بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هذه المقالات وما يتلوها بإذن الله تعالى ستتضمن مشروعية العملات الرقمية وبيان الحكم الشرعي من حيث الأصل للتعامل بالعملات الرقمية.
بدايةً العملات على مر التاريخ مرت بمراحل متعددة، المرحلة الأولى كانت مرحلة المقايضات، تتم مقايضة السلع بعضها ببعض، ثم انتقل الناس بعد ذلك إلى الذهب والفضة وتعاملوا بها على مدار قرون طويلة، وارتضى الناس هذا المعدن النفيس كمرجع لهم في تقييم الأشياء وتفنينها، وتمتع بالقبول العام على مدار قرون طويلة، حتى كان موعد إطلاق الجيل الثاني من العملات وهو العملات الائتمانية أو الورقية، وكانت في بادئ الأمر لا تصدر إلا بعد أن يكون لها غطاء ذهبي من الذهب أو الفضة وما شابه ذلك، وتكون العملات الورقية هي عملات نائبة، أي تنوب عن الذهب والفضة، حتى كان عام 1970م وجاءت صدمة نيكسون، والتي تنكرت فيها أمريكا بعد أن جمعت ذهب العالم لديها في خزائنها في أكبر عملية عربدةٍ وسرقة دولية، جمعت الكنوز في خزائنها ثم ألغت اعتبار الذهب كاحتياطي للعملات، وبعد ذلك أصبحت العملات تصدر بلا احتياطي ذهبي، وإنما تستمد قوتها من قوة الدولة المُصدرة لها في حال الدولار الأمريكي وهو القوة الاقتصادية والعسكرية لأمريكا.
كذلك الحال في العملات المتعلقة بالدولار، أي هذه البنوك المركزية حول العالم اضطرت بعد ذلك أن يكون لها احتياطي من الدولار الأمريكي، والدولار الأمريكي أصلًا لا احتياطي من الذهب له، إذن أصبح الأمر في هذا الجيل -جيل العملات الرقمية- والتحديث الذي حصل له في 1970 م، أصبحنا أمام عملة ورقية لا تمثل أي قيمة سلعية.
بينما في حالة العملات الذهبية، كنا نحمل معنا عملات لها قيمة سلعية وقيمة نقدية، وقيمتها السلعية، أي الذهب كسلعة، تعادل قيمته كنقد، لذا في أيام العملات الذهبية لا تكاد تجد مشكلة التضخم، لأنه لا يوجد انخفاض للقيمة، لقيمة النقد الذي بين يديك، لأن قيمته هي هي كسلعة، لكن منذ ذهاب الغطاء الذهبي وبقيت العملات بلا غطاء ذهبي، أصبحت مجرد أوراق، تطبع منها أمريكا! خاصةً أنها في السنتين الأخيرتين قد التزمت قديمًا بألا تطبع كميات كبيرة من الدولار، لكنها تخلت عن هذا الالتزام منذ سنتين، وبدأت طباعة الدولار لتغطي العجز الحاصل لديها، حيث بلغت ديون أمريكا ما يقارب 20 تريلون دولار، وهذا هو الجيل الثاني.
الآن نحن أمام جيل جديد من العملات، جيل العملات الرقمية، تحديث جديد يختلف كليًا كما كانت تختلف العملات الورقية كليًا عن العملات الذهبية، أصبحنا اليوم أمام جيل جديد يختلف كلية عن العملات الورقية، نحن الآن أمام مفترق طرق:
إما أن نبادر بتأصيل هذه العملات ومحاولة فهمها والسبق في تبنيها والتعامل معها، أو أننا سنتخلف عن الركب وسنكون في ذيل القافلة كما حدث سابقًا في العملات الورقية.
-تم تفريغ المقال من صوتيات للدكتور حول الكريبتو-
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد