همسات وتوصيات للشباب والشابات


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

مرحلة الشباب هي المرحلة الأكثر حيوية ونشاطا، فالشاب في مقتبل العمر يهوى الكثير سلبا أو إيجابا أو كلاهما ومن هنا كانت تلك المرحلة أيضا هي الأخطر إن لم تضبط بالضوابط الإيجابية، ومن هذا المنطلق كان لزاما على الشاب والشابة أن يكونا بعيدي النظر في تصرفاتهم وأفكارهم لأنها محسوبة عليهم ويعرفون من خلالها وعلى ضوء ذلك سأطرح عددا من جوانب الحياة للشاب والشابة هي بمثابة التوصيات والهمسات لهم، فما عليهم مشكورين إلا النظر فيها وإنزالها إلى أرض الواقع وهي على النحو التالي:

 

 الجانب الأول: الشباب والصداقة وقديما قيل قل لي من صديقك أقل لك من أنت، فهذا الصديق به تعرف سلبا أو إيجابا لأن الصاحب ساحب وقد يصلح أو يفسد بسبب صديقه، فبعض الشباب قد يستهين في بعض المواقف والمواقع فما يبرح أن زلت قدمه من حيث لا يشعر فيندم ولات ساعة مندم، وهذا كما يقع أحيانا في المخدرات بأنواعها أو الحالات الجنسية ونحو ذلك فانتبه أيها الشاب قبل أن تندم.

 

الجانب الثاني: الشباب ووسائل التواصل، وهي سلاح فتاك لك أو عليك، وتشترك في أجرها أو وزرها جميع الجوارح فالعين تنظر واليد تعمل والأذن تسمع والفكر يعمل والرجل تخطو، فإن كان في الخير فحسنات أمثال الجبال وإن كان في الشر سيئات يتبع بعضها بعضا فاتق الله أيها الشاب والشابة في رسائلكما فالملائكة عن اليمين وعن الشمال وإن استترتم فلا ستر عنهم.

 

الجانب الثالث: الشباب والزواج فبه تكتمل الرجولة وليعلم الجميع أن متطلبات الزواج قد تكون سببا في التأخر فليقتصر أصحاب الدخل المحدود على الأمور الهامة وتترك الأمور الثانوية مستقبلا عند إصلاح الحال وليحذر الشاب والشابة من تحمل الديون على أشياء ثانوية، وبالزواج يغتني الفقير، قال الله تعالى: (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) فسارع أخي الشاب فهو عفاف والحصانة عن كل أبواب الشيطان الموبوءة.

 

الجانب الرابع: الشباب والوظيفة، قد يشاهد بعض الشباب وهم في العقد الثالث من أعمارهم يمدون أيديهم إلى آبائهم أو غيرهم ليعطوهم بينما لو بحثوا عن أعمال تسد حاجتهم لوجدوها في أعمال وظيفية أو حرة فلماذا الشاب ويجلس في بيته ويتصور أن الوظيفة ستطرق بابه.

 

أخي الشاب: الأعمال الحرة مجالها أوسع من غيرها فاخرج وعمل وتسبب خير لك من أن تمد يدك لفلان ولو كان أباك فأعطاك أو منعك فكن عزيزا بعملك يبارك الله لك فيه.

 

الجانب الخامس: الشباب والبر، تشهد مواقف كثيرة أن مستقبل بعض الشباب كان حافلا بالتوفيق، ولعله بسبب دعوة من أحد الوالدين أو كلاهما فكما أن البر للوالدين مفتاح سعادتك أخي الشاب فقد يكون العقوق مفتاح تعاستك، فاقترب من والديك وبرهما تقترب منك السعادة وليعلم الشاب والشابة أن البر كما يقال شرف وكما تدين تدان فستمضي بكما السنين وقد ترزقان بأولاد فماذا تريدوهم ليكون الجواب عمليا من خلال معاملتكما الآن مع والديكم.

 

الجانب السادس: الشباب والعبادة، إن قوة الشباب وصلابته ليست دائمة ومن هنا نوصي الشباب بأن يستثمروا أوقاتهم بما يسعدهم في دينهم ودنياهم، فيا أخي الشاب احرص على الفرائض فسيكون بينك وبينها لقاء يوم القيامة، فتشهد لك أو عليك وكن مكثرا في ذهابك وإيابك ذكر الله تعالى ليكون الله تعالى معك. ففي الحديث: (وأنا معه إذا ذكرني)، وقال تعالى: (فاذكروني أذكركم) وإياك إياك أن تغلب سيئاتك حسناتك بسبب نظرات سيئة أو أعمال مشينة لم تكن في الحسبان ففكر في مستقبلك الأخروي لأنه هو الدائم والمستمر.

 

الجانب السابع: الشباب والدراسة، إن الدراسة في وقتنا الحاضر هي أحد القنوات المهمة في بناء مستقبل للشباب ففيها الوعي والعلم وحسن التفكير والتدبير فحافظ عليها لتحافظ على مستقبلك وإياك والقواطع والموانع فاحذرها، ولتعلم أنه إذا صلحت نيتك فأنت في طاعة وعبادة طوال يومك الدراسي وتصلح النية كما يقول الإمام أحمد بأن تنوي رفع الجهل عن نفسك وعن غيرك فاحرص على هذا وفقت وبوركت.

 

الجانب الثامن: الشباب والثبات على الحق، إن المغريات والفتنة أكثر ما يكون خطرها على الشباب، فليتعرف الشاب على دروب الخير ويسعى إليها لأنها سترسم مستقبله الدنيوي والأخروي. قال تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيم فاتبعوه ولا تتبع السبل فتفرق بكم عن سبيله) فالفتن تأتي من كل حدب وصوب خصوصا على الشباب فليس تمسك الجميع بما يضاد تلك الفتن حتى لا يقعوا في أفخاخها، ومن أعظم ذلك الاقتداء والدعاء والتمسك والاستبصار وعدم الاستهانة في طرق المعصية فنهايتها مظلمة، وما لذتها إلا مؤقتة.

 

الجانب التاسع: الشباب والمال، فكيف يحصل الشاب على المال وكيف يصرفه؟ هذا ما سيسأل عنه الجميع يوم القيامة فلا بد لكل سؤال من جواب، يا أخي الشاب ارسم جوابك من الآن عمليا من حيث كسب المال وصرفه فلا تأخذ ما ليس بحق ولا تصرف في غير حق فالموازين دقيقة والرقيب بصير والنتائج ترسمها الأعمال فكن من هذا على أشد الحذر فليس مالك هو ما وقع بيدك وإنما مالك ما كان أخذه بحق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أمسى كالًّا من عمل يده غفر له) فأحذر المال الحرام من أي وجه كان فهو سحت لا بركة فيه، وضياع لا خير فيه.

 

الجانب العاشر: الشباب وصلة الأرحام، إن كثيرا من الشباب لا يعرف أن عقوبة القاطع عظيمة فقد قال الله تعالى عنها: (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) فهي لعنة وصمم وعمى فهل يرضى بذلك عاقل؟ فليكن الشاب عونا على الصلة عضوا فعالا في إحيائها بين أقاربه، وذلك من خلال الزيارات وهي أهمها ومن ذلك المناسبات والأفراح ويدخل في ذلك الصلة الدعاء لهم والتواصل معهم عبر وسائل التواصل ونفعهم والإحسان إليهم ونحو ذلك من المصالح، وقد يحصل موقف فيقطع الشاب صلته بأقاربه وهو يظن أنه انتقم منهم في حين أنه لاينتقم إلا من نفسه ولا يضر إلا نفسه فليبادر الشباب إلى الأفكار الإيجابية والبرامج الأسرية التي تكون سببا في إحياء قيمة الصلة بين الأقارب.

 

فيا معاشر الشباب والشابات هذه عشر جوانب من الجوانب المهمة في الحياة وعلى الجميع أن ينظر إليها نظرة الثاقب وليخطط مستقبله من خلالها وأمثالها فالحياة في الوقت الحاضر صعبة إن لم تساهلها بالتخطيط والتفكير الإيجابي فمتطلباتها كثيرة ولا يحسن بالمرء العاقل أن يرضى من نفسه بأنصاف الحلول، بل عليك أن تسعى جهدك أخي الشاب في تحديد موقعك في الحياة ولا تكن كالسراب يظهر ثم يطفو ولكن كن كالشمس في رابعة النهار، وهذا قد لا يتماشى مع إخلادك إلى الوسادة ونومك العميق حتى إذا استيقظت رأيت أصحابك من أسنانك سبقوك ونالوا ما نالو وأنت تتفاجأ بمن يقضي وقتك وتزيل النوم عن عينيك فعند الصباح يحمد القوم السرى.

يا معشر الآباء حفظكم الله كونوا عونا لأولادكم على بناء مستقبلهم الدنيوي والأخروي فأنتم سندهم بعد الله تبارك وتعالى حل مشاكلهم افتح لهم صدوركم ذكروهم بالمجالات الخيرة وشجعوهم وحفزوهم فهم مخرجاتكم التربوية في الغالب تقوم على رعايتهم حتى يشتد عودهم. وفقكم جميعا وبوركتم. أسأل الله تعالى للجميع حسن التدبير وحسن العاقبة والنجاح والفلاح.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply