الأسرة والمدرسة تعليميًا وتربويًا


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

مما لا شك فيه أن أبنائنا زينة الحياة الدنيا وهم امتداد لحياتنا وأعمالنا، قال الله تبارك وتعالى: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) وقال عليه الصلاة والسلام (واعلم أن ابنك من كسبك) ومن مميزات مجتمعنا المبارك ولله الحمد الإهتمام بالتعليم لأولادنا فهو في وقتنا الحاضر محور مهم في النجاح بإذن الله عز وجل، ولنا أيها الإخوة الكرام في هذا الموضوع وقفات تصل إلى 20 وقفة:

الوقفة الأولى: أهمية النظرة المستقبلية مننا لهم فلا بد من تخطيطنا نحن وإياهم ومساعدتهم على بناء مستقبلهم ويعجبني طالب في المرحلة الثانوية لا يناديه أبوه إلا بلفظ (يا دكتور) لأنه خطط له ذلك بالمشاركة معه، بل كان الطالب يعيش روحًا عالية مع أبيه بين الفينة والأخرى.

 الوقفة الثانية: جميل جدًا ما فعله أحد الآباء مع ابنه عندما تحاورا في المستقبل التعليمي للإبن فأجمعا أمرهما على تخصص معين فذهب الأب وأعد بطاقة شخصية لهذا الإبن مكتوب عليها (الدكتور فلان ابن فلان) جامعه كذا وكذا ثم ذكر التخصص وباقي البيانات فكان هذا الطالب كلما رأى هذه البطاقة كأنها تحدوه إلى تحقيق هذا الطموح والوصول إليه ويقول أحد المعلمين في المرحلة الثانوية سألت طالبًا متفوقًا في الأول الثانوي: ما مستقبلك؟ فقال مستقبلي أن أكون طبيبًا استشاريًا في كلية الطب فلم أره بعدها إلا بعد ثنتي عشرة سنة ثم سألته أين أنت الآن؟ فقال الآن أحضّر الرسالة العالمية في كلية الطب في جامعة كذا وكذا، وهكذا يكون الطموح أيها الإخوة الكرام.

الوقفة الثالثة: نجاح الأولاد مطمع ومطمح ونجاحهم من نجاحنا، وإن من أهم أسباب النجاح زرع قيمة الحب للعلم والتعليم فإذا أحبه أبدع فيه، ومن أسباب محبته لذلك حثه على الإخلاص فيه وآليته وبيان الأجر المترتب عليه وغرس القيم الإيجابية فيه من خلال سؤاله ولو سريعا في ذهابهم وإيابهم ماذا تعلمتم؟ وماذا كسبتم؟ وماذا استفدتم؟ ونحو ذلك، فهو يُحب أن يسمع منه والده شيئًا من هذا، أما إيصالهم صباحًا إلى المدرسة وإرجاعهم مساءًا والجميع صامت فهذه فرصة تربوية ضائعة، فليستدركها الآباء ففيها من غرس القيم وتعلم الحوار الشيء الكثير.

الوقفة الرابعة: أيها الأب مبارك هل تعرف أقران ابنك في المدرسة؟ وهل تعرف واقعه العلمي ونشاطه؟ ومشاركته ونحوها؟ هل تعلم طبيعة معلميه ونظام دراسته؟ كل هذا وغيره تجده بزيارتك المتكررة على المدرسة وإلى المرشد الطلابي بالذات فهو يكشف لك كل ما تريد عن ابنك فارتبط به ارتباطًا وثيقا، فهو الأب الثاني في المدرسة فتناقش معه وشاركه في حل مشاكل الإبن بأنواعها فإن لم تفعل هذا فقد تخسر جانبًا كبيرًا من تربوية الإبن ثم تندم في وقت لا ينفع فيه الندم.

الوقفة الخامسة: إن كلمة تشجيع يسمعها منك الإبن قد يعيش عليها حياته كلها ويرويها لغيره، فكم هو جميل جدًا أن تجهز في كل فترة جملة تشجيعية ترفع بها معنوياته، ويكسب منها هو دروسًا عظيمة.

الوقفة السادسة: التخصصات الدراسية في الثانوية والجامعية إياك أن يختار ابنك التخصص من خلال أن زميله اختار ذلك، بل عليك أن تساعده في الاختيار من خلال الحوار العلمي والتربوي بينكما، فاطرح أمامه خيارات ونتائج وإمكانات وناقشه بهدوء محترمًا اختياره ونظره لأنه يحب الاستقلال في هذه المرحلة وعند إحساسك بأي مشكلة في هذا الصدد شارك الآخرين كالمرشد الطلابي أو من تراه مناسبًا، نقول هذا لأن تخصصه هذا هو مستقبله العلمي والعملي غالبا.

الوقفة السابعة: في خلال أيام الامتحانات أحوج ما يكون الطالب إلى المساندة والمساعدة فلا بد أن يشاركه في طريقة مذاكرته وأين وكيف ومع من يذاكر وذلك كله من غير دقة في المراقبة حتى لا يفهم أشياء أخرى بعيدة ولا تكهله بالأشغال الأخرى أشعره باهتمامك ولا تشعره بمراقبتك، ناقشه في مادته موجهًا له بعض الإرشادات المفيدة بهذا الخصوص.

الوقفة الثامنة: زيارتك المدرسة هي الشعار والدثار لهذا الابن فلا بد من قيامك بهذا مرتين في كل فصل دراسي كحد أدنى، ولابد من التواصل الهاتفي أما من لا يعلم عن المدرسة إلا طريقها واسمها ورسمها فقط فهذا منهج غير تربوي وسلبيته تعود على هذا الابن، فكم من مشكلة تم حلها من خلال الزيارات فالجلسات مع الهيكلة الإدارية للمدرسة ومع بعض المعلمين تعطي دافعًا قويًا تربويًا وعلميًا منهم لهذا الابن مما يجعله حاضرًا في أذهانهم وفي توجيهاتهم وتعليمهم أكثر من غيره.

الوقفة التاسعة: إن من أهم المراحل التي يحتاج الابن إلى المراعاة والرعاية هو انتقاله من مرحلة إلى أخرى، فهي مفترق طرق لديه، كانتقاله من المتوسطة إلى الثانوية ومنها إلى الجامعة، فالأب الحكيم يجعل لهذا الانتقال برنامجًا تربويًا مع ابنه ويكون حواريًا عن طبيعة المرحلة والصحبة وغير ذلك، مما تستوجبه هذه المرحلة، فهو يحفظ لأبيه هذه التوجيهات ولا ينساها، بل إذا تتابعت ورأى الاهتمام والتوجيه الأبوي في هذا فإنه لا شك أنه سيجعل ذلك منهجًا له بخلاف ذلك الطالب الذي انتقل في جميع هذه المراحل ولم يجد توجيهًا أو اهتماما، فلرب انزلق برفقة سيئة لا تُحمد عقباها لا قدّر الله.

الوقفة العاشرة: في أيام الامتحانات لابد أن يكون الأب وعلى علم عن ابنه أين هو بعد الامتحان، فإن هذه الفترة كما يقول أصحاب الميدان من التربويين والمسؤولين إنها مزلق خطير فاحرص في تلك الفترة مستلهمًا التوجيهات التربوية في الحفاظ على سلوك الابن فأواخر الفصول الدراسية تحتاج من ولي الأمر إلى وعي أكثر وتفرغ أكبر وكل هذا حفظًا على فلذة كبده فالصاحب ساحب.

 الوقفة والحادية عشرة: المتابعة الدراسية أثناء الدراسة مهمة جدًا في واجباته ومبادرته في حضوره، وعدم غيابه ومتابعته لمعلميه وانضباط السلوك، كل هذه وأمثالها مؤشر لنجاحه علميًا وتربويا.

الوقفة الثانية عشرة: اسمع ماذا قال المعلمون عن ابنك من إيجابيات وانقلها له فهذا سيزرع عنده حب المعلمين وتوجيههم وتطبيقه.

 الوقفة الثالثة عشرة: عند معرفتك بمعلم ابنك، حاول أن ترسل سلامك معه لهم فهذا يشعرهم بالاهتمام ويشعره هو بالمسؤولية. الرابعة عشرة: من الممكن أن يكون لك لمسات تربوية على منسوبي مدرسة ابنك في المقترحات التربوية أو المشاركة في حل بعض المشكلات خصوصًا إذا كنت من صاحب هذا الشأن.

 الوقفة الخامسة عشرة: كم هو جميل جدًا أن تجعل لك مع أولادك جلسة علمية ماذا استفدتم هذا اليوم أو هذا الأسبوع من مسائل وأحكام أو سلوك ومعارف فاسمع وشجع.

الوقفة السادسة عشرة: لا تجعل ابنك موصوفًا بالجمود على المنهج الدراسي فقط بل افتح له طرقًا في القراءة الحرة والإطلاع مما يوسع مداركه ويعمق تفكيره ويكسبه الفهم السريع.

الوقفة السابعة عشرة: حتى تنجح في تربيتك لابد أن يكون لديك ثقافة عن طبيعة المراهقة والتعامل معها، فهي حالة تحتاج إلى تأمل لكثرة ما يعتريها من تغيرات.

الوقفة الثامنة عشرة: إن مما يهدم العلم والتعلم كثرة السهر من الابن، بحيث يذهب متعبا و يجعل راحته من تعبه في مدرسته مستغرقًا في نومه فيكون كالمنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى، فسهره وبال عليه.

الوقفة التاسعة عشرة: علّمه كيف يتعامل مع المواقف السلبية والإيجابية التي تعتريه في المدرسة أو أثناء الدخول إليها أو الخروج منها حتى لا تحصل مواقف لا تُحمد عقباها وعندما يستشكل شيئًا هناك فأحله إلى المرشد الطلابي ليسترشد منه ويستنير برأيه.

الوقفة العشرون: العلم والعمل قرينان فقد ورد في الأثر (العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل) فوجهه إلى العمل بعلمه الذي اكتسبه وناقشه فيه حتى يثبت في ذهنه ويكون واقعًا عمليًا له، فلربما كان هذا العمل منك صدقة جارية لك.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح نياتنا وذرياتنا وأن يجعلهم قرة عين لنا

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply