بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
اتقوا الله عباد الله، واعلموا أن من تواضعَ لله رفعَهُ، ومن تكبرَ على الله وضعَهُ، ومن كان مع الله، كان اللهُ معَهُ، وإذا أردت أن تعرفَ قدركَ عندَ اللهِ، فانظر في هواكَ، وما تميلُ إليهِ نفسُكَ .. {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} ..
معاشر المؤمنين الكرام: أَنْفَعُ النَّاسِ لِلنَّاسِ أَهْلُ الْإِيمَانِ، وَأَضَرُّهُمْ عَلَيْهِمْ مَنْ يَصُدُّونَهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ. فَبِأَهْلِ الْإِيمَانِ تَحُلُّ الْأَرْزَاقُ وَالْبَرَكَاتُ: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾، وباسْتِغْفَار أَهْلِ الْإِيمَانِ يُرْفَعُ الْعَذَابُ: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾، وَبسبب مخالطة أَهْلِ الْإِيمَانِ بِمَنِ اسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ صرف عَنْهُمُ الْعَذَابَ: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} .. أَهْلُ الْإِيمَانِ يا أهل الإيمان: يَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَيَرْحَمُونَ الْخَلْقَ، يَفْرَحُونَ بِإِسْلَامِ الكَافِر، وَتَوْبَةِ العَاص، وَرُجُوعِ الضال .. أهل الإيمان يَعْمَلُونَ الْخَيْرَ، ويحرصون على فعله، وَيَفْرَحُونَ بِه ولو عْمِلُهُ غَيْرُهُمْ .. وأهل الإيمان يَحْزَنُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْكَافِرَ مُقِيمًا عَلَى كُفْرِه، وَيَحْزَنُونَ عَلَى الْعَاصِي الْمُسْرِفِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعِصْيَانِ .. وَمَعَ أنَّ الكثير مِنْ أَهْلِ الْكُفرِ وَالْنَفِاق هم حربٌ لله ورسوله، لا يدخرونَ جُهدا في الصدِّ عن سبيل الله، لكن لنتأمل ماذا يقول الله تعالى لرسوله ﷺ في شأنهم: {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ}، فهم ليسوا كفاراً عاديين، بل هم مجتهدون مسارعون .. ثم َعَلَّلَ تعالى نهْيَهُ عَنْ هذا الْحُزْنِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا}، وَالْمَعْنَى: أَنَّ أعداء الدين لَنْ يَسْتَطِيعُوا مَنْعَ مَا أَرَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ انْتِشَارِ دِينِهِ، وَغَلَبَةِ شَرِيعَتِهِ، وَانْتِصَارِ أَوْلِيَائِهِ، فَإِذَا انْتَفَى إِضْرَارُهُمُ للَّهَ تَعَالَى, انْتَفَى إِضْرَارُهُمُ للمُؤْمِنِينَ فِيمَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ .. وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ بِمُسَارَعَتِهِمْ فِي كُفْرِهِمْ، وَصَدِّهِمْ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى, فإنهم مَخْذُولُونَ مَغْلُوبُونَ, خَاسِرُونَ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّ كَلِمَةَ اللَّهِ تَعَالَى حَقَّتْ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ قَدَرَ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ مَضَى فِيهِمْ، فَلَا حُزْنُ النَّبِيِّ ﷺ، وَلَا حُزْنُ الْمُؤْمِنِينَ؛ يُخْرِجُهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ دائرة الشِّرْكِ؛ وَأن إِرَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى فيهم قَاهِرَةٌ غَالِبَةٌ، لَا يَرُدُّهَا شَيْءٌ؛ وَلِذَا عَقَّبَ تعالى عَلَى النَّهْيِ عَنِ الْحُزْنِ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .. وَهَذِهِ الْآيَةُ جَاءَتْ فِي سِيَاقِ المواساة بعد مقَتْلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ، وَفَرَحِ المُشْرِكِين بِذَلِكَ؛ حَتَّى قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: «يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ»، وَهذه المُسَارَعَةُ من المشركين ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ الْإِسْلَامَ سَيَضْمَحِلُّ وَيَزُولُ، لكن الله طَمْأَنَ النَّبِيِّ ﷺ وَالْمُؤْمِنِينَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ مَهْمَا فَعَلُوا فَلَنْ يَضُرُّوا دِينَ اللَّهِ تَعَالَى شَيْئًا، ولن يضروا المؤمنين إلا أذى ... وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ ﷺ عَنِ الْحُزْنِ بِسَبَبِ مُسَارَعَةِ الْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الْكُفْرِ، وَقد كانوا يُسَكنُونَ معه فِي الْمَدِينَةِ، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا} .. وقال تعالى عنهم أيضاً: {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ... وَكمَا علل الله تعالى نهيهُ عن الحزن على المشركين والمنافقين، فَقد قَالَ سُبْحَانَهُ مُعَلِّلًا النَّهْيَ عَنِ الْحُزْنِ عَلَى مُسَارَعَة اليهود فِي الْكُفْرِ بقوله: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}.
أيها الاخوة الكرام: هَذِهِ الْآيَاتِ الكريمة، التي تخبرنا عَنْ مُسَارَعَةِ أعداء الدين فِي الْكُفْرِ, وصدِّهم عن سبيل الله، والتي تنهى المسلمَ عَنِ الْحُزْنِ على واقِعهم البئيس، أَوِ الْحُزْنِ عَلَى مكرهم وعلى مَا يَبْذُلُونَهُ مِنْ جُهْدٍ وعلى ما ينفقونهُ من مالٍ فِي الصَّدِّ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، هذا النهي ينبغي أَنْ يَسْتَوْقِفَ الْمُؤْمِنَ وَهُوَ يَقْرَؤُهُ، ويتأمَّلُ آياته، وَأَنْ يَتعْلَمَ مَا فِيها مِنَ الدُّرُوسِ وَالْعِبَرِ: فَيَخَافَ أولاً عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ تَعَالَى هِدَايَتَهُ، فَيَتَغَيَّرَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ، وَيُسْلَبَ إِيمَانَهُ، وَيَكُونَ حَرْبًا لِأَهْلِ الْإِيمَانِ، بعد أن كان واحداً منهم .. والأمر والله يا عباد الله في منتهى الخطورة، فلقد كان الْمُنَافِقِونَ يخَالَطُون النَّبِيَّ ﷺ، وَيصَلَّوْن خَلْفَهُ، وَيحَضَرُون الْغَزْوَاتِ مَعَهُ، وَرَأَوُا الْآيَاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ تحدثُ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ، لكنهم لَمْ يُؤْمِنُوا وَمَاتُوا عَلَى نِفَاقِهِمْ .. وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَحْبَارَ الْيَهُودِ كَانُوا يُبَشِّرُونَ بِالنَّبِيِّ ﷺ، وَكانوا يَعْلَمُونَ بأدق صِفاَتِهُ، ومكان خروجه وهجرته، وَكانوا يَنْتَظِرُونَهُ لِيُؤْمِنُوا بِهِ، بل إنهم تركوا ديارهم وهاجروا إلى يثربَ وخيبرَ لعلمِهم أنه سيظهرُ هناك، فَلَمَّا بُعثَ وجَاءَهُمْ بِالْحَقِّ سَارَعُوا فِي الْكُفْرِ، وناصبوه اشدَّ أنواع العداوة .. فَلَا يَجْزَعُ الْمُؤْمِنُ حِينَ يَرَى كَثْرَةَ الْمُتَسَاقِطِينَ فِي الْبَاطِلِ، المنقلبينَ عَلىِ الْحَقِّ، مِمَّنْ كَان لهم حظٌ في الإِسْلَامِ، وكانوا دُعَاةً إِلَيه، ثُمَّ تَحَوَّلُوا إِلَى حَرْبٍ عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ وَلَا شَكَّ مُحْزِنٌ، وَلَكِنَّها إرادة الله جل وعلاِ؛ {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} .. وَمن الدروس ايضاً أن لَا يَحْزَنَ الْمُؤْمِنُ حِينَ يَرَى الْكَيْدَ لِلْإِسْلَامِ يَزْدَادُ، وَيَرَى أَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ مُحَارَبُونَ، وَأَنَّ أَهْلَ الْبَاطِلِ يَرْتَعُونَ وَيَلْعَبُونَ، وَيَزْدَادُونَ عُتُوًّا وَاسْتِكْبَارًا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ اسْتِدْرَاجٌ من الله وَإِمْهَالٌ: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ ... وَفِي كُلِّ مَا سَبَقَ يَضَعُ الْمُؤْمِنَ نُصْبَ عَيْنَيْهِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا﴾، وَقَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: ﴿وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾؛ وَقَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: {ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ}، لِيَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ، وَتَسْكُنَ نَفْسُهُ، وَلَا يَجْزَعُ مِمَّا يَرَى ... نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُثَبِّتَنَا عَلَى الْحَقِّ حتى نَلْقَاهُ، وَأَنْ يَعْصِمَنَا مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ ما ظهر منها وما بطن .. إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ ..
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا واستغفر الله لي ولكم ...
معاشر المؤمنين الكرام: الحقُّ أبلج، والباطلُ لجلج، الحقُّ واضحٌ كالشمس في رابعة النهار، وإن من سمات الرشد في الإنسان قبولُ الحقِّ، ولا يردُّ الحقَّ إلا ظالمٌ جاحدٌ، قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}، وقال تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} .. والجحودُ هو ردُّ الحقِّ بعد معرفته .. وعاقبته جد وخيمة، فمُسَارَعَةُ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الْكُفْرِ بعد معرفتهم للحق، هِيَ عُقُوبَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ عَلَى عَدَمِ اسْتِجَابَتِهِمْ لِلْحَقِّ بعد أن عرفوه وتركوه؛ لِيُضَاعِفَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ ..
فهم يعرفون الحق كما يعرفون أبناءهم، لكنهم يجحدونه ظلمًا واستكبارًا، وعلوًّا وعنادًا .. وهكذا كُلُّ من يردُّ الحقَّ بعد معرفته .. تأمل ما قاله ﷺ: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقالُ ذرةٍ من كبر"، قال رجل: "إن الرجلَ يحبُّ أن يكونَ ثوبهُ حسناً ونعلهُ حسنة"، قال عليه الصلاة والسلام: "إن اللهَ جميلٌ يحبُ الجمال. الكبرُ بطرُ الحقِّ، وغمطُ الناس"، وبطرُ الحقِّ أي ردهُ بعد معرفته، وغمطُ الناس أي احتقارهم وأخذِ حقوقهم ..
أيها المسلمون: الخطأُ في حياة الناسِ أمرٌ واردٌ من كلِّ أحدٍ، كما قال ﷺ: "كل بني آدم خطَّاء" .. ومن ثمَّ فإنَّ الخطأَ الحقيقي إنما هو في التمادي في الخطأ، بعد معرفة الصواب، وعدم الانصياع للحق، والجدال بالباطل، واعتبار الرجوع إلى الصواب نقصاً وعيباً, وإهانةً لا تقبل، وهذا أمرٌ خطيرٌ، وله عواقبٌ وخيمة، منها ما صح عن المصطفى ﷺ أنه قال: "إن الله حجبَ التوبة عن كلِّ صاحبِ بدعةٍ، حتى يدعَ بدعته"، فربُّنا جل وعلا, وهو التواب الرحيم, الذي يبسطُ يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل, قد حجبَ التوبة عن صاحب البدعة ولم يقبلها منه .. لماذا؟ لأنه مفتونٌ بها، مصرٌّ عليها، لا يقرُّ بخطئه، بل إنه يرى نفسهُ على صواب، ويعتقدُ أنهُ على هدى .. فلماذا لا نعترفُ بأخطائنا أيها الكرام، ما الذي يمنعنا من الرجوع للحق بمجرد أن نعرفَ أننا أخطأنا .. لنغسل درنها, ونمحو أثرها .. لماذا ينصبُّ تفكيرنا إلى التبرير، والبحث عن الحجج وإن كانت واهيةً؛ لنسوِّغ لأنفسنا الاستمرارَ والتمادي .. اليس كل ابن آدم خطاء .. وخير الخطائين التوابون .. أليس الخطأ معفواً عنه، أليست الحسنات يذهبن السيئات ..
ألا فاتقوا الله أيها المسلمون، وتواضعوا ولينوا للحقِّ، واحذروا التمادي في الخطأ والباطل، وكونوا رجَّاعين للحقِّ، مؤثرين له ولو على أنفسكم، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} ..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد