توصيات في التربية الناجحة


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

إن نعمة الأولاد نعمة عظيمة، إذ إنه يُرجى أن يكون لوالديهم مثل ما تعملُ هذه الذرية من الخير، ويرجى برهم ودعاؤهم وعطاؤهم ولكن ربما أن هذه المنافع وأمثالها قد تحتاج إلى رصيد من التربية عليها حتى يتسلسل هؤلاء الأولاد بهذا البر والعطاء والنفع الدنيوي والأخروي بإذن الله تبارك وتعالى. وقد ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله والداً أعان ولده على بره) 

فعند حرصك على ذلك أيها الأب المبارك ويا أيتها الأم المباركة قد تشملكم تلك الدعوة النبوية العظيمة.

 

وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: (إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته).

 

ويختلف هؤلاء الأبناء في أخلاقهم وسلوكهم حُسناً وسوءً، ولكن على الآباء والأمهات ملاحظة ذلك وتصحيح السلبيات وتنمية الإيجابيات حتى تكون تلك الذرية نشأت على أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وسأذكر في هذه الحلقة خمساً وعشرين توصية تساعد على التربية الناجحة لعلها أن تساهم في تصحيح المسار السلبي وتنمية المسار الإيجابي وهي على النحو التالي.

 

التوصية الأولى:

 عليك بإحياء القيم الإيجابية لديهم كتوقير الكبير واحترام الصغير ومحبة الداعين إلى الخير وسلامة الألفاظ ونحوها مما يكوِّن لديهم الصبغة الإيجابية الطيبة وهذا قد يتكامل مع مواقفنا معهم في الذهاب والإياب فكل موقف لهم معنا هو درس لهم في إحياء هذه القيم فاستثمار هذه المواقف في الذهاب والإياب بالتوجيه هو من أضرب التربية المهمة.

 

التوصية الثانية:

 اصطحب أبناءك معك إلى مجالس الرجال المناسبة لهم ليتعلموا أحاديثهم وآدابهم فإن الكبار هم القدوة لهؤلاء الصغار مع تصحيح ما قد يقع فيه من ملاحظات فإن هذه هي بمثابة الدروس لهم في تربيتهم.

 

التوصية الثالثة:

 حاول أن تجعل كثيراً من جهدك في الابن الأكبر لأنه سيشاطرك المسؤولية والتربية على إخوانه وأخواته فأوله نصيبًا من التربية مما يجعله هو المربي الثاني.

 

التوصية الرابعة:

لا تجعل أولادك يعاملونك بسياسة التستر عنك لأنك بذلك تخفى عليك عللهم وأخطاؤهم مما يجعل تصحيحك لها أمرا صعبا ولكنك في المقابل تغافل عما يمكن التغافل عنه.

 

التوصية الخامسة:

 أنت أيها الأب وأنت أيتها الأم كلاكما قدوة فاحذرا أن يشاهد أو يسمع الولد منكما ما يسوء فإن ذلك سلبية عظيمة في مسار التربية.

 

التوصية السادسة:

 لا تجعل أولادك يعتادون الترف وكثرة الزينة في غير محلها فالأيام حبلى والأوقات تتغير فقد تتغير أحوالهم بسبب تغير طبيعتهم المترفة فاسلك طريق الوسط فإنه صالح لكل زمان ومكان وحال.

 

التوصية السابعة:

 إذا خالفك ابنك أو ابنتك بشيء فلا تنزعج وتغضب ولكن انظر بعين الحكمة فالحوار حل ناجح لأن المقصود تصحيح المسار وليس عقوبة المخالف فإذا تصحح المسار لم تتكرر تلك المخالفة وأما الانزعاج وربما التأديب بالضرب والغضب ونحوهما فإن الخصام مشقة والقسوة نفور.

 

التوصية الثامنة:

 إذا كان ابنك في بلد آخر فحاول مراسلته وديًّا ودوريا بالوصايا النافعة فإنه سيتلقاها مستبشرا بها وحريصا عليها.

 

التوصية التاسعة:

 لا تسأم في العمل مع تربيتهم فهم غرسك الذي سيبقى لك وهم جزء منك وإن نزلوا فكل بعيد النظر في تربيتك.

 

التوصية العاشرة:

 أطيب مطعمك ومطعم أولادك فهو سبيل قويم ومعين كبير على حسن أحوالهم وصلاحهم وإصلاحهم واجعل طيب المطعم سجية لهم يستحضرونها في كل وقت، فكل جسم نبت من سحت فالنار أولى به.

 

التوصية الحادية عشرة:

حاول قدر الإمكان ألا تطيل المكث والغياب عن البيت والأسرة لتتواصل التربية الأسرية فهم بحاجتك لأنك أنت قدوتهم والتربية تحتاج إلى اللقاءات المتقاربة.

 

التوصية الثانية عشرة:

الدعاء لهم والالتجاء إلى الله تبارك وتعالى أن يصلح قلوبهم وأعمالهم وتشجيعهم أيضا على الدعاء لأنفسهم وبيان أهمية ذلك لهم ولهذا كان دعاء إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام كان من دعائه: {وَاجنُبني وَبَنِيَّ أَن نَعبُدَ الأَصنامَ}  فكم دعونا نحن بهذا الدعاء وأمثاله لأولادنا وقد قابلت رجلا رزقه الله صلاحا وإصلاحا في نفسه وزوجته وذريته فتحاورت معه عن الأسباب بعد توفيق الله تعالى فقال أعظم سبب عندي بعد التوفيق أنني لا أغفل عن الدعاء لهم في ساعات الإجابة وقد رأيت آثار ذلك ولله الحمد.

 

التوصية الرابعة عشرة:

كن رفيقاً معهم في معاملتك قولاً وعملاً وقد قال عليه الصلاة والسلام: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه) وقال صلى الله عليه وسلم: (فمن يحرم الرفق يحرم الخير كله)  وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف).

إن هذه الأحاديث الثلاثة عظيمة في تقعيد تلك القاعدة التربوية وهي الرفق وعدم الغضب والعجلة في التوجيه فإنك ترى من المراهق تصرفات تعجبك وأخرى تغضبك فشجعه في الأولى ووجه في الثانية.

 

التوصية الخامسة عشرة:

ابذل جهدك المبارك في سبيل تثقيفهم في أمور دينهم وأخلاقهم من الناحيتين النظرية والعملية فالأولى من خلال محادثتك معهم وبيان ما تحمله من علم وثقافة أعطهم مما أعطاك الله شيئا فشيئا حتى يستقيم أمرهم. وأما الناحية العملية فحاول متابعتهم في دراستهم وتحصيلهم العلمي وابحث عن واقعهم التربوي وحاول جاهدا تسجيلهم في حلقات تحفيظ القرآن الكريم وقرِّب وحبب إليهم الاطلاع والقراءة.

 

وجميل جدا أن تجعل في متناولهم كتيبات ولو صغيرة وتسمي هذا الكتاب كتاب الأسبوع ففي كل أسبوع كتيب فهم سيقرأون في السنة قرابة خمسين كتابا من الحجم المتوسط فمن خلالها بإذن الله تعالى ستتحسن سلوكياتهم وتترقى ثقافتهم ويزيد علمهم.

فإنك بهذين الأمرين النظري والعملي ستحصد نتاج عملك صلاحا وإصلاحا في قلوبهم وأحوالهم بإذن الله تبارك وتعالى.

 

التوصية السادسة عشرة:

لا تضيق ذرعا في الأخطاء إذا حصلت منهم. فهي وإن كانت سلبية في ذاتها لكنها فرصة للتصحيح والتسديد فغضبك خلال خطئهم وهو مجرد عن التوجيه هو من السلبية، لكن امزج هذا ببيان السلوك الصحيح فهو ينتظر منك التوجيه ولا تسأم ولا تمل فهؤلاء أبناؤك وقرة عينك فكل كثير تبذله تجاههم لا تستكثره فهو سينعكس إيجابا عليهم.

 

التوصية السابعة عشرة:

 لا تكن معهم جادا في جميع أحوالك ولكن ساعة وساعة فوجه بجدية وامرح مرحًا في مكانه وابتسم بل وتصابى أحيانا مع الطفل وأظهر لهم هذه جميعا. حتى يفهموا منك جميع أوجه التربية لتستقر محبتك في قلوبهم وليقبلوا توجيهاتك.

 

التوصية الثامنة عشرة:

استعمل معهم ثقافة الشكر عند الإنجاز مهما قل فإن هذا الشكر يولد إنجازا آخر ويعتادون معك ومع غيرك ثقافة الشكر ويكونوا سجية لهم ولك.

 

التوصية التاسعة عشرة:

 لا تعاتب أمام الآخرين أو تحتقرهم فإن هذا بصمة سلبية لا ينساها أبدا بل وتنقش في قلبه بغض توجيهك أحيانا ولكن اجعل هذا العتاب في موطن آخر بينك وبينهم.

 

التوصية العشرون:

 هل الضرب حل للمشكلات والأخطاء؟ الجواب لا ولكن إن قلنا بوجوده فهو في آخر الحلول وعلى أقل الدرجات لأن المقصود التأديب وليس التعذيب فعليك بتفاديه ما استطعت إلى ذلك سبيلا وإن كنت فاعلا فبرفق وحدود وتجنب الوجهة ونحوه.

 

التوصية الحادية والعشرون:

كلفهم بالمسؤليات حتى ينشأوا على مستوى تلك المسؤلية ويعرفوا المداخل والمخارج ولا يكون أحدهم أخرق لا يعرف كيف يتصرف في المواقف.

 

التوصية الثانية والعشرون:

 لا تفضل بعضهم على بعض فإنهم إن يشعروا بذلك تحصل في قلوبهم الحزازات عليك وفيما بينهم ولكن إن كنت مفضلا أحدا على أحد فلا بد من مبرر للتفضيل والأصل في هذا العدل بينهم في كل شيء.

 

التوصية الثالثة والعشرون:

 استشرهم في كثير من الأمور حتى لو كنت تملك رأيا سديدا فإن هذا ينمي عندهم حس المسؤولية والقوامة والرجولة وربما استفدت منهم رأيا آخر يناسبك.

 

التوصية الرابعة والعشرون:

 إن في السُّنة من المواقف التربوية ما لا يحصى كثرة فاحرص على الاطلاع عليها محاولا تطبيقها على ذريتك فهي أسلم وأحكم النظريات على الإطلاق لتجمع العلم والعمل جميعا.

 

التوصية الخامسة والعشرون:

 تذكر يوم أن كنت صغيرا ما هو واقعك وما هي أخطاؤك وكيف كنت فخذ من تلك الحال دروسا لهذه الحال واجعلها تربوية كما يريد التربويون حتى تصل إلى الهدف الذي يريدون.

 

أسأل الله تبارك وتعالى لي ولكما ولذرياتكما ولذريات المسلمين الإصلاح والصلاح.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply