خطوات عملية في صلاح الأولاد


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

يقول الله تبارك وتعالى: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) ويقول الله تعالى في جانب آخر في الذرية: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة).

 إن هؤلاء الأولاد نعمة عظيمة فيرجى أن يكون لوالديهم مثل ما كانوا يعملون من الخير ويرجى برهم وعطاؤهم ولكن ربما أن هذه المنافع وأمثالها قد تحتاج إلى رصيد من التربية عليها حتى يتسلسل الأولاد في البر والعطاء، وحول موضوع هذه الخطوات في صلاح الأولاد سأتحدث بإذن الله تبارك وتعالى عن عشرين خطوة، لكن على الوالدين الكريمين أن يتأملا جيداً قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ أم ضيع) الحديث. فإدراك هذا الحديث وفهمه هو مفتاح الصلاح والفلاح لهؤلاء الذرية، وهذه الخطوات هي على النحو التالي:

 

الخطوة الأولى:

اغرسا في نفوسهم تعظيم الله تبارك وتعالى وتوقير رسوله عليه الصلاة والسلام فتلك الخطوة هي أساس الصلاح والفلاح ومن خلالها سيمتثلون الأوامر الشرعية بالفعل والمنهيات بالترك، وهذا الغرس يكون من خلال الجلسات والمناسبات واللقاءات العابرة والمحادثات الثنائية والجمعية ونحوها مدعماً ذلك بالمثال ليتضح لهم المقال، فلو تم هذا مع أولادنا ولو على جرعات يسيرة لظهر أثره الإيجابي عليهم.

 

الخطوة الثانية:

علموهم كيف يقومون بالأمانة بينهم وبين الخالق وبينهم وبين المخلوق حيث عرضت الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبيْن عن حملها وحملها الإنسان فكيف يحملونها وما الواجب عليهم في حملها وما الذي يخدش تلك الأمانة وما الذي يقويها وما الذي يسددها فالمال أمانة والجوارح أمانة والوقت أمانة والعلم أمانة وغير ذلك من الأمانات فإذا كانوا قائمين عليها كما أمر الله ورسوله عليه الصلاة والسلام فالصلاح طريقهم والفلاح سبيلهم بإذن الله تعالى وقصوا عليهم بعض القصص والمواقف في الماضي والحاضر فستكون هذه المواقف عندهم مكان القدوة.

 

الخطوة الثالثة:

الدعاء في أوقات الإجابة بصلاحهم وإصلاحهم ففي دعاء إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) وفي دعاء المؤمنين لذرياتهم: (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) فاحرصوا أن يكون الدعاء لهم على ألسنتكم دائما وفي محادثة قصيرة مع أب كريم رزقه الله ذرية صالحة مصلحة حفظوا القرآن وشيئاً من السنة قلت له ما سبب ذلك الصلاح في نظرك؟ فقال أنا رجل أمي لكني لا أدع الدعاء لهم بالصلاح من خلال دعواتي في اليوم والليلة فهذه آثار الدعاء بإذن الله تعالى.

 

الخطوة الرابعة:

 مشاركة الأولاد في عمل الصالحات، فكم هو جميل أن الوالدين إذا أرادا عملا صالحا ولو في غالب الأحيان أن يجعلا أولادهما يشاركونهم فيه ليعتادوا فعل الخير وليكن ذلك سجية لهم وليقتبسوا لصلاحية من والديهم فهم أرفع درجات القدوة ممن يشاهدونهم قال الله تعالى: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل)

فكان ابنه إسماعيل معه في رفع القواعد، وعندما بات ابن عباس رضي الله عنه عند خالته ميمونة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم فقام النبي صلى الله عليه وسلم وقام معه ابن عباس يصلي ويشاركه فالمشاركة في عمل الخير هي من أوسع الطرق لتعويدهم عليه.

 

الخطوة الخامسة:

احرصوا على أن يحفظوا القرآن أو شيئا منه ليكون زادا لهم وسياجا عن الشر فإذا اشتغلوا بالقرآن غفلوا عن كثير من الشر فحفظهم وتعاهدهم له في الحلق القرآنية للبنين والدور النسائية للبنات غاية في الأهمية فإذا علمتموهم القرآن علمهم القرآن كل خير وصدهم عن كل شر فالواقع خير شاهد لطلاب الحلقات من بنين وبنات في صلاحهم وسمتهم كيف لا وقد جلسوا مع كتاب الله تعالى وفي بيته يرددون ويحفظون فيا بشراهم وأهاليهم، فالحلقات القرآنية تناديكم رجالا ونساء صغارا وكبارا إلى مجالسة الملائكة الكرام وإلى حيث تنزل السكينة والرحمة فهلموا جميعاً وفقتم وبوركتم.

 

الخطوة السادسة:

 يقال بأن لغة الجوارح والأفعال أبلغ من لغة الأقوال ولهذا يرون منك تصرفاتك معهم ومع الآخرين فيعتبرونها دروساً لهم فاضبط هذه الدروس ليضبطوا هم ذلك السلوك فعيونهم مقرونة بك وأنت أكمل من غيرك في أعينهم فاتق الله فيهم ليرزقك الله تعالى صلاحهم وإصلاحهم.

 

الخطوة السابعة:

 في كل معاملاتك وكلامك معهم اصحب الرفق فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه) وقال عليه الصلاة والسلام: (من يحرم الرفق يحرم الخير كله). وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الله ليعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف) فالرفق في المعاملة والتربية هو سياج الخير والصلاح بإذن الله تبارك وتعالى.

 

الخطوة الثامنة:

 حاول التعرف على أصدقائهم واستضفهم بين الفينة والأخرى وتحدث معهم فإن ذلك يعزز الثقة والصلاح فيهما جميعا.

 

الخطوة التاسعة:

تعويدهم على الصدقة والبذل كواقع لك يشاهدونه وواقع لهم يمارسونه ويمكن أن يكون ذلك عن طرق ومن أهمها وأيسرها وأسهلها وضع حصالة في مكان بارز من البيت يضع فيه أهل البيت ما تجود به نفوسهم ثم يفتح دوريا ويعطى للمحتاجين، فهذا الإجراء وهذا البرنامج هو إحياء لقيمة الجود والبذل والكرم والصدقة.

 

الخطوة العاشرة:

أن يحفظ الأولاد صغارا وكبارا أذكار اليوم والليلة فيمكن أن تجمع الأذكار وتحرر وتقرر عليهم في كل أسبوع ذكران منها فسوف يحفظونها في غضون فصل دراسي وتكون صدقة جارية للوالدين.

 

الخطوة الحادية عشرة:

 اجعل في متناولهم كتيب الأسبوع من الكتيبات الصغيرة التربوية فستحيي فيهم قيمة القراءة والاطلاع فسيقرأون في السنة أكثر من خمسين كتاباً فيا بشراك ويا بشراهم إذا انطلقوا في القراءة من خلال تربيتك.

 

الخطوة الثانية عشرة:

 ضعوا لهم سؤالا أسبوعيا تحت عنوان من الفارس وليكن السؤال تربويا يسبقه مقدمة تربوية لا تزيد عن ثلاثة أسطر أو أربعة ثم يأتي بعدها السؤال فهذه المقدمة تحمل درسا تربويا ثم يجيبون هم على هذا السؤال ولتكن جائزته فورية أو شهرية أو فصلية حسب ما يراه الوالدان الكريمان، وهي طريقة مجربة وناجحة بامتياز.

 

الخطوة الثالثة عشرة:

حرر لهم نموذجا لمتابعة الأعمال الإيمانية في اليوم والليلة وهذا النموذج هو كالتالي:

يحرر أعمال إيمانية في ورقة بشكل عامودي ثم يوضع أمامها مربعات بشكل أفقي لمدة شهر لتصبح هذه الورقة نموذجا للتنفيذ لهذه الأعمال الإيمانية بوضع علامة على المربع للتنفيذ وذلك بإشراف الوالدين وتشجيعهم.

 

الخطوة الرابعة عشرة:

 اغرس فيهم شعيرة الأمر بالمعروف ليمتثلوه والنهي عن المنكر لينتهوا عنه وذلك بحكمة وصبر وأدب واحترام جم.

 

الخطوة الخامسة عشرة:

 زيارة مدارسهم من بنين وبنات والإطلاع على مستواهم العلمي والتربوي وشحذ همم المعلمين والمعلمات في تربيتهم على الفضائل والتواصل بعد ذلك ليتحقق الهدف.

 

الخطوة السادسة عشرة:

الهدايا مطايا المحبة وبريد المودة فبين الفينة والأخرى احملوا معكم لهم هدايا ولو كانت متواضعة فهي لها قدرها الكبير في نفوسهم.

 

الخطوة السابعة عشرة:

 التعامل الحسن معهم الابتسامة والسلام والهدية والمزاح الحق وشكرهم على جهودهم ونحو ذلك.

 

الخطوة الثامنة عشرة:

استحداث جلسة تربوية لهم ولو كانت قصيرة فهي زاد كبير لهم مع ما يكون فيها من البركة من غشيان الرحمة وتنزل الملائكة ونزول السكينة وغير ذلك من الخير العظيم.

 

الخطوة التاسعة عشرة:

 استثمار الذهاب والإياب إلى المدرسة وغيرها في المناقشة والمحادثة فيما يهمهم في دينهم ودنياهم فهي وإن كانت قليلة لكنها في مجموعها كثيرة فسيأخذون منها مفاهيم تربوية يتربون من خلالها.

 

الخطوة العشرون:

وضع جروب في وسائل التواصل معهم بحيث يكون فيه من التوجيهات التي تهمهم والمفاهيم التي تخصهم ومسائل تزيل جهلهم ومحادثات أريحية فيما بينهم وتكون هذه المجموعة نموذجا للاستثمار الأمثل لتلك الوسائل.

 

هذه عشرون خطوة عملية يستطيع الوالدان الكريمان من خلالها وأمثالها بإذن الله تعالى إعداد جيل صالح مصلح يسعى لخدمة دينه ووطنه ولكن أيها الآباء والأمهات وصيتي لكم بأمرين مهمين:

 

 الأول: اصبروا على ما تلقون من أذى خلال تربيتكم أو تعب أو ملل فإن الصباح لا يأتي إلا بعد شدة الظلمة.

والثاني: لا تستعجلوا النتائج بل اعملوا وافعلوا الأسباب واتركوا النتائج والمخرجات إلى الله تعالى وكللوا ذلك بالدعاء فإن من فعل ذلك مجتهدا متوكلا على الله فلا يكاد بإذن الله تعالى يخيب.

ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply