الدرس التربوي للأسرة وأهميته


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

‏أيها الإخوة الكرام لقد حث الإسلام على الترابط والتكافل وهو هدف لا شك كبير وعظيم وإن من الترابط والتكافل الاكبر أهمية هو ما يتعلق بأمور الدين وتعليمه والاهتمام به لاسيما من أفراد الأسرة وهي الدائرة الخاصة التي يسعى الأبوان الكريمان لإنجاحها في جميع شؤونها، ومن أسباب نجاح الأسرة أن يكون لأفرادها ملتقى علمي تربوي ولو كان صغيرًا ويكون في كل أسبوع لقاء بحيث يجدول هذا اللقاء بما يناسبه من العناصر التربوية والعلمية أو كلاهما، والكلام في الملتقى العلمي التربوي للأسرة من عدة نقاط:

أولًا: أن هذا الدرس للأسرة هو من الزاد العلمي التربوي الذي تتغذى عليه عقول الأفراد مما يهمهم في أمور دينهم ودنياهم، فلابد أن يتعرف المسلم على أحكام دينه كالصلاة والزكاة وغيرهما من الأحكام الشرعية وكذلك يتعرف على السلوك الحسن والأخلاق المتميزة فهذا الملتقى الأسري يحقق تلك الرغبة والأهداف المرجوّه، فهو من الضرورة بمكان حتى لا تنمو هذه الأسرة على جهلٍ فيما يهمّها في دينها وأخراها.

ثانيًا: طريقة هذا الملتقى الأسري هي بأن يستشير الأب أولاده في الوقت واليوم والمكان المناسب لهم جميعًا، فيجتمعون ثم يطرح فكرة درس تربوي للأسرة، ويجعل الأولاد يديرونه في مادته العلمية والتربوية ليعتادوا تحمل المسؤولية، وذلك بإشرافه المباشر ويمكن أن يعتمد كتابًا يرونه مناسبًا فيقرؤون منه ويتناقشون فيه ويكون من خلاله بعض الترويحات المناسبة من مأكول أو مشروب ونحو ذلك، كما يُعد أيضًا بعض الهدايا للبارزين والمبدعين من الأولاد.

ثالثًا: ما يشكل عليهم من مسائل علمية أو تربوية من خلال هذا الملتقى يمكن سؤال أهل العلم عنه والإفادة عنه في الحلقة القادمة، وتكون هذه المسائل واجبات على الأولاد يحضرونها في وقت لاحق حتى يعتاد بذلك مخاطبة أهل العلم، وأيضًا يناقشونهم عما يجدونه في هذه المسائل التي أشكلت على أهلهم في هذا الملتقى.

‏رابعًا: يمكن أن يكون في هذا الملتقى مسابقات للأولاد تشحن هممهم وتنمي قدراتهم، وذلك مثل أن يكون في كل جلسة سؤال يسمى (سؤال الأسبوع) أو (فارس الأسبوع) يُطرح ويُطلب الجواب عليه في تاريخ معيّن، فيبدأ الأولاد بالبحث عن الجواب ويتم رصد الإجابات ويكون التكريم فوريًا في كل حلقة أو بأن يُرصد مع الاسئلة الأخرى وأن يكون التكريم في نهاية الفصل الدراسي.

خامسًا: منهجية هذا الملتقى العلمية أو التربوية يُقترح فيها ما يلي، واختر من ما تقرأه خيارًا مناسبًا.

أولا: في التفسير يُقترح تفسير العلامة السعدي رحمه الله وعنوانه: (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) فهو كتاب ميسر وسهل في عبارته وعظيم في فائدته العلمية والتربوية.

‏ثانيًا: في الفقه (آداب المشي إلى الصلاة) للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وذلك بهدف ضبط صلواتهم علمًا وعملا حتى تنضبط جميع أعمالهم فإن صلحت صلاته صلح سائر عمله، كما ورد في الحديث.

ثالثًا: في الإيمانيات القولية والعملية كتاب (أربعون مجلسًا في التربية الإيمانية) وهو من إعداد اللجنة العلمية في مكتب الدعوة في جنوب بريدة وتقديم الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي، وهذا الكتاب ومتوفرة في المكتب نفسه وعلى شبكة الإنترنت، وهو عبارة عن أقوال وأفعال تدور مع المسلم في يومه وليلته وهي ما تسمى عند أهل العلم (عمل اليوم والليلة).

رابعًا: في الآداب والأخلاق (كتاب الآداب) للشيخ فؤاد بن عبدالعزيز الشلهوب حفظه الله وهو كتاب مليء جدًا بالأخلاق والآداب النبوية التي يجب أن يتحلى بها كل مسلم.

خامسًا: في السيرة النبوية كتاب (الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم) للشيخ محمد بن عبد الوهاب فهو كتاب قيم و سهل وميسر وممتع

وأيضًا كتاب (الرحيق المختوم) للشيخ المباركفوري فهو كتاب سلس ومتميز أيضًا وقد حاز هذا الكتاب في المسابقة الدولية في السيرة النبوية على المركز الأول.

إلى غير ذلك من الكتب التي يمكن الاستفادة منها في شتى الفنون و السلوك والآداب لتكون هذه الأسرة مُخرجًا زاكيًا للأبوين الكريمين.

سادسًا: من النقاط التي يتحدث عنها في هذا الملتقى الأسري المهم الكلام على هذا المجلس بأنه مجلس خير تحفّه الملائكة وتغشاه الرحمة وتنزل عليه السكينة و يذكر الله أصحابه في من عنده، وقد وردت هذه الأربعة في الحديث المشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال عليه الصلاة والسلام (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفّتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده).

أيها الإخوة الكرام إن مثل هذا اللقاء الأسري يتربى الأولاد على مائدة النبوّة فيه ويستقون من مائها الزلال بخلاف البيت الذي يخلو من هذا وأمثاله فلربما قد يكون فاتهم خير كثير فهنيئا للمبادرين لتلك الدروس صحبة الملائكة لهم وذكر الله لهم ورحمته بهم.

سابعًا: من النقاط عن هذا الملتقى الأسري، إن المناهج المدرسية في العقيدة والفقه والحديث ونحوها مناسبة جدًا أن تكون ضمن برامج هذا اللقاء الأسري فإنها كتبت بعناية وأشرف عليها علماء أجلاء وخبراء متميزون وفيها من الخير الشيء الكثير، فهي ملخصه وبأسلوب ممتع وواضح

ثامنًا: يمكن وضع مكتبة مصغرة في البيت تكون جانبًا مساندًا لهذا البرنامج بحيث يطلع عليها أهل البيت جميعا وتتكون من بعض المراجع اليسيرة التي تكون في متناول فهمهم فهي تنمي عندهم حسن القراءة وحسن الطلب ويتطبعون القراءة في الكتاب ويألفونه وتنمّي أفهامهم وتكسبهم المعارف عن السابق واللاحق.

أخيرًا أيها الإخوة و الأخوات من الآباء والأمهات لا نستعجل الثمرة من خلال هذا البرنامج في ظرف شهر أو شهرين فلنستمر على هذه المنهجية أشهرًا عدة وعندها سنلمس التغيرات الإيجابية في أولادنا سواءً في علمهم أو في سلوكهم فإن البرامج التربوية تحتاج إلى بدايات قوية حتى تستمر وليكن بعض أفراد الأسرة مسؤولين عن الاستمرار في هذا اللقاء وعدم انقطاعه، بحيث يناقشونه فيما بينهم أسباب نشاطه فيعززونها وأسباب ضعفه فيعالجونها وإذا استمر هذا اللقاء العلمي التربوي فإن البركة تحل بهذا البيت وتسوده المودة والتفاهم لأنهم جميعًا صاروا متعلمين مهتدين بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم

وفقنا الله تعالى لكل خير وجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر

وإلى حلقة أخرى

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply