بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
مما لا شك فيه أن بيت الزوجية حبل متين للحفاظ على الأسرة وتربيتها بتوفيق الله عز وجل ولكن قد يعتري هذا البيت ما يعتري البشر من اختلاف أو خلاف حيث إن القلوب قد تتفق وقد تختلف وفي هذا الصدد يجب على الزوجين الكريمين أن يسعيا لتحقيق ما يضاد هذا الاختلاف ويزيله.
وهما في هذا السعي الحثيث لا شك أن الشيطان حاضر فربما أجلب عليهم بخيله ورجله إلى الفراق أو الطلاق وهنا ينهدم بيت الزوجية الذي تعب الزوجان على بنائه وإعداده وسأتحدث عن موضوع الطلاق من حيث الأسباب والعلاج وأقول بادئ ذي بدء إن الأسباب التي سأذكرها ربما كانت شرارتها الأولى سفاسف الأمور وخزعبلات يستحي الإنسان من ذكرها، ثم تطورت تلك الشرارة عند الزوجين وذلك بإشراف وإدارة من الشيطان الرجيم الذي لا يألو جهدا أن يكون مستشارا له ولها مبعداً عنهما أساليب العلاج والنجاح، فهذه الفترة هي دورة عند الشيطان يأخذها من استجاب له شاء أم أبى، ونقول هذا مع كل أسف ولا شك أن هذا ليس لدى الجميع وإنما على شريحة من المطلقين وثمة أسباب عدة تكمن خلف هذا الطلاق والفراق وهي على النحو التالي:
السبب الأول:
ضعف التأهيل للزوجين عن الحياة الزوجية بحيث تخفى عليهما المواقف والتعامل الأمثل معها ثم يتعاملون معها حسب ما يمليه الواقع السلبي السابق فيقع المحظور.
السبب الثاني:
اتخاذ القرار في شيء ما في حال غير مناسبة سواء في المكان أو الزمان وهو استعجال أحد الزوجين بلفظة أو تصرف لم يفكر فيها.
السبب الثالث:
عدم التغافل عن الزلات التي يمكن التغافل فيها فيكون أحد الزوجين دقيقاً في الملاحظة على صاحبه.
السبب الرابع:
عدم النظر للمخطوبة فيتصور شيئاً ويفاجأ بشيء آخر.
السبب الخامس:
من أسباب الطلاق كثرة الشجار بين الزوجين وربما أن هذا تفاقم إلى ما في القلوب فاختلفت وتباعدت وتفرقت.
السبب السادس:
التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي على صورة لا يرتضيها أحد الزوجين للآخر سواء في المضمون أو الاستخدام.
السبب السابع:
ضعف التفاهم بين الزوجين فيتمسك كل برأيه عند الاختلاف ويحظر ما يسمى بالعناد ثم الحمق ثم الفراق.
السبب الثامن:
تدخل أهل الزوجين في الشؤون الخاصة للزوجين أنفسهما ثم يتفاقم الموضوع لتعدد الآراء، والأفضل أن يقوم الزوجان بحل مشاكلهما بأنفسهما قدر الإمكان.
السبب التاسع:
عدم الاهتمام باختيار الزوج أو الزوجة المناسبة.
السبب العاشر:
ضعف الاحترام بين الزوجين في الأقوال والأفعال.
السبب الحادي عشر:
أن يكون أحد الزوجين موصوفاً بالعصبية أو الحرارة والآخر ربما على ضد ذلك.
السبب الثاني عشر:
من أسباب الطلاق ضعف الجانب الحواري بين الزوجين والتزام الصمت النسبي فتتراكم السلبيات فيبدأ التفكير في الفراق.
السبب الثالث عشر:
ميزانية الأسرة وعدم الاتفاق فيها مع عدم تقدير الظروف المالية للزوج فتكون الطلبات متراكمة وغير مقنعة للزوج.
السبب الرابع عشر:
الاستعجال من الطرفين في حصول الاندماج بينهما في حين أن ذلك يحصل بعد وقت قد يطول لأن كلا منهما جاء من حياة خاصة إلى حياة أسرية أخرى فالأنماط تختلف، ولكي تتوافق وتحتاج إلى شيء من الوقت والصبر والتحمل فبعضهم تزوج ولم يندمج إلا بعد سنتين فكانت حياتهما سعيدة وهنيئة.
السبب الخامس عشر:
فقدان الصراحة بين الزوجين مما يؤدي إلى الكبت ثم الانفجار.
السبب السادس عشرك
من أسباب الطلاق كثرة التأنيب على أخطاء قد مضت وانتهت ثم تثار من جديد عند حصول مناسبتها أو ما يماثلها.
السبب السابع عشر:
التساهل بالمشكلة والتسويف في حلها حتى تتفاقم وتستفحل ثم يصعب حلها فيرى أحدهما أن الفراق هو حل لها.
السبب الثامن عشر:
التخبيب للزوج على زوجته أو للزوجة على زوجها وهو أن يذكر لأحد الزوجين ما يجعله يكره الآخر وربما أحيانا يكون هذا عن حسن نية من الفاعل لكنه لا يدرك تفاصيل الأسرة ولا أبعاد ما فعله هو ومن ثم قد يتطلب هذا عند الزوجين الفراق والطلاق.
السبب التاسع عشر:
من أسباب الطلاق تقصير الزوجة في خدمة زوجها مما يجعل الانتقاد يتراكم في ذهن الزوج في حين أنه قد يرى ويسمع من آخرين خدمة فائقة ورائعة فيتدنى مستوى تلك الزوجة في ذهنه ثم يفكر بالفراق.
السبب العشرون:
الضعف العاطفي بين الزوجين وهذا بوابة واسعة لعدم التفاهم أو سرعة الانتقاد أو الصمت رغم المشاكل فتجتمع ثم تنفجر بالفراق.
السبب الحادي والعشرون:
المقارنات غير العادلة من أحد الزوجين بالآخرين فيريد أن يكون مثلهم علما أنه لم يظهر له أسرار تلك الأسرة المقارن بها فلو ظهرت لظهر له سلبيات ليست عنده فالناس لا يظهرون إلا الوجه الإيجابي أما السلبيات والمشاكل فهي مستورة وهذا يعطينا خطأ المقارنات بالآخرين.
السبب الثاني والعشرون:
الحياة المترفة في تلك الأسرة فهي لا تريد غير هذا الترف لأنها اعتادت عليه فإذا تغيرت الحال بدأت المشاكل.
السبب الثالث والعشرون:
من أسباب الطلاق مشاورة غير أهل الاختصاص عند حدوث المشكلة ومن ثم تكون الحلول هزيلة وضعيفة وغير مجدية لأن فاقد الشيء لا يعطيه فتتفاقم المشكلة فيحدث الفراق.
السبب الرابع والعشرون:
إجبار الزوج على الزوجة أو الزوجة على الزوج تحت مسمى عرف معين أو قرابة أو نحو ذلك فيحصل الزواج من غير قناعة فقد ينتهي بعد ذلك بالفراق.
السبب الخامس والعشرون:
عدم إدراك الحقوق والواجبات بين الزوجين وعدم معرفة التعامل الأمثل عند التقصير في الحقوق والواجبات وضعف التحمل وعدم الصبر منهما.
وأحيانا يكون في الطلاق راحة للبال لكنها مؤقتة يتبعه معاناة طويلة خصوصا ما يتعلق بالأبناء والنفقة والحضانة وغيرها، فالصبر على الأزواج هو ممدحة وعقل كما يقول الشاعر:
وأجتنب البوائق حيث كانت
وأترك ما هويت لما خشيت.
ويقول الآخر:
رضيت ببعض الذل خوف جميعه
كذلك بعض الشر أهون من بعض.
هذه خمسة وعشرون سبباً للطلاق والفراق، وهذه الظاهرة لابد من التفكير الجاد بعلاجها والحد منها، ويقترح في ذلك إيجاد لجنة من المحاكم الشرعية ولجان الإصلاح ورجال التربية ونحوهم ووضع ورش العمل لتوعية المجتمع بالأسباب والعلاج، ويمكن لنا في هذه الحلقة السريعة أن نذكر طرفاً من العلاج في تلك الخطوات السريعة التالية:
أولا: تفادي تلك الأسباب المذكورة وحسن التعامل معها حسب الفطرة والعقل لا حسب ما تمليه النفس والهواء.
العلاج الثاني للفراق والطلاق: ليجعل الزوجان عندهما بعد النظر على ما بعد الطلاق فيكون فيكون الطلاق مفتاحا لمشاكل أخرى في النفقة والحضانة ونحوهما.
العلاج الثالث: لا يسترسل الزوجان مع الشيطان في إملاء الطلاق عليهما فإنه هو الذي يدير كأس الطلاق بين الزوجين.
العلاج الرابع: زيارة لجان الإصلاح عند حدوث المشكلة وعدم المسارعة إلى أن يكون الطلاق هو الحل.
العلاج الخامس للطلاق: اعتراف كل من الزوجين بخطئه إذا أخطأ وإبداء الاعتذار ضمن لائحة الحقوق والواجبات وهذه يديرها الحوار الهادئ الخالي من الأطراف الأخرى ما أمكن.
العلاج السادس: أيتها الزوجة الكريمة كوني لزوجك أمة يكن هو لك عبدا.
العلاج السابع: الابتعاد لكل من الزوجين عن حياة المشاهير في وسائل التواصل وعدم متابعتهم فكثير من الضحايا هذا هو سببها.
العلاج الثامن للطلاق: الانسحاب الحكيم والعاقل من المواقف التي يتولد منها الإشكال.
العلاج التاسع: عدم المعصية حيث يقول أحدهم إني لأعصي الله تعالى فأعرف هذا في دابتي وخلق زوجتي.
العلاج العاشر للطلاق: اجتياز الدورات التأهيلية للزواج فهي غاية في الأهمية في تصحيح المفاهيم والتصورات وتعديل السلوك ففي ماليزيا كثفت الدورات التأهيلية فانخفضت نسبة الطلاق هناك من اثنين وثلاثين في المائة إلى سبعة في المائة.
العلاج الحادي عشر: التغافل الذكي عن الزلات التي لا تستحق الوقوف والكلام فلربما وقف الزوج أو الزوجة عند موقف فتولد منه مشاكل ومواقف فالتغافل علاج ووقاية.
العلاج الثاني عشر: النظر في إيجابيات كل من الزوجين للآخر فلعلها أن تزيل السلبية وهذا من العدل.
وكما يقال شجرة واحدة يُصنع منها مائة كبريت لكن عودًا واحد من الكبريت قد يحرق مائة شجرة فلا تدع أمراً سلبياً يلغي عشرات الإيجابيات.
العلاج الثالث عشر: الدعاء بصلاح الحال في ساعات الإجابة وغيرها.
العلاج الرابع عشر: تكثيف لجان الإصلاح فأعضاؤها يشكرون على عملهم ولهم منا جزيل الشكر والدعاء فقد أعادوا بإذن الله تعالى كثيراً من الأزواج إلى بيوتهم.
العلاج الخامس عشر: إذا لم يستطع الزوجان حل مشكلتهما بأنفسهما فيمكن تطبيق النص القرآني (فابعثوا حاكما من أهله وحكما من أهلها) ويكون الرجلان المبعوثان حكمان وحكيمان.
العلاج السادس عشر: مساهمة مكاتب الدعوة بطرح الموضوع من خلال المحاضرات والندوات والكلمات القصيرة حيث إن المساجد هي من أهم مجامع الناس.
العلاج السابع عشر: يتولى أصحاب الفضيلة خطباء الجوامع وفقهم الله تعالى نصيباً كبيرا من الحل من خلال المنبر في ذكر الخطوات العلاجية وأسباب الطلاق من خلال الكتاب والسنة والواقع السليم.
الثامن عشر: ضبط الانفعالات والبعد عن الغضب فهو مفتاح جميع المشاكل.
العلاج التاسع عشر: عدم التطلع للكمال فإن النقص من طبيعة البشر، فإن أردت زوجتك كفاطمة بنت محمد فكن أنت كعلي رضي الله عنهما.
العلاج العشرون: أن يجعل الزوج والزوجة قيامهما بالحقوق من بعضهم لبعض دينا وقربة إلى الله تبارك وتعالى وعبادة يتعبدون الله تعالى بها ومما يعين على ذلك ألا يجعلوا حاجياتهم الثانوية من الأشياء الضرورية فإن الحاجيات بأنواعها هي من أكثر ما يُوجِد الخلاف بين الزوجين.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يهدينا سواء السبيل.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد