المجاهد حسن الخراط


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

في مثل هذا اليوم 25 كانون الأول سنةَ 1925م:

استشهد المجاهدُ البطل حسن الخراط، ابنُ حيِّ الشاغور بدمشق

 

هو شابٌّ ذكيٌّ يُحبُّ الخير، معروفٌ بينَ أهالي حارتِه بطيب قلبه، مع شهامةٍ وشجاعة

عمل حارسًا في الليل، وربما زاول مهنةَ الحلاقةِ وبيعِ الطيور في النهار

 

اشتعل فتيلُ الثورةِ السورية ضدَّ الظلمِ والاحتلالِ الفرنسي، فكان هذا البطلُ من السباقين لها، وأذاق الفرنسيسَ الويلات

 

كان يذهب خفيةً مع صديقه المجاهدِ الشيخ محمد الأشمر الميدانيِّ إلى المحدِّث الأكبر الشيخ بدر الدين الحسني؛ ليأخذوا منه الدعمَ الماديَّ والمعنوي، فيضع يدَه على رأسهما ويقول لهما: (علِّقوا قلوبَكم بالله، ولا تخشوا أحدًا إلا الله)، ثم يُوصيهم بالأخذ بالأسباب، وأداءِ الحقوق لأهلها، ويأمرهم بالتحابِّ واجتماعِ الكلمة

 

فكان حسن الخراط لا يرضى الظلمَ ولا التعديَ على حقوق الآخرين، أقام في الغوطة الشرقية أيامَ جهادِه فلم يتدخل بشؤون الناس، ولم يتعدَّ على أملاكهم، إلا أنه أنشأ في بلدة (بالا) محكمةً شرعيةً لمحاسبةِ مَن يُخطئ أو يُسيء من الثوار والمجاهدين، وكان المرجعُ الشرعيُّ لهذه المحكمةِ الشيخَ بدر الدين الحسني، الذي كان قد أرسل تلميذَه الخاصَّ الشيخ (توفيق سُوقية) ليكونَ كبيرَ القضاةِ بالغوطة، وأَرسلَ معه الدعمَ الماديَّ للمجاهدين أيضًا

 

وفي يوم مفجعٍ لأهل دمشقَ استيقظ أهلُها على وابلٍ مِن حِممِ وقذائفِ المدفعية والطيران الفرنسي، بقرارٍ أثيمٍ مِن المفوَّض السامي الجنرال (ساراي)، فأَرسل حسن الخراط خطابًا تاريخيًّا، ينبغي أن يُكتبَ على صحائفَ مِن نورٍ، ويكونَ نبراسًا لكلِّ مظلومٍ يريد استردادَ حريتِه وحقوقِه ...

حسن الخراط الأميُّ الذي لا يقرأ ولا يكتب يقول للمفوَّض السامي ما يلي:

(أنا حسن الخراط، حافظتُ على إخواننا المسيحيين والأجانب خصوصًا، وعلى الضعفاء عمومًا، وأما أنت فقد نحرتَ شرفَ فرنسا، أنتَ ممثِّلُ فرنسا وأنا حارسٌ ليلي، أنا أَسرتُ جندَك أسرًا شريفًا، وأنت ضربتَ السوريين ضربًا دنيئًا، أنا حافظتُ على الآثار، وأنتَ هدمتَها يا ممثلَ فرنسا)

 

حسن الخراط لم يثُر ضدَّ الفرنسيين؛ ليسرقَ وطنَه وأهلَه، بل ذكروا أنه باع دارَه الصغيرةَ بحيِّ الشاغور، وأنفقها في سبيل الله على الثوار والمجاهدين

 

كان حسن الخراط مع بأسه وشجاعته عطوفًا على الثوار رحيمًا بهم، ففي يوم اجتمع بجدي أبي عزات يوسفَ الحنبلي وقال له: أتمنى أن أجلبَ للثوار شرابَ العرقسوس في هذه الأيام الحارة، فتكفَّل له جدي بذلك، وأدخل له كمياتٍ كبيرةً من شراب العرقسوس إلى الغوطة الشرقية

 

وبعدَ جهادٍ وبطولةٍ شريفة استشهد حسن الخراط على أرض الغوطة الشرقية، ولكن بقي اسمُه سببَ ذُعرٍ للمعتدين، ونبراسًا وفخرًا للثوار والمجاهدين ...

 

وقيل: إنَّ استشهادَه كان بتاريخ 16 كانون الأول، والله أعلم.

 

وكتبه محمد وائل الحنبلي الدمشقي الشاغوري

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

المصادر والمراجع:

- حسن الخراط ابن الشام، نزار الأسود

- الإسلام وحركات التحرُّر، الدكتور شوقي أبو خليل

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply