بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هذا هو الاعتراض الخامس من الأخوة المعترضين على العملات الرقمية، والاعتراض هذه المرة موضوعه هو استخدام العملات الرقمية في الممنوعات، ويقولون فيه أن استخدام العملات الرقمية في الممنوعات يجعلنا نقول بتحريم التعامل بهذه العملات.
المعلوم أن العملات الرقمية غير المركزية كالبيتكوين تكون مشفرة بشكل كامل، وهذا يعني عدم معرفة الجهات المتعاملة بها، وبالتالي عدم القدرة على مراقبة المعاملات التي تتم بها، من هنا واجهت هذه العملات اتهامات كبيرة كالاستخدام في تمويل الأنشطة الممنوعة -تجارة المخدارات وغسيل الأموال- لذا رأى بعض الأخوة أن هذا كافي للقول بتحريمها، وكذلك ذهب بعض العلماء الأفاضل إلى أنه لهذه الأسباب ومثيلاتها فإن العملات الرقمية غير المركزية كالبيتكوين محرمة تحريم وسائل، أي أنها ليست محرمة لذاتها، ولكنها محرمة لكونها وسيلة إلى الحرام وهكذا.
طبعًا للجواب على هذا الاعتراض في البداية سننظر هل الممنوعات التي تتدعي الدول أن البيتكوين يسرت التعامل بها، سنلقي نظرة على هذه الممنوعات، يجب التنبيه أن ليس كل ممنوع محرم، بعض ما هو ممنوع محرم فعلًا كتجارة الأعضاء، المخدرات وغيرها. بعضها مباح مثل تحويل الأموال إلى الخارج، يقول أزمة دولار في البلد.. ممنوع، هذا لا يحرم عليّ أن أحول أموالي، على الدولة حل مشاكلها بنفسها، أرغب بتحويل 1000 دولار وهذا ممنوع علي، لجأت هنا للبيتكوين، لا يقال أنني تعاملت بالبيتكوين في الممنوعات، صحيح الدولة تمنعه ولكنه مباح في نظر الشرع.
بعض هذه الممنوعات يكون واجب، مثلًا تحويل الأموال إلى جهات -المجاهدين وجهات خيرية وفقراء في شتى أنحاء العالم- وما يحصل من تضييق على عمل الجمعيات في بعض الدول.
هذا تمنعه بعض الدول ولكنه في نفس الوقت واجب وهو مساندة أخواننا في الدين والملة، إذن اعتبارات المنع عند الدول غالبًا تكون سياسية، ولا ينظر أصلًا -من يضع هذه الممنوعات- إلى كونها محرمة أو مباحة عندما يقرر منحها، فائدة هذا التنبيه، تضييق دائرة المحرمات التي يدعى أن العملات الرقمية وسيلة لها، ليس كل الممنوعات محرمات، لذا ستضيق الدائرة وتنحصر عندما نفرق بين ما هو ممنوع ومحرم وبينما هو ممنوع وغير محرم.
إذا حصرنا الأمر وحددنا الاستخدامات الممنوعة المحرمة، كتجارة المخدرات والأعضاء، هنا لنا أن نتسائل كيف كانت تتم هذه العمليات المحرمة قبل ظهور العملات الرقمية؟ ألم تكن بالعملات الورقية كالدولار؟ فإن قيل أن هذه العملات -البيتكوين والعملات الرقمية- يسرت الأمر على المتعاملين بهذه الممنوعات، فإن هذا لا يلزم منه مكافحة العملة الرقمية، وإنما يلزم تطوير وسائل لمكافحة هذه الممنوعات والمتعاملين بها.
بنفس المنطق فإن أولى العملات بالمحاربة والمكافحة هو الدولار الأمريكي، إذا نظرنا إلى الأمر من هذا المنطق، كون الدولار هو العملة الرئيسية لمثل هذه الأنشطة قبل البيتكوين وبعد البيتكوين، يبقى الدولار الأمريكي هو العملة الرئيسية لهذه الأنشطة.
ولكن لما كان الفكر السليم يقتضي ألا نحارب الدولار بل نحارب الممنوعات، كذلك يقتضي هذا الفكر السليم ألا نحارب العملات الرقمية بل نحارب الممنوعات.
إذن هذا هو الاعتراض الخامس، وهذا من أيسر الاعتراضات لديهم والتي لا ترقى أن يقال بتحريم العملات بسببها والله تعالى أعلى وأعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد