توصيات في حل المشكلات


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

إن السعادة هي مبتغى كل أحد ويسعى إلى تحصيلها كل صغير وكبير وكل يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها وقد قال الله تعالى عن هذه الحياة الدنيا في خلق الإنسان (لقد خلقنا الإنسان في كبد) فقضى الله تعالى أن هذه الحياة الدنيا تحمل بين طياتها الأفراح والأتراح بأشكال وأنواع، ومن حكمة ذلك الابتلاء للعباد وليعلموا أنها ميدان للعمل وهناك دار أخرى هي نتيجة لتلك الدار، قال الشاعر: طبعت على كدر وأنت تريدها -  صفوا من الأقذار والأكدار

ولما كان الأمر كذلك كان من طبيعة هذه الحياة أن تحمل بين طياتها مشاكل متنوعة ومتشكلة حسب ما يقدره الله تعالى ويريده وهذه من المسلمات، لكن كيف يتم التعامل مع هذه المشاكل إذ إن كثيرا من الناس يزيدها من حيث إنه يريد حلها سواء كان يشعر بذلك أم لا يشعر.

وتعريف المشكلة عند التربويين بأنها هي الصعوبات التي تواجه الإنسان في سير حياته في شتى المجالات

ودونك أخي الكريم عشرين وصية في حل المشكلات لعلها أن تكون دواء لجرح قد ينقلب إلى أزمة إذا توارد عليه الزمان ولم يتم الوقوف عليه وعلى حله فيمكن الاستعانة بعد الله تبارك وتعالى بهذه التوصيات وأمثالها لعلها أن تكون مفتاحا لحل بعض المشاكل.

الوصية الأولى: تحديد المشكلة وفهمها وتصورها وهذا ربما كان نصف حلها فقد نتوهم المشكلة أحيانا في عقولنا على غير حقيقتها فالخطأ في تحديدها وتصورها ينتج عنه الخطأ في حلولها.

الوصية الثانية: التأني في الحل وليس التأخر فبينهما فرق كبير فإن اتخاذك القرار السريع وأنت غير مهيأ في حل المشكلة قد يزيدها إشكالا لكن اتسم بالروية والعمق ليكون قرارك في حل المشكلة أساسا متينا ففي الغالب لا تندم بعده بإذن الله تعالى.

الوصية الثالثة: لا تسعى إلى تضخيم المشكلة إذا وقعت وتجعلها أكبر مما هي عليه فإن وقوعها الأولي ليس مقياسا لها بل عليك بالتروي والحكمة والاستشارة لمن هم أهل لذلك وليس من كل أحد فإن بعض الناس ما إن تقع له مشكلة إلا ويعلم عنها القاصي والداني فقد يندم إذا زالت المشكلة على نشره لها فالكتمان للمشكلة هو تحوير لها بأن لا تتفرع إلى أكثر مما هي عليه.

الوصية الرابعة: الصبر والتحمل لاستكمال حل المشكلة وعدم الاستعجال فإن الحل هو حال تتغير من حال إلى حال أخرى وهذا يحتاج إلى زمن يحدده الواقع لهذا الحل فقد لا يأتي الحل جملة وإنما يتدرج فالصبر والانتظار هو جزء من الحل.

الوصية الخامسة: اقرأ ما كتبه التربويون عن حل المشاكل واستراتيجياتها محاولا تطبيق ذلك فستجد أنك اختصرت على نفسك الكثير من الجهد .

الوصية السادسة: محاولة التكيف مع هذه المشكلة والتعايش معها إذا لم تصل إلى حل أو صعب حلها فإن التعايش معها قد يخففها مع مرور الزمن.

الوصية السابعة: التواصل مع اللجان الإصلاحية الأسرية المنتشرة فإن لهم جهودا طيبة في هذا المجال وعدم التردد في هذا خصوصا إذا تفاقمت المشكلة وصعب حلها علما أن هذه اللجان محاطة بالسرية التامة والدقيقة.

الوصية الثامنة: لا تتوجه إلى الجهات الرسمية كالمحاكم والشرط ونحو ذلك إلا بعد استنفاد الحلول الذاتية والقريبة فقد يوجد من المصلحين والمرشدين من يملك الحل دون هذا التوسع الرسمي وهذا لا شك أنه أولى وأحرى.

الوصية التاسعة: لا تجعل المشكلة تأخذ كل وقتك لأنك بهذا تخسر فرصا كثيرة تستفيد منها في مجال آخر وقد يتفرع من كثرة التفكير في هذه المشكلة مشكلات أخرى فكن واقعيا في عرضها ودراستها ولا تجعلها تؤثر على الترويح عن النفس ولقاء المعارف والأقارب ليتم التعويض عما تم فقده من الانشراح جراء الانشغال بهذه المشكلة وطلب حلها.

الوصية العاشرة: استفد من بعض المجالس التي ترى أنها مؤثرة في الحل فمن الممكن أن تُعرض في المجلس قضية مشابهة لقضيتك فيتحدث الحاضرون ويطرحون الحلول والآراء وأنت تستمع وتشارك من غير شعور منهم أن قضيتك مشابهة فتستفيد شيئا من الحل لهذه المشكلة.

الوصية الحادية عشرة: قد يحسن في أحيان كثيرة أن تستشير في مشكلتك من هو بعيد عنك ولا يعرفك وترى أنه يملك الحل أو يشارك فيه، لماذا نقول هذا لأنك بنهاية لقائكما تنتهي المعرفة بينكما لكن الشخص المستشار القريب منك يتذكر هذه المشكلة كلما رآك وفي هذا نوع من الإحراج لكما جميعا.

الوصية الثانية عشرة: اللجوء إلى الله تعالى ودعاؤه والتضرع إليه فإن مقاليد الأمور كلها بيده ولعلك تتحين ساعات الإجابة كآخر الليل وعصر الجمعة وبين الأذان والإقامة وغيرها فربما انحلت المشكلة بدعوة وما ذلك على الله بعزيز.

الوصية الثالثة عشرة: لا تكن مثاليا في عدم حدوث المشاكل فإن هذه الدنيا طُبعت على وجود معوقات وعقبات إذ إن هذه من طبيعتها فهيئ نفسك على استقبال المشكلة والبحث عن حلها ولا تنزعج فإن الانزعاج أكثر من اللازم هو بحد ذاته مشكلة أخرى.

الوصية الرابعة عشرة: تذكر دائما أن بيت النبوة وهو أفضل البيوت على الإطلاق حصلت فيه شيء من المشاكل فحصول المشكلة قد يكون طبيعيا نسبيا لكن ليست المشكلة في وقوعها وإنما المشكلة في تركها بلا حل.

الوصية الخامسة عشرة: عند حلك للمشاكل قد تحذف أو تخفق فلا تيأس بل حاول غيرها مرات وكرات حتى تنجح في الحل فاليأس منها نظرة قاصرة وربما يكون الحل قريبا منك لكنه يحتاج إلى بحث وتحري.

الوصية السادسة عشرة: قد يكون بعض الناس في حله للمشكلة هو بحد ذاته مشكلة، لأنه لم يسلك الطرق الصحيحة للحل أو غلب عليه الاستعجال أو كان مع الحل شيء من الانفعال مع الأطراف الأخرى فالتروي والحكمة ركنان في حل المشاكل.

الوصية السابعة عشرة: ما يتعلق بمشاكل الأولاد، لا تجعل نفسك دائما معها فإن هذا قد يتعبك بل تغافل وتجاهل عن بعضها فهم يصلحون أمورهم فيما بينهم وذلك عند المشاكل الصغيرة كمشاكل الأطفال ونحوهم.

الوصية الثامنة عشرة: دائما يقال الوقاية خير من العلاج فالأب والأم الناجحان والموفقان يجعلان وقاية في أسرتهم عن حدوث المشاكل وذلك بالتعليم القولي والفعلي وذلك مثل وجود جلسة عائلية لأهل البيت يتخللها الأحاديث الودية والفوائد التربوية والسلوكيات الجيدة فإذا انطبعت الأسرة على ذلك هدأت مشاكلها وساد الاحترام المتبادل بين أفرادها.

الوصية التاسعة عشرة: إذا حدثت مشكلة بينك وبين آخر، تذكر قول الله تبارك وتعالى (ولا تنسوا الفضل بينكم) فقد يكون من الظلم أنك بحدوث هذه المشكلة نسيت كل إفضاله عليك ومعروفه بك فتذكرك كل مساعيه الإيجابية معك يجعلك تتنازل نسبيا عن بعض الحقوق ويساهم هذا في حل المشكلة.

الوصية العشرون: جميل جدا أن يكون في الأسرة سؤال أسبوعي في إحدى جلساتها العائلية وليكن مثلا في كل يوم أحد من كل أسبوع وهذا السؤال له مقدمة تربوية تعالج شيئا من السلوك أو تبني شيئا من الإيجابيات وتُطلب إجابته في نهاية الأسبوع في الجلسة العائلية المعتادة وصاحب الإجابة الصحيحة يستحق التكريم وليكن هذا التكريم فصليا عن طريق جمع النقاط فهذه الأسر التي تطبق هذا البرنامج ستعرض خلال الفصل الدراسي الواحد قرابة خمسة عشر سؤالا وفي السنة كاملة ثلاثين سؤالا فهذا لا شك أنه رصيد معرفي تربوي كبير يضاد وقوع المشاكل في الأسرة.

أخي الأب وأختي الأم الكريمان اعملا سويا وتشاورا على إنجاح أسرتكما فإن هذا الجهد سيجري على أحفادكما وهو صدقة جارية لكما فلا تستهينا به فهو تأسيس لأسرتكما وكللا جهدكما بالدعاء لهم جميعا بصلاح الحال والمآل.

نسأل الله تبارك وتعالى ذلك لنا ولذرياتنا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply