فضل الصلاة على نبينا ﷺ


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

إن للصلاة على نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منزلة عظيمة وفضائل:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

معنى اسْم مُحَمَّد :

اسْمُ مُحَمَّدٍ هُوَ أشهر أَسْمَائِهِ وَهُوَ اسْم مَنْقُول من الْحَمد وَهُوَ فِي الأَصْل اسْم مفعول من الْحَمد وَهُوَ يتَضَمَّن الثَّنَاء على الْمَحْمُود ومحبته وإجلاله وتعظيمه هَذَا هُوَ حَقِيقَة الْحَمد وَبني على زنة مفعل مثل مُعظم ومحبب ومسود ومبجل ونظائرها لِأَن هَذَا الْبناء مَوْضُوع للتكثير فَإِن اشتق مِنْهُ اسْم فَاعل فَمَعْنَاه من كثر صُدُور الْفِعْل مِنْهُ مرّة بعد مرّة كمعلم ومفهم ومبين ومخلص ومفرج وَنَحْوهَا وَإِن اشتق مِنْهُ اسْم مفعول فَمَعْنَاه من كثر تكَرر وُقُوع الْفِعْل عَلَيْهِ مرّة بعد أُخْرَى إِمَّا استحقاقًا أَو وقوعًا فمحمد هُوَ كثر حمد الحامدين لَهُ مرّة بعد أُخْرَى أَو الَّذِي يسْتَحق أَن يحمد مرّة بعد أُخْرَى.وَيُقَال حمد فَهُوَ مُحَمَّد كَمَا يُقَال عَلَم فَهُوَ مُعلم وَهَذَا عَلَمٌ وَصفَةٌ اجْتمع فِيهِ الْأَمْرَانِ فِي حَقه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن كَانَ علما مَحْضا فِي حق كثير مِمَّن تسمى بِهِ غَيره.(جلاء الأفهام لابن القيم صـ171)

إنَّ تسميةَ نبينا محمدٍ بِهَذَا الِاسْم بسبب ما اشْتَمَل عَلَيْهِ من مُسَمَّاهُ وَهُوَ الْحَمد فَإِنَّهُ   مَحْمُودٌ عِنْد الله و مَحْمُودٌ  عِنْد مَلَائكَته و مَحْمُودٌ  عِنْد إخوانه من الْمُرْسلين و مَحْمُودٌ عِنْد أهل الأَرْض كلهم وَإِن كفر بِهِ بَعضهم فَإِن مَا فِيهِ من صِفَات الْكَمَال محمودة عِنْد كل عَاقل وَإِن كَابر عقله جحُودًا أَو عنادًا أَو جهلا باتصافه بهَا وَلَو علم اتصافه بهَا لحمده فَإِنَّهُ يحمد من اتّصف بِصِفَات الْكَمَال ويجهل وجودهَا فِيهِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة حَامِد لَهُ وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخْتصَّ من مُسَمّى الْحَمد بِمَا لم يجْتَمع لغيره فَإِن اسْمه مُحَمَّد وَأحمد وَأمته الْحَمَّادُونَ، يحْمَدُونَ الله على السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَصَلَاة أمته مفتتحة بِالْحَمْد وخطبته مفتتحة بِالْحَمْد وَكتابه مفتتح بِالْحَمْد هَكَذَا عِنْد الله فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَن خلفاءه وَأَصْحَابه يَكْتُبُونَ الْمُصحف مفتتحًا بِالْحَمْد وَبِيَدِهِ  لِوَاء الْحَمد يَوْم الْقِيَامَة وَلما يسْجد بَين يَدي ربه عز وَجل للشفاعة وَيُؤذن لَهُ فِيهَا يحمد ربه بِمَحَامِد يفتحها عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَهُوَ صَاحب الْمقَام الْمَحْمُود الَّذِي يغبطه بِهِ الْأَولونَ وَالْآخرُونَ.قَالَ تَعَالَى (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) (الْإِسْرَاء79 )

وَإِذا قَامَ  فِي الْمقَامِ يوم القيامة حَمده حِينَئِذٍ أهل الْموقف كلهم مُسلمهم وكافرهم، أَوَّلهمْ وَآخرهمْ. (جلاء الأفهام لابن القيم صـ178)

أسباب تعظيم منزلة نبينا  :

نبينا محمدٍ مَحْمُودٌ بِمَا مَلأ الأَرْض من الْهدى وَالْإِيمَان وَالْعلم النافع وَالْعَمَل الصَّالح وَفتحَ اللهُ تعالى بِهِ الْقُلُوب وكشفَ بِهِ الظلمَة عَن أهل الأَرْض واستنقذهم من أسْر الشَّيْطَان وَمن الشّرك بِاللَّه وَالْكفْر بِهِ وَالْجهل بِهِ حَتَّى نَالَ بِهِ أَتْبَاعه شرف الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.

وَمِمَّا يحمد عَلَيْهِ نبينا  مَا جبله اللهُ تعالى عَلَيْهِ من مَكَارِم الْأَخْلَاق وكرائم الشيم فَإِن مَن نظر في أخلاقه وشيمه علم أَنَّهَا خير أَخْلَاق الْخلق وَأكْرم شمائل الْخلق فَإِنَّهُ   كَانَ أعلم الْخلق وأعظمهم أَمَانَة وأصدقهم حَدِيثًا وأحلمهم وأجودهم وأسخاهم وأشدهم احْتِمَالًا

وأعظمهم عفوا ومغفرة وَكَانَ  لَا يزِيدهُ شدَّة الْجَهْل عَلَيْهِ إِلَّا حلمًا.

* روى البُخَارِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ،قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ ؟ قَالَ : أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي القُرْآنِ:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) (الأحزاب: 45)، وَحِرْزًا(حصنًا)لِلْأُمِّيِّينَ(للعرب) ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ(سيء الخلق) وَلاَ غَلِيظٍ، وَلاَ سَخَّابٍ(يرفع صوته على الناس) فِي الأَسْوَاقِ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا:لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا.(البخاري حديث: 2125)

كان نبينا أرحم الْخلْق وأرأفهم بهم وَأعظم الْخلق نفعا لَهُم فِي دينهم ودنياهم وأفصح خلْق الله وَأَحْسَنهمْ تعبيرًا عَن الْمعَانِي الْكَثِيرَة بالألفاظ الوجيزة الدَّالَّة على المُرَاد وأصبرهم فِي مَوَاطِن الصَّبْر وأصدقهم فِي مَوَاطِن اللِّقَاء وأوفاهم بالعهد والذمة وأعظمهم مُكَافَأَة على الْجَمِيل بأضعافه وأشدهم تواضعًا وأعظمهم إيثارًا على نَفسه وَأَشد الْخلْق دفاعًا عَن أَصْحَابه وحماية لَهُم ودفاعًا عَنْهُم وأقوم الْخلق بِمَا يَأْمر بِهِ وأتركهم لما يُنْهِي عَنهُ وأوصل الْخلق لرحمه. (جلاء الأفهام لابن القيم صـ178و صـ182)

-معنى الصلاة على النبي  :
قَالَ أَبُو العَالِيَةِ: صَلاَةُ اللَّهِ: ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ المَلاَئِكَةِ، وَصَلاَةُ المَلاَئِكَةِ الدُّعَاءُ
(أي أن الملائكة تطلب من اللَّه الزيادة من ثنائه على النبي ).

 وقَالَ عَبْدُ الله بْنِ عَبَّاسٍ: يُصَلُّونَ: يُبَرِّكُونَ (أي يدعون له بالبركة) ( البخاري - كتاب التفسير - باب 10)
*
قَالَ الإمامُ الْحَلِيمِيُّ (رحمه الله): مَعْنَى الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ تَعْظِيمُهُ فَمَعْنَى قَوْلِنَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَظِّمْ مُحَمَّدًا وَالْمُرَادُ تَعْظِيمُهُ فِي الدُّنْيَا بِإِعْلَاءِ ذِكْرِهِ وَإِظْهَارِ دِينِهِ وَإِبْقَاءِ شَرِيعَتِهِ وَفِي الْآخِرَةِ بِإِجْزَالِ مَثُوبَتِهِ وَتَشْفِيعِهِ فِي أُمَّتِهِ وَإِبْدَاءِ فَضِيلَتِهِ بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ. (فتح الباري للعسقلاني جـ11صـ 16)
* وقال الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني(رحمه الله):
مَعْنَى صَلَاةِ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّهِ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ وَتَعْظِيمُهُ وَصَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ عَلَيْهِ طَلَبُ ذَلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُرَادُ طَلَبُ الزِّيَادَةِ لَا طَلَبُ أَصْلِ الصَّلَاةِ.(فتح الباري للعسقلاني جـ11 صـ 16)
* وقال الإمامُ ابن القيم(رحمه الله): معنى صلاة اللَّه على النبي: الثناء على الرسول ، والعناية به، وإظهار شرفه، وفضله وحرمته، وصلاتنا على النبي : تعني أننا نطلب من اللَّه الزيادة في ثنائه على النبي
 وإظهار فضله وشرفه وتكريمه وتقريبه له.(جلاء الأفهام لابن القيم صـ261، 262)
-
معنى التسليم على النبي :
التسليم: معناه السلام، الذي هو اسم من أسماء اللَّه تعالى، ومعنى التسليم أيضًا: لا خلوت يا محمد من الخيرات والبركات، وسلمت من المكاره والآفات والنقائص، فعندما نقول: اللهم سَلِّم على محمد، فإنها تعني: اللهم اكتب لمحمد في دعوته وأمته وذكره السلامة من كل نقص، فيزداد على مَرِّ الأيام عُلوًا، وأمته تكاثرًا، وذِكْره ارتفاعًا.(فضل الصلاة على النبي للشيخ عبد المحسن العبَّاد صـ88)

 -الصلاة على النبي وصية رب العالمين:
قال اللَّه تعالى في كتابه العزيز: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (الأحزاب: 56)
قال الإمامُ ابن كثير (رحمه اللَّه):
الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ عِبَادَهُ بِمَنْزِلَةِ عَبْدِهِ وَنَبِيِّهِ عِنْدَهُ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى، بِأَنَّهُ يُثْنِي عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَيْهِ. ثُمَّ أَمَرَ تَعَالَى أَهْلَ الْعَالَمِ السُّفْلِيِّ بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، لِيَجْتَمِعَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْعَالَمِينَ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ جَمِيعًا.(تفسير ابن كثير جـ3 ص514)
-حُكم الصلاة على النبي:
الصلاة على النبي فرض على كل مسلم بالغ عاقل، مرة واحدة في العمر، وما عدا ذلك فهي سُنَّةٌ مُستحبةٌ. (الشفا للقاضي عياض جـ2 صـ62)
فضل الصلاة على النبي :

 جاء في فضل الصلاة على النبي أحاديث كثيرة، سوف نذكر بعضًا منها:
(1)  روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
 قَالَ: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا".(مسلم حديث 408)
قَوْلُهُ "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا"قَالَ الْقَاضِي عِياض(رحمه الله): مَعْنَاهُ رَحْمَتُهُ وَتَضْعِيفُ أَجْرِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (مَنْ جاء بالحسنة فله عشرة أمثالها) قَالَ وَقَدْ يَكُونُ الصَّلَاةُ عَلَى وَجْهِهَا وَظَاهِرِهَا تَشْرِيفًا لَهُ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ.                                                                                                                               (مسلم بشرح النووي جـ2صـ363)

(2) روى النسائيُّ عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  : ﷺ"مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ".(حديث صحيح)( صحيح النسائي للألباني جـ1 صـ415)
(3) روى النَّسَائي عن ابن مسعود أن النبي
 ﷺقَالَ:" إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلَامَ".
(حديث صحيح)(صحيح النسائي للألباني جـ1 صـ410)
(4) روى أبو داود عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ قُبِضَ وَفِيهِ النَّفْخَةُ وَفِيهِ الصَّعْقَةُ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ. قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ؟ يَقُولُونَ بَلِيتَ .فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ".
(حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 925)

(5) روى الطبرانيُّ عَنْ الحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "حَيْثُمَا كُنْتُمْ فَصَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِ".(حديث صحيح)(صحيح الجامع للألباني حديث: 3164)

(6) روى الطبراني عن أبي الدرداء أن رسول الله قال:"من صلى عليَّ حين يصبح عشرًا وحين يُمسي عشرًا أدركته شفاعتي يوم القيامة".(حديث حسن)( صحيح الجامع للألباني حديث 6357)
(7) روى أحمدٌ
 عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَقُولُ:"مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا صَلَّى عَلَيَّ، فَلْيُقِلَّ عَبْدٌ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِيُكْثِرْ".(حديث حسن لغيره)(مسند أحمد جـ24صـ451 حديث: 15680)

(8) روى الترمذيُّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ اذْكُرُوا اللَّهَ جَاءَتْ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ قَالَ أُبَيٌّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: مَا شِئْتَ. قَالَ: قُلْتُ الرُّبُعَ. قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ .قُلْتُ: النِّصْفَ. قَالَ: مَا شِئْتَ. فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ .قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ. قَالَ: مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ. قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا. قَالَ: إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ ".

(حديث حسن)(صحيح الترمذي للألباني حديث 1999)
* قال الإمامُ  المنذري(رحمه الله): قَوْله "فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي" مَعْنَاهُ: إني أكثرُ الدُّعَاء ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِن دعائي صَلَاة عَلَيْك ؟(الترغيب والترهيب للمنذري جـ2 ص389)
* قال المباركفوري(رحمه الله) أَجْعَلُ
لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا) أَيْ أَصْرِفُ بِصَلَاتِي عَلَيْكَ جَمِيعَ الزَّمَنِ الَّذِي كُنْتُ أَدْعُو فِيهِ لِنَفْسِي. قوله"قَالَ إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ" يَعْنِي إِذَا صَرَفْتَ جَمِيعَ أَزْمَانِ دُعَائِكَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيَّ أُعْطِيتَ خَيْريْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. (تحفة الأحوذي جـ7 صـ29، 130)
(9) روى أحمدٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَتَانِي فَبَشَّرَنِي، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَسَجَدْتُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ شُكْرًا ".

(حديث حسن لغيره)(مسند أحمد جـ3صـ201 حديث: 1664)

(10) روى الترمذيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، قَالَ: "إِنَّ الدُّعَاءَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَا يَصْعَدُ مِنْهُ شَيْءٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ عَلَى نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".(حديث حسن)(صحيح الترمذي للألباني حديث 403)

-التحذير من ترك الصلاة على النبي عمدًا:
(1) روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ". (حديث صحيح)(صحيح الترمذي للألباني حديث 2870)
* رَغِمَ أَنْفُ:
لَصِقَ أَنْفُهُ بِالتُّرَابِ ذلًا وهوانًا.
(2) روى الترمذي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ :" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
 الْبَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ".(حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2811)

(3) روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ  قَالَ:" مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ". (حديث صحيح)(صحيح الترمذي للألباني حديث 2691)

-صفة الصلاة على النبي  :

  سوف نذكر أصح صيغ الصلاة على النبي  :
(1) روى الشيخانِ عن كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ:"خَرَجَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: فَقُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".(البخاري حديث 6357/ مسلم حديث 406)
(2) روى الشيخانِ عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ قَالَ:" قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
: قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".

(البخاري حديث 2369/ مسلم حديث 407)
(3) روى النَّسَائيُّ عن زيد بن خارجة أن رسول الله  قَالَ:" صَلُّوا عَلَيَّ وَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ وَقُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ". (حديث صحيح)( صحيح النسائي للألباني جـ1 صـ414)
-جهر المؤذن بالصلاة على النبي  بعد الأذان :

إن جَهْرَ كثيرٍ من المؤذنين بالصلاة على النبي عقب الأذان بدعة لم يفعلها النبي ، والمؤذنون في عهده، ولم يفعلها الصحابة والخلفاء الراشدون والتابعون مع عِلْمهم بفضل الصلاة على النبي ، وحرصهم على الطاعات، ولو كان ذلك خيرًا لسبقونا إليه، ومن المعلوم أن ألفاظ الأذان عبادة مبنية على التوقيف، لا يجوز الزيادة فيها ولا النقصان.
روى البخاريُّ عن عائشة رضي اللَّه عنها أن
 ﷺ"مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ".(البخاري حديث: 2697)
* قال الإمام مالك بن أنس: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة.

 لأن اللَّه تعالى يقول: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة: 3)، فما لم يكن يومئذ دينًا، لا يكون اليوم دينًا. (الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم جـ6 صـ225)
-الصلاة على غير نبينا محمد :

 سوف نتناول الحديث عن هذه المسألة من عِدة وجوه بإيجاز شديد:
أولًا: الصلاة على الأنبياء والمرسلين:
* قال الإمامُ ابنُ القيم: سائر الأنبياء والمرسلين يُصلى عليهم ويُسلَّم
.(جلاء الأفهام لابن القيم صـ627)
* روى البيهقي
عَنْ أَبِي  هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ :"صَلُّوا عَلَى أَنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنَّ اللهَ بَعَثَهُمْ كَمَا بَعَثَنِي".   (حديث حسن): صحيح الجامع للألباني حديث 3782)                                                                                                                                     
ثانيًا: الصلاة على آل نبينا محمد جميعًا بمعنى أن نقول: اللهم صلِّ على آل محمد.
* قال الإمامُ ابن القيم: آل النبي يُصلي عليهم بلا خلاف بين الأمة. (جلاء الأفهام لابن القيم صـ636)
ثالثًا: هل يُصلى على آل نبينا محمد منفردين
:

  بمعنى أن يفرد واحد منهم بالذكر، فيُقال: اللهم صلِّ على علي، أو اللهم صلِّ على الحسن أو الحسين أو فاطمة ونحو ذلك، وهل يُصلى على أحد من الصحابة ومَنْ بَعْدهم ؟
* قال الإمام النووي(رحمه اللَّه) عند الإجابة عن هذين السؤالين: الصحيح، الذي عليه الأكثرون أنه مكروه كراهة تنزيه، لأنه شعار أهل البدع، وقد نُهينا عن شعارهم. (الأذكار للنووي صـ159)
قال الإمامُ ابن القيم(رحمه الله): إن الرافضة إذا ذكروا أئمتهم يصلون عليهم بأسمائهم، ولا يصلون على غيرهم ممن هو خير منهم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فينبغي أن يُخالفوا في هذا الشعار.(جلاء الأفهام لابن القيم صـ640)
-فائدة مهمة:
قال الإمام النووي(رحمه الله): اتفق العلماء على جواز جَعْل غير الأنبياء تبعًا لهم في الصلاة، فيُقال: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد وأصحابه وأزواجه وذريته وأتباعه، للأحاديث الصحيحة في ذلك، وقد أُمرنا به في التشهد، ولم يزل السلف عليه خارج الصلاة أيضًا. (الأذكار للنووي صـ160)
-حُكْمُ قول: فلان عليه السلام:
فَرَّقَ أهلُ العلم بين السلام والصلاة، فقالوا: السلام يُشرع في حق كل مؤمن، حي وميت، حاضر وغائب، فإنك تقول: بَلِّغ فلانًا مني السلام، وهو تحية أهل الإسلام، ولذا يجوز أن نقول: فلانٌ عليه السلام.
وأما الصلاة فإنها من حقوق الرسول ، ولهذا يقول المصلي: السلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين، ولا يقول: الصلاة علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين. (جلاء الأفهام لابن القيم صـ639: 640)
-أوقات الصلاة على النبي  :
ذَكَرَ أهلُ العِلْم أوقاتًا وأحوالًا  يُستحبُ عندها أن نصلي على النبي ، يمكن أن نوجزها فيما يلي:
(1) بعد ترديد نداء المؤذن للصلوات المفروضة.
(2) عند دخول المسجد والخروج منه.
(3) بعد التشهد الأخير في الصلاة.
(4) عقب دعاء القنوت.
(5) في صلاة الجنازة بعد التكبيرة الثانية.
(6) قبل الدعاء وبعده على الإطلاق.
(7) عند خطبة الجمعة والعيدين والاستسقاء وغيرها.
(8) عند ذِكْر اسمه أو كتابته.
(9) يوم الجمعة.
(10) عند قَوْل أذكار  الصباح والمساء.
(11) عند ختام المجلس.
(12) عند بداية إلقاء دروس العلم وعند ختامها.
(13) بين التكبيرات أثناء صلاة العيدين. (الشفا للقاضي عياض جـ2 صـ66: 72) ( جلاء الأفهام لابن القيم صـ463: 611)

-ثمرات الصلاة على النبي :
 ذَكَر الإمام ابن القيم(رحمه الله) ثمرات للصلاة على النبي ، يُمكن أن نوجزها فيما يلي:
(1) الصلاة على النبي  امتثالٌ لأمر اللَّه تعالى في القرآن الكريم.
(2) الصلاة على النبي  سببٌ للحصول على الحسنات ورفع الدرجات ومحو السيئات.
(3) الصلاة على النبي  سببٌ شفاعته يوم القيامة لمن يصلي عليه.
(4) الصلاة على النبي  سببٌ لقرب المسلم من النبي يوم القيامة.
(5) الصلاة على النبي  سببٌ لصلاة اللَّه والملائكة على المسلم.
(6) الصلاة على النبي  سببٌ لإجابة الدعاء.
(7) الصلاة على النبي  سببٌ لمغفرة الذنوب وجلاء الهموم.
(8) الصلاة على النبي  سببٌ لطيب المجلس.
(9) الصلاة على النبي  تنفي عن قائلها صفة البخل.
(10) الصلاة على النبي ﷺ  سببٌ لدوام محبة قائلها للنبي وزيادتها.
(11) الصلاة على النبي  متضمنةٌ لِذْكر اللَّه وشكره، ومعرفة نعمه على عباده بإرساله النبي لهداية الناس.
(12) الصلاة على النبي  سببٌ للبركة في ذات المصلي وعُمره وعمله وأسباب مصالحه. (جلاء الأفهام لابن القيم صـ612: 626)

أسألُ اللهَ تعالى أن ينفعَ بهذه الرسالة إخواني، طلاب العِلْمِ الكرام،وأرجو مَنْ يقرؤها أن يدعوَ اللهَ سُبحانه لي بالإخلاصِ،والتوفيقِ،

والثباتِ على الحق،وحُسْنِ الخاتمة، فإن دعوةَ الأخِ المسلمِ لأخيه بظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتجَابةٌ. وأختِمُ بقولِ الله تعالى:( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) (الحشر: 10)                                           

وآخرُ دعوانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply