بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
مما لا شك فيه أن الخلق خُلقوا لعبادة الله تبارك وتعالى، وهذه العبادة متنوعة ومتشكلة وفي متناول الجميع صغارا وكبارا، فلكل ما يطيقه من الأعمال، وعندما نلقي نظرة ثاقبة على صغارنا أصلحهم الله نعلم أنهم في أول حياتهم محتاجون إلى التأسيس التربوي والإيماني، ليعيشوا عمرهم صالحين مصلحين حيث تأسسوا على ذلك حال صغارهم، وحول تعليم هؤلاء الصغار يسير العبادات أقف معكم أيها المباركون عشرين وقفة:
الوقفة الأولى: إن أهمية مثل هذا المنشط التربوي الهام تكمن في تأسيس تلك الإيمانيات عند هؤلاء الصغار لينشؤوا عليها ولتعزيزهم في سلوكهم ولأنهم سيزاولونها طيلة أعمارهم بمشيئة الله تعالى، وهي تربية لهم على الإيمان والثبات عليه وهذه كلها أمور عظيمة ومهمة، يهدف إليها المربون عامة في عموم مناشطهم التربوية والوالدان على سبيل الخصوص، ففي ذلك حصانة كبيرة في النواحي التربوية والإيمانية والسلوكية لهم.
الوقفة الثانية: إننا من خلال تعليمنا لهؤلاء الصغار تلك الأعمال الفاضلة، نكسب مثل أجورهم طيلة أعمارهم، وهذا أمر عظيم جدا، فيقول أحدهم وقد بلغ عمره الستين سنة: قد علمني فلان آية الكرسي وفضلها فلا زلت أقرأها منذ خمسين عاما، فيا سعادة ذلك الشخص بمثل أجر هذا العمل، ولنا أن نتصور أن هذا الرجل الستيني علم غيره فتسلسلت الأجور للمعلم الأول فيابشراه على تلك الصدقة الجارية، علما أن هذه الأجور هي في متناول الجميع بل وفي بيوتهم وعند أولادهم، فهل نتفطن لهذا كثيرا معاشرة الإخوة والأخوات؟.
الوقفة الثالثة: حتى نعلم جيدا عظم الأجر المترتب على هذا، اجلسوا مع أنفسكم معاشر الإخوة والأخوات جلسة يسيرة مصطحبين معكم آلة حاسبة، ثم اعملوا عملية حسابية لعمل واحد يتعلمه منكم طفل صغير لكم أو لغيركم قد طبق هذا العمل حتى بلغ الثمانين أو التسعين من عمره، وأنتم السبب في ذلك، فكم ستحوزون من الأجور والحسنات؟ إنها بالمليارات، فهل يتأخر عن هذا عاقلا حصيفا منصفا؟.
الوقفة الرابعة: عندما نفكر في الصدقات الجارية فتنصرف أذهاننا مباشرة إلى بناء المساجد وحفر الآبار ونحو ذلك، وننسى أن هناك ما هو أسهل من ذلك بكثير وهو بمقدور الكثيرين ولا يحتاج إلى أموال مبذولة وهو برنامجنا هذا تعليم الصغار يسير العبادات، فلكم أن تتوقعوا أن هذا الصغير عندما كبُر علم فئامًا وفئامًا من الناس بتلك الأعمال، فلكم مثل ذلك فضلا من الله تعالى وكرما وجودا.
الوقفة الخامسة: هذه الأعمال والأقوال الإيمانية هي في كتب السنة عامة، ومن أولى تلك الكتب (أبواب الإيمان والرقائق والسلوك) في صحيح البخاري ومسلم.
ولا شك في صحتهما، فلو أن المربي من الوالدين وغيرهم من المربين أخذوا ذلك من الصحيحين لكان خيرا عظيما ثم سلسلوه على من تحت أيديهم في كل أسبوع عمل فاضل يشرح ويوضح لهذا الطفل، ويُتابع عليه عمليا مع دعواتهم لهم وتشجيعهم وتحفيزهم فستجتمع أسباب النجاح والتوفيق بإذن الله تبارك وتعالى.
الوقفة السادسة: من الممكن أن يكون ذلك المنشط برنامجا تربويا يُطبق داخل الأسر في مسماها العام، فيُجمع صغار الأسرة عامة وينفذ فيهم ذلك البرنامج بشكل أسبوعي بطريقة يدرسونها ويشرفون عليها الكبار، كما يمكن تطبيقه في الدوائر التربوية كالمدارس والحلق القرآنية والدور النسائية ومكاتب الدعوة واللجان الاجتماعية وغيرها، وعندما تعمل جميع تلك الدوائر فسيخرج لدينا مجتمع متمسك صالح مصلح.
الوقفة السابعة: إن هؤلاء الصغار يحتاجون خلال العرض للبرنامج والإشراف على التنفيذ إلى التشجيع الحسي والمعنوي بكلمة أو بحلوى أو بمال أو غير ذلك مما يدعم مسيرتهم الإيمانية، فلا تبخلوا عليهم بذلك.
الوقفة الثامنة: قد يتسلسل هذا البرنامج وتلك الأعمال للأحفاد وأحفادهم، كما هو موجود الآن عند بعض الأجداد والجدات الذين أخذوا ممن قبلهم وعلموا، من بعدهم فيا سعادة ويا بشرى وهناءة من كان سببا في ذلك، إنه فضل عظيم وثواب جزيل.
الوقفة التاسعة: إن طبيعة الطرح على الصغار يحتاج إلى تأنٍ وروية ولا يصلح معه الاستعجال بل ويحتاج إلى الأسلوب القصصي أحيانا، فالطرح عليهم يحتاج إلى تهيئة وآلية أكثر مما يحتاج إلى مادة علمية في المطروح، وهذا التأني وتلك الروية لها مخرجاتها على تعلم الطفل واستجابته.
الوقفة العاشرة: إذا كان هذا البرنامج سينفذ جماعيا، فينبغي أن يدرس من عدة نواحي من أهمها ما يلي:
الطريقة، والمدة، والوقت، واليوم، والحوافز، والرسوم، والقياس لهؤلاء الصغار قبل وبعد البرنامج، وتحرير الشهادات للبارزين، والعدد المقترح.
ولعل من أهم العناصر أيضا:
الاجتماع قبل البرنامج بأولياء أمور هؤلاء الصغار لتشجيع أبنائهم على التنفيذ والإشراف عليهم وتحفيزهم ومتابعتهم وإفادة إدارة البرنامج بما يحصل.
الوقفة الحادية عشرة: هذا البرنامج له مخرجاته الطيبة، فلا بد من الاهتمام به كثيرا ومن ذلك تعزيز الإيجابية لدى المستهدف، وكسب الأجور لهم ولمن علمهم وربما يتسلسل إلى غيرهم، وكذلك تربيتهم على الأعمال الصالحة، وقد يكون هذا مدخلا لأعمال إيجابية أخرى.
الوقفة الثانية عشرة: من الممكن أن يكون تنفيذ البرنامج داخل الأسرة على مراحل، ففي كل فصل دراسي ستة أعمال وهكذا حتى يتسنى التأسيس والمتابعة فتكون المدة الزمنية لعرض العمل ومتابعته ومزاولته أسبوعية، وحتى نحصد النتيجة المتميزة يلزم أن تكون متابعة لمفردات البرنامج متميزة أيضا، فالجزاء من جنس العمل.
الوقفة الثالثة عشرة: من نماذج الأعمال الإيمانية اليسيرة ما يلي:
ركعتي الضحى، وصلاة الوتر، والأذكار الصباحية والمسائية، والتسبيح مئة مرة يوميا، والسنن الرواتب، والذكر عند سماع الأذان، ودعاء الدخول والخروج للمنزل والمسجد والخلاء، وأذكار النوم، ونحو ذلك مما هو زاخر في الصحيحين البخاري ومسلم وغيرهما من صحيح السنة.
الوقفة الرابعة عشرة: استثمار وسائل التواصل في تنفيذ البرنامج حسن وطيب أو طباعة العمل الإيماني في أوراق صغيرة يصحبه معه كل وقت، ووضع المسابقة على ما تم معرفته وحفظه خلال الفصل الدراسي، هذا وما يماثله يعزز البرنامج ويؤسسه ويقويه.
الوقفة الخامسة عشرة: يمكن الإستفادة من كتيب بعنوان (مائة حديث من الصحيحين في عمل اليوم والليلة) وهو موجود في موقع (صيد الفوائد) على الشبكة العنكبوتية.
الوقفة السادسة عشرة: الخطوات الأولى للبرنامج من المهم جدا أن تكون قوية ومدروسة بحيث يتقوى هؤلاء المستهدفون في التنفيذ والتفعيل لهذا البرنامج.
الوقفة السابعة عشرة: من المهم قياس المستهدفين قبل البرنامج بشكل عام عن خلفيتهم في ثقافتهم العلمية عن تلك الأعمال ثم قياسهم بعد البرنامج لدراسة الفرق بين الحالين.
الوقفة الثامنة عشرة: من المهم نشر هذا البرنامج ليعم الخير وتعظم الأجور ويرتفع منسوب الإيجابية لذلك الجيل الصاعد.
الوقفة التاسعة عشرة: إن من أركان نجاح البرنامج المهمة بإذن الله تبارك وتعالى، متابعة المستهدف خلال الأيام التالية لعرض العمل الإيماني في تطبيقه وتنفيذه وتشجيعه على ذلك وتحفيزه وعدم الاستعجال في ذلك.
الوقفة العشرون: على الوالدين الكريمين وعموم المربين الاحتساب في هذا البرنامج في كسبهم هم بأنفسهم الأجور العظيمة من خلال تعليمهم وإرشادهم وتشجيعهم، فإن هذا بإذن الله تعالى وقود لهم في المتابعة والتفعيل والتحفيز.
معاشر الآباء والمربين، كما أن تعليم الصغار تلك الفضائل هو تأسيس لهم على الخير وهو في الوقت نفسه إخراج جيل صالح مصلح يعمل لدينه وأمته ووطنه، فإذا تكرر هذا البرنامج في الفضائل وفي القيم وفي الآداب فنحن بإذن الله تعالى قادرون على بناء ذلك الجيل الصغير الذي سيسوس المجتمع لاحقا بتوفيق الله تعالى ثم بما نشأ عليه من الإيمانيات والفضائل والسلوك، فيا أرباب التربية ويا أيها الآباء والأمهات لا تقللوا من هؤلاء الصغار، فهم يُخزنون اليوم ما سيظهرونه غدا سلبا أو إيجابا، فاتقوا الله فيهم، فهم رجال الغد ومسؤولوا المستقبل، وهم صدقاتكم الجارية، وهم الذين سيعكسون تربيتكم لهم وكذلك كنتم من قبل فتبوأتم ما أنتم عليه الآن، وهم سيأخذون مكانكم بعدكم، فحصنوهم وعلموهم وجعلوهم مشروعكم الكبير تُفلحوا ولا تندموا، وأما من ترك وفرط وأضاع فقد خسر زمن الغرس فلم يحصد كما حصد هؤلاء المستثمرون والمشمرون.
نسأل الله تبارك وتعالى صلاح النية والذرية وأن يجعلهم قرة عين لنا جميعا ولأمتهم ولأوطانهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد