قال الله تعالى (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) (النساء: 80)
وقال سبحانه: (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الحشر: 7)
على من تجب زكاة الفطر؟
تجب زكاة الفطر على كل مسلم حر, مالك لما يزيد على قوته وقوت من تلزمه نفقته, يوم العيد وليليته, ويجب إخراجها عن نفسه وعمن تلزمه نفقته, كزوجته, وأولاده, وخدمه من المسلمين الذين يتولى أمورهم ويقوم بالإنفاق عليهم.
(الأم للشافعي جـ2 صـ 62: صـ66) (المغني لابن قدامة جـ4 صـ301: صـ310)
روى الدارقطني عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ عَنِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ مِمَّنْ تُمَوِّنُونَ.
(حديث حسن) (إرواء الغليل للألباني جـ8 حديث 835)
فوائد مهمة:
* زكاة الفطر غير واجبة على الجنين في بطن أمه, وهو قول أكثر أهل العلم, ولكن يُستحب إخراجها عنه لفعل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه.
(المغني لابن قدامة جـ4 صـ316)
* العمال والخدم الذين يتقاضون أجرة مقابل ما يؤدونه من عمل في المصنع والمزرعة هم الذين يخرجون زكاة الفطر عن أنفسهم؛ لأن الأصل وجوبها عليهم.
(فتاوى اللجنة الدائمة جـ9 صـ372)
مقدار زكاة الفطر:
الواجب في زكاة الفطر صاع من غالب قوت أهل البلد سواء كان من القمح أو الشعير أو التمر أو الزبيب أو الأرز أو الذرة أو نحو ذلك مما يقتات ويدخر.
روى الشيخانِ عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ (اللبن المجفف الذي لم تنزع زبدته) أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ. (البخاري حديث:1506/مسلم حديث 985)
مقدار الصاع النبوي: الصاع يساوي أربع حفنات بكفي رجل معتدل الكفين. الصاع يساوي سدس كيلة مصرية. الصاع يساوي قدح وثلث مصري
جدول بأوزان الحبوب
النوع | أرز | فاصوليا | لوبيا | فول | عدس | تمر | زبيب |
الوزن بالكيلو | 2.500 | 2.250 | 2.250 | 2.250 | 2.250 | 2.00 | 2.00 |
مصرفُ زكاة الفطر:
تُعطى زكاة الفطر للفقراء والمساكين في البلد الذي وجبت فيه إخراجها, وذلك بغروب شمس آخر يوم من شهر رمضان.
روى أبو داودَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ.(حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني حديث 1420)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: عند الحديث عن زكاة الفطر: أَوْجَبَهَا اللَّهُ طَعَامًا كَمَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ طَعَامًا وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَلَا يُجْزِئُ إطْعَامُهَا إلَّا لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْكَفَّارَةَ وَهُمْ الْآخِذُونَ لِحَاجَةِ أَنْفُسِهِمْ فَلَا يُعْطِي مِنْهَا فِي الْمُؤَلَّفَةِ وَلَا الرِّقَابِ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ.
(مجموع فتاوى ابن تيمية جـ 25 صـ 73)
وقال ابن تيمية أيضًا: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {طُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ} نَصٌّ فِي أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِلْمَسَاكِينِ.
(مجموع فتاوى ابن تيمية جـ 25 صـ 75)
قال ابن القيم: وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَخْصِيصُ الْمَسَاكِينِ بِهَذِهِ الصّدَقَةِ وَلَمْ يَكُنْ يَقْسِمُهَا عَلَى الْأَصْنَافِ الثّمَانِيَةِ قَبْضَةً قَبْضَةً وَلَا أَمَرَ بِذَلِكَ وَلَا فَعَلَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا مَنْ بَعْدَهُمْ بَلْ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا: إنّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا إلّا عَلَى الْمَسَاكِينِ خاصة، وهذا القول أرجح من القول بوجوب قسمتها على الأصناف الثمانية.(زاد المعاد لابن القيم جـ 2 صـ 22)
قال الشوكاني: قَوْلُهُ (وَطُعْمَةً) بِضَمِّ الطَّاءِ وَهُوَ الطَّعَامُ الَّذِي يُؤْكَلُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفِطْرَةَ تُصْرَفُ فِي الْمَسَاكِينِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ.(نيل الأوطا للشوكاني جـ 4 صـ 241)
وقت إخراج زكاة الفطر:
تجب زكاة الفطر بغروب شمس آخر يوم من رمضان – أي: ليلة العيد.
(المغني لابن قدامة جـ4 صـ298)
لأنه الوقت الذي يكون به الفطر من رمضان, وأما وقت إخراج الزكاة فله وقتان: وقت فضيلة ووقت جواز.
فأما وقت الفضيلة:
فهو صباح يوم العيد قبل الصلاة.
روى الشيخانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ.
(البخاري حديث:1509/مسلم حديث:986)
وأما وقت الجواز:
فهو قبل العيد بيوم أو يومين:
روى البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ أَوْ قَالَ رَمَضَانَ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُعْطِي التَّمْرَ فَأَعْوَزَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ التَّمْرِ فَأَعْطَى شَعِيرًا فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي عَنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ حَتَّى إِنْ كَانَ لِيُعْطِي عَنْ بَنِيَّ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُعْطِيهَا الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ. (البخاري حديث1511)
روى مالك عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَر َكَانَ يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إِلَى الَّذِي تُجْمَعُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ.
(حديث صحيح)(موطأ ملك جـ 1 كتاب الزكاة حديث 55)
حكم تأخير إخراج زكاة الفطر عن وقتها:
لا يجوز تأخير إخراج زكاة الفطر عن صلاة العيد بلا عذر شرعي.(زاد المعاد لابن القيم جـ2 صـ21: صـ22)
كأن يأتي خبر ثبوت العيد مفاجئًا بحيث لا يتمكن من إخراجها قبل الصلاة, أو يكون متعمدًا على شخص في إخراجها, فينسى أن يخرجها, فلا حرج أن يخرجها ولو بعد صلاة العيد لأنه معذور في ذلك.
روى أبو داودَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ.
(حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني حديث 1420)
التوكيل في إخراج زكاة الفطر:
يجوز للمسلم أن يوكل غيره في إخراج الزكاة كأن يدفعها إلى رجل أمين موثوق فيه يقوم بإخراجها نيابة عنه أو يعطيها إلى جمعية خيرية موثوق فيها تقوم بتوزيع الزكاة في مصارفها الشرعية, وبذبك تبرأ الذمة أمام الله عز وجل يوم القيامة.
(فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ1 رقم 37 صـ119)
نقل زكاة الفطر من بلد إلى بلد آخر:
المشروع أن تُصرف زكاة كل بلد في فقرائها حتى يستغني جميع الفقراء عن الزكاة, ولا يجوز نقل الزكاة إلا لمصلحة شرعية راجحة كأن يكون فقراء البلد التي تنقل إليهم الزكاة أشد حاجة من فقراء البلد التي يعيش فيها المسلم أو أن يكون له أقارب فقراء مستحقون للزكاة ولا يعطيهم ما يكفيهم, فيكون هذا رعاية وصلة لذوي القربى.
(فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ1 رقم 39 صـ123: صـ124)
أحكام خاصة بآخر يوم من رمضان وليلة عيد الفطر:
1- من مات قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان لا تجب عليه زكاة الفطر.
2- من رزقه الله بمولود قبل غروب الشمس من آخر يوم من رمضان وجب عليه إخراج زكاة الفطر عنه, وأما إذا تمت الولادة بعد الغروب لم يلزمه إخراج الزكاة.
3-إذا مات من وجبت عليه زكاة الفطر قبل أدائها, أُخرجت من ماله.
4-من ملك عبدًا مسلمًا قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان, ليلة عيد الفطر وجب عليه إخراج زكاة الفطر عنه.
5-من تزوج قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان, ليلة عيد الفطر, وجب عليه إخراج زكاة الفطر عن زوجته.
6-من أسلم قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان, ليلة عيد الفطر, وجب عليه إخراج زكاة الفطر إن كان يملك ما يزيد عن قوته وقت عياله يوم العيد وليلته. (المغني لابن قدامة جـ4 صـ298: صـ300)
7- من كان لا يملك قبل غروب شمس ليلة عيد الفطر, ما يكفيه يوم عيد الفطر, وليلته, ثم رزقه الله رزقًا وفيرًا ليلة عيد الفطر أو يومه, لم يجب عليه إخراج صدقة الفطر.
8- من كان فقيرًا فأخذ من زكاة الفطر أو غيرها قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان ليلة عيد الفطر, وأصبح يملك ما يزيد عن قوت يوم العيد وليلته, وجب عليه إخراج زكاة الفطر. (المغني لابن قدامة جـ4 صـ299)
حكم إخراج زكاة الفطر نقودًا:
ذهب جمهور العلماء (منهم مالك والشافعي وأحمد) إلى عدم جواز إخراج زكاة الفطر قيمة إلا لضرورة.وهذا هو الرأي الراجح.
روى الشيخان ِعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ. (البخاري حديث:1503/مسلم حديث:984)
روى الشيخانِ عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ. (البخاري حديث:1506/مسلم حديث:985)
لا اجتهاد مع النص:
يجب أن نعلم أنه لا اجتهاد مع النص, فإذا ثبت الحكم الشرعي بدليل القرآن والسُّنَّة الصحيحة, قلنا سمعنا وأطعنا وإن لم ندرك الحكمة الحقيقية لهذا التشريع لأن العقل البشري قد يعجز في كثير من الأحيان عن معرفة الحكمة الحقيقية من الأحكام الشرعية.
لم يثبت عن أحد من الخلفاء الراشدين أنه أجاز إخراج القيمة في زكاة الفطر وهم أفضل وأعلم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم أعلم بأحكام الشريعة الإسلامية منا وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بإتباع سنتهم.
إذا كان عدم جواز إخراج زكاة الفطر قيمة أو نقودًا هو المذهب الراجح الذي عليه الدليل الصحيح الصريح وهو مذهب جمهور علماء المسلمين, أليس مِن الأحوط لدين المسلم أن يأخذ بهذا الرأي الراجح !!
روى الشيخان عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ.
في هذا الحديث لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم القيمة, ولو جاز إخراج زكاة الفطر قيمة لبين الله تعالى ذلك لرسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) (مريم: 64)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في خمس وعشرين من الإبل بنت مخاض فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ولو جازت القيمة هنا أيضًا لبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم. (المجموع للنووي جـ6 صـ429: صـ430)
فتاوى العلماء
1-قال الإمام الشافعي (رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى) "يؤدي الرجل من أي قوت كان الأغلب عليه من الحنطة أو الذرة أو العلس (نوع من الحبوب) أو الشعير أو التمر أو الزبيب وما أدى من هذا أدي صاعًا بصاع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يؤدى ما يخرجه من الحب لا يؤدي إلا الحب نفسه لا يؤدي سويقًا ولا دقيقًا ولا يؤدى قيمته" (الأم للشافعي جـ 2 صـ 68)
2-الإمام أحمد بن حنبل (رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى):
قَالَ أَبُو دَاوُد قِيلَ لِأَحْمَدَ وَأَنَا أَسْمَعُ: أُعْطِي دَرَاهِمَ - يَعْنِي فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ - قَالَ: أَخَافُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ خِلَافُ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ، قَالَ لِي أَحْمَدُ لَا يُعْطِي قِيمَتَهُ، قِيلَ لَهُ: قَوْمٌ يَقُولُونَ، عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَأْخُذُ بِالْقِيمَةِ، قَالَ يَدَعُونَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُونَ قَالَ فُلَانٌ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}.وَقَالَ قَوْمٌ يَرُدُّونَ السُّنَنَ: قَالَ فُلَانٌ، قَالَ فُلَانٌ.
قال ابن قدامة:وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أحمدبن حنبل: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الزَّكَوَاتِ.وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ.
(المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 295)
3- قَالَ عمر بن الحسين الخرقي (رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى) (عند الحديث عن زكاة الفطر): (وَمَنْ أَعْطَى الْقِيمَةَ، لَمْ تُجْزِئْهُ). (المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 295)
4- قال أبو محمد بن حزم (رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى) ولا يجزئ إخراج بعض الصاع شعيرا وبعضه تمرا، ولا تجزئ قيمة أصلا، لان كل ذلك غير ما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقيمة في حقوق الناس لا يتجوز إلا بتراض منها، وليس للزكاة مالك بعينه فيجوز رضاه أو إبراؤه. (المحلى لابن حزم جـ 6 صـ 137 مسألة: 708)
5ـ قال أَبُو بَكْرٍ الْأَعْمَشُ (رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى) (من علماء المذهب الحنفي): أَدَاءُ الْحِنْطَةِ أَفْضَلُ مِنْ أَدَاءِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ وَأَبْعَدُ عَنْ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِيهِ.
(المبسوط للسرخسي جـ 3 صـ 107)
6- قال البغوي (رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى) يجب إخراج صدقة الفطر من غالب قوت أهل البلد ولا يجوز إخراج القيمة.
(شرح السنة للبغوي جـ6 صـ 73: صـ 74)
7- قال ابن قدامة المقدسي (رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى): (عند ذكر الدليل على عدم جواز إخراج زكاة الفطر قيمة)
وَلَنَا ، قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، وَصَاعًا مِنْ شَعِيرٍ) فَإِذَا عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَدْ تَرَكَ الْمَفْرُوضَ.وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فِي أَرْبَعِينَ شَاةٍ شَاةٌ وَفِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ).
وَهُوَ وَارِدٌ بَيَانًا لِمُجْمَلِ قَوْله تَعَالَى: }وَآتُوا الزَّكَاةَ} فَتَكُونُ الشَّاةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ الزَّكَاةُ الْمَأْمُورُ بِهَا ، وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ.
وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ الصَّدَقَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى، فَفِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ الَّذِي كَتَبَهُ فِي الصَّدَقَاتِ أَنَّهُ قَالَ: (هَذِهِ الصَّدَقَةُ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى.)
(المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 296)
قال ابن قدامة أيضًا "وَلِأَنَّ مُخْرِجَ الْقِيمَةِ قَدْ عَدَلَ عَنْ الْمَنْصُوصِ ، فَلَمْ يُجْزِئْهُ ، كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الرَّدِيءَ مَكَانَ الْجَيِّدِ.".
(المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 297)
8- قال شيخ الإسلام ابن تيمية (رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى): عند الحديث عن زكاة الفطر: (أَوْجَبَهَا اللَّهُ طَعَامًا كَمَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ طَعَامًا).
(مجموع فتاوى ابن تيمية جـ 25 صـ 73)
9- قال الشوكاني (رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى): صدقة الفطر صاع من القوت المعتاد عن كل فرد (الدرر البهية للشوكاني صـ 51 مسألة 197)
10-قال أبو الطيب صديق حسن خان (رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى): لا يجوز إخراج القيمة في صدقة الفطر.
(الروضة الندية لصديق حسن خان جـ1 صـ216)
11ـ قال مقبل بن هادي الوادعي (رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى): زكاة الفطر صاعٌ من زبيب أو صاع من أقط أو صاع من شعير، وإن لم توجد هذه الأصناف التي حسبت كما في حديث ابن عمر وأبي سعيد الخدري، فمن غالب قوت البلد، أما القيمة فلم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تدفع قيمة.
(إجابة السائل لمقبل بن هادي الوادعي صـ 126:125)
12- قال السيد سابق (رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى):
الواجب في صدقة الفطر: صاعٌ من القمح أو الشعير أو التمر أو الزبيب أو الأقط أو الأرز أو الذرة أو نحو ذلك مما يعتبر قوتًا.
(فقه السنة جـ1 صـ471)
13- قال عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى:
(بعد أن ذكر حديث ابن عمر وأبي سعيد الخدري في زكاة الفطر) هذه سنة محمد صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر, ومعلوم أن وقت هذا التشريع وهذا الإخراج يوجد بيد المسلمين وخاصة مجتمع المدينة الدينار والدرهم اللذان هما العملة السائدة آنذاك ولم يذكرهما صلوات الله وسلامه عليه في زكاة الفطر, فلو كان شيء يجزئ في زكاة الفطر منهما لأبانه صلوات الله وسلامه عليه, إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة, ولو فعل ذلك لنقله أصحابه رضي الله عنهم, ولا نعلم أن أحدًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخرج النقود في زكاة الفطر, وهم أعلم الناس بسنته صلى الله عليه وسلم وأحرص الناس على العمل بها, ولو وقع منهم شيء من ذلك لنقل كما نقل غيره من أقوالهم وأفعالهم بالأمور الشرعية. إن إخراج النقود في زكاة الفطر لا يجوز ولا يجزئ عمن أخرجه, لكونه مخالفًا للأدلة الشرعية.
(فتاوى ومقالات ابن باز جـ14 صـ209: صـ211)
14- قال ابن عثيمين – رحمه الله:
عند الحديث عن كيفية إخراج زكاة الفطر:
وأما جنس الواجب في الفطرة فهو طعام الآدميين من تمر, أو بر, أو رز أو زبيب, أو أقط, أو غيرهما من طعام بني آدم.
ثم ذكر حديث ابن عمر وأبي سعيد الخدري في زكاة الفطر, ثم قال: لا يجزئ إخراج قيمة الطعام لأن ذلك خلاف ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد, ولأن زكاة الفطر عبادة مفروضة من جنس معين, فلا يُجزئ إخراجها من غير الجنس المعين, كما لا يجزئ إخراجها في غير الوقت المعين, ولأن إخراج القيمة يخرج الفطرة عن كونها شعيرة ظاهرة إلى كونها صدقة خفية, فإن إخراجها صاعًا من طعام يجعلها ظاهرة بين المسلمين معلومة للصغير والكبير, يشاهدون كيلها, وتوزيعها, ويتعارفونها بينهم بخلاف ما لو كانت دراهم يخرجها الإنسان خفية بينه وبين الآخذ.
(مجالس شهر رمضان لابن عثيمين صـ143: صـ 144)
15- أبو بكر الجزائري:
قال الشيخ أبو بكر الجزائري: الواجب أن نخرج زكاة الفطر من أنواع الطعام, ولا يُعدل عنه إلى النقود إلا لضرورة, إذا لم يثبت أن النبي r أخرج بدلها نقودًا, بل لم يُنقل حتى عن الصحابة إخراجها نقودًا.
(منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري صـ213)
16-اللجنة الدائمة:
لا يجوز إخراج زكاة الفطر نقودًا , لأن الأدلة الشرعية قد دلت على وجوب إخراجها طعامًا، ولا يجوز العدول عن الأدلة الشرعية لقول أحد من الناس.
(فتاوى اللجنة الدائمة جـ9 فتوى رقم 13231 صـ 379)
شُبهات والرد عليها
سوف نذكر بعض شبهات من أجاز إخراج زكاة الفطر نقودًا ونذكر الرد عليها بنوع من الإيجاز:
الشبهة الأولى:
يزعم بعض الناس أن إخراج زكاة الفطر نقودًا أفضل من إخراجها طعامًا لأن النقود تجعل الفقير يشتري ما يحتاجه من طعام وكساء وغير ذلك.
الرد على هذه الشبهة:
هذا زعم غير صواب ومردود على أصحابه لأن الله عز وجل هو الذي خلق الإنسان وهو أعلم بما يُصلح شأنه في حياته الدنيا.
قال سبحانه وتعالى: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك: 14)
فقد كان الفقراء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يحتاجون إلى الكساء ولوازم أخرى غير الطعام , وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أحوالهم وما هم فيه من الفقر وشدة الحاجة, وعلى الرغم من كثرة عدد السنوات التي أخرجت فيها زكاة الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهي تسع سنوات, لم يأمر أحدًا بإخراج قيمة زكاة الفطر نقودًا على الرغم من أن النقود كانت موجودة في عهده صلى الله عليه وسلم. فهل نحن أرحم بالفقراء من النبي صلى الله عليه وسلم الذي مدحه الله تعالى في كتابه العزيز قائلا ً: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة: 128)
الشبهة الثانية:
احتج الذين يرون جواز إخراج القيمة في زكاة افطر بما رواه البيهقي من حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أغنوهم – أي المساكين – عن طواف هذا اليوم.
(السنن الكبرى للبيهقي جـ4 صـ175)
هذا الحديث قال عنه بعض أهل العلم: حديث ضعيف, ومن هؤلاء العلماء الذين ذهبوا إلى تضعيف هذا الحديث ما يلي:
* ابن حزم في كتابه: (المحلى جـ6 صـ121)
* النووي في كتابه: (المجموع جـ6 صـ 126)
* ابن حجر في كتابه: (فتح الباري جـ3 صـ439)
* الزيلعي في كتابه: (نصب الراية جـ3 صـ523)
* الألباني في كتابه: (إرواء الغليل جـ3 رقم 844 صـ223 , صـ334)
فعجبًا لهؤلاء الذين يحتجون بهذا الحديث الضعيف ويقدمونه على الأحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم وغيرهما والتي تتحدث صراحة على فرض إخراج زكاة الفطر من كل ما يُقتات ويُدخر من الطعام.
الشبهة الثالثة:
احتج من أجاز إخراج زكاة الفطر نقودًا بقول الإمام البخاري رحمه الله معلقًا قَالَ طَاوُسٌ قَالَ مُعَاذٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَهْلِ الْيَمَنِ ائْتُونِي بِعَرْضٍ ثِيَابٍ خَمِيصٍ أَوْ لَبِيسٍ – أنواع من الملابس فِي الصَّدَقَةِ مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ وَخَيْرٌ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ. (البخاري جـ3 صـ365)
الرد على هذه الشبهة:
هذا الاستدلال غير صحيح لأن هذا الأثر ضعيف بدليل أقوال العلماء فيما يلي:
قال ابن حجر العسقلاني: هَذَا التَّعْلِيق صَحِيحُ الْإِسْنَادِ إِلَى طَاوُس، لَكِنَّ طَاوُسًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذ فَهُوَ مُنْقَطِع، فَلَا يُغْتَرُّ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ بِالتَّعْلِيقِ الْجَازِمِ فَهُوَ صَحِيحٌ عِنْدَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ إِلَّا الصِّحَّة إِلَى مَنْ عُلِّقَ عَنْهُ، وَأَمَّا بَاقِي الْإِسْنَادِ فَلَا، إِلَّا أَنَّ إِيرَادَهُ لَهُ فِي مَعْرِضِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ يَقْتَضِي قُوَّتَهُ عِنْدَهُ، وَكَأَنَّهُ عَضَّدَهُ عِنْدَهُ الْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْبَابِ. (فتح الباري جـ3 صـ366)
وَحَكَى الْبَيْهَقِيّ أَنَّ بَعْضهمْ قَالَ فِيهِ "مِنْ الْجِزْيَةِ " بَدَل الصَّدَقَة. (فتح الباري جـ3 صـ366)
ولذا قال النووي, (والجواب) عن حديث معاذ أن المراد به أخذ البدل عن الجزية لا عن الزكاة. (المجموع جـ5 صـ430)
قال ابن قدامة: حَدِيثُ مُعَاذٍ، الَّذِي رَوَوْهُ فِي الْجِزْيَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِتَفْرِيقِ الصَّدَقَةِ فِي فُقَرَائِهِمْ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِحَمْلِهَا إلَى الْمَدِينَة.وَفِي حَدِيثِهِ هَذَا: فَإِنَّهُ أَنْفَعُ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ. (المغني لابن قدامة جـ4 صـ297)
أسألُ اللهَ تَعَالى بأسمائه الحسْنَى وصِفَاتِهِ العُلى أن يجعلَ هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم وينفع به طلاب العِلْم، وأن يجعله ذُخْرَا لي عنده يوم القيامة.
(يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
وآخرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد