الأسرة والقيم الإيجابية


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

إن الأسرة الناجحة هي تلك الأسرة التي تهتم بأسباب ذلك النجاح وتدرسه فيما بين ذويها، وتناقش أبعاده ومخرجاته، وإن من أهم الأسباب في نجاح الأسرة، أن تكون مبنية على تفعيل القيم الإيجابية داخلها وخارجها، وهذا الموضوع غاية في الأهمية، لأنه حل وقائي وعلاجي لكثير من المشاكل الواقعة والمتوقع حصولها، وسيكون الحديث في ذلك ضمن خمس عشرة وقفة فاسعوا وفقكم الله وسدد خطاكم إلى تفعيلها في أنفسكم ومع ذويكم.

 

الوقفة الأولى: يُراد بالقيم: هي جمع قيمة، وهي الصفة الإيجابية وخسارة الخير التي أمر بها الشرع، كالشكر والحلم والاحترام وسائر الأخلاق الحسنة، فهنيئا لتلك الأسرة التي سادتها تلك القيم وأمثالها، وكم هو عظيم وجميل أن يتأمل الوالدان حجم الإيجابيات في تربية أولادهم على تلك القيم فستنتفي المشاكل ويسود الهدوء والتفاهم، مما يكون سببا في تحصيل الحياة الطيبة.

 

الوقفة الثانية: إن زرع القيم في نفوس الأولاد يحتاج إلى جدولة وجهد وما ذلك إلا لفائدته العظيمة، فالجهود المبذولة تكون عظيمة فتكون مخرجاتها كذلك، فلابد من بُعد النظر والصبر والتجلد على زرع تلك القيم، فالبيت مدرسة للتربية، وهذا ما يكشفه تصرفات بعض الأفراد سلبا أو إيجابا، فالإيجابيون تلقّوا تلك القيم بخلاف السلبيين الذين تجاهلوها، فكانت المخرجات هزيلة والحياة مترهلة.

 

الوقفة الثالثة: دونك أخي وأختي الكرام نماذج من القيم وهي كالتالي:

 الشكر، بر الوالدين، الحياء، الاحترام، الصدق، الحوار الهادف، تعظيم الشعائر، حفظ اللسان، الرفق، البذل، التحفيز، الإيجابية، المبادرة، استثمار الوقت، وغير ذلك كثير وكثير من القيم الإيجابية فما أجمل أن تجدوا تلك القيم وأمثالها ثم يتم عرضها ومناقشتها داخل الأسرة، وتكون واقعا عمليا لهم، ومن الممكن أن يحدد قيمة لكل أسبوع، فسيتحقق في الشهر الواحد أربع قيم، فما أعظمه من مشروع أيها الآباء والأمهات الكرام.

 

الوقفة الرابعة: من الممكن أن يُقترح لتفعيل هذه القيم التربوية عدد من الوسائل تكون معينة في تنفيذها ومن هذه الوسائل:

 

 أولا: وضع جدولة معينة للقيم المرشحة للتفعيل وذلك باشتراك الأولاد.

ثانيا: وجود الواقع العملي والقدوة من الوالدين الكريمين.

ثالثا: استثمار المواقف اليومية مع الأولاد لذكر الملاحظات عليهم بالأسلوب المناسب.

رابعا: استثمار وسائل التواصل حول قيمة الأسبوع.

خامسا: استحداث جلسة أسبوعية لعرض القيمة ومناقشتها.

سادسا: افتعال الوالدين لبعض المواقف حول القيمة للتذكير بها.

سابعا: التحفيز والتشجيع بالهدية بأنواعها للبارزين في التنفيذ.

ثامنا: القصة لها دورها الفعال في تثبيت وغرس القيم.

تاسعا: كتابة القيم بشكل مؤقت في غرف الأولاد بالطريقة المناسبة.

عاشرا: الدعاء لهم بالتوفيق بأن يكونوا مما يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

هذه عشر وسائل يمكن استثمارها وتفعيلها في نشر وتفعيل تلك القيم.

 

الوقفة الخامسة: إن تفعيل القيم يعتريه عقبات لكن على الأبوين الكريمين تذليلها ومناقشتها وعدم الاستسلام لها ومن ذلك برود الأولاد عن التنفيذ وكذلك الانشغال النسبي عن المتابعة وأيضا تأخر النتائج وغير ذلك من العقبات المتوقعة، فلتناقش هذه العقبات وتذلل.

 

 الوقفة السادسة: البداية في برنامج القيم الإنسانية السارية لابد أن تكون قوية وبحجم كبير وتخطيط دقيق، بحيث لا تكون البداية ضعيفة في ضعف البرنامج وتضعف مخرجاته فالبداية المحرقة لها النهاية المشرقة.

 

الوقفة السابعة: الاستمرار بهذه بهذا البرنامج هو عموده وأساسه وأصله بعد توفيق الله تعالى، فاحذر انقطاع البرنامج لعقبة حصلت فأفسدت بل ناقشها وعالجها، فالمكاسب هي غالبا خلف المتاعب.

 

الوقفة الثامنة: لا يلزم أن يكون النجاح في المشروع مئة في المئة فإن تسعين في المائة في دائرة الممتاز، وما دونه هو نجاح بارز وظاهر، فإن نسبة النجاح تقل وتكثر وإن نجاحك أيا كانت نسبته فإنه سيزيد مع الوقت والعمل والتسديد بإذن الله تعالى.

 

الوقفة التاسعة: حاول نشر الموضوع عند جلسائك وفي جلساتك لتفعيله عند الآخرين فما أحوجنا للتواصي بإحياء القيم وتفعيلها داخل أسرنا، لأنها سياج كبير بإذن الله تبارك وتعالى عن وقوعنا ووقوع أفرادنا وأولادنا في الفتن، وهو أيضا سبب كبير في الثبات فاستثمر لقاءك بالآخرين في نشر ذلك المشروع.

 

الوقفة العاشرة: إن مما يُذكي جذوة ذلك البرنامج داخل الأسرة التشجيع ولو بالكلمة، فإن لها تأثيرا وهي لا تكلف شيئا، سواء كانت شفهية أو مكتوبة أو في وسائل التواصل أو ثناء عند آخرين ونحو ذلك، فاستثمر تلك الفرص كلها.

 

الوقفة الحادية عشرة: من الضروري جدا في مثل هذا المشروع أن يصحبه الصبر وعدم استعجال النتائج، فإن المشاريع عامة والتربوية خاصة لا يحكم على أولها لا سلبا ولا إيجابا، فاعزم على التفعيل وسد الخلل.

 

الوقفة الثانية عشرة: اجعل عندك بُعد نظر فإن مثل هذا المشروع الكبير في القيم قد يتسلل إلى الأحفاد وإن نزلوا، وهذا مما يجعلنا نهتم بتقعيده وتأسيسه وهو صدقة جارية في موازين الأعمال.

 

الوقفة الثالثة عشرة: إن مما يُشجع الأولاد على التفعيل أن تضع القيم على هيئة خارطة طريق من بلدك إلى مكة، فترسم تلك الخارطة منطلقة من بلدك إلى وصولها إلى مكة، وضع أسماء القيم بدل أسماء البلدان والمناطق، فكل قيمة تصل إليها فهي تقربك إلى الوصول إلى مكة فإذا وصلتها كنت أتممت مشروعك في القيم.

 

الوقفة الرابعة عشرة: لابد من الاهتمام في نشر موضوع القيم بين مجتمعنا، وذلك للأهمية القصوى أن يعيش المجتمع متمسكا بالقيم الإيجابية، ومن مجالات نشره ما يلي:

 

 أولا: تطبيق القيم مع أفراد المجتمع عامة وليس مع الأسرة فقط.

ثانيا: الحديث عنها في المجالس ومناقشتها.

ثالثا: استثمار وسائل التواصل في الحث عليها.

رابعا: استحداث برامج لهذه القيم مع الجيران والأقارب ونحوهم.

خامسا: الخطباء أو المحاضرون.

سادسا: المعلمون والمعلمات على طلابهم وتعزيزها لديهم.

إلى غير ذلك من المجالات المتاحة.

 

الوقفة الخامسة عشرة: مما يُقترح في تفعيل القيم. وضع برامج في وسائل التواصل لإحياء القيم عن طريق تويتر أو قنوات التليجرام أو عن طريق الرسائل الجماعية، أو أي وسيلة يراها صاحب البرنامج، فيفكر في رسم هذا البرنامج ويتم إطلاقه للشريحة المستهدفة، سواء الأقارب أو الجيران أو الحي أو المجتمع عامة، فيتم النشر بالطريقة المتفق عليها، ومن ذلك أن يكون في كل أسبوع قيمة ترسل إلى المستهدفين والمشاركين، ويُرسل على إثرها في بقية الأسبوع وسائل تنفيذها وتوصيات لها وتوضيحات في كل يوم مشاركة، ويوصى هؤلاء المشاركون بالنشر ليعم الخير والنفع.

 

 هذه خمس عشرة وقفة مع موضوع القيم الإيجابية وإحيائها وتعزيزها وما أحوجنا إلى ذلك فالأخلاق تُتخطف عند بعض الأسر والمجتمعات، وإن مثل هذا المشروع يكون سياجا لها بعد توفيق الله تعالى، فابدؤوا معاشرة الآباء والأمهات والمربين والمربيات في من تحت أيديكم بهذه المشاريع والبرامج لتحصد بإذن الله تعالى مكاسب عظيمة وأرباحا جليلة لكم ولمن تحت أيديكم، ولكن اتصف بالصبر والتأني وعدم استعجال النتائج وقم بالتسديد والتشجيع والتخطيط فإن من كان كذلك لا يخطئه النجاح والفلاح بإذن الله تبارك وتعالى.

 

أسأل الله تبارك وتعالى لنا جميعا حسن العمل وحسن القصد وصلاح النية والذرية.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply