آداب في ثقافة الشكر والعتاب


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

إن مما ينبغي على الأسرة أن تفعله ويزيدها تماسكا ومحبة هو الشكر عند الإيجابية فعلى الوالدين الكريمين أن يكونوا فاعلين في زرع تلك القيمة بين أولادهم ليتربى الأولاد على تلك القيمة العظيمة. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (من لم يشكر الناس لم يشكر الله) فكان شكر الناس بعضهم لبعض مكملا لحسن الأخلاق بينهم ولسريان المحبة في قلوبهم وإن كان الشكر عند الإيجابية فإن ضده وهو العتاب يكون عند السلبية فلا بد من التوازن في هاتين الشخصيتين والتعامل معهما بما يناسب المقام. سنقف خمس عشرة وقفة مع الشكر والعتاب.

 

الوقفة الأولى: إن ثقافة الشكر بين المجتمع عامة وداخل الأسرة خاصة مهم جدا لأنه يقرب القلوب ويطهرها ويزكيها وهو من أسباب المحبة وكثرة الإيجابيات داخل هذا المجتمع العام أو الخاص، فكم هو جميل جدا أن تكون ألفاظ الشكر في مقدمة اللسان حتى لا تتأخر عن وقتها لتؤدي مفعولها السحري في المشهور، والقاعدة تقول كل إيجابية تراها فحاول الشكر عليها لتجد الإيجابية الثانية على أثرها وهذه نتيجة حتمية للشكر فأقل منه أو أكثر.

 

الوقفة الثانية: الشكر هو الله تعالى أولا وآخرا لأنه ما من نعمة إلا وهي منه عز وجل ومن دفعت نقمة إلا به وحوله وقوته فليلهج الجميع بشكر الله تبارك وتعالى في كل وقت وحينها تزداد تلك النعم، يقول الله تبارك وتعالى: (لإن شكرتم لأزيدنكم) وعند تجدد النعم يشرع سجود الشكر فشكر الله تعالى يكون باللفظ والفعل والاعتقاد بالقلب فيجعلك هذا قريبا منه ويكون هو قريبا منك.

 

الوقفة الثالثة: الشكر يتنوع فقد يكون بلفظ الشكر نفسه أو بالدعاء أو بالهدية أو بالرسالة أو بالابتسامة والابتهاج أو بالإشارة المهمة للشكر أو غيرها مما يفهم به صاحب العمل الشكر عليه لكن أقصرها وأقربها كلمة شكرا ونحوها فاحرص ألا تغادر تلك الكلمة لسانك، فإنك ترى الإيجابيات في كل مكان بحمد الله تعالى فاشكر أصحابها ما أمكنك.

 

الوقفة الرابعة: نجيد أحيانا العتاب على السلبية وقد نحرص عليه أحيانا لكن قد ننسى أو نتناسى الشكر عند الإيجابية فهما قرينان تحفظهما ويعدل فيهما فلا تجعل الناس لا يعرفون منك إلا العتاب وقد يجتمع في الشخص الواحد شكر وعتاب فغلب جانب الشكر وقلل في العتاب لتلقى القبول منه.

 

الوقفة الخامسة: كلمة شكرا هي أربعة أحرف وخفيفة على اللسان وحبيبة إلى الإنسان فهي ليست مالا تنفقه ولا شيئا تعطيه ولا كلفة فيها ولا حرج وتعلم أنها من أسباب المودة فحاول ألا تغادر هذه الكلمة لسانك واجعلها سجية مع العمومي وفي الأسرة على سبيل الخصوص فكم تقربت الزوجة من زوجها بسبب شكر وكم من ابن بر بوالديه بسبب شكر وكم من جار أحسن إلى جاره بسبب شكر.

 

الوقفة السادسة: الشكر هو من الإحسان وقد جبلت الأنفس على حب من أحسن إليها، فتودد أخي الكريم إلى الناس بكثرة إزجاء الشكر لهم وإن لم تجد فلو بحثت عن جميل تشكرهم عليه لكان عملك هذا عملا صالحا.

 

الوقفة السابعة: إن قيمة الشكر إذا كانت منتشرة في الأسر فسيكون مجتمعنا كله كذلك لأنه مجموعة من تلك الأسر فتعاونوا بوركتم ووفقتم إلى إحياء تلك القيمة وإذ جاء تلك الشعيرة حتى يتودد الناس بعضهم لبعض الجزاء من جنس العمل فكما تشكر الناس فالناس سيشكرونك.

 

الوقفة الثامنة: إن الشكر المحسوسة يبقى أثره طويلا وذلك كخطابات الشكر وشهادات الشكر أو الهدايا المصاحبة للشكر أو أن الشكر كان علنا بين شريحة من الناس فإن مثل هذا يبقى طويلا محسوسا من قبل المشكور وفي كل خير.

 

الوقفة التاسعة: وفي الجانب الآخر وهو العتاب فلا بد فيه من التفاهم الإيجابي فقد يكون المعاتب فهما خاطئا فالتوجيه والاستفسار وحالة العتاب مطلب مهم حتى يقع الدواء على الداء لأن العتاب دواء لخطأ حصل، وفي حالة أنه كان معاتبا واهما فعليه بالاعتذار السريع وختمه بالدعوات ليلتئم جرح الطرف الثاني.

 

الوقفة العاشرة: أهمية التوازن التربوي في إزجاء العتاب فاللفظ مهم والزمان مهم والمكان مهم وكل هذه الثلاثة أركان مهمة لتقبل العتاب أما إذا كان العتاب في غير محله فقد يتولد منه سلبيات كثيرة فاختر لفظك وزمانك ومكانك وسيلتك للعتاب حتى يثمر الثمرة المرجوة.

 

الوقفة الحادية عشرة: قد تكون نتائج العتاب أحيانا إيجابية وهذا هو المطلوب ولكن إن كانت النتائج سلبية فعلى الطرفين كليهما حسن النية والتفاهم ومحبة الخير لكل منهما وهنا يأتي منزلة الظن الحسن وليحذرا جميعا أن يقع شيء في النفس فالكل منهما حريص ومجتهد والتثبت مطلب مهم قبل العتاب.

 

الوقفة الثانية عشرة: قد يكون الحامل على هذا العتاب هو التوجيه والإرشاد ومحبة الخير للآخرين وهذه منزلة طيبة وقد يوفق صاحبها للخير والقبول في نفوس المعاتبين وأما إذا كان المقصود من العتاب هو التشفي فهذا أمر سلبي ينبغي أن تطهر منه النفوس والصدور وفي الغالب أن صاحبه قد لا يجد قبولا فاجعل نيتك في عتابك الخير والإرشاد.

 

الوقفة الثالثة عشرة: العتاب نوعان، النوع الأول عتاب صريح بعبارات هو مقصوده ومفهومه فهذا لا يتم إلا في أحوال معينة وفيها قلة

والنوع الثاني من العتاب بالإشارة والتلميح والكناية ومن الممكن أن يكون كأن يكون الكناية مقدما على الصريح لتسلم القلوب فإن لم يفد استعمل العتاب الصريح.

 

الوقفة الرابعة عشرة: على المعاتبة أن يكون لبيبا ونبيها بألا يتكرر الخطأ مرة أخرى وليكن مستمسكا بهذا العتاب حتى يحصل الهدف منه وحتى تتصحح الأخطاء أما تكرار الخطأ مع العتاب المسبق فقد يكون هذا جزءا من اللامبالاة وهذه صفة يترفع عنها أصحاب الخلق الحسن والرجولة.

 

الوقفة الخامسة عشرة: للعتاب وسائل كثيرة فقد تكون الوسيلة رسالة جوال أو مقابلة أو مشابهة أو هدية تعالج القضية أو نحو ذلك ولا يلزم أن يكون الوسيلة هي المشافهة والمقابلة فقط.

 

هذه خمس عشرة وقفة سريعة مع آداب الشكر والعتاب لعلها تكون في سلوكنا مع أهلينا ومع الآخرين حتى تتصحح السلوكيات والمفاهيم وتقل الأخطاء وتكثر الإيجابيات والمخرجات الطيبة الحسنة.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك لنا في أعمالنا وأعمالنا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply