إلى أن يخرج من السرداب


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

هذا الأسبوع وأنا أتواصل مع بعض الأخوات والأخوة الإسبان المسلمين في مدن مختلفة بإسبانيا، تفاجأت بصورة" برفيل " قد تغيّرت عند عدد منهم، أحدهم وضع شعار حزب الله اللبناني، وأخت أُخرى وضعت أحد قباب النجف المذهبة!!! وأخ إسباني آخر كتب بالاسبانية " السلام عليك يا أبا عبد الله!!! "

أربع حالات في أسبوع دخلت قائمة السرداب، حاولت الاستفسار عن كلّ حالة، ومن خلال الإجابات إكتشفت أنّ الأختين ( M-I, M-J ) والأخوين ( IG, Xa ) الإسبانيتين قدّ أكلهما ذئب التشيّع ونحن عنهما غافلون.

كلّهم أسلموا منذ أزيد من عشر سنوات، وخاضوا تجارب زواج فاشلة مع زوجات وأزواج عرب، وكلّهم للأسف، خاضوا رحلة بحث طويلة قبل أن يهتدوا للإسلام، فإعتنقوه وبقوا عند العتبات، قبل أن يُختطفوا من رَحابة الإسلام السُنيّ السَنيّ الواسع، إلى ضيق دهاليز الطائفة الغارقة في إجترار الماضي، واللعن واللطم والحزن على تاريخ قد إنقضى.

١•• الحزن الدفين:

واصلت تحليلي لشخصية كلّ حالة على حدى؛ فوجدت "الحزن الدفين" يجمعهم جميعا، من فَقْد حبيب، أوضياع مستقبل مادي قريب، إلى إنهيار أسري، كلّهم إشتركوا في هذا " الإنكسار أوالمَظْلمة " التي تَرْكب بسلاسة، مع مذهب التشيّع في المظلومية وضياع الحقّ.

 

٢•• ترسبات الماضي ونظرية "المنقذ المضحي" :

بقايا الدين القديم في نفوس المهتدين الجدد الذين يتشيّعون أمر خطير تجدر الإشارة إليه ؛ المسيحية وحبّ المسيح، والحاجة الدائمة " لِمُخلص آخر الزمان " في الدين المسيحي متمثلا في اليسوع ( بقوّلهم )، وفي التشيع بإمام الزمان الذي دخل في سرداب ولم يخرج، والفلسفة الكَنسية (الدين السابق لهؤلاء) فيها الحنين لرمزية "الشخص المعجزة " المتمثل في المسيح عليه السلام، لا تَفرق كثيرا عن " الحسين بن علي " رضي الله عنهما الذي أبلى بلاء حسنا في سبيل آلِ البيت وحقّهم المهضوم، الرمزية في الصليب وإحياء أعياد الفصح بالدماء والتمثيليات الكئيبة لا تَختلف كثيرا عن صورة سيّدنا الحسين (شَبهٌ رهيب في الملامح بين من يدّعي الشيعة أنه الحسين وبين من يدعي المسيحيون انه المسيح) في مواكب العزاء الحسينية الكربلائية بعويلها ودماءها وحزنها المتجدد.

 

٣•• النزعة الثورية:

كثير من اليساريين الإسبان أسلموا ثمّ تشيّعوا، وبعضهم إختصر الطريق من الشيوعية إلى التشيّع، ففي الفلسفتين ثورة على الإقطاعيين وبني أمية!!! وهنا طبقة كادحة وهناك بزعمهم أهل الصُفة وأبوذَرّ عدورأس المال وبذخ آلِ معاوية المنَعَمين، وكلاهما خاضا ثورة دامية أهلكت الحرث والنسل .

 

٤•• الترجمات الشيعية وتركيزها على اللغة الإسبانية :

في متابعاتي الدائمة لمواقع الدعوة والتعريف بالإسلام باللغة الإسبانية، تكاد تكون حصة الأسد للمعروض من كتب إلكترونية ومواقع النت وفيديوهات المحاضرات والدروس والأفلام الدينية المدبلجة للإسباني والإذاعات، وكذا شبكات تواصل هي للشيعة الناطقين بالاسبانية الذين إنتقلوا للأرجنتين وفنزويلا وبانما والشيلي منذ أزيد من 80سنة، وهناك أجيال وأجيال من أصول شيعية وبعضها تشيّع حديثا،وأّحيَت "إيران الثورة" فيهم خلال الثلاثين سنة الأخيرة إنتماءهم للمذهب، ورسمت لهم الخطط وضخّت الأموال وأرسلت لهم أصحاب الملالي من دُعاتها وإستقدمت شبابهم للتعلم في " قمّ " بهدف نشر هذا الفكر في وسط الناطقين بالاسبانية في العالم ( يناهز عدد الناطقين بالاسبانية في العالم 700مليون نسمة ) ؛ وفي المقابل المؤسسات الإسلامية السُنية في إسبانيا وأمريكا اللاتينية، تعجز عن تفريغ داعية واحد، أوطباعة كتاب، بل أغلب مراكزنا بالإيجار تغرق إداراتها في تأمين مصاريف الشهر من كهرباء وراتب إمام ومحفّظ للقرآن الكريم، بينما تَخَصص أهلّ اللطم في الخروج للنخبة وتأليف الكتب والتَعَسكر في شبكات التواصل يندبون معركة إنتهت من قرون، ويطعنون في الصحب الكرام ؛الذين لولاهم بعد فضل الله ثم نبيّه لبقينا نعبد النار والشمس والأصنام .

 

٥•• إيران العِرق والرسالة والمذهب والمشروع:

عندما أقابل أي ديبلوماسي إيراني في أوروبا صدفة أوعلى هامش أي مناسبة ديبلوماسية او ثقافية، تلاحظ إرتماءه على الناس بلباقة وتواضع، بخفض الجانب والمبادرة بالسلام والتحية وتوزيع بطاقته الشخصية وسحب البطاقات من كلّ الحضور، وبعد ايام يسلّم عليك بإيميل ويعرض خدماته وربط التواصل !!! رأيت سفير ايران لدى الاتحاد الاوروبي في عهد أحمدي نجاد فكان كما ذكرت، بينما سفراء دولنا العربية قطع من الخشب الأجلف الناشف لا يسلمون ولا يردون السلام، تطلب الموعد منهم فيجيبونك بعد تسعة أشهر أنّ السفير في عطلة!!!!، لا رسالة لهم ولا مشروع غير الإستعلاف من المنصب حتى تنتهي عهدته في سفارات الشخير .

عانينا ولازلنا نعني من إنعدام الكتاب الاسلامي الإسباني الهادف وندرة المصاحف مترجمة المعاني للإسباني، تنبهت إيران فأسست قناة إسبانية متلفزةHESPA TV ودور نشر بالإسبانية ترجمت وطبعت مئات كتب المذهب، بل حتى الروايات وكتب التاريخ والعمران والفنّ والأدب الفارسي صارت منتشرة في المكتبات الاسبانية ومجلة شهرية منوّعة فاخرة (وجدتها عند بقّال الحيّ الپاكستاني الشيعي يوزعها للإسبان بالمجّان)، وأصدرت مؤخرا مصحفًا مترجم المعاني طبعت منه مئات الآلاف ووزعته في إسبانيا وأمريكا اللاتينية، بينما نترنح نحن ونبذل قصارى الجهد لطباعة رسالة في الصلاة وأحكام الوضوء لا نجد لها داعم.....

إنها جولة من جولات التمكين والانتشار لهذا المذهب المتسردب المستأسد، الذي يريد هدم الاسلام بالطعنّ في الاصحاب الذين نقلوا لنا الكتاب والسنة عليهم الرضوان، هجمة أجزم أنها لم تصل ذروتها بعد، ومسلموا أوروبا أول ضحاياها ؛ والمهتدون الجدد الذين لم يتألف قلبهم بعد على الإسلام في طليعة الزحف، إمّا أن يتحولوا إلى قائمة اللطم والسرداب أويعودوا أدراجهم إلى دين ثالث ثلاثة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply