عشر خطوات عملية للأسرة الإيجابية


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

إن التطلع للأمام تربويا وعمليا هو مطلب كل أسرة وهدف لكل زوجين وسياج متين بإذن الله تبارك وتعالى عن التردي في دركات السلبية، ولكن هذا التطلع الإيجابية مرهون بعد توفيق الله تبارك وتعالى بالعمل الجاد والبحث عنه والسعي في تحقيقه أما الأماني الخالية من العمل فهي خيال وسراب يحسبه الضمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، إن الفطرة المركوزة في النفوس هي ألا يوجد نتائج بلا عمل وعندما يريد الوالدان الكريمان دفئا تربويا وإيمانيا في أسرتهم فعليهم بالبحث الجيد والسعي الجاد والتحري الصادق عن ذلك الدفء، وحيث إن العمل هو الطريق الواسع الواضح لتكوين تلك الأسرة الإيجابية، فسأطرح عشر خطوات عملية هي من الأسباب المهمة في إحياء الإيجابية في الأسرة.

 

الخطوة الأولى:

 التفاهم الجيد بين أفرادها والائتلاف وعدم الاختلاف، حيث إن الاختلاف قد يبدأ صغيرا ثم يكبر ويصبح معول هدم في الأسرة، لكن إذا تعاون الجميع على رد هذا الاختلاف ولو كان بالتنازل النسبي لزال المحذور، فإن هذا التنازل هو خير وأسهل بكثير من احتمال الخلاف والاختلاف، لكن إذا التمسك كل برأيه عند الخلاف فالجميع مهزوم ليس هناك منتصر إذا كان هذا الخلاف سببا في قطع الصلة بينهم، فلا تستسهل الخلاف ولو كانت صغير.

 

الخطوة الثانية:

أن تكون الأسرة اتفقت على ميثاق تربوي بينهم ولو كان في أذهانهم، وهذا الميثاق يقصد به الاتفاقيات التي يتفق أفراد الأسرة على فعلها وعدم تركها أو التهاون بها، ومن أمثلة ذلك:

 أولا: البر بالوالدين في المنشط والمكره واليسر والعسر وعدم عقوقهما.

 ثانيا: صلاة الفروض الخمسة في المسجد مع جماعة المسلمين.

 ثالثا: الاحترام المتبادل في الحوار بينهم فلا سب ولا شتم ولا تنابز بالألقاب.

 رابعا: من مفردات هذا الميثاق صلة الرحم للأقارب خصوصا الأقربين منهم حسب درجاتهم.

خامسا: السلام عند الدخول على الأهل.

 إلى غير ذلك من مستلزمات ذلك الميثاق فيزيد ولا ينقص حسب حاجة تلك الأسرة.

 

 الخطوة الثالثة:

 ما يقع من المشاكل بين الزوجين يجب المسارعة بحلها بعقل وإنصاف وحصافة وعدم إظهارها للأولاد وعلى كل منهما التنازل عن بعض حقه الذي يدعيه لتجتمع الرؤى وتتقارب وتقل دائرة المشكلة، وتشجيع النفس على قبول الوضع مع التفاؤل أنه سيتحسن مع استمرارية الوقت.

 

 الخطوة الرابعة:

 أن يسعى أفراد الأسرة جميعا كل بحسبه إلى محاولة تنمية ما يملكه من إيجابية وذلك بتشجيع الوالدين الكريمين فإذا رأى الوالدان إيجابية بدأت بالظهور عند أحد أولادهم، فعليهم برعايتها والتوصية لصاحبها بتنميتها والإشراف عليها ولربما تولد منها إيجابية أخرى وهكذا يكون الأولاد منجما للإيجابيات، وعلى الوالدين الاهتمام بذلك سواء في أمور الدنيا أو الدين، سواء كانت تربوية أو إيمانية أو علمية أو تجارية أو خلقية أو غير ذلك، فرعايتها ضرورة وحاجة.

 

 الخطوة الخامسة:

 العدل بين الأولاد، فعلى الوالدين الكريمين مراعاة ذلك بدقة لأن الغيرة تعمل عملها عند الأولاد، ويشعرون بشعور خاص وإن لم يبوحوا به، فالعطايا والهدايا والتقريب والحب والمؤانسة والمجالسة هي مجالات للعدل الواجب والنفل بين الأولاد، فإن عدم العدل مما يجعل الحواجز بينهم فليدرأ الوالدان ذلك عن أولادهم.

 

 الخطوة السادسة:

التغافل الذكي والإيجابي حيال تصرفات بعض أفراد الأسرة، فإن تصرفات الإنسان فيها الحسن والأحسن وفيها ما هو ضد ذلك فالموقف إزاء التصرفات والألفاظ غير المناسبة هو التوجيه المناسب ضمن المكان والزمان المناسبين لكن ما يمكن التغافل عنه إما لقلته أو السهو فيه أو كونه غير ظاهرة أسرية أو نحو ذلك من الأعذار، فالتغافل في مثل هذا قد يكون نجاحا وحكمة لأن التغافل ربما يزيله، وأما الوقوف عنده وهو لا يستحق ذلك الوقوف قد يفتح بابا آخر من السلبية وقد ينشأ ويتولد من خلال الكلام عنه سلبيات أخرى.

 

الخطوة السابعة:

 إحياء روح الجلسة الدورية الأسرية، فهي تجمع أفراد الأسرة على طبق واحد للحديث المشترك بينهم وتبادل الأخبار والأحاديث الودية، وفي هذا من التواصل والتعاطف والتآلف الشيء الكثير وكبير، وهو مقصد عظيم وكبير للشرع المطهرأن تجتمع الآراء ولا تختلف وأن تتداخل وتتقارب ولا تتباعد، ومن الجميل جدا والرائع أن تحتوي تلك الجلسة على شيء من الفوائد ولو كانت يسيرة في بيان حكم شرعي أو أدب نبوي أو إحياء قيمة من القيم التربوية أو ذكر مواقف مشرفة يؤخذ منها الدروس والعبر أو قراءة في كتاب ولو خمس دقائق أو نحو ذلك مما يكون توظيفا تربويا للجلسة، نقول ذلك لكي تجتمع تلك الجلسة الأسرية بين الإمتاع والفائدة والأحاديث الجانبية الودية، أما ما يفعله البعض من اجتماعهم وقد أمسك كل بجواله فهؤلاء اجتمعت قوالبهم دون قلوبهم، فأعطوا كل ذي حق حقه.

 

 الخطوة الثامنة:

حتى تسير الأسرة نحو الإيجابية لابد أن يكون الوالدان قدوة حسنة لأولادهم، لأن الأولاد ينظرون إلى الآباء والأمهات نظرة خاصة خصوصا حال الصغر وقبيل البلوغ، فما فعله الوالدان فهو الأحسن في نظرهم غالبا فما أجمل ألا يرى الولد من والديه إلا كل جميل في لفظ أو عمل، فليتخير الوالدان تصرفاتهم وألفاظهم فهما مدرسة متنقلة لأولادهم وفي هذا تربية وزاد للولد والوالد.

 

الخطوة التاسعة:

استحداث جلسة ذكر في البيت ولو مرة في الأسبوع، يتزود منها أفراد الأسرة، ما يكون سببا في تقوية إيمانهم أو زيادة علمهم أو تحسين أخلاقهم بحيث يتفق الوالدان مع أولادهم أو من يتيسر منهم على وقت محدد ومنهج معين علمي أو تربوي لتلك الجلسة، وعند النظر للمستوى العلمي والتربوي في الأفراد قد يلحظ الوالدان الكريمان ضعفا فتكون تلك الجلسة رافدا مهما حتى لا تعيش الأسرة على جهل أو غفلة، ولا يخفى عليك أخي وأختي الكريمين أن تلك الجلسة ستحفها الملائكة وتغشاها الرحمة وتنزل عليها السكينة ويذكر الله أصحابها فيمن عنده، ولو لم يكن فيها من الأرباح إلا هذه الأمور الأربعة لكفى، كيف وهي خير عظيم متدفق من كل جانب، فيرجى من الوالدين الكريمين الحريصين على تثقيف أولادهم وتعليمهم وتربيتهم العناية بتلك الجلسة والمحافظة عليها وتشجيعهم وتحفيزهم فهي خير للجميع.

 

 الخطوة العاشرة:

 تعليم الأولاد الأذكار اليومية سواء ما يتعلق بالأذكار الصباحية والمسائية، أو ما يتعلق بالأذكار الدورية في اليوم والليلة، كأذكار الدخول والخروج والمأكل والمشرب والنوم والاستيقاظ والملبس والمركب وغيرها مما يدور مع المسلم في يومه وليلته، ومما يقترح في ذلك:

 استحداث دورة أسرية يتفق عليها جميع أفراد الأسرة لمدة أسبوع أو نصف شهر يحفظون خلالها خلال تلك الدورة كل ما يتعلق بأركان اليوم والليلة، وينزلونها على أرض الواقع، فهذا تربية للأولاد من جهة وصدقة جارية للوالدين من جهة أخرى، وربما انتقلت إلى أحفادهم فتتابعت الأجور.

 

 معاشر الوالدين والأولاد هذه عشر خطوات عملية للأسرة الإيجابية تزيد في الترابط وتسدد النقص والخلل وتعالج المشكلات وترفع مستوى تلك الأسرة في أخلاقها ومفاهيمها وتعاملاتها، لعل الجميع أن يجعل تلك الخطوات وأمثالها واقعا عمليا حتى تسعد الأسرة وتجتمع ولا تفترق وتأتلف ولا تختلف، فما أحوجنا إلى اجتماع الشمل وتوحيد الكلمة.

 

 أسأل الله تبارك وتعالى للجميع الصلاح والإصلاح وحسن العاقبة والتوفيق والتيسير لما يحبه ورضاه

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply