بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الأسرة الناجحة هي التي تهتم بصقل مواهب أفرادها وإبرازها، فأولادنا موهوبون ومتميزون لكنهم يحتاجون مربيا ينقب عن تلك الموهبة وهذا التميز ولعله من طرق التنقيب عن ذلك هو المسابقات داخل الأسرة على مختلف أنواعها سواء كانت علمية أو تربوية أو تجريبية أو ثقافية أو غير ذلك مما هو مفيد في هذا الجانب، ولعلي في تلك الحلقة أذكر أنواعا من المسابقات التربوية التي تساهم في تعديل السلوك وتزيد في العلم وتوسع مدارك الأولاد وتبرز مواهبهم وتكون زادا لهم راجيا من الوالدين الكريمين أن يقوما بتفعيل ذلك على أولادهم فهم الرابحون قبلهم وابذلوا لهم المكافآت على نشاطهم وليكن بحدود معروفة ومتواضعة وهذه المسابقات هي على النحو التالي:
المسابقة الأولى: يمكن أن نجعل عنوانها من الفارس أو من الفائز، وهي عبارة عن سؤال أسبوعي يعلن للأولاد في أول الأسبوع ثم تطلب إجابته مكتوبة مع الاسم في يوم معين من الأسبوع فتجمع الإجابات وتصحح ثم يكرم الفائز إما فوريا أو شهريا أو فصليا وليلاحظ في هذا النوع من المسابقات ما يلي:
أولا: اختر الأسئلة فيما يحتاجه الأولاد ليكون تربية لهم فإذا رأيتهم مخفقين مثلا في موضوع الصلاة فجعل أغلب الأسئلة عنها وإن رأيتهم لا يصدقون في الحديث أحيانا فجعل أغلب الأسئلة عن الصدق وهكذا.
ثانيا: مما يلاحظ أيضا في هذا النوع من المسابقات ألا تذكر السؤال مجردا بل أذكر قبله مقدمة يسيرة إذا قرأها المتسابق من الأولاد استفاد في تعديل سلوكه، فمثلا إذا كان متهاون في الصلاة فاكتب مقدمة عن الصلاة كأن تقول: قد أمر الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام بالصلاة والمحافظة عليها وأنها منجية يوم القيامة بإذن الله عز وجل وأنها ستشهد لك أو عليك، فما هو الدليل على ذلك، ونحو هذا من الأسئلة لأنك بهذه المسابقة تعالج سلوكا خاطئة.
ثالثا: مما يلاحظ أيضا في هذه المسابقات أن يكون السؤال موضع الحديث في الجلسة الأسرية بعد إعلان النتيجة ليتم العلاج من جميع النواحي أيضا مما يلاحظ كذلك أن نطالبهم بأن يكون السؤال والجواب واقعا عمليا لهم فيما بينهم ومع غيرهم.
المسابقة الثانية: في حفظ شيء من السنة كالأذكار التي ترد مع المسلم في اليوم والليلة ومنها دعاء الدخول والخروج للبيت والمسجد والدورة وأذكار الصباح والمساء وأذكار النوم وأذكار الصلاة داخلها وبعدها ونحو ذلك، فيمكن أن تكون المسابقة على هيئة تسريع ومراجعة لهذه الأذكار مع حثهم على أن تكون واقعا ملموسا لهم، فإنك إن حفظت تلك الأذكار فحفظها فكلما قالوها لك مثل أجورهم فهم صدقة جارية لك وربما تسلسلت لأولادهم وأصدقائهم ومدارسهم في أبشرك حينها ويكون عليها مناقشة خفيفة من خلال جلسة للأسرة الدولية فسينشأ لنا جيل يعمل بالسنة خلال يومه وليلته، وسيكون ذلك سببا كبيرا في صلاحهم وإصلاحهم، وهي محفزة لهم لحفظ غيرها وقد يتوافق هذا مع مسابقات مماثلة في مجتمعهم ومدارسهم.
المسابقة الثالثة: في قراءة الكتيبات التربوية الهادفة ليتعلموا القراءة وليكون رصيدا ثقافيا في أفكارهم فإن إحياء قيمة القراءة غاية في الأهمية فهي توسع المدارك وتعمق في التفكير وتحسن في الأسلوب ويكسب صاحبها العلم ويزول عنه الجهل وتحسن أخلاقه وتصرفاته وتكسبه الفهم السريع والتصرفات الناجحة الصائبة بإذن الله تعالى، إلى غير ذلك من المصالح العظيمة للقراءة، فمن الممكن أن تكون مسابقة في القراءة على النحو التالي:
يحدد أربع كتيبات لأربعة أسابيع بحيث يكون لدى أفراد الأسرة برنامج يسمى كتاب الأسبوع ففي كل أسبوع يقرأون كتابا أو كتيبا صغيرة فستكون النتيجة خلال فصل دراسي اثني عشر كتابا فمن قرأها كلها فهو المتصدر في قائمة النجاح وهذه مرحلة أولى ويكون مثلها ولكن على مستوى أعلى نسبيا المرحلة الثانية في الفصل الثاني ثم تعلن النتائج نهاية العام ويتم التكريم، فإن الاولاد إذا حفز وشجعوا تسابقوا إلى ذلك البرنامج.
المسابقة الرابعة: تخص الأخلاق والتعامل الأمثل مع الآخرين فيمكن للوالدين الكريمين أن يطرحا على أولادهم، هذا النوع الاجتماعي من المسابقات يوضع لكل واحد منهم قائمة لتصرفاته الإيجابية وأخرى في تصرفاته السلبية فكلما عمل عملا إيجابيا رصد له الوالدان درجتها معينة وكلما عمل عملا سلبيا رصد له الوالدان خصما في درجاته، ثم في نهاية الشهر يستمع الأولاد للنتائج مع التعليق الهادف والتكريم للفائزين ثم تبدأ جولة أخرى في الشهر الثاني وهكذا بقية الأشهر فسيكون من خلال هذه المسابقة إحياء كثير من القيم الإيجابية التي تجعل المجتمع مجتمعا صالحا ومتميزا.
المسابقة الخامسة: وهي مسك الختام في حفظ سور أو أجزاء معينة من القرآن مع معرفة شيء من تفسيرها أو بيان معاني كلماتها، كما أنه يتم إرشادهم إلى آلية الحفظ الصحيحة التي من خلالها يثبت الحفظ لدى الحافظ وهي قائمة على تكرار المقطع المراد حفظه بما لا يقل عن عشرين مرة تلاوة وعشرين مرة حفظا ليتأسس الحفظ مع المعاهدة في مراجعته بعد ذلك، إن التربية من خلال المسابقات الأسرية ميدان رحب وواسع وممتد ومفيد في آن واحد، خصوصا إذا صاحبته الجوائز القيمة.
فيا أيها الآباء والأمهات هؤلاء أولادكم وهم أقرب الناس لكم وهم عمركم الثاني فاحرصوا على جوانب التربية كلها فلعلهم يفلحون ويصلحون أصلح الله لنا نياتنا وذرياتنا وأعمالنا وأقوالنا وقلوبنا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد